معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


المقامة الواسطية


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
حيدر فخري ميران الدليمي

Citation Information


حيدر,فخري,ميران,الدليمي ,المقامة الواسطية , Time 6/1/2011 6:27:51 AM : كلية الاداب

وصف الابستركت (Abstract)


المقامة الواسطية المغابرة للحريرية

الوصف الكامل (Full Abstract)


المَقَــامَــةُ الواسِطِيَّةُ المُغَايِرَةُ للحَرِيْرِيَّةِلعلي بن أبي محمد بن أبي سعد بن الحسن الواسطي المعروف بالديواني (ت-743  هـ)
دراسة وتحقيق
 
الدكتور  , الدكتورةحيدر فخري ميران , منى يوسف حسين
 المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيميعد فن المقامة من الفنون الأدبية الهامة التي عبرت عن قضايا الإنسان والإنسانية بطريقة فنية ذات صبغة فلسفية شكلت بمجملها دروسا وعبرا للمتعلمين من بني البشر ، بل أنها في كثير من موضوعاتها قد قدمت معالجات إنسانية من خلال طرحها الساخر تارة والجاد أخرى للموضوعات الإنسانية فجاءت موضوعات :الكدية والتسول والألغاز والأحاجي لتشكل قسما لا يستهان به في موضوعات المقامة، كما شكلت موضوعات الوعظ والبلاغة والمسائل العلمية القسم الأغلب بموضوعة المقامة. المقامة في اللغة:هي المجلس. قال الفيروزآبادي:" والمَقامَةُ : المَجْلِسُ والقومُ وبالضم : الا قامَةُ كالمَقامِ والمُقامِ ويَكونانِ للمَوْضِعِ وقامةُ الا نْسانِ وقَيْمَتُهُ وقَومَتُهُ وقُومِيَّتُهِ وقَوامُه : شَطَاطُه." ( ). وقال الزبيدي( ): والمقامة المجلس ،ومقامات الناس مجالسهم ، قال الشاعر:فأي ما وأيك كان شرا  يفيد إلى المقامة لا يراها
ومن المجاز المقامة ( القوم ) يجتمعون في المجلس ومنه قول الشاعر:ومقامة غلب الرقاب كأنهم  جن لدى باب الحصير قيام
والجمع مقامات ، قال الشاعر :وفيهم مقامات حسان وجوههم  وأندية ينتابها القول والفعل  أما في الاصطلاح:فهي " قطعة أدبية فنية يقصد بها الفن للفن وتجمع شوارد اللغة ونوادر التركيب في أسلوب مسجع أنيق الوشي يعجب أكثر مما يؤثر ويلذ أكثر مما يفيد."  ( ). ونعني بالمقامة الفنية تلك التي أبدعها بديع الزمان الهمذاني ،وهي التي اتخذت شكلا دراميا لم يسبق إليه ،حيث تكون قصة قصيرة بطلها نموذج إنساني مكد ومتسول لها راوٍ وبطل وتقوم على حدث طريف مغزاه مفارقة أدبية أو مسالة دينية أو مغامرة مضحكة تحمل في داخلها لونا من ألوان النقد أو الثورة أو السخرية ،وضعت في إطار الصنعة اللفظية والبلاغية( ).  يعد القرن الرابع الهجري قرن المقامات والنثر المنمق( )  ،وهو عصر الدويلات حيث تفكك جسم دولة الخلافة العباسية الموحدة إلى دويلات متنازعة متصارعة فأصبحت أشلاء تناثرت هنا وهناك( ) ، " ففي هذا القرن بالذات نشأت المقامات وترعرعت واستمدت وحيها وديمومتها من الواقع الاجتماعي لأبناء ذلك العصر فهي صورة معبرة وصادقة في وصفها للحالة الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية التي كان يحياها الفقراء والبسطاء والمعدمون ولهذا فقد تناولت في بدء نشأتها وسيلة العيش وطرحت أسلوب الكدية الذي كان قد شاع في تلك الايام وامتد حيث كثرت البطالة وانتشر الكساد." ( ). على الرغم من ذلك فقد كان :قرن النضج الحضاري في مجتمع الدولة العربية الاسلامية بحيث غدت بغداد محط انظار العالم الوسيط وانصبت فيها كل أفانين البذخ وألوان الترف إن هذا القرن شهد في الوقت نفسه قمة الصراع الفكري والاجتماعي والسياسي." ( ).  ومن ثمَّ فقد كان القرن الرابع محطة انطلاق هذا الفن الأدبي الذي وسع الافاق في بروز اعلام لهذا الفن والمقامات حملت من البلاغة واللغة الشيء الكثير ،كما ظهر رجالات على قرون متعاقبة حملت هموم المقامة من خلال العناية بها فنا وإنسانا ،فبرزت مقامات ابن نباتة السعدي ،والحريري ،والزمخشري حتى العصر الحديث.وقد واكب هذه المسيرة من هذا الفن مؤلفنا علي الديواني الواسطي المقرئ ،حيث قدم لنا "المقامة الواسطية المغايرة للحريرية" يرد بها على مقامة الحريري في أهل واسط والمسماة (المقامة الواسطية) ( )، حين اعتبر علي الديواني ان ابا محمد الحريري لم يتعرض إلى المسائل الفقهية والرسائل النحوية عند اهل واسط على حد قوله( ) .وقال:" وكان الأولى بعزمته والأحرى من همته أن ينسبها إلى ما هي به معروفة وبسمته موصوفة وهو علم القراءات واختلاف العبارات وتسلسل الطرق والروايات ولربما والله اعلم صدفه عن ذلك قلة الرغبة فيه ، وصرفه عنه إذ لم يخض في تيار معانيه ،فابتدءت حينئذ لأخذ الثأر بعزمة رفاعية وانتدبت لكشف العار ببديهة واسطية." ( ).عمد علي الديواني الواسطي إلى عرض احداث مقامته متكئ على الراوية(الحارث بن همَّام) ، والبطل (أبو زيد) وهما الرائدان في مقامات الحريري فالاول: "رجل كثير الأسفار فاما يطلب السفر من اجل ديون قضاها او سعيا لرزق يكسبه ،وربما بدا موسرا يتلهى بالترحال والأسمار والأخبار." ( ) . والثاني:" شاعر خطيب مترسل عالم باللغة والنحو والفقه والفرائض ،متصرف في ضروب الكلام ونوادر البيان ،يحترف الكدية بالاحتيال ويسلك اليها مختلف الطرق لاعدة له غير لسان فصيح وجنان قوي فهو لص خبيث سكير خمير مخادع منافق مستهتر فاسق يعاونه على احتياله ولده او زوجته." ( ).وهاتان الشخصيتان كانتا وما تزالان مثار جدل عند النقاد من حيث وجودهما على الحقيقة أم هما شخصيتان وهميتان ،والرأي الأخير هو الأرجح،حيث يريد صاحب المقامة توظيفهما للتعبير عن خواطره الذاتية وإرهاصاته النفسية( ).وهو ما اتكأ عليه علي الديواني حيث أخذ هاتين الشخصيتين وجسد فيهما ما يريد  قوله في عكس الشخصيات التي وظفها الحريري إلى شخصيات تجمل واسط وتثري أفكارها وموضوعاتها لاسيما في علم القراءات.
المحققان المؤلف( ):علي بن أبي محمد بن أبي سعد بن عبد الله أبُو الحسن المقري الواسطي المعروف بالديواني، أستاذ ماهر ومحقق بارع وهو شيخ قراء واسط. ولد سنة 663 هـ، وقد قرأ على الشيخ علي بن عبد الكريم المعروف بـ(خُريم) ،والعماد بن المحروق، ثم قدم دمشق سنة (693هـ). فقرا بالتيسير على الشيخ إبراهيم الأسكندري ،وتوجه الى الخليل فاخذ عن الجعبري، وعاد إلى بلاده فانفرد بها ونظم الإرشاد في قصيدة لامية سماها (جمع الأصول)، وجمع زوائد الإرشاد والتيسير في قصيدة سماها (روضة التقرير) وعلق عليهما شرحا.قرأ عليه ولده والشيخ علي الضرير الواسطي نزيل دمشق،والشيخ علي العجمي ومحمد الوزيرقاني، وقدم تبريز وشيراز وأصبهان فقرأ عليه العشر وقرأ عليه كتبه المذكورة محمد بن محمود السيواسي فقرأتها عليه عنه ،وكان خاتمة المقرئين بواسط مع الدين والتحقيق.من تصانيفه :
1. جمع الأصول وهي قصيدة لامية  ( ).2.  قصيدة لامية في نظم الإرشاد ( ).3. روضة التقرير في اختلاف القراءات بين الإرشاد والتيسير ( ) .4. نظم اللوامع في الشواذ ( ) .5. طَوالِع النُجُومِ في موافِقِ المرْسُومِ في القراءاتِ الشاذَّةِ عن المشْهُورِ ( ).6. المقامة الواسطية المغايرة للحريرية( كتابنا).
توفي بواسط سنة( 743هـ) ثلاث وأربعين وسبعمائة.  وصف المخطوطة ومنهج التحقيق
اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على نسخة واحدة من الأوقاف الكويتية إدارة المخطوطات والمكتبات الإسلامية برقم:2-282،وبخط مؤلفها.قياس الورقة :( 20) سم طولها (14)سم عرضها ،وعدد الصفحات(24) صفحة،عدد الاشطر في الصفحة : (14-15) شطرا،وعدد الكلمات في الشطر ( 10-11) كلمة ،اسم الناسخ:علي بن أبي محمد(بخط مؤلفها)،تاريخ النسخ:ذي القعدة 724هـ.حال الورقة جيدة لونها اصفر خطت بمداد اسود وبخط النسخ واضح الخط وقد عمد مؤلفه الى تشكيل جميع الأبيات بالحركات على طول أبيات القصيدة . وقد وضع المصنف عنوانه للكتاب بشكل مستقل قائلا:( تاليف العبد الفقير إلى رحمة ربه القد ير علي بن أبي محمد بن أبي سعد المقرئ بجامع واسط  الواسطي عفا الله عنه وغفر لوالديه وللمسلمين أجمعين.). وقد كتب في الصفحة الأخيرة من الكتاب( تمت بحمد الله تعالى ومنه بخط  ناظمها العبد الفقير علي بن ابي محمد بن أبي سعد بن الحسن المقرئ بجامع واسط الوسطى في ذي القعدة من سنة أربع وعشرين وسبع مائة وصلى الله على سيدنا محمد النبي واله الطيبين الطاهرين وأصحابه وسلم.).أما منهج التحقيق فقد تضمن ما يلي:1. اعتمدنا نسخة فريدة سميناها النسخة الأصل لعدم حصولنا على أي نسخة أخرى . فشرعنا بنسخها وضبط النسخ . 2. عرفنا بأسماء الأعلام من قراء ولغويين ورواة ذاكرين اسم المترجم وسنة وفاته وبعض مؤلفاته باستثناء المشهورين من الأعلام  . 3. ثبتنا النص كما أراد الشارح وجعلنا الصواب في المتن وأشرنا إليه في الهامش.4. صححنا الأخطاء التي وقع فيها المؤلف في  الكتاب . 5. كل زيادة يقتضيها السياق وضعناها بين عضادتين[  ].6. شرحنا بعض المفردات التي قد يعتاص القارئ في فهمها.
ورقة العنوانالورقة الأولى من المخطوط
الورقة الأخيرة من المخطوط( النص المحقق )المَقَــامَــةُ الواسِطِيَّةُ المُغَايِرَةُ للحَرِيْرِيَّةِتاليف العبد الفقير إلى رحمة ربه القد ير علي بن( ) أبي محمد بن أبي سعد المقرئ بجامع واســــــــــــط  الواسطي  عفا الله عنه وغفر لوالديه وللمسلمين أجمعين
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله الذي شرَّفنا بتلاوةِ كتابهِ ،ونظَمَنَا في سلكِ أحبابهِ، وأورَثَنَا حفظَهُ حين اصْطَفَـيْنَا من عبادِهِ بطلابِهِ الصَّادِعِ بحزمِ أوامِرِهِ ،ونهى خِطَابِهِ الآمِرِ بإتباع مُحْكَمِهِ ، والإيمانِ بالمُتَشَابهِ، أحمدُهُ عَلَى ما ألْبَسَنَاهُ مِنْ شعائِرِ هَدْيهِ وأثوابهِ ،وأشكرُ لَهُ عَلَى التمسُّكِ بِعُرَاهُ ،والاعْتِصَامِ بأسبابِهِ ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله وحدَهُ لا شريْكَ لّهُ شهادةً أتنجَّزُ بها جزيلَ ثوابهِ ،وأتحرَّزُ بها مِنْ وبيلِ عقابهِ ،وأفوزُ بإخْلاصِهَا وعظيم اختصاصِهَا يومَ عَرْضِهِ وحسابهِ ،وأشهَدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُهُ ورسولُهُ الذي أيَّدَهُ بمعجزِهِ وإعرابهِ فَعَجَزَ عَنْ مُعارضَتِهِ فُصَحَاءُ عَربِهِ وأعرابهِ، فصلَّى اللهُ عليهِ وَعَلَى آله الكرامِ وأصحابهِ صلوةً دائمةً ما دارَ فلكٌ بأقطابِهِ وشَحَّ ملكٌ باغرابهِ، وبعدُ...
  فإنِّي لما رأيتُ أنَّ الشيخَ الأوحَدَ والإمامَ المفرَّدَ القَسَمَ أبا محمَّدٍ الحريريَّ البصريَّ( ) (رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى) حين رَتَّبَ المقاماتِ اللُّغويَّةَ فأحْسَنَهَا ،وهذّبَ ألْفَاظَهَا فأتْقَنَهَا ،ووسم البلدانَ سِمَاتِهَا ،وَوَصَفَها بصفاتِهَا ،وَحَلّيْهَا وأولَيْهَا من النُعُوتِ ما تولَّيْهَا ،وتعرَّضَ في بَعْضِهَا للمسائِلِ الفِقْهِيَّةِ والرسائِلِ النحويَّةِ فأجَادَ وَبَيَّنَ وأفادَ وأعْلَنْ ،وَقَدْ نَقَضَ قَاعِدَتَهُ ، وَرَفَضَ عادَتَهُ في المدينةِ الواسطيّةِ ( )، والبلدةِ الحجاجية( ) وَلَمْ يُراعِ فِيْها حُكمَ الجِوارِ، وَهي إلى دَارِهِ أقربُ الدِّيارِ ،مَعْ أنَّ الله تبارَكَ وَتَعَالَى أمرَ بذلك في أشرفِ الكُتُبِ فَقَال عَزَّ مَنْ قَائلٍ? وَالجَارِ ذِي القُرْبَى وَالجَارِ الجُنُبِ ?( )، وكان الأولى بعزمتِهِ، والأحْرَىْ من همّتِهِ، أَنْ يَنْسِبهَا إلى مَا هي بهِ معروفةٌ، وبِسمَتِهِ مَوْصُوْفَةٌ، وهو عِلْمُ القراءاتِ، واختلافُ العباراتِ، وتَسَلْسُلُ الطُّرُقِ والرِّوَايَاتِ، ولربَّمَا والله أعلمُ صَدَفَهُ عَنْ ذَلك قلَّةُ الرَّغْبَةِ فيه ، وصَرَفَهُ عَنْهُ إذْ لَمْ يَخُضْ في تيّارِ مَعَانِيْهِ ،فابتَدَرْتُ حينئذٍ لأخْذِ الثأرِ بعزمةٍ رِفَاعِيّةٍ، وانْتَدَبْتُ لكشفِ العارِ ببديْهِةٍ واسطيِّةٍ، وَعَكَسْتُ قِصَّةَ أبي زَيْدٍ في اسْتظهارِهِ في مناظرتِهِ،وجعلتُهُ مَحْجُوْجَاً حَالَ اسْتحضارِهِ في محاضرتِهِ، وباللهِ استعينُ فَلا أخيبُ،وعليه أتَوَكَّلُ وإليه أُنِيْبُ ، وهو حسبي ونعم الوكيلُ.
أخْبَرَ الحرثُ بن همّامٍ قَالَ: أقْدَمَنِي سَعْدُ جَدٍّ غابطٍ( ) وَكَفُّ حَظٍّ باسِطٍ، فأحَلّني رَبْعَ وَاسِطٍ، فَدَخَلْتُهَا دُخُولَ غريبٍ ليس له بها قَريبُ، فإذا قلبي بأُنْسِهَا يَطِيْبُ ، وَعُودُ قُرْبى من إنْسِهَا رطيبُ، ثُمّ قادني حَظِّيَ الزائدُ، وَجَدِّيَ الصَّاعِدُ ، إلى مَسْجِدٍ رَفِيْعِ البُنْيَانِ، مَشِيْدِ الأرْكَانِ، كأنَّهُ رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجِنَانِ، قَدْ رَقم عَلَى بَابهِ السَّاطِرُ( )، مَا رَسَمَ عَلَى المساطِرِ? إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آمَنَ بالله واليومِ  الآخِرِ?( )  ، والأصْوَاتُ مُرْتَفِعَةٌ فِيْهِ بتلقينِ القرآنِ ،وَالعِبَارَاتُ والنَّغَمَاتُ مُخْتلِفَةٌ فيهِ بِتِلاوةِ الأقرانِ، فَدَخَلْتُهُ هَائِبَاً ،وَفِي مُحَاضَرَتِهِمْ رَاغِبَاً، وَلِمَا أنْعَمَ اللهُ عليهم بِهِ طَالِبَاً، فَلَمَّا وَلَجْتُ في بَابِهِ، وَتَمَثَّلْتُ بين صِحَابِهِ، ذَهَبَ عَنْ قَلْبِي منْ هَمِّ الغُرْبَةِ مَاْ بِهِ، فنظرتُ إلى اسْتِقَامَةِ محرابهِ، فإذَا عليه آيَةٌ فَازَ منْ تَلِيْهَا وارْتَضَيْهَا ? قَدْ نَرَى تقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّماءِ فَلنُولّيَنّكَ قِبْلَةً ترضَيْهَا ? ( ) فَتَخيَّرتُ ناحيةً فِضِّيةً ،فَصَلّيْتُ بها التحَّيةَ، وقرأتُ فاتحةَ الكتابِ، عَلَى بَعْضِ الأصْحَابِ، وَقَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرِي، وَيَسَّرَ لي أمْرِيْ، وأعَانَنِي عَلَى فَقْرِيْ بِصَبْرِيْ، وَعَطَّفَ عَلَيَّ قُلُوبَ أولي الألبابِ، فأمَدُّونِي بالطَّعَامِ والشَّرَابِ، حَتَّى ختمتُ آيَ الكِتَابِ، فَلَمَّا تَهَذّبَتْ مني الألفاظُ، وانْتَظَمَتُ في سلكِ الحُفَّاظِ، تَاقَتْ نَفْسِي إلى وَصِيْلَةِ التجريدِ لأحظى بفضيلةِ التصحيح والتجويدِ، فَقَصَدْتُ جَامِعَهَا الأعظمَ، وَمُصَلِّيْهَا المُكَرَّمَ، لأقرأ عَلَى إمَامِهِ الفريدِ، وَصَدْرِهِ المُجِيْدِ، فَإذَا هُو لِتَوَسُّطِهِ كَالقَمَرِ فِي الهالةِ، يُذْهبُ غَمَّ مَنْ دَخَلَهُ للذِّكْرِ لا محالةَ، يَزْهَرُ بتقسيمِ أقْطَارِهِ وَحُدُودِهِ، ويُنْوِرُ بتقويم أسَاطِيْنِهِ( ) وَصحَّةِ عُقُوْدِهِ، بقبلةٍ قويمةِ الخَيَالِ، مُسْتَقِيْمَةِ المثالِ، مَا بَيْنَ منبرَيْنِ قَصِيْرٍ وَعَالٍ، فتوسَّمْتُهُ فَرَاقَ لِي وَسْمُهُ ،وترسمتُهُ فَفَاقَ لِنَظَرِيْ رَسْمُهُ، فَقُلْتُ:هَذا مِنْ بِيُوتٍ أذِنَ الله أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيها اسْمُهُ ،فَقَصَدْتُ بَسْطةَ الإقرآءِ، الَّتي عليها لِيُوثُ القُرَّاءِ، مَا بَيْنَ مُجِيْدٍ وَمُجَوِّدٍ، وَجَامِعٍ وَمُفَرِّدٍ، بَيْنَ أيْدِيْهِمْ كُتُبُ القراءاتِ، الجامعةِ لمعاني الآيَاتِ البيِّنَاتِ، كَالكامِلِ( )وَالتذْكَارِ ( ) ، والمبهج( )والاختيارِ( ) ،والإرشادِ( ) والتيسيرِ( ) ، وحرِزِ الأماني( ) وروضة التقرير( ) ، وهم كبدور التّمام،ِ أوْ كنُجُومٍ متلألئةِ في الظّلام، قد أظلّهُمُ السَّكِيْنَةُ وَالوقارُ، وَغَشِيَهُمُ العِزُّ والفخارُ:
بِوُجُوهٍ كَأنَّهاَ في الدَّياجِي   أقْمُرٌ أوْ شُمُوسُ ضاحي النَّهَارِ
لا يُبَالُوْنَ أَنَّ في الأرْضِ طُـرّاً  مَلِكَاً أوْ  مُحَكّمَاً باقْتِــدَارِ
فَلِسَـانُ الأحوالِ عَنْهُمْ  يُنَادِيْ  لا افْتِخَارٌ بدُونِ هذا الفخارِ
قَدْ تَصَدَّرَهُمْ شيخٌ فاضِلٌ، وإمامٌ واصِلٌ، متردٍّ بطرحته، جالسٌ إلى مَخَدَّتِهِ، مُنْفَرِدٌ برتبتهِ، مجمعٌ عَلَيْه في مرتبتهِ، فَدَنَوْتُ منهُ مُتَحَبِّبَاً، وَسَلَّمْتُ عليه مُتَأَدِّبَاً، وسألتُهُ أنْ يَسْمَعَ عَلَيَّ، وأنْ يَمُنَّ بإيصَالِ الفوائِدِ إليَّ، وأنْ يُفِئ مِمَّا أفاءَ الله بهِ عليه عليَّ ، فَلَطَفَ بِي وَتَبَسَّمْ، وَعَطَفَ عَلَيَّ وَتَكَرَّمْ، وأجابَ سُؤَالي وأنْعَمْ :
فَلَـمْ أرَ شَيْخَاً  فِي آوَانِهِ   يَدِيْنُ لَهُ  طُرَّاً شُيُوْخُ زمانِهِبأسْرَعِ مِنْ آياتِهِ  بجوابهِ  وأبْـرَعَ في إتْيَانِهِ  بِحِسَانِهِوألطَفَ من أخْلاقِهِ بمعزّةٍ   واكْنَفَ للـوُرَّادِ منْهُ بشانِهِ
وَأَمَرَنِي بالجُلُوسِ بَيْنَ الجماعَةِ السَّرَاةِ( )، فجلست وأنا ذُوْ بِضَاعَةٍ مُزْجَيْةٍ، فَقَرَأ قَارِئٌ وَصَدَرَ ،وَتَقَدَّمَ آخَرُ وَبَدَرْ ( )، وَجَمَعَ جَامِعٌ وَنَدرْ، وَلَمْ تَزَلِ الحالُ عَلَى تِلْكَ الحَالِ، حَتَّى وَصَلَتِ النَوْبَةُ إليَّ، وآنَ أوانُ السّماعِ عَلَيَّ، وإذَا بإنسانٍ مِنْ بَعْضِ أبْوَابِ الجامِع، بِطَيْلَسَانٍ( ) عَلَى هيئَةِ مُتَنَسِّك خَاشِعٍ، فَمَقَلَتْهُ العُيُوْنُ، وَعَقَلَتْهُ الظُّنُوْنُ، حَتَّى وَصَلَ الى البساطِ، وحَصَلَ عَلَى سواءِ الصِّرَاطِ، وَحَيَّا وَعَمَّمَ، وَخَصَّصَ الشَّيْخَ وَعَظَّمَ، فَنَهَضَ لَهُ الشَّيْخُ إكراماً لقدوْمِهِ ،وإعْظَامَاً لوُرُوْدِهِ وَهُجُوْمِهِ، فَنَهَضَتِ الجماعَةُ لنُهُوضِهِ، امتثالاً لسُنَنِهِ، وأداءً لمَفْروضِهِ، وأشار إليه أنْ يَجْلِسَ إلى جانبهِ فَأبَى وَتَقَاصَرَ، ثُمَّ جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ متأدِّبَاً وَتَصَاغَرَ، ثُمَّ جَلا طَيْلَسَانَهُ، وَتَعَرَّبَ فَحَلا لِسَانُهُ، إذْ تَمَغْرَبْ وَقَالَ: أيُّهَا الشيخُ الإمامُ، والعَالِمُ الهمامُ، اعْلَمْ أنّيْ جُبْتُ الأقْطَارَ، وَكَابَدْتُ الأخْطَارَ، وَسَبَرْتُ البلادَ، وَمَارَسْتُ الأفْرَادَ، فَوَجَدْتُ فِي بَعْضِ بيُوتِ العِبَادَاتِ، فِي خَرِيْطَةِ مُلْقَاةٍ، مائةَ مَسْأَلَةٍ فِي القِرَاءَاتِ، بأبياتٍ مَنْظُوْمَةٍ، فِي سِجّلٍ مَرْقومَةٍ، وَقَدْ عَرَضْتُهَا عَلَى شُيُوْخِ الموارِدِ المَشْهُوْرَةِ، وقرَّآءِ المشاهِدِ المذكورَةِ، فَلَمْ أسمَعْ لها جَوَابَاً شَافِيَاً،ولا حُزْتُ منها ثَوَابَاً كَافِيَاً، وَقَدْ أحالُوا بأجْمُعِهِم عليكَ، وَحَضُّونِي إلى الوُصُول إليك.
وَبعدَكَ قَدْ  تُلْقِي مراسي وسائلي  وغيرُكَ لا يُعْطِيْ جوابَ مَسَائِلِيفإن أنْـتَ لَمْ تَسْمَحْ بِبِرٍّ وَنَـائِلِ  أسلِّيْ عنائي مُنْشِدَاً قولَ قَائِـلوَمَا كُنْتُ في الدُّنيا بأوّلِ آمِلِ
فَاقبل عليه الشَّيْخُ بوجهٍ طَلِقٍ ،وَلِسَانٍ ذلقٍ، وَقَال:أيُّهَا الوارِدِ الكريمُ، والوَافِدُ الحلِيْمُ ،إنَّ يومَنَا هذا قدْ شابَ مَجْلِسُهُ ،وَسَئِمَ جالسُهُ وَمُجَالِسُهُ، فإذا كَانَ في الإبكارِ، وبدائهُ قلوننا أبكارُ، فَسَلْ عَمَّا بَدَا لك ، أحْسَنَ اللهُ حَالَنَا وَحَالكَ، ثُمَّ بادَرَ الشّيخُ نُهُوضَهُ، وَقَدْ قضى من مجلسِهِ مَفرُوضَهُ، واسْتَصْحَبَ الوارِدَ إلى رِبِاطِهِ، وَقَدَّمَ لَهُ الحَاضِرَ مِنْ سِمَاطِهِ، وَتَوَاصَلَتِ الأخبارُ، وَلَمْ يَكُنْ إلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، حَتَّى شَاعَ فِي البلدِ ،إنَّ وارِدَاً قَدْ وَرَدَ، بمسائِلَ في أوراقٍ، قَدْ أعْيَتْ شُيُوخَ الآفاقِ، وفِي غداةِ غَدٍ تُعْرَضُ عَلَى الإمام، لِيَفَضَّ مَا عَلَيْهَا مِنْ الخِتَامِ، فَتَأهَّبَ للحُضُوْرِ الخاصُّ والعَامُّ، وَهَجَرُوا ليلتَهُمْ لذِيْذَ المَنَامِ، فَلَمَّا تَبَلَّجَ وَجْهُ الصَّبَاحِ، وَحَيْعَلَ بِالأذانِ دَاعِي الفَلاحِ، أدلجَ العالمُ إلى الجَامِعِ إدْلاجاً، وَوَلَجُوْا في أبوابِهِ وَلُوْجَاً وإيْلاجاً، وَرَأيتَ الناسَ يَدْخُلُونَ فِي دِيْنِ اللهِ أفْوَاجَاً، فَلَمَّا احْتَفَلتِ الأنْوَاءُ ، وَبَرَزَتْ مِنْ خِدْرِهَا ذُكآءُ، أقبلَ الشَّيْخُ لابِسَاً أُهْبَةَ التّقيْ والوقارِ، مَائِسَاً( ) في مهابَةِ النُّهى والنّضَارِ، بَيْن زُمْرَةٍ صُلَحَاءَ مِنْ أصْحَابِهِ، وَعِتْرَةٍ فُصَحَاءَ مِنْ صحابِهِ، والنَّاسُ يرمُقُونَهُ مِنْ قَرِيْبٍ وبَعِيْد،ٍ ويرقُبُونَهُ كالهلالِ ليلةَ العِيْدِ، فَلَمَّا استوى فِي مجلِسِهِ، واسْتَوْلَى عَلَى فراشِهِ وَمَغْرِسِهِ( )، قَامَ حِينئذٍ الوارِدُ القَادِمُ بالأمسِ، مُقْدِمَاً عَلَى مَا سَوَّلَتْ لَهُ النَّفْسُ، قال الحَرثُ بن هَمَّامٍ: فتأمَّلْتُهُ تَأمُّلَ مُتَشَوِّفٍ( )، وَنَظَرْتُ إليهِ نَظَرَ مُتَعَرِّفٍ، فَإذا هو شيخُ الكتيبةِ، صاحبُ المَقَامَاتِ العجيبَةِ، والمَقَالاتِ الغريبةِ، أبُو زَيْدٍ بلا شكٍ ولا رِيْبَةٍ، فتعجَّبْتُ مِنْ إقدامِهِ عَلَى الأمورِ الصعابِ، وَعَجبتُ مِنْ قُدُومِهِ لمناظرةِ جملةِ آي الكتابِ، فإذَا هو قائلٌ في قومتِهِ، مُنْشِدٌ مِنْ وَرَقَتِهِ:
ألا أيُّهَا الشَّيْخُ الّذي قَدْ تَأمَّرَا  وَدَانَ لَهُ القُرَّاءُ لمَّا تَصَدَّرَا
أجِبْ عَنْ سُؤالِي فالجوابُ  مُحَتَّمٌ  عليكَ فَبَادِرْ بالصَّوابِ لِيَظْهَرَا
فما لفطةٌ لابُدَّ مِنْهَا لكُلِّهِمْ  وَعَنْ كُلّهم إنْ جاء ذلك  أنْكِرَا
وحرفُ هِجَاءٍ قَصْرُهُ لبنائِهِ  لحرفَيْنِ عَنْ بَعْضٍ بمَدٍّ تَقَدَّرَا
وأين ترى هاء الضَّمِيْرِ مُشبّهَاً  بَهَا السّكتِ ثَمَّتْ أيْنَ معكوسَهَا تَرَى
وَهَا أنَّ للمَكِّيّ( ) في ضِمْنِ سُوْرَةٍ  تَفَرَّدَ في تَسْكِيْنِ الأولى وَكَبَّرَا
وَمَا الهاء في ابناهُ  لِمَنْ ضَمَّ وَصْلَهَا  فللسكْتِ إسْكَانٌ وَمَا هو مُضْمَرَا
وَمَا مِيْمُ جَمْعٍ ضَمُّهُ لجميعِهِم   وَتَلْحَقُهُ واوُ الجميعِ بلا مِرَا
وأينَ تَرَى إدْغَامَ حَرْفٍ مسكّنٍ  بقُرْبٍ يُعاصِيْكَ القياسَ فيظهَرَا
وأين ترى الحرفَ المُبَاينَ مُدْغَمَاً  وأينَ تَرَى الحرفَ المشارك مُظهِرَا
وَحَرْفٌ قَويٌّ مُدْغَمٌ في الضَّعِيْفِ جَا  مليحاً وَحَرْفٌ عكسُهُ قُبْحُهُ  جَرَى
وَكَمْ شدَّدَ المَكّيّ نُونَاً لمدْغَمٍ   وكـم خَفّفَ المكّيّ نُوْنَاً فأُظْهِرَا
ونونين مَفْتُوحَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ في الكبيرِ عَلَى المَشْـرُوطِ زّبانُ ( ) أَظهَرَا
وَتَاء بِطَا إنْ رُمْتَهَا في كبيرِهِ   أتَى مُدْغَمَاً أو في الصَّغِيْرِ تَقَدَّرَا
ونونٌ عَلَى غَيْرِ القِيَاسِ قَدْ أدْغمتْ  بِجِيْمٍ لَدَى  بَعْضِ الرُّسُومِ تقرَّرَا
وَنَونُ لهـا التسكينُ أصلٌ وَحرّكَتْ  وَبَعْـدُ بنُوْنٍ بَعْدَهَا أدْغم الوَرَى
وَهَمْزانِ مفصولانِ أيْضَاً  بكلمةٍ  أخيرانِ بالإجماعِ بالفَصْلِ حُرِّرَا
وَكَمْ هَمْزَةً مَفْتُوْحَةً قَدْ  تبدَلَتْ   بِغَيرِ قِيَاسٍ هَاوِيَاً فَتَبَصَّرَا
وَمَا هَمْزةٌ فِي الوَصْلِ يَظْهرُ لفظُهَا  فانْ تبتدئْ فاليا أو الواو قُرِّرَا
وَكَمْ مَوْضِعَاً أبْدَلْتَ هَمْزةَ وَصْلِهَا  وَكَمْ مَوْضِعَـاً بالحَذفِ فِيْهِ مُقَدِّرَا
وَفِي مَوْضِع حَرَّكْتَ ما قبلَهَا  بِهَا  وألْقَيْتَهَا وَهْوَ الصَّحِيْحُ بِمِا أرَى
وَهَمْزَةُ وَصْلٍ في ثـلثـةِ  أمْكنٍ   حَذَفْتَ ولامُ الجَرِّ عَنْهَا تَصَوَّرَا
وَهَمْزانِ قَطْعَاً بُدِّلا في  كتابةٍ  بلامٍ لَدَى بَعْضِ الرُّسُومِ تَسَطَّرَا
وَهَمْزٌ بكسرٍ بعضُهُم ولبعْضِهِم  بِفَتْحٍ وَبَعْضٌ بالسُّكونِ  تَخَيَّرَا
وَجَاءَ لأبي عمرو( )عن الياءِ هَمْزةٌ  وَمَنْ بَعْدِهَا هَاوٍ عَنْ الهَمْزِ صُوِّرَا
وَفِي كَلِمَاتٍ أرْبعٍ هَمْـزُ عَاصِمٍ( )  عَنْ السَّبْعَةِ القُرَّاءِ تفريدُهُ جَرَىْ
وَهَمْزةُ قَطْعٍ بين مَدَّيْـنِ حُقِّقَتْ   بوَصْلٍ لزبّانٍ ولا همزَ للْوَرَى
وَمَا مدَّةٌ ما بـين مَفْتُوح هَمْزتينِ عَنْ كُلّهم في كلمتينِ تَبَصَّرَا
وَ وَاوٌ لَهُمْ عَنْ سَاكِن الهمزِ مُبْدَلٌ  وَبَعْضُهُم في بَعْـض الأوجُه نبّرا
وَفِي عَشْرِ همزاتٍ وثنتينِ بَعْضُهَا  وَرَا البَعْض خُلْفُ القومِ فافتح أو اكسِرَا
وَكَمْ همزةً بالقصْرِ مكّيُّهُمْ تلا  بتفرِيدِهِ والمدُّ عَنْ غيرِهِ سرَى
وَهَمزان جَاءَا( ) عَنْهُ فِي ضِمْنِ سُوْرتينِ حَرّكَ بالتفريدِ الأولى وأسفَرَا
وَكَمْ نُوّعَ الهمزُ المسكّن لامُهُ  وَهَلْ جَاء في اسمٍ مِنْه شئٌ لمَنْ قَرَا
وَفِي موضعٍ ممَّا تكَرَّرَ همزتان قَدْ خالف الشامي( ) ونافع( ) ما انبرى
لهم والكسائي( ) كُلُّ واحدٍ أصْلَهُ  وَكُلُّ يُرَى مِنْهُـمْ عَلَى أصْلِهِ جرَى
وفي للبنيّ معْ  بيوتِ النبيّ هَل  لِقَالونَ( ) هَمْزَاً فيهما مُتَصَوِّرَا
وَمَا حرفُ مدٍّ جا بقصرٍ لِحَمْزَةٍ( )  ونُلْزِمُهُ بالقَصْرِ مَدّاً مُوَفَّرَا
وَمَا حرفُ مدٍّ جا بقصرٍ لِحَمْزَةٍ  ونُلْزِمُهُ بالوصل حذفاً فيهدرا
وَمَا حرف مَدٍّ بعد همزٍ لورشِهِم ( )  يُمَدُّ طويلاً لم يَجُزْ أنْ  يُقَصَّرَا
وأين تَرَى قالون وافقَ ورشَهُم  عَلَى نَقْلِهِ والآن ليس مُقَرّرَا
وَمَا ألفانِ الكُلّ يحذفُ رسمها  [وما] ( )مَعَ غيرَ المَازنِيْ( ) اللفظَ صَوّرَا
وَفِي ألفاتٍ عَكْسُهُ معَ  حمزةٍ   وَهُنَّ  ثلثُ عنهما ليسَ مُنْكَرَا
وَمَا ألفٌ للياءِ حال انقلابِهِ  لحمزةَ والنحويّ ( ) فَخِّمَ مُجْهَرَا
وأين فِعَالاً مُضْجِعَاً  حَالَ كَسْرِهِ  وأينَ تَرَى الهمزَ الممال وَلَيْسَ رَا
وَكَمْ نَوّع الاسم الثلاثي مُضْجِعَاً  وَكَمْ وزنُهُ إنْ زَادَ مَعْ را وغير رَا
وَكَمْ وَزَنَ الفعل الثلاثي وان  يزدْ  مضيَّاً وكم وزْن المضارع أنْ  ترى
وَكَمْ ألفـاً قَـدْ أضجعـوهُ  لكسرةٍ   وَكَمْ ألفـاً للكسـرِ فِيْهِ مُقَدَّرَا
وَصَاد الهجا اضجاعُهُ وهو مانعُ الإمالة ما التعليل فيه لمن يرى
وأين تَرَى الفعلَ المعللَ  لامُهُ  لَدَى( ) الجزمِ مثبوتَاً وكم موضِعَاً يُرى
وأين تراهُ حالةَ الرّفع  رسمُهُ  بحذفٍ وبعضٌ أثبتَ الوَصْلَ إذْ جَرَى
وَكَمْ أُبدِلَتْ تاء بياءٌ كتابةً  ولكنَّهَا في اللفظِ هاوٍ َمُحَيَّرَا
ورآءانِ( ) كالإلفينِ رُقّقتا مَعَاً  وَرَا حرفي الإطباقِ  للكلِّ فَاحْصِرَا
وَكَمْ مَوْضِعَاً قَدْ أجمَعُـوا بإضافةٍ الصلوة علـى التوحيد في  الذكر نيِّرا
وَكَمْ جُمِعَتْ للسَّاكنينِ قراءةٌ  وَكَمْ  فرَّ منها قارئٌ مُتَحَيِّرَا
وَكَمْ مَوْضِعَاً جَا أو عَنِ الواو رسمُهُ  وَكَافٌ أتى في الرسم عن هاءِ من قرا
وياءَيْنِ  محذوفينِ أثبَتَ بعضُهُم  ومن هؤلاءِ البعضُ من فتُحُهُ سَرَى
وَمَعْ فتْح همزٍ سكِّنَتْ يا إضافةٍ   لمن فتحوا من غيرِ ما قَدْ  تقرَّرَا
وَعلّة تجزى غير مسمىً لمن  قرا  بجاثيةٍ مع نَصْبِ قوماً فما ترى
وَكَمْ وُجدَ الفعلُ المضارعُ  واقِعَاً  لبعضٍ عَنْ اسم وهو في الرسم لامِرَا
وَكَمْ مَصْدَرَاً مِنْ أفعل الجمعُ فيه جا  وَكَمْ موضعاً إجماعُهُم فيه فاكسرا
وَمَا ألفٌ فيه تفرَّدَ نافعٌ  بالإثباتِ ثُمَّ الحذْفُ عَنْهُ تسطَّرَا
وَحَرْفٌ لكلٍّ ساكنٌ ولنافعٍ  يُحَركُ واعكِسْ قلَهُ عَنْهُ آخَرَا
وَمَا خَمْسُ تحريكاتٍ اجتمعتْ  لهم  لدى( )كِلْمةٍ والسادِسَه نافعٌ وَرَا
ولابن كثيرٍ ( )خُفِّفَتْ نُوْنُ كلمةٍ   وشدَّدَ نُوْنَاً بَعْدَهَا متأثِّرَا
وَخَفِّفْ وسكن عنه ياءَي إضافةٍ  وَعَنْ ألفٍ عَنْهُ ترى الهمز مُظْهَرَا
وَعَنْ  يَا وَرَاً كسْرٍ كَذاك ترى لَهُ   وَوَاوٍ وَرَا ضمٍّ كذاك لَهُ ترى
وَمَا لفظةٌ  تأتي ثلثين بعدَها  ثلـثُ بتفـريد ابن عامرهم( ) جَرَى
وَفِي سُورةٍ للشّامِ عَنْ واوٍ الألف  بأوّلَهَا والواوُ عَنْ ياءٍ أخِّرَا
وَعَنْ عَاصِمٍ تفريدُ ياءِ  إضافةٍ  لشعبةَ( ) مَعْ حفصٍ( ) بفتحٍ تحرَّرَا
وماضٍ سداسيٌّ يسميِّه حَفْصُهُ  بتفريدِهِ واعكـس  لشعْبَةَ آخَرَا
وأيـن ترى تفريدتين بكلمةٍ  لكُلّ إمامٍ في مكانٍ تَصَوَّرَا
وأين تَرَى التفريدَ عَنْ كُلِّ قارئٍ  وَلَمْ يتفرّدْ وَهْوَ أعجبُ مَا تَرَى
وفي كلمتينِ في مواضِعَ سبعةٍ  لكُلِّ إمامٍ وجهُهُ قَـدْ تَقَرَّرَا
ولكنَّمَا الزَّيَّاتُ( ) وافقَ عاصماً  وَزَادَ عَلَيْهِ السّكْتَ فامتازَ وانبرى
ففي كُلِّ مَا قَرَّرْتُ للسَّبْع غير ما  ليُجزى مع ابناهُ وص المصَدَّرَا
قال الحَرث بن همّامٍ:فلمَّا فَصَلَ مِنْ إنشادِهِ، وَحَصَلَ عَلَى مُرَادِهِ، طَوَىْ وَرَقَتَهُ، وَقَدْ أنهيَ مقالَتَهُ، وَمَسَحَهَا وَقبَّلَهَا، وَبَيْنَ يَدَيِّ الشَّيْخِ أرْسَلَهَا،وَقَدْ خَشَعَتِ الأصْوَاتُ، وَحُقَّ الصُّمَاتُ، وَدَامَ الإنْصَاتُ، وَسَكَت الشّيخُ وأطَالَ، وَتَأهَّبَ أبُو زَيْدٍ للْقِيْلِ والقَالِ، وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ فَلَجَ، وأنّ فَرْخَ عُلِثّهِ قَدْ دَرَجَ، وَالنَّاسُ مَعَ سكونِهِم قَدْ وَجَبُوا، وَظَنُّوا أنَّهَمْ قَدْ كُذِّبُوا، وتكلّمَ مُتَكَلِّمٌ عَنْ يَمِيْنِ المَجْلِسِ، وَقَالَ: أيُّهَا الشَّيْخُ مَا هَذا الاغْتِصَاصُ الّذي يُشْعِرُ بالانتقاصِ، ?وَلاتَ حِيْنَ مَنَاصٍ?( ) ،وَقَالَ آخرُ مِنْ يَسَارِ المَجْلِسِ :فِيْمَ الانْتِظَارُ، وَبِمَ الاعْتِذَارُ، ولا فِرَارَ ولا فِرَارَ، فَعِنْدَهَا تَبَسّمَ الإمَامُ المُنْتَظَرُ، وَتَكَلّمَ المُشَارُ إليه في المَحْضَرِ، وَقَالَ:لَسْتُ بِمُفْحَمٍ عَنْ رَدِّ الجَوابِ، وَلا بِمُعْجِمِ لقَصْدِ الإعرابِ، ولكنْ توقَّعْتُ إقْدَامَ تِلْمِيْذٍ بَارِعٍ، بِلِسَانٍ كَحُسَامٍ لامِعٍ، وَجَوَابٍ صَادِعٍ قَاطِعٍ، يُجِيْبُ عَنْ بَعْضِ المَسَائِلِ، لأعْلَمَ أنّي قَدْ حَصَلْتُ مِنَ الأصْحَابِ بِطَائِلٍ، فَمَا أَتَمَّ الشَّيْخُ صَرِيْحَ كَلاَمِهِ، حِيْنَ أسْفَرَ عَنْ مَرَامِهِ، حَتَّى نَهَضَ شَابٌ حَسَنُ الشَّبَابِ، نَظِيْفُ الثِّيَابِ، يَلْمَعُ الذَّكَاءُ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْهِ، وَتَتَنَاثَرُ الفَصَاحَةُ مِنْ بَيْنِ شَفَتَيْهِ، بِجِنَانٍ كَجِنَانِ الأسَدِ، وأدبٍ كأدبِ الوَلَدِ، وَقَالَ:لِيَهْنِئْكَ أيُّها الشيخُ الطلَبُ، وَلْيُقِرَّ عَيْنَيْكَ بُلُوغُ الأربِّ ،فما سكتنا إلاّ اتّباعاً للأدبِ ،لا للاعياء والنّصبِ، فمن بحرك اغترفنا وَغَرَفْنَا، وَبِفَضْلِكَ اعترفنا وَعَرَفْنَا، ثُمَّ دَنَا مِن الوَرَقَةِ فَأخَذَهَا، وَبسْمَلَ مُبْتَدِئَاً بَعْدَ أنْ عَوَّذَهَا، ثُمَّ أوْرَدَ بيتاً( ) بَعْدَ بَيْتٍ، ثُمَّ يَقُوْلُ الجوابُ عَنْهُ كَيْتٍ وَكَيْتٍ، حَتَّى نَفَضَهَا إلى آخِرِهَا، وَنَفَضَهَا بإظْهَارِ ضَمَائِرِهَا، ثمَّ أقْبَلَ عَلَى أبِي زَيْدٍ وَقَالَ لَهُ: هَذا جَوابُ مَسَائِلِكَ نَثْرَاً، فإنْ رُمْتَهُ شِعْرَاً، فَخُذْهَا بكراً، أُرْجُوزةً عَلَى البدِيْهِ وجيزةً، وَكَانَ قَدْ سَمِعَهَا مرَّتَيْنِ، وَنَظَرَها فِي مَرْآتَيْنِ، فانْغَرَسَتْ فِي سُويدَاءِ قَلْبِهِ، وامْتَزَجَتْ بِذَكَائِهِ وَلُبِّهِ، ثُمَّ أنْشَدَ مُرْتَجِزَاً عَلَى البَدِيْهِ، وَقَدْ أخَذَهُ الخُيَلاءَ مِنَ التِيْهِ:
بِاللهِ أستعينُ فِي الجَوَابِ  وَمِنْهُ أرْجُوْ عِصْمَةَ الصَّوَابِ
بَدَأتَ بالبَسْمَلَةِ الشَّرِيْفَهْ  لأنَّهَا العَالِيَةُ المُنِيْفَهْ
وَالمَدُّ فِي حَرْفِ الهِجَا المنتَظِم  لِمَنْ أمَالَ الها هجاءَ مَرْيَمِ
وَهَا ضميرٍ شُبِّهَتْ بِسَكْتِهِ  نحوُ يُؤدِّهْ  واعكساً في اقتدِهِ
وَهَا أبِي لَهْبٍ لِمَكِّي سَكَنَتْ  في اللّفظة الأولى والاخرى فُتِحَتْ
وَالهَاءُ في ابْنَاهُ بوَصْلٍ ضُمَّتِ  قُلْ لالتقاءِ السّاكنينِ  حَلّتِ
وَمِيْمُ جَمْـعٍ ضُمَّ والواوَ صِلا  بكلمةٍ أُورثتُمُوْها للمَلا
وَالمدْغَمُ  المسكَّنُ المعَاصِي  نحو بَسَطتَّ للحقيقَهْ عَاصِي
والمدْغَمُ المُباينُ اللامُ أتَى  مِن أل لَدَى التَعْرِيفِ في الشين متى
جَا والمشارِكُ الذي قد ظهرا  ثـا يلهثِ الاخرى لمن به قـرا
والباءُ مِنْ يَغْلِبْ أَتَى مَليحَا  في ألفا ونخسف عكسُهُ قبيحا
ونُون هذان اللذين ذانِ هَا  تين تبشّرُون في الكُلّ بها
مكّى بتشديدٍ وفي مَكَّنَنِي  خَفَّ لإظهارٍ ويأتِيَنَّنِي
والنونِ في أنا نذيرٌ أظْهَرَا  زبّانُ والمشرُوطُ  فيه انحصَرا
والتا لزبّان عَلَى الكبير   بيّتَ طائفَهْ مع الصَّغِيْرِ
والشَام ننجي الأنبيا كشُعْبَةِ  أدْغِمْ عَلَى غَيْر قياسٍ  مُثبَتِ
ونونُ لكنَّا السكونُ أصْلُهُ  لأنَّهُ لكـنْ أنا  فَافْقَهْ لَهُ
والهمزتان آخراً للمكّيْ  لقُنْبُلٍ( ) كلتى ضياءً نحكيْ
وَعَنْهُ بالفتح مع الكسرِ انجلى  في بضيآءٍ وَرِئاءَ للمَلا
وهمز مِنْسَاتَهْ وَسَال أُبْدِلا  لا بقياسٍ فيهمــا لمنْ تَلا
وهمزةُ الوَصْلِ في الابتدا اقتبسْ  أُوتمِنَ الواوُ ويا إبتِ فَقِسْ
وهمزةُ الوَصْل مَعَ الْ  مُسْتَفْهَمَا  أبْدِلْ على نحو اصْطفى احْذِفْ مُفْهِمَا
أمَّـا الّذي حَرَّكْتَهُ مِنْ أجْلها  ميم هجاءِ آل عِمْرَانَ بها
أما الّذي حذفت واللام انرسم  لله فِي افلح والصّفِ نَعَــمْ
وهمزةُ القطع اللّتانِ بُدِّلا  لاماً هُما لَيْكةَ فيما نَـزَلا
وفتحُ بيئسٍ بئيسٍ كُسِرَتْ  همزتُـهُ عنهم وبئْسِ سَكَنَتْ
والهمزُ عَنْ يآءٍ لزبّانَ أتَى  بادئَ والرّاْي بهاوٍ ثَبَتَا
والهمزاتُ الأربع التي انْفَرَدْ  عاصِمُهُـم يأجوج مأجُوجُ وَرَدْ
وهمزتا القطع التي توسَطَتْ  مدّين زبّانُ بهِ السِّحْرُ ثَبَتْ
والمدُّ بين الهمزتين للورى  في قولك السُّؤي أن الوَصْلُ جرى
والواو عن تسكين همزِ الأولى  يهمزُ قالونٌ بعادَ لُؤلى
والهمزاتُ الاثنتا عَشْرَةَ في الْ  جنّ توالَتْ بالخلافِ المُنْتَقِـلْ
وَيَقْصُرُ المكّيّ آتيتُم مَعَاً  وآسنٍ وآنفاً  فـاسْتَمِعَاً
ورأفَةٌ في النور عنه حُرِّكَتْ  مُنفرداً وَفِـي الحدِيْدِ سُكِّنَتْ
وَفِي محل الفا ان الهمز سَكَنْ  أنواعُهُ ثلثةٌ لذي الفِطَنْ
في اسمٍ وفعلٍ في اتّصالٍ أو فُصِل  وَبَعْد واوٍ لفظ وأمُرْ قَدْ نُقِل
وَفِي محلّ اللاّمِ في التقريرِ  في الجزمِ والأمْر وفي الضِّمير
وليس في الأسماءِ لام سَكَنَا  همز اسوي الوَقْفِ لما تَبَيَّنَا
ونافعٌ والشّامِ مع على لهم  في النازعاتِ خَالَفُوا أصُوْلَهُمْ
للفظ في التقديمِ والتأخيرِ  فيما أإنّا أإذا المَسْطُوْرِ
وللنبيِّ مع بيوتِ الهمزُ  في الوَقْفِ عَنْ قالونَ لا يَعِزُّ
والياء( ) في تتّبِعَنْ في طَـهْ  وبا عبادي الزّخرفَ احذِفْ ياها
عَنْهُم وأثبتْها وشعبه فتحا  واتّبعُوني اهْدِكُم ما فُتِحَا
أما ليُجزي مع نَصْبِ قوماً  فللجزا أضْمِرْ أقِم لا قَوْمَا
وَفِي يهادي جاء تهدِي فالألف  بالحذْفِ مَعْهُودٌ لحمزةٍ عُرِف
وَجَاء عن يعقوب ( ) في بقادِرِ  يَقْدِرُ أيْضَاً وهو شِبْهُ الصّادِرِ
وَمَصْدَرَاً أفْعَلَ أسرارَ أتى  نعم وإدبار بقاف ثَبَتَا
وَفِيْهُمَا الجمعُ لبعض مَنْ قَرَا  والطُّور إدبارَ بلا خُلْفِ جرى
وَنَافعٌ خطيئَتُهْ قَـدْ جَمَعَا  ورسمُهُ بغيرِ هاوٍ وَقَعَا
وياء محيايَ لنافعٍ سَكَنْ  وافتح مماتي ولمن بقا اعكساً
وقـبل إنْ شاء فَـزِدها فتحةً   لنافعٍ في اليا تصيرُ سِتَّةً
وَخَفَّفَ المكّيّ إن هذانِ  بنون الأولى ثُمّ شدَّ الثاني
ويا بُنَيْ في موضِعَيْ لُقْمَـنِ  مع ضيّقَاً خَفّ مع الأسكانِ
وسؤقهِ ضئزى وساقيها  هَمَزْ  فِي الوَاوِ وَاليَاءِِ مع الهاءِ حَرَزْ
وَفُرِّدَ الشامي با برا هاما  مع الثلثين ثـلاثاً رَامَا
وواوُ ذُوْ العَصْفِ له  بالألف  وذُو الجلالِ الثانِ بالواوِ كُفَى
وَيَا بُنَيَّ اركب بفتح عاصِمِ  مُفْرّدٌ عَنْ كسْرِ كُلّ عالِمِ
وفي استحق فيه حفصٌ سمّى  واستخلف اعْكِسْهُ لشعبَهْ حتما
ونافع في أرأيت استفهما  تفريدتان ثُمَّ  مكّيْ اعْلَمَا
بالسؤق بالسُّؤُقِ ثم  الشامي  تتّبعانِ يُونسٍ يسامي
تا لتُكُم زبّانُ ثُمّ أبدلا  وَمَهلك عَنْ عَاصِم تَحَصَّلا
وحمزةٌ تفريد تا تراءا  وفي القيمهْ لعليٍّ( ) جَاءَا
تبشِّرون نافعٌ تَفَرَّدَا  لكن بكسرِ النونِ ما توحَّدَا
كَذلك المكّيّ  للتشديد  وجاء للشامي بالتفريدِ
تُضَعَّفُ الفرقان لم ينفرِدِ  لرفع شعبةٍ وَعَنْ ذا فرِّدِ
وَلَمْ يُفرّدْ كونَهُ مُخفِّفَا  وفرِّد البصريُّ لما وَقَفَا
تترىً مُمالاً ثُمَّ لم ينفَرِدِ  لانَّ حمزةً بحاليْهِ هُدي
وحمزةٌ تفريدُ كفوا ثم لمْ  يَحْصُلْ له التفريدُ إذ حفص رسمْ
وَفِي ذوات الواو الأربع اطلبِ  ما للكسائي مع خلاف الشاطبي( )
والسبعَةُ المواضعُ المذكورهْ   لفظُ أإنا أإذا مَحْصُورَهْ
لكُلّ قارئٍ لَهُ وجهٌ أتَى  لكنَّما الزّيّات لمّا سكتا
هذا جوابُ ما سألتَ  نَظْمَا  والله أدرى بالصّوابِ عِلْمَا
قَالَ الحَرث بن همَّامٍ:فلمَّا بَدَهَ بنظْمِهِ الفَصِيْحِ، وَمَدَهَ بجوابِهِ الصّحِيْحِ، بترادُفِ أنْفَاسٍ، وَخُلَوٍّ من وسواسٍ، كأنَّهُ يَقرَؤهُ من قرطاسٍ، ضَجّ ( ) المجلِسُ بالأصواتِ، وَعَجَّ مِنْ جَمِيْعِ الجّهَاتِ، وابْتَدَرَ الأنامُ ،إلى استلام يَدَيْهِ حَتّى خَشِيْتُ من الزّحامِ، أنْ يُقْضَىْ عليهِ فِمَا خِلْتُهُ، إلاَّ أوَيسَاً القرنيَّ، أو سريّاً السّقَطِيَّ، فاغتنم أبُو زيدٍ هذه الغفلةَ، وتأهّبَ للنَقْلَةِ والجفلةِ، وَطَلَبَ للخُلُو بابَ القبلةِ،قال الحَرث بنُ همَامٍ: وكنتُ حَبَسْتُ نظَرِي عَلَيْهِ لِعِلْمِي بمَكْرِهِ، وَمَا هو عَلَيْهِ فأدْرَكْتُهُ عَلَى المراقي وهو راقٍ، وَطَلَبْتُ مِنْهُ نَصِيْبَ التلاقي قَبْلَ فُرَاقِي، فَلَمْ يلتَفِتْ إليَّ، وَلَمْ يَعْطِفْ عَلَيَّ، حَتَّى صَارَ في الطريقِ، وتحكّمَ في السّعَةِ بعد المضيق، وأشَار يَقُوْلُ:
باللهِ خِلّي خَلِّ لي عَنْ طُرُقِي  فَقَد كَفَى قَلْبِي المُعَنَّى مَا لَقِي
وَقَدْ بَرَانِي حَنَقِي من حُرَقي  مَا كُنْتُ أجْنِيْهِ  بِمَكْرِ الخُرُقِ
وأجْتَنيهِ بالدَّها  والملَقِ  لَمْ يبق لي فأيُّ شَيْءٍ لي بقي فَقُلْتُ لَهُ: بلْ تأيّدْ ،وتأنَّ في أمرِكَ وَتَمَهَّدْ، فَالقَوْمُ لَهُم أخلاقٌ شَرِيْفَةٌ، وَأَوْصَافٌ لَطِيْفَةٌ، وَطَرَائِقُ مَشْهُوْدَةٌ، وَخَلائقُ مَحْمُوْدَةٌ، لا يَسْمَحُوْنَ بالغَرِيْبِ، بَلْ يُفَضِّلُوْنَهُ عَلَى النَّسِيْبِ، قَدْ ألِفَتْ إليهم( ) الوُرَّادَ، والفت إليهم القُصَّادُ، لتَخْصِيْصِ بَلَدَهُم بِتَيْسِيْرِ القُرْآنِ، مِنْحَةٌ مِنْ الكَرِيْمِ المَنَّانِ، فَيَا لَهَا فَضِيْلَة لا تُرَام، مَعْرُوْفَة بَيْنَ الأنام، لا ينكرها خاصٌّ ولا عَامٌّ، فِي سائِرِ بلادِ الإسلامِ، فَقَدْ لبثتُ فِيْهُم عَامَيْنِ، وَشَاهَدْتُ ذَلك منهُمْ بلامينِ، فاسمَعْ مقالةَ نَاصِحٍ مُشِيْرٍ، ولا يُنَبِّئْكَ مثلُ خبيرٍ، وإنّهمُ السّاعَةَ رُبَّمَا طَلَبُوكَ ليَصِلُوكَ أوْ يُواصِلُوكَ، وإنْ طلبتَ الإقامةَ أكرَمُوْكَ، وإنْ أردْتَ الإبانةَ زَوّدُوكَ وأرْفَدُوْكَ، ثُمَّ عَنَّ لي مَدْحَهُمْ فَقُلْتُ:
فَلَهُمْ بِذَاكَ عوائدٌ معهودَةٌ  طُبِعَتْ جبلّتُهُمْ عَلَى مَا عُلِّمُوا
جِيْل وَرَا جِيْلٍ تقادَمَ عَهْدُهم  وَجَدُوا عَلَى ذَاك الأكَابِرَ مِنْهُمُ
لَمْ يَفْعَلُوْهُ تَصَنُّعَاً وَتَسَمُّعَاً  بَلْ خَالِصَاً للهِ وهو مُحَتَّمُ
لا يمنحونَ عَلَى العُلُوْمِ جَوَائِزَاً  كلاّ ولو أنَّ المساويَ دِرْهَمُ
سيرون ذاكَ نقِيْصَةً في حقِّهِم  وَتَنَاقُصَاً مِنْ حَظِّهِمِ أن  يندَمُوا
فَغَنِيِّهُم وَفَقِيْرُهُم فِي بِرِّهِ  للواردِيْنَ بِمَا تيسَّـرَ مَعْهُـمُ
متعادلٌ فلذاك قامَتْ سُوقُهُمْ  في العالمين فَصَار يُروي عَنْهُمُ
الكر في شأمٍ وفي يَمَنٍ نعم  أو مُعْرِقٌ أو مُنْجِدٌ أو مُتْهِمُ
خُذهَا مَقَالَةَ صَادِقٍ في نُسقِهِ  لا منْ مَقَـالِ مزخرفٍ لايُفْهَمُ
والديةً مِنْ نَاصِحٍ لكَ دَائِمَاً  إنَّ السَّمَاعَ مِنْ الصَّدِيْقِ لمغْنـَمِ 
فَقَالَ لَيْ: صَدَقْتَ بِمَا نَطَقْتَ، وَنَصَحْتَ بِمَا أَفْصَحْتَ، وَلَكِنْ لا يَسْأل إلى مَا أشِرْتَ، ولا رَغْبَةَ لي فِيْمَا نَشَرْتَ، فإنْ كُنْتَ عنّي أعْهَدُ مِنْ الصُّحْبَةِ المَألُوْفَةِ، والصَّدَاقَةِ المكنُوْفَةِ، فامنحني بِزَادِي إلى الكُوْفَةِ( ) ، فَقَدْ فَصَلْتُ عَنْ هذه المَوْصُوْفَةِ، بالمقامةِ المشهورَةِ المَعْرُوْفَةِ، أبا الوفاءِ ولا صُوْفَةَ، فرَّ قَلْبِي لِوِدَادِهِ، وَدَمَعَ طرفي لِفِراقِهِ وَبِعَادِهِ، وزوَّدَه بي عَلَى سبيل الامْكَانِ، وَلَمْ أوْلِهِ الحرمانَ إذا [لان] ( ).فَوَدعني وسار كأنه طائر طار أو برق أغار.
تمت المقامة بحمد الله ومنه بخط مؤلفها العبد الفقير إلى رحمة ربه القديرعلي بن محمد بن أبي سعيد بن  الحسن المقرئ بجامع واسط الوسطىفي ذي القعــــــــــدة من سنة أربــــــــــــع وعشرين وسبــــــــــــع مـــــــائةوصلى الله علي سيدنا محمد النبي واله وصحبهوسلم جريدة المظان
-القران الكريم.-أدباء العرب في الأعصر العباسية.بطرس البستاني.بيروت، ط6، 1968م.-الأعلام.خير الدين الزركلي (ت-1976هـ).دار العلم للملايين-بيروت،ط2، 1980م.-البداية والنهاية. أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي(ت- 774 هـ).مكتبة المعارف – بيروت(د،ت)،(د،ط).-بديع الزمان الهمذاني(نوابغ الفكر العربي). مارود عبودالقاهرة، ط3، 1971م.-بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة. السيوطي(ت-911هـ).تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى البابي الحلبي،ط1 ،1965م.-تاج العروس من جواهر القاموس.محمد مرتضى الزبيدي(ت-1200هـ).مكتبة الحياة-بيروت،(د،ط)،(د،ت).- تاريخ الادب العربي.أحمد حسن الزيات.ط26، بيروت،(د،ت).- تاريخ الإسلام.الذهبي(ت-748هـ).تح:د.عمر عبد السلام قدوري،دار الكتاب العربي –بيروت،ط1، 1987م.-التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح. أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف بن سعد(ت-474هـ). تح: د. أبو لبابة حسين،دار اللواء للنشر والتوزيع – الرياض، ط1 ، 1986م.-تهذيب الكمال. أبو الحجاج المزي يوسف بن الزكي عبد الرحمن(ت- 742هـ).تح::د. بشار عواد معروف،مؤسسة الرسالة – بيروت،ط1 ، 1400 – 1980.-الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة.ابن حجر العسقلاني(ت- 852هـ).تح:محمد جاد الحق، مطبعة المدني،دار الكتب الحديثة-بيروت،ط2 ، 1966.-روضة التقرير في اختلاف القراءات بين الإرشاد والتيسير.علي الديواني(743هـ).تح.د.حيدر فخري ميران، ود.منى يوسف حسين كتاب مخطوط قيد النشر.-مقامات الحريري البصري. أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن محمد بن عثمان الحريري (ت-516 هـ).شرح أحمد بن عبد المؤمن القيسي ،صححه محمد عبد المنعم خفاجي،المكتبة الثقافية-بيروت،1952م.-الشعر العربي في العراق من سقوط السلاجقة حتى سقوط بغداد.عبد الكريم توفيق العبود. بغداد 1976م.-طَوالِع النُجُومِ في موافِقِ المرْسُومِ في القراءاتِ الشاذَّةِ عن المشْهُورِ.علي الديواني.تح:د.حيدر فخري ميران ود.منى يوسف حسين،كتاب مخطوط قيد النشر.-غاية النهاية في طبقات القراء. أبو الخير محمد بن محمد الجزري(ت-833 هـ).تح:براجشتراسر، دار الكتب العلمية – بيروت،ط2، 1980م.-فن المقامات بين المشرق والمغرب.د.يوسف نور عوض .دار القلم –بيروت، ط1، 1979م.-في الأدب العباسي.محمد مهدي البصير.بغداد ،ط2، 1955م.-القاموس المحيط.مجد الدين بن يعقوب الفيروزآبادي(ت-817 هـ).دار الفكر-بيروت،1403هـ-1983م.-كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون.حاجي خليفة(ت-1067 هـ).المطبعة الإسلامية- طهران،ط3، 1977م.-لسان العرب.محمد بن مكرم بن منظور (ت-711هـ).دار صادر – بيروت،ط1،(د،ت).- مختار الصحاح.محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي(ت- 671هـ).تح: محمود خاطر.مكتبة لبنان ناشرون – بيروت. 1995م.-المصباح المنير.احمد بن محمد بن علي الفيومي(ت-770 هـ).المكتبة العلمية-بيروت (د،ط) ،(د،ت).- معجم البلدان. أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي (ت- 626هـ).دار الفكر – بيروت،(د،ط)،(د،ت).-معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع.عبد الله بن عبد العزيز البكري    (ت-489 هـ) . تح: مصطفى السقا،عالم الكتب – بيروت،ط3 ، 1403هـ.-معجم المؤلفين.عمر كحالة.مكتبة المثنى ودار إحياء التراث العربي –بيروت،(د،ط)،(د،ت).- معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار. الذهبي.تح:بشار عواد معروف , شعيب الأرناؤوط , صالح مهدي عباس،مؤسسة الرسالة – بيروت،ط1 ، 1404هـ. -المقامات أصالة وفنا وتراثا.عبد الأمير مهدي الطائيدار الشؤون الثقافية –بغداد، ط1، 2001م.-مقامات بديع الزمان الهمذاني.أبو الفضل احمد بن الحسين الهمذاني(ت-398 هـ).قدم له وعلق عليه د. علي أبو ملحم،دار ومكتبة الهلال-بيروت،ط1، 1993م.-النشر فـي القراءات العشـر. ابن الجـزري.صححه وعلـّق عليـه محمد الضباع، دار الكتب العـلمية – بيروت – لبنان(د.ت).-نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب.أحمد بن محمد المقري التلمساني(ت- هـ).تح: د.إحسان عباس ،دار صادر - بيروت ، 1968.-هدية العارفين لأسماء المؤلفين وآثار المصنفين.إسماعيل باشا البغدادي         (ت-1339هـ).دار إحياء التراث العربي-بيروت،(د،ط)،(د،ت).-الوافي بالوفيات.صلاح الدين بن أيبك الصفدي(ت-764هـ).تح:أحمد الارناؤوط وتركي مصطفى ،دار إحياء التراث –بيروت، (د،ط)،(د،ت).- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان. احمد بن محمد ابن خلكان(ت-681هـ).دار صادر –بيروت(د،ت).

تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث