معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


الصحة النفسية والطفولة


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
سيف طارق حسين العيساوي

Citation Information


سيف,طارق,حسين,العيساوي ,الصحة النفسية والطفولة , Time 6/7/2011 8:50:06 AM : كلية التربية الاساسية

وصف الابستركت (Abstract)


نبين مدى تأثير الحالة النفسية على توافق الطفل الاجتماعي والنفسي

الوصف الكامل (Full Abstract)


الصحة النفسية والطفولة
 
تعد مرحلة الطفولة من أخطر المراحل الإنمائية في تكوين الشخصية الإنسانية، ولا يقتصر خطرها على أنها المرحلة التي توضع فيها بذور اضطرابات الشخصية المختلفة، بل إنها أيضاً المرحلة التي توضع فيها أسس الشخصية السليمة بأبعادها ومكوناتها المختلفة. إذ أن ما يكتسبه الفرد في هذه المرحلة من عادات واتجاهات وقيم عبر تنشئته وتربيته، إنما يميل إلى الثبات النسبي ويصعب تغييره فيما بعد. ويدلل على ذلك ما أيدته البحوث والدراسات التتبعية للأطفال، والدراسات الكلينيكية والتحليل النفسي للكبار، والدراسات الانثروبولوجية في كثير من الشعوب والقبائل البدائية (فهمي، 1967، ص66). فَنرى أن أصحاب مدرسة التحليل النفسي بزعامة فرويد Freud يؤكدون على أهمية مرحلة الطفولة، إذ يرون أن فيها تبذر البذور الأولى للصحة النفسية للفرد وفيها تتكون الملامح الرئيسة لشخصيته. فالاهتمام بالطفل هو "صمام الأمان" لكل المجتمع بعد حين (الهيتي، 1975، ص ص47-48).
 
 ولقد بَيَّنَت الأديان السماوية أهمية الطفولة، وأولت اهتمامها الحثيث بالأطفال، ففي الديانة المسيحية نجد أن السيد المسيح يولي الطفل المكانة الأعظم والمثل الأوفر بين الناس كما في قوله: "إنْ كنتُم لا تَتَغيَّرون وتَصيرونَ مِثل الأطفال، فلن تَدخُلوا مَلكوت السَّماوات. مَن أتَّضع وصارَ مِثلَ هذا الطِّفلِ، فهوَ الأعظمُ في مَلكوتِ السَّماواتِ" (العهد الجديد: متى 18: 3-4، مرقس 9: 36-37، لوقا 9: 47-48). وفي الديانة الإسلامية نرى الاهتمام الواضح بالطفل منذ لحظة تكوينه وحتى بلوغه، ويذكر القرآن الكريم قوله تعالى: "المالُ والبَنونُ زينَةُ الحياة الدُنيا"، وفي قولٍ للرسول الكريم محمد (ص): "الأطفالُ دعاميصُ الجَّنةِ"، والدعاميص نوع من أنواع الفراشات (الحلو، 2002، ص195)،قد برزت حاجة ملحة إلى توفير رعاية خاصة للطفل ولاسيما بعد الحرب العالمية الأولى، ففي عام 1924م، صدر "إعلان جنيف لحقوق الطفل". وبدأ الاهتمام بالطفولة ورعايتها يتزايد مع زيادة اعتقاد المجتمعات بضرورة رعاية الطفل وحمايته على أساس أنه "ثورة المستقبل وأمل الأمة". وأتخذ هذا الاهتمام بُعداً عالمياً. ففي العشرين من تشرين الثاني لعام 1959م، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة "الإعلان العالمي لحقوق الطفل". إذ وافقت عليه الكثير من الدول المشاركة، وعُدَّ هذا الإعلان من أهم الوثائق في حياة الإنسانية وأحد أبرز معالم القرن المنصرم (القرن العشرين) الذي لم تتفق فيه دول العالم على أمر أكثر من اتفاقها على قضية الطفولة.  
 
وتلى هذا الإعلان إنشاء "منظمة الطفولة العالمية Unicef" سنة 1964م وهي منظمة دولية متخصصة بالطفولة وقضاياها، تلتزم بتقديم العون والمساعدة إلى دول العالم كافة ، ولا سيما النامية منها في مجال رعاية الطفولة. وتم تكريس عام 1979م للطفل. وعُدَّ عيداً عالمياً له (عيد الطفل العالمي). وشهدت الأنشطة العالمية حركة متلاحقة لحقوق الطفل والاهتمام به، إذ بدأ العالم وبشكل لافت يولي رعايته واهتمامه الجادَّين للأطفال، ويحدث إصلاحات كبيرة في نظمه التربوية والقانونية والسياسية انطلاقاً من مفهوم "رعاية الطفولة"، حتى انبثقت أفكار دولية حول وضع اتفاقية عالمية لحقوق الطفل. وفي عام 1989م أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة "اتفاقية حقوق الطفل" وتضمنت هذه الاتفاقية العالمية (54) مادة. (41) مادة منها متعلقة بحقوق الطفل و(13) مادة منها متعلقة بآليات تنفيذ هذه الحقوق. وللاتفاقية أربعة مبادئ عامة:
1- عدم التمييز. 2- الحق في البقاء والنماء. 3- الحق في المشاركة. 4- مصلحة الطفل الفضلى (توفيق، 2002، ص ص3-5).
 
وتبيّن المواد: (1، 6، 24، 25، 38، 39) بشكل خاص الأهمية القصوى للطفل ورعايته وحقوقه الاجتماعية والنفسية والنمائية (اليونيسف، 1990، ص ص65-88). وفي عام 1990م عُقدت "القمة العالمية للطفل" من أجل مصادقة "اتفاقية حقوق الطفل"، وتم توقيع (192) دولة طرفاً على هذه الاتفاقية لتصبح مركز جدول الأعمال الدولي من أجل الطفل (الأمم المتحدة، 2001، ص174). وفي العالم العربي شهد مجال حقوق الطفل العربي صدور "الدليل التشريعي النموذجي لحقوق الطفل العربي" عن مجلس وزراء العدل العرب في السادس من تشرين الثاني لعام 2000م. ويعد دليلاً استرشادياً للدول العربية، يغلب عليه الطابع الأدبي غير الملزم للدول الأطراف. وتم وضع "ميثاق حقوق الطفل العربي المحدَّث" في الثامن والعشرين من شباط لعام 2001م، وصُدق في مجلس جامعة الدول العربية (في المملكة الأردنية الهاشمية) وهو آخر ما تم التوصل إليه في مجال حقوق الطفل العربي على المستوى الإقليمي للدول العربية (الحلو، 2002، ص201). كما أصدر المجلس العربي للطفولة والتنمية وثيقة "عالم صالح للأطفال" في العاشر من أيار لعام 2002م. تأكيداً على أهمية الطفولة ورعايتها، وإيماناً منه في دورها الحاسم في المشاريع التنموية والإنسانية (العقلا، 2002، ص ص9-10).  
 
وبازدياد تعقد الحياة وتقدمها برز الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال، على اعتبار أن الصحة النفسية تمثل المحصلة النهائية لعملية الرعاية والاهتمام بالطفل. وبدأت تلعب دوراً مهماً بل وأساسياً في حياة الإنسان، فوجود الصحة النفسية يعني القدرة على التكيف مع النفس أو المجتمع، فضلاً عن أنها عامل وقائي للسلوكيات غير السوّية كالاضطرابات السلوكية والانفعالية والجسمية. إذ أن العلاقة بين الصحة النفسية للإنسان وصحته الجسمية أصبحت معروفة ومحسومة (حسني، 2001، ص4). ولقد نال موضوع الصحة النفسية اهتمام العديد من العلماء والمتخصصين في المجالات النفسية والطبية والاجتماعية والتربوية والسياسية والاقتصادية. وأصبح هذا الموضوع من الأمور الهامة التي ينبغي أن يوجه إليه الفرد والمجتمع الرعاية اللائقة به، لأن الاهتمام بالصحة النفسية، اهتمام بالإنسان وتكامليته. والاهتمام بتنمية شخصية الفرد بجوانبها المتكاملة بصورة سليمة ومتوازنة يعني الاهتمام بجوانب الصحة النفسية، وأن العمل على تخفيف المشكلات السلوكية أو حلها لا يتم إلا على أسس ومفاهيم الصحة النفسية (سمين، 1997، ص6) (الهابط، 1983، ص9).
 
 ويشير بيرز Beers إلى أن الصحة النفسية مسؤولية اجتماعية، وإن اضطراب العقول هو النتيجة الحتمية لسوء فهم الفرد لنفسه وسوء فهم المجتمع له، وإن إصلاح العقول مطلب عام يوجب العناية بالفرد منذ الطفولة، وأنه كي تصلح العقول وتسلم من المرض، لا بُد أن تصلح العلاقات الاجتماعية جميعاً (الحفني، 1995، ص442). في حين يرى سوليفان Sullivan أن الصحة النفسية تكمن في قوة الأنا على تحقيق الحاجات البيولوجية وتحقيق الأمان الاجتماعي، فالفرد يسعى إلى الرضا عن الحاجات البيولوجية وإلى علاقة اجتماعية مع الآخرين، وإن أي تصدي لهذين الهدفين يسبب الاضطراب النفسي (الزبيدي والهزاع، 1997، ص179). وترى هورني Horney أن الصحة النفسية لدى الفرد تتحدد في بيئة طبيعية مستقرة، وإشباع الحاجات الأساسية عنده حيث الاقتناع والفهم (Young, 1952, P.264).
 
 ويرى ماسلو Maslow أن الصحة النفسية للإنسان مبنية على نموه الكامل السوي المنشود، الذي يقوم بدوره على تحقيق الامكانات والنمو في اتجاه النضج بما يدفع نحو مسار تحقيق الذات (Maslow, 1970, P.75). أما روجرز Rogers فيرى أن الصحة النفسية الجيدة تكمن في تمتع الفرد بمفهوم ايجابي عن ذاته، وبسعيه المتواصل نحو تحقيق ذاته. وأن الفرد ينزع فطرياً لتأكيد ذاته وتحقيقها من خلال تفاعله الاجتماعي مع مجاله الظاهري (كما يدركه هو) وتشكيل خبراته عن هذا التفاعل (العزة وعبد الهادي، 1999، ص110).
 
 ويشير فروم Fromm إلى أن الصحة النفسية تتركز على البعد الاجتماعي الذي يرى أنه يصنع الشخصية من حيث كونها توافق الفرد مع بيئته النفسية، إذ يرى فروم Fromm أن الفرد المتمتع بالصحة النفسية هو الشخص المنتج الذي لا يشعر بالغربة النفسية، والذي يحب نفسه ويحب الناس وينتمي إلى العالم كله (الحفني، 1995، ص444).  
 
وتبدو أهمية الصحة النفسية من خلال ما أنجزته دول العالم حول هذا الموضوع. ففي القرار (119/46) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، يَتجلّى أهم جهد عالمي مبذول في مجال حماية حقوق المرضى النفسيين وأكثرها جدية. إذ تم اعتماد هذا القرار في الأمم المتحدة عام 1991م. وعلى الرغم من أنه غير ملزم قانوناً، إلاّ أنه ينص على طائفة من الحقوق الأساسية التي يعدها المجتمع الدولي حقوقاً مصونة سواء في المجتمع أو للأفراد المرضى. وهو يضم (25) مبدأ مندرجاً ضمن فئتين: "الحقوق والإجراءات المدنية"، و "الحصول على الرعاية وجودتها" (منظمة الصحة العالمية، 2001، ص114). وهناك أيضاً عدد من المواثيق الإقليمية لحماية حقوق المرضى النفسيين بما في ذلك "الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية"، التي تدعمها المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، والتوصية رقم (1994) 1235 بشأن العلاج النفسي وحقوق الإنسان، المعتمدة من الجمعية البرلمانية للمحكمة الأوربية، و "الاتفاقية الأميركية لحقوق الإنسان" (1978)، و "إعلان كاراكاس" المعتمد من قبل المؤتمر الإقليمي المعني بإصلاح الرعاية النفسية في أميركا اللاتينية عام 1990 (منظمة الصحة العالمية، 2001، ص115).
 
وباستمرار الأنشطة الرامية إلى تعزيز دور الصحة النفسية في المجتمعات الدولية برزت اتجاهات دولية نحو ايلاء الاهتمام المكرس للصحة النفسية للأطفال والمراهقين كفعل جديد لا ينتمي إلى أفعال الماضي، التي اقتصرت في ايلاء الأهمية البالغة للصحة النفسية للكبار والبالغين. فمنظمة الصحة العالمية (W.H.O.) ركّزت في عام 2003م على الصحة النفسية للأطفال، واختارت موضوع "الاضطرابات العاطفية والسلوكية للأطفال" محوراً لليوم العالمي للصحة النفسية الذي يوافق العاشر من تشرين الأول من كل عام (منظمة الصحة العالمية، 2003، ص1). إن هذه الظروف المليئة بالضغوط والهلع والضيق، وكذلك الطموحات والرغبات غير المتحققة إلى جانب ما فيها من حوادث عنف وقتل وتفكك أسري، مقرونة بالحروب والنزاعات المسلحة، كلها أسهمت في إرهاق الإنسان وزيادة توتره وخوفه وزحزحت استقراره، وبالتالي صعوبة توافقه أو تكيفه مع المحيط الذي هو جزء منه، ولاسيما الأطفال الصغار (العيسوي، 1989، ص ص25-26). فالحروب بما تحويه من ألمٍ وموت وفترات عصيبة من شأنها أن تضعف كافة المرتكزات الضرورية للنمو السليم في مرحلة الطفولة، وتشمل هذه المرتكزات، الإحساس بالأمن والسلامة، والثقة بالآخرين، والثقة بالنفس، واحترام الذات (مكتب اليونيسف الإقليمي، 1995، ص17). فقد وصف الكثير من الباحثين عصرنا الحالي، بأنه عصر الصدمات والأزمات النفسية، وأسمى البعض الآخر منهم حضارة العالم بـ (حضارة الصدمات) أو (حضارة الكوارث) (إبراهيم، 1994، ص553). ولا عجب أن أسمت قوات الاحتلال الأجنبي حربها على بلدنا العزيز حرب (الصدمة والترويع) (البدراوي، 2003، ص2).  ومما لا شك فيه أن ما أصاب العراق وما يصيبه من محن وكوارث، كان له آثار سلبية ملموسة على الآهلين (السكان) بصورة عامة، وعلى الأطفال
 
الذين ترعرعوا في مناخ الحرب بصورة خاصة. فالكوارث Disasters سواء كان مردها إلى الطبيعة أو إلى البشر، هي ظروف مفاجئة وغير متوقعة يصعب على المجتمع تداركها (Lechat, 1976, P.421). ولقد عُرّفت الحرب بأنها كارثة سببها الإنسان، وذلك لأنها تقوّض النظم القائمة وتخلق حالات من التوتر الجماعي تسببه الخسائر البشرية والمادية، والنظرة السلبية إلى وقائع الأمور، والتحسس بخطر الموت والإعاقة، و تُرهِق هذه العوامل مجتمعة كاهل الفرد، وتضعف بالتالي قواه في المقاومة والتكيف (Boman, 1979, P. 465) (Kinston & Rosser, 1974, P.439). لذلك لاحظت الدراسات السابقة المتعلقة بتأثير الكوارث، إن التحول من التمتع بالصحة إلى الاعتلال المرضي، قد يكون نتيجة مباشرة للإصابة أو الإعاقة ومواجهة الموت، أو قد يطرأ في المرحلة التي تلي ذلك. وما التغير الجسمي والنفسي اللاحق بالأفراد سوى نتيجة للكوارث التي تقع، وخصوصاً تلك التي تدوم مدة طويلة من الزمن (Logue et.al., 1981, P.68)   (Logue et.al., 1981, P.140). فقد كان ولا يزال تأثير الحروب على المجتمعات السكانية مفاجئاً ومتراكماً في آن معاً. وضمن هذا التصوّر كان لا بُد لصدمات الحرب أن تؤثر على الأطفال. إذ أظهرت الكثير من الدراسات السابقة، العلاقة الارتباطية الوثيقة بين التعرض المباشر للكوارث ونمو الأطفال وتطورهم وصحتهم (Newman, 1976, P.P.306-312)، كدراسة براون وآخرين (Brown et.al. 1972) (منظمة الصحة العالمية، 2001، ص60) ودراسة هولمز وراها (1967).

تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث