معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


لموت في الفلسفة الإسلامية


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
غسق حسن مسلم الكعبي

Citation Information


غسق,حسن,مسلم,الكعبي ,لموت في الفلسفة الإسلامية , Time 29/03/2018 04:20:31 : كلية الفنون الجميلة

وصف الابستركت (Abstract)


دراسة الموت في المفهوم الاسلامي

الوصف الكامل (Full Abstract)

الموت في الفلسفة الإسلامية :

إن بحث فكرة الموت فلسفياً عند الفلاسفة المسلمين يقودنا إلى رأي مفادهُ ان تصور هؤلاء الفلاسفة للموت إنما ينطلق من علاقة النفس بالجسد فالنفس عندهم إلهية خالدة ومصدرها عالم إلهي خالد ، ولا تفنى بفناء الجسد بعد الموت ولكن الموت عندهم يعني مفارقة النفس لهذا الجسد وتكون هذه المفارقة على شكلين هما أخلاقي وذلك بإماتة شهوات الجسد لصالح النفس كي يكون الإنسان فاضلاً خيراً سعيداً ، وموت ميتافيزيقي وذلك عن طريق مفارقة النفس الجسد نهائياً عن طريق موت الجسد وبقاء النفس خالدة في عالمها الذي جاءت منه ، مع ملاحظة أن هؤلاء الفلاسفة عندما يتحدثون عن النفس فإنهم يعنون بها الروح .
فالكندي ( 259 هـ /870 م ) يرى أن وجود هذا العالم ومدة بقاءهِ وفناءهِ تعتمد على الإرادة الإلهية التي لو توقفت لانعدم العالم فالعالم لهُ بداية ونهاية أوجده الله من العدم وسيضمحل إلى العدم .() ولدى الكندي إن الزوال والفساد أو الثبات والكون هو أعظم دلالة على إتقان التدبير والحكمة الإلهية ونظم العالم وترتيبهِ وتسخير بعضهِ البعض .() ولذا يقر الكندي أن الدوام والحياة الأبدية معروفة في عالم الكون والفساد فيما الثبات والدوام موجودان في عالم العقل فالنفس باقية والبدن داثر .
ويوجه الكندي خطاباً للإنسان : " أيها الإنسان الجاهل ألا تعلم أن مقامك في هذا العالم أنما هو كلمحة ثم تصير إلى العالم الحقيقي وتبقى فيه ابد الآبدين وإنما أنت عابر سبيل في هذا الأمر بإرادة ربك عز وجل "() وفي رسالة الكندي (الحيلة لدفع الأحزان ) يعرض فيلسوف العرب آرائه في الموت بأسلوب الفصح والإرشاد التربوي حيث يقول " وينبغي أن يكون منا على بالٍ انه لا ينبغي أن نكره الذي ليس برديء وإنما ينبغي أن نكره الرديء، فان ثبت هذا في ذكرنا عظم غناؤنا بهِ في دفع المحزنات الحسية فانه لا يظن أن شيئاً أردأ من الموت والموت ليس برديء وأما خوف الموت رديء ، أما الموت فهو تمام طبعنا ، فان لم يكن الموت لم يكن إنسان بته ، لان حد الإنسان هو الحي الناطق المائت .() فالموت عند الكندي هو سُنة الحياة ومن يظنهُ رديء فهو جاهل بحال الحياة والموت .
ثم يقول الكندي إن الإنسان في انتقالاته في المقامات الوجودية يجزع في البدء ولكن لو قيل لهُ بعد ذلك بالرجوع إلى المحل الذي كان فيه كان جزعه أقوى " الإنسان في الدنيا شديد الجزع على فراقها ، فإذا صار إلى المحل الفعلي العادم للآلام الحسية فان قيل له انك تُرد إلى هذا العالم الذي كنت فيه لكان جزعه أضعاف ما قيل انك ترد من فسيح الدنيا إلى حلوك الرحم " ()
وينصح الكندي أن من حيل دفع حزن الموت وفراق الأحباب أن نتذكر إننا لسنا الوحيدين الذين فقدوا عزيزاً فعلينا أن نتذكر محزنات غيرنا ، ويضرب الكندي مثالاً بالاسكندر الذي عزى والدته عند حضور موته فكتب إليها " فكري يا أم الاسكندر في أن كل ما تحت الكون والفساد داثر وان ابنك لم يكن ليرضى لنفسهِ بأخلاق الصغار من الملوك فلا ترضي لنفسكِ عند موتهِ بأخلاق الصغار من أمهات الملوك ... ثم أمرها ببناء مدينة تدعوا إليها من لم تصبه مصيبة الموت وفراق الأحباب إلى مأدبة ليكون مأتم سرور ، فلم يأتها أحد فلما سألت عن ذلك ، قيل لها انك أمرت أن لا يوافيك احد أصابته مصيبة "() والنفس لدى الكندي لا تموت لأنها من نسخ الجوهر الإلهي والعقل الفاعل هو الموعود بالخلود والبقاء ، فالعالم ( فوق فلك القمر ) غير متناهي ، بينما الأشياء تحت فلك القمر متناهية لأنها من ذوات الكيفيات والمتضادات ، ولذا الأشياء ستفنى فناء دنيوي ، والنفوس لها مدارج في عملية تطهرها وصعودها لعالم الربوبية ، إذاً فالأولى بالإنسان إصلاح نفسه قبل بدنهِ .()
إذاً الموت لدى الكندي من طباع الإنسان وقوانين الوجود التي فرضها الله بإرادته وليس على الإنسان العالم بذلك أن يحزن على موت الآخرين أو موته لأنه لولا الموت لما وجد الإنسان أصلاً ولتزاحم الخلق ولما وسعهم المكان بل لتدافعوا وتخاصموا على الحياة والسلطان وساد في الأرض العبث واللاتوازن وعمت الفوضى ولضاق العيش في المعمورة ، وهنا يوجه الكندي خطاباً للعقول بان لا يتمنى الإنسان حياة أطول مما كتبهُ الله له وان يقنع بمدة عيشه وبذلك يكون سعيداً فان حزنه على فراق الدنيا لا يطيل عمرهِ بل يجعله منغص العيش وليس في ذلك فائدة لهُ بل عليه أن يستغل فترة حياته بان يعيش مسروراً ولا يحزن على ما فاته من المطلوبات والمحبوبات .
أما الفارابي ( 339 هـ / 950م) فقد ربط الموت بالزمان والمادة وبالنفوس المتسافلة في الحياة الدنيا فيقول " إن الدائم من جهة الزمان غير دائم وأما الدائم فهو الذي لا يشمله الزمان وهو دائم بنفسهِ لا أن زمانه دائم ولذلك أخلق الأشياء الدائمة بدوام هو الله عز وجل وهو معطي الدوام "() فالزمان مرتبط بالتركيب والانحلال ذلك أن العالم كفكرة وجدِ بلا زمان من الذات الإلهية دفعة واحدة لا تقدم لها ولا تأخر ثم لحقه التقدم والتأخر كونه خاضع للتركيب والتحليل وكل ما لهُ كون فله لا محالة فساد .()
وفي كتاب الفارابي ( آراء أهل المدينة الفاضلة ) يشير الفارابي إلى أن الكمال والدوام للموجود الأول ( الله ) أما النقص والموت فهو لسائر الخلق " الموجود الأول السبب الأول لوجود سائر الموجودات كلها هو بريء من جميع أنحاء النقص ، وكل ما سواه فليس يخلو من ان يكون فيه شيء من أنحاء النقص ، والموجود الأول لا يمكن أن يشوب وجودهِ وجوهرهِ عدم أصلاً والعدم لا يكون إلا فيما دون فلك القمر" () وفي موضع آخر من هذا الكتاب يشير إلى أن الوجود الحقيقي للإنسان لا يكون في هذه الدنيا " إن وجود الإنسان الذي لهُ الآن ليس هو وجودهُ الطبيعي بل وجودهُ الطبيعي وجود آخر غير هذا "()
ويتحدث الفارابي عن الإنسان الفاضل وموقفه من الموت وجزعه منه بأنه جزع من يفوته فعل ما يزداد به سعادة بعد موته ، وبالتالي الموت يفوت عليه الاستكثار من فعل الخير ثم يقول " ليس ينبغي للفاضل أن يستعجل الموت بل ينبغي أن يحتال في البقاء ما أمكنه ليزداد من فعل ما يسعد بهِ ، ولئلا يفقد أهل المدينة الفاضلة نفعه لهم بفضيلتهِ ، وإنما ينبغي أن يقدم على الموت إذا كان نفعه لأهل المدينة بموته أعظم من نفعهِ لهم في مستقبل حياته ... وإنما يجزع من الموت أهل المدن الجاهلية والفساق لما يفوتهم من الخيرات بالموت ... لان أهل الجاهلية لم يعلموا السعادة أصلاً بعد الموت ، فيروا أنها تفوتهم .() ويتحدد مفهوم السعادة لدى الفارابي بقدرة الإنسان التحرر من البدن عن طريق إماتة عوارض كالغضب والشهوة وذلك بممارسة الموت الإرادي للسيطرة على النفس .() ولذلك شكك الفارابي في إمكانية خلود النفس التي لا ترتقي لنشدان التجرد من الماديات .
ويتحدث الفارابي عن فهم الناس لمعنى المفارقة التي تحصل بين النفس والبدن حيث يقول أن هناك من يرى أن الإنسان لا يكون حكيماً إلا بمفارقة النفس للبدن وذلك هو الموت ، ويرون أن مقارنة النفس بالبدن شر ، وهناك من يرون أن الإنسان الشرير يكون كذلك بمقارنة النفس للبدن والمفارقة بينهما هو خير ، ولكن الفارابي يطرح رأيه الخاص فيرى أن مفارقة النفس للبدن ليست مفارقة بالمكان أو تلف البدن أو تلف النفس بل بمعنى مفارقة النفس هو ألا تحتاج في قوامها إلى البدن المادي أو تحتاج في أفعالها إلى آلة الجسم ، فالنفس إذا صارت هكذا صارت مفارقة للبدن سواء كان البدن حي ويحس أم لا .() ويربط الفارابي قيام المجتمع وبقاءهِ بقيام المعلم والإمام وبقاء شخص العالم وروحهِ متعلقة ببقاء شخص الإمام وروحهِ ، فان لم يوجد حاكم كامل الصفات فان المدنية لم تلبث بعد مرة أن تهلك .() ويرى الفارابي إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتيسر لهُ الرجوع إلى المصدر الذي ينشأ منه شريطة أن ينبذ عالم المادة ويتبع تعاليم الشريعة حيث انه وهِب العقل وبه يرقى إلى عالم العقل .()
نستنتج من ذلك إن الفارابي أقام الوجود على الإرادة الإلهية التي بيدها الإحياء والإماتة لكن لإنسان يستطيع أن يعيش الحياة الأبدية بالانعتاق من الحياة الزمنية بالفضيلة ويتسير للمجتمع الحياة الفاضلة بقيام الإنسان الكامل حاكم عليها ذلك أن المدينة الجاهلة التي يحكمها الإنسان الناقص مدينة يسودها التغلب والتنافس وترى السعادة في تحصيل البقاء في الحياة الدنيا باستقلال حياة الغير لذا النفوس المتسافلة الدنيوية لا تحصل البقاء بعد الموت بينما الأرواح الخيرة المتعالية يأبى الله إلا أن تسبح في عالم الملكوت في خلود لا موت بعده .
وحقيقة هناك إشكالية في آراء الفارابي عن خلود النفس أو فناءها حيث يمكن أن نميز ثلاث أنواع من النفوس تعرض مشكلة الخلود للنفس عند الفارابي هي :
نفس خالدة وصلت إلى مرتبة الكمال .
نفس خالدة عرفت الخير ولكنها أعرضت ولم تعمل بهِ فهي تخلد في الشقاء.
نفس فانية وهي نفوس جاهلة لم تعرف الخير بل بقيت بحالة هيولانية ففسدت بفساد الجسد ويكون مصيرها الفناء التام .()
أما ابن سينا فيرى ان الموت هو قصور الطبيعة البدنية عن إلزام المادة صورتها وحفظها عليها بإدخال ما يتحلل ، فالموت لا يعد بلا غاية فهو نظام متوجه إلى غاية هو فعل الطبيعة.() ويرى ابن سينا انه لا يمكن أن يكون للجسم قوة غير متناهية لان كل جسم قابل للتجزيء وكل قواه متناهية ... أما النفس وتصوراتها العقلية غير متناهية وهي مفارقة للمادة بالذات لأنها لا تكون في وضع ومقدار محدد وكل ما لا مادة لهُ فهو غير قابل للعدم .() اذا النفس لا تشيخ مع البدن أو تموت كما أنها تستطيع تحمل ما لا يستطيع البدن تحمله والبدن قد يضعف إذا تعرض للمعقولات الشاقة فالعين قد تعمى بالنور الساطع والسمع قد يصم بالصوت المرتفع بينما النفس تستطيع التكيف مع الأنوار الإلهية .
ويرى ابن سينا أن كل شيء قابل للفساد بسبب ما فيه قوة إلى الانحلال وقبل فساده فيه فعل أن يبقى، فالأشياء المركبة ( جسم / نفس ) يجتمع فيها فعل البقاء وقوة الفساد أما الأشياء البسيطة المفارقة لا يجتمع فيها هذان الأمران وهذا هو جوهر النفس التي ليس فيها قوة إلى الفساد .() والنفس عند ابن سينا لا يتحقق كمالها إلا بالموت والموت هنا يعني مفارقة النفس لانشغال بالبدن وذلك شأن المتصوفة والعارفين والعارف " هو المنصرف بفكرهِ إلى قدس الجبروت ... بمعزل عن محبة الباطل وتقية الموت ".() وفي أمر المعاد يرى ابن سينا انه الموضع الذي يصير إليه الإنسان بعد الموت والمعاد روحاني فقط مخالفاً أرسطو بفناء النفس مع الجسد ولديه أن الأجساد لا تبعث مع الروح .()
إذ أن الموت عند ابن سينا هو فعل كان في طبيعة جسم الإنسان الذي جعله الله قابل للتحلل والموت كما جعل الحياة إمكانية بيولوجية ، لا تتم إلا بحلول النفس المبدأ المحرك للجسم لا من باب التعلق بهِ بل من باب التدبير ، أما المعاد فروحاني وعذاب الروح المتسافلة هو حنينها للبدن الذي به تحقق كمالها والذي فارقته قبل أن ترتقي أما التي ارتقت في حياتها الجسدية فهي خالدة في النعيم بعد الموت .
أما أخوان الصفا ( القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي ) يرون أن إبداع الموجودات هو فيض من الله وإخراج من العدم ومتى توقف الفيض عدِم الوجود وهكذا الحياة من النفس على الأجسام ما دامت متواترة تدوم الحياة وإذا فارقت النفس الجسد بطلت حياة الجسد واضمحلت وهذا حكم الوجود وبقاءهِ من الباري ، فعله وجود الكائنات هو من وجود الله .() وللموت لديهم قيامة صغرى وقيامة كبرى ، الصغرى هي عودة النفس إلى النفس الكلية أما القيامة الكبرى هي الحشر مع سائر النفوس بدون حساب .()
ولهذا أكدوا على أهمية البحث والعلم وتنزيه النفس لأهميتها في رحلة العودة إلى الله التي تقتضي تنبيه النفوس الساهية عما بعد الموت . " فالنفس لابد أن تنبعث من موت الجهالة وتحيا بروح المعرفة وعلامة ذلك هو أنهم قوم تستوي عندهم الأماكن والأزمان وتغاير الأمور وتصاريف الأحوال ، فلا بد أن تكتمل المنافع الدنيوية والأخروية للوصول إلى المرتبة السماوية عند الموت أما أدنى رتبة إنسانية فهي للذين يطلبون صلاح الأجساد ويتمنون الخلود في الدنيا مع علمهم انه لا سبيل لذلك " () في رسالتهم ( حكمة الحياة والموت ) بينوا فيها كيفية الاستعداد للموت قبل الموت ما دام الخلاص والنجاة ممكن ودعوا للاستهانة بالموت والتجافي عنه وإزالة الخوف منه ببقاء النفس بعد الموت الذي هو مفارقة الجسد وترك استعمالهِ فالموت نعمة وسرور والحياة الدنيا متاع الغرور .()
فعلى الإنسان إذا أصلح نفسه الباقية وترك إصلاح جسدهُ المظلم المتغير ومحاولة إبقاءهِ أمر مستحيل وعملية ارتقاء الإنسان تقتضي أعمال توازن بين الجانب الجسدي والروحي بتحصيل العلوم لإنعاش الجسد والروح على سواء لان الجسد واسطة الطاعات وتحصيل المعارف والتي تعكس أثرها على الروح الخالدة ، إذاً الجسد أثر متناهي أما النفس فهي الأثر الباقي والوجود الأبدي شرط وصولها للكمال . فهناك الموت السعيد وساكني عالمهِ هم الملائكة والموت الشقي وساكني عالمهِ الشياطين ، والموت السعيد يكون بتحصيل العلوم والعمل بها وذلك ما يحيي النفس الميتة المتسافلة وفي ترقيها تكون كارهة للجسد محبة لمفارقته حتى لو بالموت . فقرن فكرة الموت بالثواب والعقاب والموت انفصال هذا العالم عن العالم السماوي بحيث يغدو الموت تحرراً من سجن الجسد ومع ذلك فالإنسان لا يستطيع معرفة حقيقة الروح وكيفية مآلها فهو جاهل بسر الأبدية والحياة الأخرى ، وفي النهاية كل شيء فانٍ في العالمين العلوي والسفلي إلا الله .
أما ابن طفيل ( 581 هـ / 1180 م ) فقد أراد أن يقرب إلى الأذهان حقيقية الموت والحياة بأسلوب قصصي مفهوم من أنباء العامة وان الله كتب على عبادهِ الموت والزوال حيث أرادهم أن يتفكروا في أمر البقاء الذي جعله الله في الجزء النفسي العاقل من الإنسان وهذا الجزء هو شبيه بحقيقة الذات الإلهية، ولذلك جعل ابن طفيل حي يفنى في الذات الإلهية فلم ير في الوجود إلا الواحد الحي القيوم حيث أصبحت ذاته وذات الحق واحدة فعلى الإنسان أن يميت ميوله الدنيوية قبل موته البيولوجي وإلا فان نفسه لن تنال الخلود ويشكل الموت نهايتها المأساوية .
ويعرض لنا ابن طفيل فكرته عن الموت بأسلوب رمزي وشعري أحياناً فهو يرى أن الموت سيقود الإنسان لمعرفة الله وعرض فكرته هذهِ في قصته ( حي بن يقظان ) " فالموت ترك في نفسه تساؤل عن سر الموت وما هو المسبب للموت ولماذا عند الموت يُترك البدن ساكناً بلا حركة وهذا قادهُ إلى بحث تجريبي على أجساد الحيوانات يستطيع أن يكتشف ما الاختلاف والتشابه بين ظاهرتي الموت والحياة وما هو الشيء المسبب لعطل البدن خاصة أن البدن حال الموت كان سليم وهذا قاده بعد ذلك لفحص الجزء الداخلي من البدن مفترضاً أن القلب هو العضو المسؤول عن جميع أجزاء الجسم والذي لولاه لما استطاع الجسم الحياة " .()
وبالتالي كانت ظاهرة الموت أول ظاهرة استوقفت حي في بحثه عن سر الموجودات في حال سكونها وحركتها " حيث اكتشف حي أن الروح هي سبب حركة الجسم .. وإذا تعطل الجسد خرجت الروح منه وأدى إلى موتهِ ، فالجسد لا قيمة له دون الروح واهبة الحياة ولولا الروح لتحول البدن إلى جيفة كريهة كما حدث لامهِ الظبية " () وقادته معرفة الروح إلى معرفة عوالم ميتافيزيقية أرقى " فتأمل الجسد قادهُ إلى تأمل وحدة الجسد التي مصدرها الروح وهذا قادهُ إلى وجود علة خارج الجسد فأنتقل بنظره من عالم الكون والفساد لعالم الفلك والكلية فأدرك أن العِلة هي أعظم الموجودات وأدومها فتعلق بالعالم الإلهي وأدرك انه عرف الله بالروح فلا يُعقل أن تموت الروح بل هي موجود ثابت دائم البقاء فتاق لمشاهدة الله وأدرك أن علِة خلقهِ هو واجب الوجود والإنسان مركب من تلاقي ( جسم ،روح ، واجب الوجود ).()
وفي الجانب الشعري لابن طفيل نجد الحس الصوفي واضح في معالجته لقضية الموت حيث يقول في قصيدته إسراء النفس ونوم المشيح :
المت وقد نام المشيح وهو ما وأسرت الى وادي العقيق من الحما
وجرت على ترب المحصب ذيلها فما زالت ذاك التراب نهباً مقسما
في تلك القصيدة رمز لتوق وشوق النفس لمكان العوالم الروحية وهي رؤية صوفية حيث تكون النفس الصافية كالحسناء التي لا تزور إلا غباً ولا تجيء لماماً إذا نام المشيح حيث أسرت في الليل إلى الحما وهو وادي خصيب محمي من أعين الناس .() ما أراد قوله ابن طفيل أن النفس سجن الجسد وهي دائمة التطلع إلى مصدرها رغم مراقبة الجسد ومنعها من الارتقاء إلى ارض الجنان حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ، فالجسد يحد من قدرة النفس على التحرر من قيودهِ بالشهوات والمطامح والسبيل لذلك هو قهر الجسد بالزهد والتدرج المعرفي في المعراج الصوفي نحو الأبدية وعالم الخلود .() والمعراج الصوفي حقيقة هو رحلة انعتاق النفس من الطين ( الأصل التكويني المادي للجسد ) وهي رحلة ليست بالهينة لكن الذي يخوض غمارها يعيش سعيداً في الأبدية وكل ما على الإنسان فعله هو أن يدع فطرته تقودهُ إلى معرفة الله وهذا لا بد أن يتم قبل الموت لان ذلك سر سعادة النفس قبل الموت وبعده.
فإذا سعدت النفس في عالم الكون والفساد ووافتها المنون بقيت في سرور أما من حُرِمَ المشاهدة ووافاه الموت بقي في عذاب لا نهاية لهُ ولذا النفوس البهيمية ليست لها خلود لعدم شعورها بواجب الوجود أما أبناء العامة فهم لا يعرفون السعادة فعليهم بالشريعة فإذا ماتوا أطمأنوا من هلاك العذاب .() وبالتالي كان الموت بالنسبة لحي بن يقظان مشكلة قادته إلى ممارسة البحث الفلسفي منتقلاً من المحسوس التجريبي إلى المعقول المجرد الميتافيزيقي للوصول إلى سر الحياة والحركة والذي برحيله تحول الجسد إلى جيفة ساكنة وقادهُ الموت إلى اكتشاف العلة الأولى والروح المحرك للموجودات .
أما ابن مسكويه ( 421 هـ / 1029 م ) فيرى أن حقيقة الموت تكمن في ترك النفس آلاتها أي أن الموت هو مفارقة النفس الجسم ، وهذا الترك في ماهيته هو عملية إرتقاء بفعل خلاص النفس من ماديتها كون النفس جوهر يمنعها من الفناء بينما الجسد مادي خاضع للاستحالات والتغيرات ... أما خوف الناس من الموت فذلك لمجرد ظنون باطلة لا حقيقة لها فالإنسان الذي يخاف الموت هو الذي لا يعرف حقيقته والى أين سوف يؤول مصيره فهو يخاف الموت من اعتقادهِ بأن الحياة زائلة بالنسبة له والعالم باقٍ بعده أو يهاب الموت لأنه يظن أن له الم عظيم أو لأنه يخمن أن بعد الموت عقوبة ستحل بالإنسان أو يخاف الموت بسبب حيرته مما سيكون عليه بعد الموت أو لأنه سيحرمهُ مما لديه من أموال ومقتنيات ()
يقول بن مسكويه أن من خاف الموت الطبيعي خاف ما يرجوه لان الموت هو تمام الإنسان ( الحي الناطق الميت ) ، إن الإنسان مركب له جنس ( حيّ) وفصول ( ناطق ميت) فهو سينحل إلى جنسهِ وفصولهِ ، فالجاهل من يخاف تمام ذاته ، والعاقل يأنس بتمامه ، فمن فارقت نفسه بدنه وهي مشتاقة إليه تكون في غاية الشقاء أما من ظن أن للموت الم عظيم فظنه كاذب لان الألم يكون للحي أما الجسم الذي ليس فيه نفس لا يألم فالموت لا الم له () .الإنسان الرافض لمصيره رافض لنفسهِ ومن يخاف الموت لأجل العقاب فقد خاف العقاب ولم يخف الموت ، وهو خائف من ذنوبه لأنه يعلم أن الحاكم العادل يعاقب على السيئات ، ومن يخاف بهذهِ الطريقة جاهل بما ينبغي الخوف منه ، وعلاج الجهل العلم () .
أما من زعم الخوف من الموت لتركهِ الأهل والولد والمال وملاذ الدنيا فذلك لا يجدي عليه الحزن أي طائل لان الإنسان من جملة الأمور الكائنة وكل كائن فاسد فمن أحب أن لا يفسد فقد أحب ألا يكون وبالعكس ولو جاز أن يبقى الإنسان لبقي من كان قبلهُ ولو بقي الناس دون موت لما وسعتهم الأرض ولما استطاعوا العيش في تزاحم وهذا حال من يتمنى الحياة الأبدية ويكون الموت ، إذاً الحكمة البالغة والعدل المبسوط بالتدبير الإلهي هو غاية الوجود ، فالخائف من الموت خائف من عدل الله وحكمتهِ وخائف من جودهِ وعطائهِ .()
ونلخص من ذلك أن بن مسكويه أبطل الخوف من الموت بسبب جهل حقيقته ، وبذلك حفز الفكر الانساني على النظر العقلي في شأن الموت وذلك مما يقلل أو يمحي في نظرهِ خوف الموت بل هو قرن السعادة في الموت بترك متاع الدنيا وإدراكه أن طبيعة الإنسان تنطوي على الحياة والموت بل أن الموت هو جود الهي يهبه للإنسانية وعلى الإنسان ألا يعترض على المصلحة التي ستنالها البشرية بموته وهي عدم تزاحمه في الأرض، ولكن مع ذلك فالخوف من الموت يبقى أعظم مخاوف الإنسان ولذلك أهتم بن مسكويه بعلاج مخاوف الإنسان من الموت حيث كانت من وصاياه الخالدة ترك الخوف من الموت ، ولعل تفصيل أسباب الخوف من الموت لدى مسكويه والعلاجات التي بثها في نصائحهِ الإرشادية ليس مما يجعل الإنسان محباً للموت فكل إنسان ينظر إلى موتهِ بعين ذاتهِ لا بعين المصالح البشرية .
وختاماًَ يتحدث مسكويه عن أهمية تكيف الكائنات وسط ظروف البيئة في خلقها ظروف ذاتية وموضوعية جديدة تمنحها فرصة الاستمرار في الحياة لأشواط جديدة وإلا كان سبيل الإنسان كالحيوان والنبات مصيره الفناء واستحالة البقاء () .هنا يؤكد مسكويه على أهمية التحديات التي واجهها الإنسان في التكيف مع البيئة وقهرهِ لأصعب الظروف في سبيل البقاء والانتصار على أسباب الموت والفناء وهذهِ في الحقيقة غريزة بشرية تدل عليها كل مظاهر الحياة والاحتياطات التي وضعها الإنسان للعيش .
على الضد من مسكويه يؤكد الغزالي ( 450 – 505 هـ ) على أهمية الخوف من الموت ويعتمد في أفكاره من منطلق الشرع والعقل، ففي كتابه إحياء علوم الدين الجزء الرابع وفي الجزء الخامس يذكر الموت وما بعده في بيان الطريق لتحقيق ذكر الموت في القلب " اعلم أن الموت هائل وخطرهُ عظيم وغفلة الناس عنه لقلة فكرهم فيه ، والطريق أن يفرغ العبد قلبه من كل شيء إلا عن ذكر لموت وأشكاله .. وكيف محى التراب حسن صورهم وتبددت أجزاءهم .. والناس إنما لا يستفيدون من الموت ولا يستعظمونه لجهلهم بهِ ولذلك عظم خوف الأنبياء والأولياء من الموت".()
ويرى الغزالي في مقاصد الفلاسفة " إن كل ما ليس له مادة يستحيل عدمه من الوجود .. فالنفس لا تفنى بفناء الجسم مع أنها حادثة بحدوثه ، لكن الجسم كالشبكة التي توقع النفس في الوجود وبعدها لا يُحتاج إلى بقاء الشبكة .. لذا السعادة هي استعداد النفس لقبول فيض العقل الفعال وعندها تنقطع حاجتها للنظر إلى البدن مانع الاتصال فإذا إنحط عنها البدن بالموت أرتفع مانع الاتصال .. وما تحتاجه النفس من البدن هو التقاط المجردات الكلية فهو كالشبكة الموصلة للقصد وبعدها يصير البدن وبال عليها وتكون الفائدة في الخلاص منه .. لذا النفس المتسافلة قد يفوتها بالموت آلة درك الشوق واقتناص العلوم () .
ويقول الغزالي إن أصل الإيمان هو الإيمان بالله وباليوم الآخر ، ولذا انتقد فلاسفة الطبيعة واعتبرهم زنادقة لأنهم ظنوا أن القوة العاملة في الإنسان تابعة لمزاجهِ وتبطلان ببطلانهِ فتنعدم ، وذهبوا إلى أن النفس تموت ولا تعود وجحدوا الآخرة وأنكروا الجنة والنار والحشر والنشر والقيامة والحساب .() ويستند الغزالي لإثبات خلود النفس البرهان الشرعي في قوله تعالى " وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " آل عمران ( 169 ) وقوله تعالى " وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء " البقرة ( 154 ) فالموت هو انقطاع علاقة النفس بالبدن وهي علاقة قائمة على التصرف والتدبير والذي يموت هو الروح الحيواني وهو بخار لطيف ينشا من القلب ويتصاعد للدماغ ومنه إلى البدن عن طريق العروق ويبطل الجسد ببطلان هذا الروح .()
لكن الموت بالنسبة للمؤمن تحفة ويستشهد الغزالي بقول الرسول ( ) " الموت تحفة المؤمن " وتفسير ذلك بأن الدنيا سجن المؤمن ، إذ لا يزال فيها في عناء ومقاساة نفسية ورياضة شهواته ومدافعه شيطانية فالموت إطلاق له من هذا العذاب والإطلاق تحفة في حقهِ .. لذا فان حب الدنيا يمنع القلب من التفكير في الموت وطول الأمل في الدنيا يرجع إلى أن الشاب يستبعد قرب الموت جاهلاً أن المشايخ أقل في الموت منهم () .إذاً محب الدنيا يغفل قلبه عن ذكر الموت وأولئك قال الله فيهم ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ) والتائب يكثر ذكر الموت وينبعث في قلبه الخشية والعارف يذكر الموت دائماً لأنه موعد لقائهِ بحبيبه والمفوض أمرهِ لله هذا لا يختار لنفسهِ موت ولا حياة لأنه وصل الى مقام التسليم والرضا، ويذكر الغزالي في موضوع آخر انه لا يمكن كشف الغطاء عن حقيقة الموت ، إذ لا يعرف الموت من لا يعرف الحياة وهذهِ تتم بمعرفة حقيقة الروح والتي لم يؤذن للرسول ( ) أن يتكلم فيها إلا بقول الروح من أمر ربي ، فليس لأحد كشف سر الروح ولكن المسموح هو ذكر حال الروح بعد الموت .()
وهنا تتضح فكرة الموت عند الغزالي من منطلق أدلة شرعية تذكر الإنسان بأنه كائن ميت ولكن نفسه باقية وستحاسب على ما ارتكبه الإنسان في حياته الدنيا في الجنة أو النار فعلى الإنسان أن يضع الموت نصب عينه وان يبقى في مجاهدة نفسه لكي لا يكون مصيرها الخسران والذل تلك النفس التي جعلها الله على صورته حسب ما يقول الغزالي فهي شبيه بالعالم الأعلى ولأنها فيض من الله وستعود إليه فعلى الإنسان أن يسعى جاهداً لاحترام ذاتهِ بتهذيبها وما أسهل الموت لإنسان أمات مقدماً تبعية النفس للبدن فهذا الإنسان يستوي عنده أمر الموت والحياة ، بينما أدنى مراتب ذكر الموت هو الخوف منه أولاً وبعدها ذكره والاشتياق إليه لأنه يشكل همزة وصل بين العبد والرب وأعلى مراتب ذكر الموت هو أن لا يعير العبد أي أهمية للموت أو التفكير فيه لأنه تذوق فعل الموت بالقناعة بكل حال والرضا والتسليم بكل قضاء . وكانت فكرة الموت من الغوامض التي حركت أفكاره التي نظر إليها الغزالي ن خلال العقيدة التي ترى في الموت رجوع إلى الخالق وتوطئة للحساب .
وعند ابن رشد ( 595 هـ / 1198 م ) أن الموت هو عملية تحول وتبدل وليس الموت فناء وعدم مطلق ذلك أن الطبيعة والعالم أزلي وابدي لا بداية لهُ مثل الله عز وجل ولا بد عند ذلك أن يكون فعله أزلي وابدي لا نهاية لهُ .
فعملية الخلق والتحول والتبدل عملية أزلية أبدية مستمرة في هذا الوجود فالفساد والكون ضروري لإيجاد احدهما الآخر فالوجود في جوهرهِ غير متغير بل المتغير يكون في المكان وأجزائه وهذا الفعل صادر من محرك قديم بقربه وبعدهِ عن الكائنات يكون ذلك سبب فساد وكون الكائن .() ويرى ابن رشد أن الإنسان لم يُخلق عبثاً بل لغاية جليلة هي أن يدرك الكمال في العلم والفضيلة وهذا دليل خلود الروح حيث الإنسان لا يدرك ذلك في الحياة الدنيا العابرة ولا بد من حياة أخرى تعود إليها النفس، فالصلة بين الجسد والروح صلة عابرة ولا بد من حياة أخرى تعود إليها النفس، كما أن الحياة الأخرى هي مكافأة لمن لا يجد مكافأة في الحياة الدنيا على أفعاله الفاضلة ويدعم ابن رشد رأيه بالآية الكريمة " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ" () وابن رشد يعتبر أن المعاد روحي لا جسمي وان الله صور المعاد في القران بمتمثلات حسية ليكون اقرب إلى فهم أبناء العامة كما ورد في القرآن الكريم " نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ " أو " مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ " ويرى ابن رشد أن ظاهر الآيات تصور المعاد انه حشر جسماني وهذا فقط للعامة أما الفلاسفة والحكماء فلهم حرية تأويل الآيات تأويل باطن والمعاد يكون للأرواح .() وقد وضع أبن رشد المعرفة شرط التفريق بين الخالد والفاني فالفاني يعرف الفاني والخالد يعرف الخالد ، فما بهِ تدرك النفس المادة يكون فاسد وما بهِ تدرك المفاهيم المجردة يكون خالد .
من ذلك نستنتج أن ابن رشد يعتبر الموت حدث مستمر ضروري لاستمرار الوجود القائم على ثنائية الموت والحياة وهو حلقة وصل بين عالمين وان الزوال التام لا يوجد ولم يوجد ولن يوجد وكل ما يموت هي تبدلات تصيب المادة في المكان فالشيء لا ينعدم إلى لا موجود ، أما الموت فهو وجود ما ورائي للروح فقط وان الله شبه هذا الوجود بصورة مادية لتكون أقرب إلى أذهان الناس وفهمهم ، وهذا الوجود في الأصل هو روحاني والنفس غير مائتة ( الناطقة ) ، إذاً شارك أبن رشد غيره من الفلاسفة بان العقل خالد كونه مفارق للجسم ومستقل عنه ويشبهه أبن رشد بالضوء مصدرهُ واحد ولكنه ينقسم بانقسام الأجسام والموت هو رجوع النفس لمصدرها الأول .
إن الفكر الإسلامي بشكل عام يتفق على أن الموت هو تحرر النفس من سجن الجسد وهذا التحرر هو أمر بيد الله لذلك لم تخضع فكرة الموت عند الفلاسفة المسلمين لذاتيه في الرأي بل انطلقت أفكارهم بالاعتماد على العقل والشرع وكان الفلاسفة المسلمين حريصين على تدعيم آرائهم بالآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة أو بالرجوع إلى حكم العقل والتسلسل في الأدلة والإثباتات ، فالكل مائت والله هو الحي الذي لا يموت ، ولذلك نهى الفكر الإسلامي عن حب الدنيا ودعا للتفكير بالموت والمعاد لأنه المصير المحتوم والسعادة الأبدية لا ينالها الإنسان مع الجسد بل لابد لنفسه أن تتحرر بالموت الإرادي قبل الموت الطبيعي لكي لا تفوته آلة كسب الطاعات ( الجسد ) وعلى الإنسان أن لا يغفل حقيقته الأسمى (الروح ) وعليه أن يحافظ على قربها من الله لان تسافلها في غمار الجسد لا يجلب لها إلا الويلات والآلام والفناء ، فهي أما في العذاب وهو موت دائم لا انقطاع له أو نعيم دائم ولعل الفكر الصوفي كما سنرى خير دليل على الخوف الباطن من الموت لذا نرى الصوفي يحاول تجريب الموت قبل الموت الطبيعي في محاولة لإفناء ذاته مع الذات الإلهية حسب اعتقادهم .

تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث