معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


الشعر القصصي في القصيدة العربية ,الزهاوي أنموذجاً


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
شيماء محمد كاظم الزبيدي

Citation Information


شيماء,محمد,كاظم,الزبيدي ,الشعر القصصي في القصيدة العربية ,الزهاوي أنموذجاً , Time 06/12/2018 17:26:19 : كلية التربية للعلوم الانسانية

وصف الابستركت (Abstract)


بحث اكاديمي يوضح مفهوم الشعر القصصي في القصيدة العربية واخترت الزهاوي ليكون انموذجا تطبيقيا للبحث

الوصف الكامل (Full Abstract)

الشعر القصصي في القصيدة العربية ,الزهاوي أنموذجاً
ا.م.د.شيماء محمد كاظم الزبيدي
كلية التربية للعلوم الانسانية/ قسم اللغة العربية
المقدمة :-
بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على خير البرية أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين وصحبة الميامين .

وبعــد :-
يعد الشعر القصصي نوعاً بارزاً من أنواع الشعر العربي الحديث اذ جاء هذا الفن صورة واقعية تجسّد جوانب الحياة جميعها وخاصة الجانب الاجتماعي منها ، ويكشف عن امور عديدة اشتمل عليها هذا الجانب الحيوي . علماً أن بداياته كانت محاولات بسيطة جداً وغير مستقلّة عن غيره من الفنون الشعرية الأخرى ، ومنها ما وُجِدَ عند امرئ القيس وعمر بن أبي ربيعة وأبي نواس ... وغيرهم من الشعراء وصولاً إلى رائد هذا الفن الشاعر " خليل مطران " اذ أصبح تجربة ناضجة على يديه ،وبعدها انتقل إلى الزهاوي الذي عدّه بعض النقاد أوّلَ شاعر معاصر مارس الشعر القصصي في عصره حيث جاء شعره القصصي تصويراً حيّاً لما يحدث في الواقع من مآس تستدعي الحديث عنها والتنبيه عليها .
وقد تضمن البحث البدايات الأولى للشعر القصصي وصولاً إلى العصر الحديث وقد جاء انتقاء النصوص في هذا الموضوع لغرض التوضيح لا الحصر ، وتضمن ايضاً شعر الزهاوي القصصي وقد تراوح بين قصيدته الطويلة " ثورة في الجحيم " التي عدّها بعض النقاد ملحمة شعرية ،وشعره القصصي الاجتماعي ،ثم تضمن الخاتمة وقائمة المصادر والمراجع .
أولاً. البدايات الأولى للشعر القصصي في التراث العربي : لا يخلو التاريخ العربي من البدايات الاولى للشعر القصصي إذ استمدّ موضوعاته الواردة فيها من البيئة العربية . ولو " أردنا أن نجزم بأنَّ الشعر القديم غنائي محض فهناك أشكال درامية اتخذت طريق الشعر القصصي بسرد حادثة أو حوادث مع وصف أو إفصاح عن شعور وموقف ورأي،وكان للشاعر أن يطوّر حكاياته لو وجد الدافع أو أدرك أبعاد الأجناس والأنواع الأدبية المختلفة " (1) وقد أكّدَ هذا الأمر ابن طباطبا في الماضي قائلاً: "ليس تخلو الأشعار من أنْ يقتص فيها أشياء هي قائمة في النفوس والعقول ،فتحسن العبارة عنها،وإظهار مايكمن في الضمائر منها فتبهج السامع لما يردُ عليه ،مما قد عَرَفه طبعه، وَقَبلَهُ فَهمه ،فيثار بذلك ما كان دفيناً ، ويبرز على ما كان مكنوناً ،فينكشف للفهم غطاؤه ،فيتمكن من وجدانه بعد العناء في نشدانه(2).
وقد يعيننا فيما نذهب إليه بعض النصوص الشعرية لعدد من الشعراء في مراحل التاريخ الخاصة بهذا الفن ... ومنها :-
قصائد ( امرئ القيس ) التي يظهر فيها ( الحوار السردي ) من الظواهر الأسلوبية الفنية لقصائده مما أضفى على شعره حيوية وحركة ،وكان عاملاً مساعداً في إظهار الأسلوب القصصي في شعره الذي ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة النفسية للشاعر من ذلك معلقته التي " تقوم على حادثة " (3) وقد جاء منها :-(4)
ويومَ دخلتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنيزة فـقـالت لك الويلات إنَّك مُرجلي
تقول وقد مال الـغبيطُ بنا معاً عَقَرْتَ بعيري يا امرأ القيس فانزلِ
فقلت لها سيري وأرخي زمامه ولاتُبعديني عـــن جَنَاك المعلّلِ

نلاحظ إذا ما تتبعنا هذه الأبيات أنها قد ارتكزت على شخصيتين محوريتين هما :-
(الشاعر/ الراوي) والشخصية المتحاور معها محبوبة الشاعر ( فاطمة ) الملقبة ( عنيزة )، أما ( المكان ) في النص فهو من النمط المتحرك لا الثابت متمثلاً بـ (الخدر – الغبيط ) ونحن نعلم أنَّ دلالات المكان كثيرة منها :- ( المكان الأليف والموحش والمعادي والعَتَبَة ) وقد كان مكان المرأة هنا أليفاً آمناً ، لان الخدر والهودج هو المكان المخصص للنساء وبدخول امرئ القيس صار مكاناً معادياً ،وذلك من خلال ما أورده الشاعر في الشطر الثاني من البيت الأول * فقالت لك الويلات إنَّك مُرجلي * خوفاً منها على سمعتها وشرفها من الفضيحة ،أما ( زمان السرد ) فدلّتّ عليه كلمة( يوم ) وهو مرتبط بحدث تمثل بدخول امرئ القيس إلى هودج هذه الفتاة . ويعد الاسلوب القصصي في ابيات امرئ القيس هذه وما تلاها من النوع القائم على فكرة الغزل فهو( شعر قصصي غزلي ).
ونجد مثل هذا الأمر عند الجاهليين من الصعاليك ممن برز الحوار القصصي في أشعارهم وهم كُثُر الاّ أننا سنقتصر على قصيدة لـ ( تأبط شراً ) ،ذلك لما تحتويه قصيدته هذه من نزعة درامية واضحة وكاملة توجزها أبيات غنائية محددة يبدأها(5) قائلاً(6):-
إنَّ بالشعب الذي دونَ سَلْع لقتيلاً دَمُــهُ ما يُطلُّ*
خَلَّفَ اِلعبْ ءَ عليَّ وولّى أنا بالعبْ ءِ لَهُ مُسْتَقِلُّ
ووراءَ الثأْرِ مِنّي ابنُ أُخْت مَصِعٌ* عُقْدَتُهُ مـا تُحَلُّ
وتمثّل قصيدة تأبط شراً نمطاً من الشعر القصصي وهو الشعر القصصي الثوري ( السياسي ) لما فيها من ألفاظ الثأر الدالّة على القتال متمثلةً بـ ( قتيلاً ،الثأر ) وذلك القتال ينشُبُ حين كانت القبائل آنذاك يثأر بعضها من بعض لأمر من الأمور المختلَف عليها.
وفي ( العصر الإسلامي ) نجد أن حركية الحوار السردي تتجلى في قصائد بعض شعراء هذه المرحلة من الزمن ، ومنهم مالك بن الريب في مرثيته التي تُعَدُّ(7) " قصة حياة كاملة من خلال حدث معين ، استطاع الشعر الغنائي أن يحتويها بأبيات وتتمثل قضية الشاعر في تشرده ولصوصيته وبطولاته بما يمكن أن يمدّه بأجواء درامية (...) والصراع القائم بين الاضطراب والنظام والحرية المطلقة والتخلي عنها واللاموقف وما يشبه الانتماء يوصل الشاعر ، بعيداً عن الغنائية ،إلى قصة أو ملحمة أو أداء درامي " (8)
يبدأ الشاعر قصيدته ببث بعض الامنيات عوداً على واديه الذي رحل عنه علماً أنّ تمنيه هذا يرتبط بزمن مضى وانتهى إلا أنه زمنٌ مرتبطًٌ بمكان تمثّل بمربع الطفولة والصبا وهو المكان ( الأصيل ) الذي انتمى الشاعر إليه ( وادي الغضا ) قائلاً في ذلك(9):-
ألا ليت شعري هل أبيتَنَّ ليـلــةً بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا
فليت الغضا لم يقطع الركبُ عرضَهُ ولـيـت الغضا ماشى الركاب لياليا
وقد بنى الشاعر قصيدته على شخصيتين محوريتين هما :( الشاعر نفسه / الراوي) وابنته ،فيذكر ما دار بينها وبينه من حوار قائلاً(10):-
تقول ?بنتي لما رأت طول رحلتي سفارُكَ هذا تاركي لا أباليا
ثم يصف الشاعر في الأبيات التالية زمناً مجتزءاً استشرافياً وهو ساعات ما قبل الموت،وتبرز خلالها شخصيات ثانوية لا محورية يتوقعها الشاعر في الزمن الاستشرافي لما قبل موته وهم ( أصحابه ) قائلاً في ذلك(11):-
صريعٌ على أيدي الرجال بقفرة يسوون لحدي حيث حُمّ َقضائيا
ولما تراءت عند مَرْوَ منيتي وحلَّ بها جسمي وحانت وفاتيا
أقول لأصحابي ارفعوني فإنه يـقـرُّ بعيني أنْ سُهيلٌ بداليا
بعدها تجنح مخيلته إلى وصف زمن استشرافيًّ آخر وهو ساعات ما بعد الموت مصوراً الحدث الذي يرافق زمن وفاته ، وتبرز مع الحدث المرتبط بالزمن شخصيات توقعها الشاعر علماً أن هذه الشخصيات ثانوية ولكنها مهمة للشاعر ولها ادوارٌ أدّتها في الحدث السردي .
وقد قام الحدث السردي في النص الشعري على محورين أولهما : واقعيٌ أدّته شخصيتان تمثلتا بالشاعر وابنته ،والثاني ،متخيَّلٌ : قامت بأدواره شخصيات ثانوية صوّرها الشاعر منطلقاً من مخيلته ومنها :- ساعات ما قبل الموت وما بعده متمثلةً بوقوف الأصحاب والأهل على قبره بعد وفاته ، قائلاً(12):-
وقُوما على بئرِ السُّمينةِ أسمعـا بها الغرَّ والبيض الحسانَ الروانيا*
بأنـكـما خلَّفتماني بــقـفرةٍ تـهيلُ عليَّ الريحُ فيها السَّوافيا*
وبـالرملِ منا نسوةٌ لو شهدنني بـكـينَ وفدّينَ الطبيبَ المداويـا
فـمـنـهُنَّ أُمي وبنتاي وخالتي وبـاكـيةٌ أخرى تهيجُ البواكيـا
نجد أن مرثية مالك بن الريب " تطوي مرحلة الغناء إلى السرد ،ولكن بأسلوب غنائي ايضاً ،وتعرض لحياة الشاعر المتكاملة بلمحات يمكن أن تضمَّ تفصيلات كثيرة ، وتفصح عن صراعه بين حياة الدعة والهدوء والسفر بعيداً إلى غير ما عودة ، وموقفه أمام الموت وتداخل الأزمنة الثلاثة في مخيلته بتشابك اللحظات الحاضرة بالماضي والمستقبل"(13) وإذا ما تقدمنا في ( العصر الإسلامي ) فسنجد أن "شعر هذه المرحلة لا يخلو من العنصر القصصي الذي يعد الحوار من وسائله البارزة ، ومن أكثر الشعراء العرب القدامى في هذه المرحلة الزمنية احساساً بضرورة الحوار في الشعر ،وتأكيد المنحى القصصي بحدود ما يرسمه الشعر الغنائي ( عمر بن أبي ربيعة ) إذ يتضح في شعره الحوار القائم على القول ومشتقاته"(14) حتى يخيل إليك أنك تقرأ قطعة تمثيلية تطالعك بأحاديث الحب( ... ) فقد وسّع عمر نطاق الحوار ولم يقصره على شخصين ،وأكثر منه في غزله " (15) قائلاً(16):-
وبتُّ أنـاجي النفس: " أين خباؤها؟ وكـيف لِما آتي من الأمر مَصدَرُ؟ "
فــدلَّ عليها القلبَ ريّــا عرفتها لها ، وهوى النفس الذي كاد يظهُر
فلـمـا فقدتُ الصوتَ منهم وأُطفِئتْ مـصـابيحُ شُبّت في العِشاءِ وأنورُ
فـحَـيّـيـتُ إذْ فاجأتُها، فتوَلّهَتْ، وكـــادت بمخفوضِ التحيّةِ تجهَرُ
وقـالتْ وعضَّتْ بالبنانِ: " فضحتَني! وأنـت امرؤٌ، ميسورُ أمرِكَ أَعسَرُ! "
" فــو اللهِ ما أدري أتعجيلُ حاجـةٍ، سَرَتْ بك، أم قَدْ نام من كنتَ تحذرُ؟ "
فقلتُ لها : " بل قادني الشوقُ والهوى إلـيـكِ ، وما عينٌ من الناس تنظرُ "
في أبيات الشاعر هذه نجد أنَّ هناك صراعاً قائماً بين الشاعر وذاته النزّاعة إلى ملاقاة الحبيبة من جهة والشاعر والرقباء من جهة أخرى وهو صراعٌ نامٍ إلى القمة تحدث الانفراجة فيه بمجيء الليل ، وإغفاء العيون واخيراً ملاقاة الحبيبة .
• وفي ( العصر العباسي ) يوافينا أبو نواس بعناية واضحة بالحوار في شعره اذ " يروي قصصاً وحكايات ذات مدًى محدود تدور في حانة ارتادها وأصحابه فشربوا الخمر ( ... ) ويلخص الشعر الغنائي تلك التجارب بأبيات أو ينقل لنا الأخبار بأسلوب مختصر سريع وكأنه يود أن يفضي بنتيجة ما حدث وليس بتفصيلاته الحية
• التي تكسب التجربة بعداً أدبياً درامياً (...) ولأبي نواس في بعض قصائده مواقف
قصصية شعرية قصيرة " (17) ومنها قصيدته ( روح ) قائلاً فيها(18):-
هذا قِناعُ الَّليْل مَحْسورُ فاشْرَبْ فقد لاحَ التباشيرُ
سُلافةٌ لم تَعْتَصرها يَدٌ ولـم تُدَنَّسْها الاعاصيرُ
كريمةٌ أصـغرُ آبائها إن نُسِبَتْ كِسْرى وسابورُ
إلى أن يصل قوله(19):-
طوى عليها الدَهْرُ أيّـامَهُ وعُـمَّيَتْ عـنـها المقاديرُ
فلم تزل تخلُصُ حتـى إذا صَارَ إلى النصفِ بها الصَّيرُ
جاءت كَرُوحٍ لمْ يَقُمْ جَوْهَرٌ لطفاً بــه ، أو يُحْصِهِ نُورُ
يُسْقيكها مُختَلَقٌ ، مـاجِنٌ مـعــوّدٌ للسَّقي ، نحريرُ
وهكذا يسترسل الشاعر في أبياته معتمداً الحدث الخالي من الصراع وهو ما يكون حكاية حال(20) ، أما الشخصية فقد وردت منفردة متمثلة بـ(الشاعر /الراوي).
لا نجد عند أبي نواس عناية كافية بعناصر البناء الدرامي على مستوى الشعر القصصي ،وعلى الرغم مما الحقه ابو نواس بالشعر العربي من عنايه مهيمنه يبرز لنا شاعرٌ آخر وهو ( أبو تمام ) نكتفي معه بأن نشير إلى أنّه " واحدٌ من أقرب الشعراء العباسيين إلى الروح الدرامي في بعض قصائده " (21) و " كان أحياناً إذا وقع على الفكرة المجردة صاغها في إطارها التجريدي أولاً ثم حاول أن يجسمها في صورة حسية "(22) ولولا " غلبة الغنائية على الشعر العربي ، ودواعيها وأسبابها واستثمارها أحياناً لغايات غير فنية لكان أبو العلاء شيخ الدراميين في الشعر،ولاتخذت سيفيات أبي الطيب قبله منحىً درامياً واضحاً ،وحياة المتنبي بأحداثها الكثيرة ، يمكن أن تصبح نواة لعمل درامي ضخم والى جانبه شعراء آخرون " (23) علماً أن هذه الغنائية قد استحالت صفة أكثر منها نوعاً خلاصتها الحماسة والانفعال الشخصي ، وهي قد تكون في نوع خاص هو الشعر الغنائي وقد تضعف فيه لتقوى في أنواع أخرى في الملحمة أو الدرامة ، لأن الشعر الغنائي لم يعد مقصوراً على

التجربة الخاصة كما لم يعد مرتبطاً بها بشكل خاص(24).
• أما في العصر ( الأندلسي ) فيطالعنا ( يحيى بن الحكم الغَزَال ) أكبر شعراء الأندلس في القرن الثالث الهجري إذ نلمس في أشعاره(25) "ميله إلى السرد القصصي ، والتصوير الواقعي ، فاهتم بالبسط والوصف والتحليل ، فجاء شعره هيناً ليناً عليه ميزة الفن القصصي والعميق في آن واحد "(26)
ومن شعره القصصي وصفه لفتاة تميل نفسها حباً إلى الشباب ولو كان معدماً وتعرض عن الشيخ ولو كان ثرياً وذلك من خلال حديث بين الفتاة وأبيها الذي أراد تزويجها من شيخ طاعن لكنه ثري(27) قائلاً على لسان شخصيته الواردة في قصيدته القصصية(الفتاة) (28)
وخـيّرهـا أبوها بين شيخ كثير المال أو حدث فقير
فقالت : خطتا خَسْفٍ ،وما إن أرى من حظوة للمستخير
ولـكن إن عزمت فكل شيء أحبُّ إلي من وجه الكبير
لأن الـمرء بعد الفقر يثرى وهذا لا يعود إلى صغير!
ونرى في هذه الأبيات تخفّي الشاعر وراء شخصيته ( الفتاة ) فهي التي تسرد حوارها مع أبيها ومعاناتها الداخلية مما يُعرض عليها وشاعرنا في خلال ذلك محايدٌ إلا ما أورده في البيت الأول إذ أعطى مقدمة لقصيدته القصصية(29)
أما الشخصيتان الواردتان في نصه الشعري فهما شخصيتان نمطيتان ربما نجدهما في كل زمان ومكان (30) ، وقد مارست شخصية الفتاة تأثيراً كبيراً في الشاعر فمال إلى التحليل في تصوير الصراع الذي اخذ يتنامى في دواخلها انتهاءً بالارتباط بمن تحب وهو الشاب المعدم تاركةً الشيخ الغني . وتعد قصيدته القصصية هذه تُعَدُّ نقداً للمجتمع من نواحٍ عديدة كاشفاً من خلالها عيوب مجتمعه وموجهاً سهامه لكل منحرف عن جادة الصواب ،موقّفاً نفسه لمعالجتها بأسلوب قصصي مشوق .
• وفي العصر الذي تلا العصر العباسي وهو العصر المملوكي ظهر الشعر القصصي عند الكثيرين ومنهم ( صفي الدين الحلي 677 – 750 )(31) وفي هذا العصــر " انحسر جانب الغزل انحساراً شديداً – فيما عدا الشذرات – ونما جانب السرد الجهادي الإسلامي ، سواء في وصف بعض معارك الفتوح والانتصارات العسكرية،أم في تقصي مراحل الجهاد الإسلامي الأول ومحطات السيرة النبوية ،في قصائد المدح النبوي " (32) ومما جاء في النوع الأول مشهد سردي متواضع يمثّل مقطعاً فخّرياً لصفي الدين الحلي يتحدث فيه - على خلاف الشعراء في هذا الجانب عن نفسه حينما يشارك خاله صفي الدين أبا المحاسن في قتاله الضاري لأعدائهما من آل أبي الفضل ويصف مشاركته الهجومية التي حققها بفضل حصانه الأغرّ وصارمه وعزيمته التي ضجّت بها الرجال(33).. قائلاً(34):-
وافـيـتُ في يوم أغرَّ مُحَجَّلٍ أغشى الـهـيـاجَ على أغرَّ محجّلِ
ثـار العجاجُ فكنتُ أوَلَ صائلٍ وعَلا الـضــرامُ فكنتُ أولَ مُصْطَلِ
سَلْ ساكني الزوراءِ والأمَمَ التي حَضَرتْ ،وظلّلـهــا رواق القَسْطلِ
مــن كان تمَّمَ نَقْصَها بمسامِهِ إذ كــــلُّ شاكٍ في السلاح كأعْزَلِ
تُـخـبرْكَ فرسانُ العريكة أنني كـنـتُ المُصلَّـــي بعد سَبْق الأول
ومما جاء في شعره القصصي في موضوع الغزل " حكاية لقائه بمحبوبه بعد طول انتظار وتَمَنُّع ،ثم يخرج فيه عن قص خبر اللقاء إلى مراحل العناء والسفر ،بل اكتفى بذكر اللقاء وقضاء حاجة القلب ،لعل ذلك من خيال الشاعر ومستلزمات التقديم الغزلي لمعظم قصائد المدح الشعري التقليدي"(35) قائلاً (36):-
لـم أنْسَ ليلةَ زارني ،ورقيبُهُ يُبدي الرضا،وهو المغيظُ المُحنَقُ
وافى ،وقد أبدى الحياءُ بوجهِهِ مــاءً ،له في القلب نارٌ تُحْرِقُ
أمسـى يعاطيني المُدامُ ،وبيننا عَتَبٌ ألـــذُّ من المدام وأرْوَقُ
حـتى إذا عَبَثَ الكرى بجفونِهِ كان الوسادةَ ساعدي والمِـرْفَقُ
عـــانقتُهُ ،وضممتُهُ ،فكأنه مــن ساعديَّ مُطوَّقٌ ومُمنْطقُ
حـتى بدا فَلَقُ الصباح ،فراعَهُ، إنَّ الـصـباحَ هو العدوُّ الأزرقُ
إذا ما قارنّا بين الأبيات الأولى للشاعر وأبياته الثانية من حيث ( اللغة ) فإننا لا نجد بينهما فرقاً سوى الاتجاه ونوع الحرارة(37) فـ "اللغة واحدة : حارّة لدرجة الإبادة في الحرب .. حارّة أيضاً لدرجة الانتعاش في الحب"(38). وقد تضمن مشهد الشاعر زمناً سردياً وهذا الأمر يدلّ على أنَّ الحدث قد وقع ليلة زيارة المحبوب له ونجد أنّ الحدث في النص قد تضمن فعلاً حركياً متنامياً أجج أواره الأفعال المتقاطعة على نحوٍ أفقي بين المضارع والماضي نحو ( يعاطيني المدام وعبث الكرى وعانقته وضممته ).
وللشاعر شعر قصصي قائم على الطرفة والفكاهة ومنه حوارٌ متخيَّلٌ دار بين الزنبق وبقية الورود جاء فيه(39)
قـــد نشرَ الزنبق أعلامه وقال : كل الزهر في خدمتي
لو لم أكنْ في الحسن سلطانه مــا رفعت من دونهم رايتي
فـقـهـقـه الورد به هازئاً وقـال : ما تحذر من سطوتي
قــال له السوسن:ماذا الذي يـقـوله الاشيب في حضرتي
وامـتـعضَ الزنبق في قوله وقـــال للأزهار : ياعصبتي
يـكون هذا الجيش بي محدقاً ويــضحك الورد على شيبتي
فحين تتأمل هذه الأبيات تشعر وكأنك أمام صراع قائم بين جبهتين متقاتلتين الأولى: تشكلها شخصية ( الزنبق ) والثانية تشكلها ( بقية الورود) ،فنجد أنّ حدّة الصراع هذا أخذت بالتنامي وصولاً إلى الذروة(40) المتمثلة بغضب الزنبق وطلبه من الأزهار الأخرى ممن يشكلنَ عصبة له أن تأخذ بثأره ممن يهزأ به ضاحكاً على شيبته ،والشاعر في كل ذلك نجح في انسنة الطبيعة بما فيها من أنواعٍ للورود .
• وبانتقالنا إلى ( العصر الحديث ) سنجد الشهر القصصي الناضج بمفهومه الحديث المتطور عند جماعة أبولو " فقد نظموا كثيراً من الشعر القصصي الذي يرتفع في مستواه الفني إلى درجة محمودة ، ومن هؤلاء عثمان حلمي في (البخت النائم ) واحمد زكي أبو شادي في ( دانيال في جب الأسود ) ومختار الوكيل في ( الدخيل المعتدي ) وعامر البحيري في ( ظلامة السدّ ) وهذه النماذج من الشعر القصصي وغيرها من النماذج المتمثلة بالشعر التمثيلي ايضاً هي التي سجلت لهم مواقف الريادة في مجال تجديد القصيدة الحديثة .وصحيح أنَّ معظم هذه النماذج قد سبقوا إليها إلاّ أن تلك المحاولات السابقة كانت فردية أو أنها كانت قليلة بحيث لم تشكل ظاهرة فنية"(41) وقد استوت تجربة الشعر القصصي ناضجةً على يد رئيس هذه الجماعة ( خليل مطران ) الذي ترأسها بعد وفاة ( شوقي ) رئيسها الأول(42). ولقد " اغرق خليل في هذا النوع من الشعر وأسرف فيه وربما اختص به على سواه".(43)
وقد أكثر ( مطران ) من نظم القصائد المطوّلة التي تكون بنفس غنائي واحد منها
قصيدته( بين عاشقين ) التي يجمع النقاد على أنها قصة الشاعر الخاصة(44) ، والتي
عدّها ( د.محمد مندور ) بأنها سلسلة قصائد جمعها تحت عنوان واحد(45) ، نذكر
منها جزءاً من مقطع ( صعدة منطاد – حضرها العاشقان) قائلاً فيها(46):-
وَدَدْتُ لو اَنَّ منطـــاداً خفيفاً
تَـحَـمَّلـنا إلــى أوْج العَـلاء
وأطـلقـنـا فَـرُحنا في عِـناق
طوال الدّهر في عرْض الـفَضاءِ
كَــفَـرخَيْ طائرٍ رُفـِعا فطارا
لأوّل مـــــرَّةٍ خَللَ الهواءِ
بأجْنِحَةٍ ضـعــــافٍ شَدَّدَتها
مُــمـــالأةُ الصَّبابَة والرَّجاءِ
إلى أن يقول(47):-
وذاقـا للهوى سُكْراً عجيبـاً
طِلاهُ مـِنَ الطّلاقَة والضَّيـاءِ
لَدُنْ شَمْسُ النّهار تَسيلُ حُـباً
وتَسْقِي الطَّيْرَ في كأس السَّمَاءِ
وقد انتزع الشاعر موضوعات قصائده من منبعين : الأول :- الحدث المستقى من
التاريخ كما في قصيدته ( نيرون ومقتل بزرجمهر)(48). والثاني:- من واقع ما يجري في الحياة ،فلا يكاد يسمع حكاية من حكايات الناس إلا ويضطرب بها وجدانه وينسج حولها ( قصيدة قصصية)(49) ، وقد كانت قصائد موحّدة من حيث المبدأ الفني التي تنتمي إليه .إلاّ إنّها ذات اتجاهات مختلفة تتمايز فيما بينها بالنسبة لغاية الشاعر ومواقفه وهمومه(50) ، فهناك القصص العاطفي ومنها قصيدة وفاء والوردة والزنبقة(51) والقصص الأخلاقي ومنها: قصته الطفلان(52) والقصص الذي يأخذ منحى الفكاهة والنكتة ومنها قصة يوسف أفندي(53)،وغير ذلك من القصائد القصصية التي كان مطران يرتكز على الواقع في مجملها،ويلتقطها بوجدانه ويفيض على أبطالها من معانيه الإنسانية ، وهذا الأمر يؤكد لنا أصالته الشعرية في جانب ،وغناه بالتجارب الإنسانية في جانب آخر(54) وبعد خليل مطران يتوالى ظهور الشعر القصصي في دواوين شعراء العصر الحديث ومنهم : الزهاوي والرصافي ، وغيرهم ممن عاصروهم ونظموا على غرار نتاجهم ونتاج من سبقوهم شعراً جيداً(55).
ومما لا يخفى ذكره أن لشعراء ( المهاجر ) شعرا قصصياًً أحرزوا نجاحاً فيه وذلك من خلال إبداعهم في فن الرسم بالكلمات لفكرة بأكملها يبرزونها في أبهى حلّة ،وغالباً ما يكون للحوار فيه نصيب ،ومع أنّ القصة في الشعر لا تجود لعدم استيفائها لعناصرها الفنية فيه, حاولوا وأحرزوا نجاحاً في محاولاتهم تلك حتى في محاولة إحكام العقدة في القصة المصوّرة بالكلمات ، وربما خالطتها بعض الصور الجزئية عند الحاجة إلى تجسيم المعاني ، وقد رافق ذلك الجمال التصويري الذي أورده الشعراء في أقاصيصهم فجاء في سياق قصصي مشوّق يدفع إلى اللهفة وحب المكاشفة عن المجهول الأمثل ،والذي استغله الشاعر بوصفه عقدة للقصة ولم يكشف عنه اللثام إلا في النهاية بوصفه حلاً للعقدة(56).
ومما ورد في ذلك إبداع ( أبي ماضي ) في قصيدته ( هي ) التي يبدأها على نحوٍ قصصي ،مصوّراً حاله فيها وقد ضمّه مجلس شراب لنخب الأحبة ،وقد سأله مَنْ في المجلس عن محبوبته(57) ،قائلاً(58):-
أروي لكم عن شاعرٍ ساحرٍ حـكـايـةً يُحمَدُ راويها
قـال : دعا أصحـابَهُ سَيّدٌ في ليلـة رّقت حواشيها
فانتظمت في قصره عصبةٌ كـريـمةٌ لا واغِلٌ فيها
من نبلاء الشعب سـاداتُها وخـيرة الغيد غوانيها
حتى إذا ما جلسـوا كلهم وطاف بالأكواب ساقيها
قامَ أميرُ القصـر في كفّهِ كـأسٌ أعارتهُ معانيها
وقال :ياصحب على ذكركم أمـلأها حبًّا وأحسوها
وذكــر من قلبي عبدٌ لها ومهجتي إحدى جواريها
حبيبتي " لـمياء " سميتها ولــم أكن قبلاً أسميها
ويستمر الشاعر في سرده للقصة إلى أن يصل إلى سؤالهم له عمّنَ يهواها قلبه(59):-
وأنتَ ؟ قال الصحب واستضحكوا هــل لك حسناءٌ نحييّها ؟
قـــال أجل : اشرب سِرَّ التي بــالروح تفديني وافديها
صـــورتُها في القلب مطبوعةٌ لاشيء حتى الموت يمحوها
قـــــد وهبتني روحَها كلّها ولـــم تَخَفْ أني أضحّيها
سِــرَّ الـتـي لا غادةٌ بينكم مهما سمت في الحبّ تحكيها
مسترسلاً في وصف محبوبته معتمداً في إنماء الصراع داخل حدثه السردي وصولاً إلى الذروة على ما يشبه اللغز أو الأحجية الموجهة للأصحاب ، وكانت نتيجة ذلك أن أجفل الصحب منه وغضب من في المجلس واستعد فتيانه لرده بسيوفهم ،فانبرى ربُّ الدار للأمر فضَّا للنزاع مصوراً الشاعر حاله(60):-
فصاحَ ربّ الدار: ياسّيدي وصفتها ، لِمْ لاتسمّيها
أتخجلُ باسم من تهوى ؟
أحسنــاءٌ بـغير اسم ؟
فـــأطرقَ غير مكترثٍ
وتـمتمَ خاشعاً ... أمّي !؟
ومن خلال قراءتنا لهذه الأبيات نجد أن لكل شخصية وردت فيها أثراً في تصعيد الحدث القصصي للقصة الشعرية بأكملها.
وعلى هذا النهج الذي اتبعه أبو ماضي في قصصه الشعري سار جبران خليل جبران ونسيب عريضة وميخائيل نعيمة .. وغيرهم من الشعراء(61).
ثانياً: الشعر القصصي عند الزهاوي :ورد الشعر القصصي عند الزهاوي على محورين: الأول : القصيدة الطويلة ( ثورة في الجحيم ) التي عُدّت من الملاحم ،والملاحم - كما نعلم – هي نوع من الشعر القصصي الذي يقوم على خوارق الأمور، وهذا ما سنورده لاحقاً من خلال تدرجنا في البحث ... والثاني :- الشعر القصصي الاجتماعي الذي يعد شكلاً من أشكال القصيدة الطويلة .
فـ(القصيدة الطويلة ) :- هي نوع من القصائد التي أخذت مكانها في العصر الحديث فتعد من جهة تطوراً للملحمة الأدبية(62) التي يكتبها مؤلفها تحت سيطرة فكرة خاصة به وحرص شديد ينبع من رغبته في مجيء موضوعاته متماسكة كي تقوى فكرته معها(63).
علماً أن الملحمة على رأي د.عز الدين إسماعيل ما هي إلاّ "شعر قصصي طويل"(64) ويراها د.محمد مندور " قصة شعرية بطولية قومية تقوم على خوارق الأمور، وتختلط فيها الحقائق بالأساطير وتتغلغل العقائد الدينية والروحية في حناياها "(65) وهو ما سنراه لاحقاً في قصيدة الزهاوي الطويلة (ثورة في الجحيم ) أو كما عّدها بعضهم ملحمته الشعرية .
ومن جهة أخرى تعد تطوراً للقصيدة الغنائية ذات المنحى العاطفي الصرف بعد تركها بدايتها الغنائية العاطفية(66) وتتألف القصيدة الطويلة " من حشد كبير من الأشياء الجاهزة التي تعيش في واقع الشاعر النفسي ، وتتجمع وتتضام ويؤلف بينها ذلك الخلق الفني الجديد ليخرج منها عملاً شعرياً ضخماً ،فأنت تجد فيها الخرافة والحقيقة والقصة والواقعة والزمن والخبرة الإنسانية والمعرفة ،أو لنقل تجد فيها آفاقاً فسيحة متعددة من الحياة "(67) وقد اتخذت أشكالاً متقاربة في قصائد الزهاوي منها : القصيدة ذات اللوحات – التي سيرد ذكرها في الشعر القصصي الاجتماعي عند الزهاوي – والشكل الآخر القصيدة الطويلة المتماسكة غير المقطعة إلى لوحات – ونحن بصدد الحديث عنها – ولا يُعد الطول قياساً لهذا التصنيف ، بل البناء المعماري لها ، وطبيعة التجربة الشعرية(68).وقصيدة الزهاوي الطويلة(ثورة في الجحيم)تنتمي إلى الشكل الثاني من أشكال القصيدة الطويلة المتماسك الأجزاء غير المقطّع إلى لوحات متعددة وقد عّدها بعض النقاد(رحلةً خيالية) ذلك لأن الشاعر يرحل فيها بخياله إلى العالم العلوي واصفاً لنا مشاهداته وخوالج نفسه(69).
أما البعض الآخر فقد عدّها ملحمة شعرية معلّلين ذلك أنّ فيها بعض خصائص الملاحم من حيث موضوعها الذي عالج مسألة النزول إلى العالم الآخر(70) .فهي أشبه بـ (الأوذيسا ) أو أي ملحمة أخرى ،وقد نظمها متأثراً من ( الجانب الغربي ) بـ ( الكوميديا الإلهية ) لدانتي(71) وبـ ( فكتورهوجو) في روايته( الله ، نهاية الشيطان ) وبـ ( شاعر الأتراك الكبير عبد الحق حامد ) في فلسفته عن الوجود والفناء التي ضمنّها كتبه(72) ، أما من ( الجانب العربي ) فقد تأثر برسالة الغفران للمعري والقصص الديني الأسطوري(73) ، وقد اطلع على ذلك كله من خلال ما كتبه الفيلسوف التركي ( رضا توفيق )(74) .
وقد " استوحى السبيل العامة التي انتهجهاً واستوحى كثيراً من التفاصيل ،ولكنه برع في بث آرائه في الاجتماع ،وثورته على التقاليد التي ظنّها الكثيرون من أصول الدين وصوّر ما أخذ به الناس في هذه تصويراً أسبغ على ملحمته رواءً فنياً ،وأسلوباً ساخراً مؤثراً "(75) أما ( موضوعها ) فقد جاء فلسفياً بثّ فيه الشاعر معتقداته الدينية وآراءه الفلسفية .(76) ونرى أن نفس الشاعر القصصي قد سار في مقاطع قصيدته كلها ومن ذلك أبيات من مقطع له يصوّر فيها حواراً خارجياً دار بينه وبين فتاة فُرَّقت عن حبيبها اسماه ( حوار بينه وبين ليلى في الجحيم) قائلاً فيه :-(77)
كنت أمشي فيها فصادفت ( ليلى) بين أتراب كالجمان تسير
فــوق جمر يشوي ونار تلظى وأفــاع في نابهن شرور
وعـيـون الحسناء مغرورقات بـدموع فيها الأسى منظور
قلت مــاذا يبكي الجميلة قالت أنا لا يبكيني اللظى والسعير
انـمــا يـبكيني فراق حبيبي وفـراق الحبيب خطب كبير
ومن الملاحظ أنّ هذه القصة الشعرية قد اشتملت على ( مكانٍ ) متمثلاً بالآخرة وله دلائل على ذلك ومنها عنوان المقطع ( ليلى في الجحيم ) وألفاظ مقتبسة من القرآن الكريم دّلت على ما تتألف منه منازل الآخرة وهي ( الجمان والجمر ونار تلظى وافاع والسعير ) ، أما ( الزمان ) فهو مستقبلي ( استشرافي ) أُسس بناؤه في مخيلة الشاعر .
وهذا النمط من السرد يسمى ( السرد السابق ) الذي يقوم على التنبؤ بالمستقبل(78). ونلاحظ أن الشاعر(الراوي)يمثل شخصيةً محورية في نصه السردي وهذا النوع من السرد يسمى بـ ( المتجانس )والشاعر في هذا النمط(المتجانس)
يقوم بدور بطولة قصته الشعرية(79) .ونلاحظ كذلك أنّ السياق الذي وردت فيه الأبيات يُعَدُّ كسراً لتوقع المتلقي ،ذلك لان المتعارف عليه أن البشر يتألمون لما يصيبهم في الآخرة ( الجحيم ) من شدّة العقاب ومن النار وأنواع العذاب ،أما ليلى الزهاوي هذه فتُطالعنا بما قد لايخطر على بال أحدٍ في تلك اللحظات وفي ذلك المكان؛أما ما تطالعنا به فهو الحب والبكاء من الم فراق الحبيب!؟
أما الشعر القصصي الاجتماعي عنده فهو " شكلٌ من أشكال القصيدة الطويلة ذات اللوحات أو ما تسمى أحياناً بالقصيدة العنقودية وفيها لا يقدم الشاعر تجربته الضخمة دفعة واحدة وعلى نَفَسٍ شعري واحد ووتيرة واحدة بل عبر لوحات يلجأ أحياناً الشاعر لوضع عناوين فرعية لهذه اللوحات "(80)
وقد صوّر الزهاوي فيه العديد من مشاكل المجتمع ومآسيه متخذاً هذه الموضوعات مادةً له في شعره القصصي،وقد ضمّنها بين الحين والآخر ما كان يرمي إليه من أهداف سياسية واجتماعية وتوجيهية(81) .وقد كان للشاعر فيه " آراء حرّة جريئة حطّم فيها التقاليد وثاربها على الاستبداد والظلم غير ناسٍ المرأة شريكته في الاضطهاد(...)ونظر الزهاوي إلى الحياة من وجهها المبهج المنير حيث الحب والحياة والهوى والشباب ولكن غريزته ونفسه الحزينة الكئيبة تأبيان عليه إلاّ أنْ يحشو في قصائده القصصية الآلام فتبدو مثقلة بالأحزان"(82) .وللزهاوي في ديوانه الأول ( الكلم المنظوم ) مجموعة من القصائد رسمها بلون قصصي استخدم فيه أحداثاً خيالية ورسم الشخصيات والعقد والنهايات مع طبعها بشيء من الحوار في القصيدة،وهي(أرملة الجندي وسليمى ودجلة وإلى فزان ومقتل ليلى والربيع وبكى على نفسه وناحا وسعاد بعد زواجها والغريب المحتضر )،ثم أضاف إليها مجموعة أخرى في ديوانه الذي نشره عام1924وهي:(أسماء وطاغية بغداد وعلى قبر أبنتها) أما في ديوانه ( اللباب) فلم يُعثر إلاّ على قصيدة واحدة من هذا اللون هي
( الوصمة السوداء ) وإلى جانب ذلك هناك قصائد نلمس فيها الجو القصصي غير المتعمد مثل ( يا ذكاء و يا أم كلثوم و تحت التراب ربيع )(83) .
ويمكننا أن نتعرف بعضاَ من هذه القصائد التي شكلت النزعة القصصية عنصراً بارزاً فيها ، رغبةً منا في معرفة طائفة من الموضوعات التي عالجها الشاعر من جهة ، وتعرف مدى النجاحات التي حققها في هذا النمط من الشعر وذلك من خلال عرضنا لمضامين طائفة من هذا الشعر القصصي الذي ورد في ديوانه .. ومنها :-
• قصيدته ( أسماء ) : وتصوّر هذه القصيدة القصصية( شخصيةً ) تُعَدُّ رمزاً لكل امرأة يمارس ضدها العنف الاجتماعي بمضامينه المعقدة المتداخلة ومن ذلك حرمانها من أبسط حقوقها ،ومن البسيط هذا رأيها في الزواج وإفساح المجال أمامها للتعبير عن قناعتها بالشخص المتقدّم لخطبتها .
ومضمونها قصة فتاة تُزوَّج برجل أكبر منها سناً وله ثلاث نسوة أُخرغيرها ،إلاّ أنّ هذه الفتاة كانت تحب شاباً اسمه ( نعيم ) ولكن أنّى للحب أن يعيش وسط الأطماع(84) إذ ينشب صراع بينها وبين والديها المحبين للمال والطمع ،ويتنامى هذا الصراع حتى يبلغ الانفراجة المأساوية بانتحار الفتاة وقتلها لنفسها بالسم ،ولا ينتهي المشهد إلى هذا الحدّ ، إذ يصاب الحبيب على أثرها بالمرض فيموت هو ايضاً ، وبذلك تتحطم آمال الشابين بالحياة السعيدة بسبب الطمع وحب المال(85) ،ومما جاء فيها(86):-
وقد زوجـوها وهي غير مريدة بشيــخ كبير جاء بالمال يُطمَعُ
وفــي الدار أزواج له غير هذه ثــلاث فَوَدَّ الشيخُ لَوْ هُنَّ أَرْبَعُ
أللشيخ تهدى وهي ترغب في فتى يسمى " نعيماً " نور خديه يسطع
فــتى هو يهواها وينزع نحوها كـمـا هي تهواه ،كما هي تنزع
وقد أخبروه الأمر فهو من الأسى سـقـيـم وما فيه المداواة تنجعُ
والقصيدة طويلة توضّح تفصيلاتها الابيات التي سبقت ذكر الأبيات في اعلاه ومثلما رأينا نشأة الصراع ونماءه وأحداث ذلك الصراع ،نرى قدرة الشاعر على استبطان ما في سرّ هذه الفتاة ، إذ استبطن الشاعر شخصيتها ليفصح عن رغباتها وما تكنه أعماقها وقد طرح الشاعر هذا الأمر عن طريق الاستفهام وقد خرج هذا الاستفهام لغرض بلاغي في البيت الثالث وهو ( الإنكار التكذيبي ) وأحياناً يسمى الإنكار الابطالي ، وعندما يقع في المستقبل يأتي بمعنى ( لن يكون ) أما إذا وقع في الماضي يأتي بمعنى ( لم يكن)(87) وهنا الاستفهام قد وقع مع المضارع المبني للمجهول وهو اسلوب يدلّ وبشكل قطعيًّ على نفور الفتاة من الشيخ وإن كان غنياً ،ويدل ايضاً بناء الفعل للمجهول على مجهولية الحياة التي ربما قد تتوفر للفتاة لو قبلت بمثل هذا الزواج،وهل يمكن أن تحظى بالسعادة مع الشيخ أيكون نصيبها الذل والتعاسة .فجاء ما يؤكد هذا الخاطر بأسلوب خبري من خلال استخدام ( الجملة الاسمية ) جملة ( وهي ترغب في فتى ) التي يدلّ الخبر معها على ثبوت شيء لشيء. أي ثبوت الرغبة القائمة في الحب بين الفتاة وحبيبها نعيم .
• وتحكي قصيدته القصصية( طاغية بغداد ) التي نظمها إثر عزله من وظيفته في مدرسة الحقوق مهاجماً بها الوالي ( ناظم باشا ) ما وصلت إليه الأطماع ومايؤديه المال والقوة من الأدوار في هذه الحياة الصاخبة . فهذا طاغية استغل قوته وبطشه وعظمته ونفوذه ليستحوذ على عفاف فتاة جميلة لكنها تمنعت ودافعت عن شرفها فكانت النتيجة غضب الزعيم القوي النفوذ وبطشه بمن تحت يده من أنصار هذه الفتاة لكنها هربت وعاشت مترهبة في دير(88) ومما جاء فيها(89) :-
جاء عجزاً يزري وجاء اقتداراً وتردى شناعة وفخارا
عامـل الناس بالعدالة والظلم فكانوا يلقون نوراً ونارا
جــرّ عِزًّا إلى العراق وذُلاَّ وحـيـاة لأهله وبوارا
مسترسلاً الشاعر في مقطعه هذا والمقاطع التالية له على هذا النمط القصصي.ومن ذلك قصته مع فتاة اسمها ( سارة ) من بغداد يسرد الشاعر قصته معها قائلاً(90) :-
رام هـتكا لمـــا تصون فتاة كسبت في أمر العفاف اشتهارا
رام شـيــناً لبنت بغداد يزري فغلى الشعب شعبها أن يغارا
بنت قوم لم يدنس العرض منهم بقبيح هم من سراة النصارى
إسمها ( سارة ) وتلك فـتــاة رزقـت صيتا طبق الأقطارا
إلى أن يصل إلى مقطع قصصي آخر يصوّر فيه حادثتها قائلاً(91):-
شاء تزويجها بخادمه فانـــــــــــتهرته فلازم الإصرارا
كان من قصده التمتّع سّراً واقتراح التزويج كان جهارا
ثم يصل إلى سرد حادثة فرارها نتيجة الضغط الواقع عليها من قبله ،فيمثل ( الفرار ) بؤرة مركزية تتصاعد معها الأحداث مع صراعاته المتنامية اَناً فآنا قائلاًَ الشاعر في ذلك(92) :-
سجن الخادمات وانتهر الجيــــــران عنها وهّدد الأنصارا
أنكرت لما أتى المروءة والدســــتور والعدل والحجى إنكارا
أوجست خيفة ،تغير منها وجهها فاكتسى البياض اصفرار
هجرت للنجاة موطنها المحــــــبوب والمال كله والعقارا
هجرت كل ذاك تبغي نجاة مـن يـديـه وبـالعفاف فرارا
رافقتها اثنتان من راهبات الــــدير حفظاً لشخصها أن يضارا
فنجت بالفرار من مخلب للصــــقر كعصفور بعد أن ريع طارا
من خلال استقرائنا لهذه الأبيات بمقاطعها نرى أنها قد بنيت على شخصيتين محوريتين هما( الطاغية،والفتاة سارة )وقد جاءت الشخصيــات الأُخر بأدوار ثانوية وهم ( الخدم والجيران والأنصار والراهبتان ) وتمثل الشخصية الطاغية( النوع النمطي ) فهو يمثل رمزاً لكل مسؤول يطغى بسلطانه على رعيتـه ،أما شخصية الفتاة فهي من النوع ( المتحّول ) إذ اَنتقلت مما هو مألوف يمثّل طبيعتها التي اعتادت عليها إلى وضع آخر متمثلاً برهبنتها ، ويعد هذا الوضع نوعاً من القسوة على ذاتها فهي مجبورة عليه وهوخارج عن إرادتها .
أما ( الزمان ) فشمل ( زمان التملك ) للمجموع متمثلاً بولاية ( ناظم باشا ) ، وأما ( المكان ) فتمثّل ببغداد ،وقد جاء السرد في القصة من النوع المتزامن الذي يقصّ الحاضر المعاصر للفعل والحدث(93).
ونرى في الأبيات صراعاً مركباً(94) بدأ منذ تسلط هذا الوالي على البلاد وقد جاء متداخلاً مع امور عدّة أسهمت في نمائِهِ داخل حدث القص وقد تمثل بانتقال الوالي من مهماته الواجبة عليه في السلطة وحكم الرعية إلى انتهاك الحقوق الاجتماعية والحريات الشخصية حُجَتهُ في ذلك نفوذه المفروض عليهم . ثم ما يلبث تنامي الصراع هذا إلى أن يصل إلى الذروة المتمثلة بفكرة ( انتهاك عفافها ) ثم تأخذ حدّة الصراع بالانفراج المتمثل بهروب الفتاة ورهبنتها .
• أما قصيدته القصصية ( على قبر ابنتها ) التي تعد جزءاً من رواية الزهاوي التمثيلية النثرية الشعرية ( ليلى وسمير ) التي نظمها الشاعر قبل الدستور العثماني بسنتين أو ثلاث والتي يقف في مطاويها على روحية الشعب يومئذ ويتحقق مما كان للولاة من استبداد وظلم ويشاهد الناس على اختلاف طبقاتهم كيف كانوا يتزلفون إلى السلطان الجبار (عبد الحميد ) فيقصّون عليه أو على ممثليه الأحلام الغريبة ويتوسلون بلوغ أمانيهم بالتجسس والوشايات(95).وخلاصتها حبٌّ نشأ بين شاب اسمه ( سمير ) وفتاة اسمها ( ليلى ) يتحوّل هذا الحب إلى رباط بينهما فيتزوجان ولكن ،ما تلبث هذه السعادة أن تنمحي بالوشاية والحقد فتنفي السلطات ( سمير ) وتموت بعده ليلى تاركةً صبيّاً تولته والدتها بالرعاية والعناية(96) . وما يعنينا من الرواية الشعرية النثرية هو المقطع الذي تقف فيه والدة ليلى باكية على قبر أبنتها،لأن هذا المقطع على وجه الخصوص ينتمي إلى الشعر القصصي الاجتماعي عند الزهاوي .
وقد بنى الشاعر حكايته هذه على شخصيات بعضها محورية والاخرى ثانوية فالأولى:تمثّلت بـ( أم الفتاة والفتاة ليلى وزوج الفتاة سمير ) ،والثانية تمثلت بالغلام الذي أنجبته الفتاة ،وضمير المتكلمين ( نا ) الوارد في قولها * وبدا حملها فقلنا جميعاً * في المقطع الذي يصف نضجها وزواجها من سمير فالضمير يدلّ على الكثرة ولا يشمل الوالدة فقط ،إذ تمثل الوالدة إحدى الشخصيات المحورية في الحكاية .
و( الحدث ) كان من النوع المركب كما اسماه ( أرسطو ) لأن مجرياته تأخذ بتغيير مصير الفتاة وزوجها وهذا التغيير تم بفضل التحوّل(97) ،وهو يقوم " على حكاية رئيسة تغذيها حكايات فرعية أو أكثر(98) " ومن ضمن هذه الحكايات إذ لم تكن الأساس فيها وشاية الناس بزوجها عند السلطات ونفيهم له الأمر الذي أسهم في إنهاء سعادتهما .
علماً أن للحدث اثراً في تصعيد الصراع نحو الذروة ،وقد جاء الصراع في المقاطع على نحوين الأول خارجي قائم بين العائلة والناس ، والآخرأشبه ما يكون داخلياً خاضته والدة الفتاة مع نفسها نتيجة العاطفة الفردية متمثلةً بعاطفة الأمومة(99).ومما جاء فيها(100):-
نبتت مثل زهرة الأقحوان في ربيع الهوى بروض الأماني
نبتت فيه وهي ذات ابتسام فسقيتُ ابتسامها بحنـانـــي
ابنتي زهرتي فيا ربي اِحفظ زهــرتـي من كوارث الأزمان
ومـنــهـا(101) :-
اِبـنتي قد شبّت مع الأيّام فهي اليوم مثل بدر التمام
ثم زفّت إلى سمير عروساً مـا بها من غميزة أو ذام
وبــدا حملها فقلنا جميعاً أثمر الغصن فهو ذو أكمام
وفرحنا ثم انتظرنا فجاءت بـعــد تعداد أشهر بغلام
وضعته وبـعد أن وضعته أغمضت عينها كما في المنام
وفي نهاية القصة تناجي قبر ابنتها(101):-
أيُّها القبرُ هل علمت بأني قبل موتي دفنت فيك حياتي
عبراتي عليك تهمي ولكن أنت لا تستفيد من عبراتي

في هذين البيتين نجد أنَّ حواراً خارجياً دار بين الوالدة وغير العاقل ( القبر ) مُؤنْسِنَةٍ إيّاه ويكشف هذا الحوار عن طبيعة الصراع القائم آنذاك بينهم وبين الظروف المختلفة من قبل المجتمع المملوك في ( زمن ) ( عصر التسلط المملوك ) من قبل الوالي عبد الحميد ، أما ( مكان ) الحدث فهي بغداد الموطن الأصيل للمجموع .
وعلى هذا النمط القصصي أورد الزهاوي ما تبقى من شعره القصصي الاجتماعي(102) مستخدماً فيه عناصر البناء الفني ،إلا أنّ استخدامه لها جاء على نحو أقلَّ الشاعر من عنايته بها ،ومن هذه العناصر( رسم الألوان والأجواء و تصوير الشخصيات وأدارة الحوار واختيار الأحداث ) على خلاف عنايته بإبراز الهدف ورغبته في إظهاره ،وهو ما أقحمه بتفاصيل يضيق الشعر فنياً بها وتنبو عنها مقوماته(103) .
ونجد أنَّ " قصصه هذه لم تجنح إلى الخيال الخصب "(104) لأن " الزهاوي يودُّ أن لا يكون للخيال حصة كبيرة في الشعر بل تكون الحصة للعقل وترجّح على حصّة الخيال"(105) ويكشف عن ذلك بقوله : " وأحسن الشعر في نظري ما اْستند إلى الحقائق أكثر من العواطف والخيال البعيدين عنها فكانت حصة العقل منه أكثر من حصتهما"(106)
و( موضوعاتها ) تهدف إلى تصوير مشاكل المجتمع وعبث بعض ذوي المناصب الكبيرة بالقيم وبالحريات الشخصية(107).
• وقد نوّع الشاعر في قوافي بعض قصصه الشعري وهي : ( أسماء وطاغية بغداد وعلى قبر ابنتها ) إلاّ أنَّ هذا التنوع لم يمنع الشاعر من أَنْ يُورد بعضها الآخر على نمط القافية الموحّدة،ويعلل الشاعر التنوع في قوافيه بقوله : " لا أرى مانعاً من تغيير القافية بعد كل بضعة أبيات من القصيدة عند الانتقال من فصل إلى آخر كما فعلت في عدّة قصائد .. إراحة للشاعر من كدّ الذهن لوجدانها فإنَّ الإتيان بها متمكنة ليست في قدرة كل شاعر "(108) .
وربما يعود التنوع ايضاً إلى طبيعة التجربة القائمة في قصصه أو إلى الحالة
النفسية للشاعر ورغبته في استخدام حرف روي معين أو ربما يعود إلى الوضع
النفسي للشخصية الواردة في قصصه .
أما الأبحر الشعرية للقصص فقد وردت بين الطويل والبسيط عدا قصيدتيه ( طاغية بغدادوأسماء ) فجاءتا على البحر الخفيف وربما يدلّ البحران بتفعيلاتهما المركّبة على التداخل الحاصل بظروف المجتمع السياسية والاجتماعية والاخلاقية وانعكاسها على طبائع شخصياته .
وقد جاءت ( لغتها ) قريبة من لغة الشعب بعيدة عن الألفاظ القاموسية المعقدة وقد
اسماها باللغة العصرية،وقد عدّ عصرية لغة الشعر من متممات عصرية الشعر
نفسه(109) ،ودعا أن تكون مفرداتها سهلة مأنوسة لا تعقيد فيها ولا إبهام(110).
الـــخـــاتــمـــة
نستنتج مما ذهبنا إليه في بحثنا هذا أن الشعر القصصي هو نتاج التجديد في الشعر عموماً وخلال مسيرته الطويلة التي قطع أشواطها في خلال مراحل الحياة المختلفة بدءاً من الجاهلية وصولاً إلى العصر الحديث.
وقد تراوح الشعر القصصي في خلالها بين أنماط متعددة منها :- الشعر القصصي الغزلي والقصص السياسي ( الثوري ) والقصص الجهادي الإسلامي والقصص الفكاهي ( الطُرَفي ) القائم على طُرْفةٍ ما يصوغها الشاعر في مخيلته أو معتمداً على واقعة حقيقة،وأخيراً الشعر القصصي الاجتماعي .
ونجد أنَّ الشعراء قد تباينوا في أستعمال آليات السرد فيها من حدث درامي ،وصراع وحوار وشخصيات وزمان ومكان ولغة تستوقفهم في ذلك الفكرة التي يبني الشاعر عليها قصته الشعرية إذ لا نجد في أحيان كثيرة أثراً لصوت الشعراء في أقاصيصهم إذ تكون شخصياتهم منفصلة عن أبطال قصصهم مقتصرة على سرد القصة ، ونجده في أحيان أخرى يتقنعّ الشخصية ليبث من خلالها همومه أو رؤاه .
أما قصص الزهاوي الشعري فقد تراوح بين القصص الاجتماعي والقصيدة الطويلة، وأراد من قصصه الاجتماعي نقد المجتمع لإصلاحه ،لأنّ وظيفة الشاعر قد أصبحت في هذا العصر وظيفة إصلاحية يهدف الشاعر من وراء شعره إصلاح المفاسد التي تعمّ المجتمع والقضاء عليها .
أما قصيدته ( ثورة في الجحيم ) فقد عدّها بعض النقاد من الملاحم الشعرية لأنها تمثّل شكلاً من أشكال الشعر القصصي ،وعدّها بعضهم الآخر قصيدةً طويلة لأن القصيدة الطويلة عندهم تمثّل حلقة التطور التي ينتهي عندها الشعر القصصي والشعر الغنائي وعدّها آخرون رحلة خيالية لما فيها من وصف خياليًّ حلّقَ الشاعر فيه بعيداً عن الواقع.


الهوامش
(1) الأصول الدرامية في الشعر العربي ،د.جلال الخياط ،دار الحرية ،بغداد ،د.ط،1982 :65.
(2) عيار الشعر، ابن طباطبا العلوي ،تح : عبد العزيز المانع ،الرياض ،د.ط،1985 :202.
(3) الأصول الدرامية في الشعر العربي :66 .
(4) ديوان امرئ القيس ،ضبطه وصححه الأستاذ :مصطفى عبد الشافي ،دار الكتب العلمية ،بيروت – لبنان،د.ط،د.ت:112– 113 .
(5) ينظر : الأصول الدرامية في الشعر العربي : 70 .
(6) ديوان الحماسة ، أبو تمام ،تح : د.عبد المنعم احمد صالح ،دار الرشيد للنشر ،بغداد ،د.ط، 1980:232.
* ما يُطلُّ : لايذهب دمه هدراً .( ينظر : المعجم الوسيط ، قام بأخراجه : د.إبراهيم أنيس وآخرون ،دار المعارف ،مصر ،ط2 ،1972 : 2/564 .
* الَمصِع : الشديد المقاتلة الثابت ( ينظر المعجم الوسيط : 2/874 ).
(7) ينظر : الأصول الدرامية في الشعر العربي : 72 .
(8) الأصول الدرامية في الشعر العربي : 72 .
(9) شعراء أمويون ،دراسة وتحقيق د.نوري حمودي القيسي ، مؤسسة دار الكتب ،الموصل ،د.ط، 1976: 1/41 – 42 .
(10) شعراء أمويون: 1/ 43 .
(11) م . ن : 1 /44.
(12) شعراء أمويون : 1/45 ، 48 .
* الروانيا : " رونة الشيء : شدته ومعظمه ، وغايته في حرّ أو بردٍ أو حربٍ أو خربٍ أو شبهه " ( المعجم الوسيط 1/384 )
* السوافيا : " السَّاف من الريح : ما حملته من التراب والغبار " . (المعجم الوسيط : 1/464 .
(13) الأصول الدرامية في الشعر العربي : 75 – 76 .
(14) ينظر : م.ن : 77 .
(15) ديوان عمر بن أبي ربيعة ، دار صادر ، بيروت ،د . ط ، 1961 : 8 .
(16) م . ن: 122 - 123 .
(17) الأصول الدرامية في الشعر العربي : 79 – 80 .
(18) ديوان أبي نواس،حققه وضبطه وشرحه:احمد عبد المجيد الغزالي ، دار الكتاب العربي ،بيروت – لبنان ، د.ط، د . ت: 14 ، ومما جاء على نهجها قصائده( لاتسقني سِرّاً:م .ن: 28) و ( الشباب : م . ن : 42 – 43 )، و(مستبعد الأخوان:م . ن : 597)
(19) ديوان أبي نواس : 14 .
(20) ينظر:بنية القصيدة العربية المعاصرة المتكاملة،د.خليل الموسى،منشورات اتحاد الكتاب العرب،دمشق ،د.ط، 2003 :279 .
(21) الأصول الدرامية في الشعر العربي : 80 .
(22) الشعر العربي المعاصر – قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية ،د.عز الدين إسماعيل، القاهرة ، د.ط،1967 : 282 .
(23) الأصول الدرامية في الشعر العربي : 81 .
(24) ينظر : مقدمة في النقد الأدبي ، د.علي جواد الطاهر ، منشورات المكتبة العالمية ، بغداد ،ط2 ، 1983 : 63 .
(25) ينظر ، يحيى بن الحكم الغزال ( أمير شعراء الأندلس في القرن الثالث الهجري وسفير أمير الأندلس لدى إمبراطور
القسطنطينية وملك النورمان ( 770 – 864 ) ،محمد صالح البنداق ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، ط1، 1979 : 61 .
(26) م.ن: 47.
(27) ينظر : م.ن : 47 .
(28) م.ن:48.
(29) ينظر: بنية القصيدة العربية المعاصرة المتكاملة : 314 .
(30) ينظر : م.ن:255 .
(31) ينظر: آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي ، د .ياسين الأيوبي ، جرّوس پرس ،طرابلس ، لبنان، ط1 ، 1995 : 451 .
(32) م.ن:436 .
(33) ينظر : م.ن : 452 .
(34) ديوان صفي الدين الحلي ،دار صادر ، بيروت د.ط،1962 :23 .
(35) آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي : 453 .
(36) ديوان صفي الدين الحلي : 121 – 122 .
(37 ) ينظر : آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي : 453 .
(38) م.ن: 453 .
(39) ديوان صفي الدين الحلي :554 .
(40) ينظر في موضوع الصراع : بنية القصيدة العربية المعاصرة المتكاملة : 278 .
(41) جماعة أبولو، عبد العزيز الدسوقي ، القاهرة ، د.ط، 1960 :535 .
(42) ينظر : خليل مطران ، احمد ع . حجازي ، دار الآداب ، بيروت ، ط 1 ،1975 : 19 .
(43) خليل مطران شاعر القطرين ، إيليا الحاوي ،دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، ط1 ،1978 :1/39 .
(44) ينظر: دير الملاك ،د.محسن أطيمش ، دار الرشيد ، العراق ، د.ط،1982 : 20 .
(45) ينظر : محاضرات عن خليل مطران ، د.محمد مندور ، مطبعة دار إلهنا ، مصر ، د.ط ، 1954 :14.
(46) خليل مطران شاعر القطرين : 2/92 .
(47) م.ن:2/92 .
(48) ينظر : ديوان الخليل ، مطبعة دار الهلال ، مصر ،د.ط ،1949 : 1/49 ،4/73 .
(49) ينظر : خليل مطران، عبد اللطيف شرارة ،دار صادر ،بيروت ،د.ط ، 1964: 45 .
(50) ينظر :خليل مطران شاعر القطرين : 1 /44 ، 52 .
(51) ينظر : م.ن : 1/ 156 – 166 ، 1/167 – 172 .
(52) ينظر : م.ن: 1/173 – 183 .
(53) ينظر : م.ن: 1/147 – 151 .
(54) ينظر : خليل مطران : 46 ،48.
(55) ينظر : الأصول الدرامية في الشعر العربي :100 .
(56) ينظر : أدب المهجر بين أصالة الشرق وفكر الغرب ،نظمي عبد البديع محمد ، دار الفكر العربي ،القاهرة ، د.ط، 1976 : 159 .
(57) ينظر : م.ن: : 159 .
(58) الجداول:إيليا أبو ماضي،دار العلم للملايين،بيروت،ط118:1960,2-119.
(59) الجداول : 120 .
(60) م. ن : 121 .
(61) ينظر : أدب المهجر بين أصالة الشرق وفكر الغرب : 160 .
(62) ينظر :الاتجاهات الأدبية في العالم العربي الحديث ، أنيس المقدسي ، بيروت ،ط3 ، 1963 : 157 .
(63) ينظر : الأدب وفنونه ،د.عز الدين إسماعيل ،دار الفكر العربي ،ط6 ،1976: 151.
(64) م.ن:150 .
(65) الأدب وفنونه ، د.محمد مندور ، دار نهضة مصر ، الفجالة ،ط2،د.ت:45 .
(66) ينظر الأدب وفنونه ،د.عز الدين إسماعيل : 157 .
(67) م.ن: 158 ،وينظر : معالم جديدة في أدبنا المعاصر ، فاضل ثامر ،دار الحرية ، بغداد ،د.ط،1975 :353 .
(68) ينظر:اثر الفكر الغربي في الشاعر جميل صدقي الزهاوي ، د.داود سلوم،معهد البحوث والدراسات العربية ، بغداد ،1984: 67 .
(69) ينظر : الاتجاهات الأدبية في العالم العربي الحديث : 395 .
(70) ينظر : اثر الفكر الغربي في الشاعر جميل صدقي الزهاوي : 67 .
(71) ينظر : م.ن:67 .
(72) ينظر : محاضرات عن جميل الزهاوي ، ناصر الحاني ،مطبعة دار إلهنا ،مصر ،د.ط،1954 :58 .
(73) ينظر : أثر الفكر الغربي في الشاعر جميل صدقي الزهاوي : 67 .
(74) ينظر : محاضرات عن جميل الزهاوي : 58 .
(75) م.ن:59 .
(76) ينظر : الزهاوي وثورته في الجحيم ،د.جميل سعيد ،مطبعة الجيلاوي ،د.ط،1968 :137 .
(77) ديوان جميل صدقي الزهاوي ،دار العودة ،بيروت ،د.ط،1972 : مج1/730 – 731 .

(78) ينظر : بلاغة الخطاب وعلم النص ،د.صلاح فضل ،دار الكتاب المصري ،القاهرة ، دار الكتاب اللبناني ،بيروت ،ط1 ،2004 :
368 .
(79) ينظر : م.ن:369 .
(80) معالم جديدة في أدبنا المعاصرة : 353 .
(81) ينظر : حركة التطور والتجديد في الشعر العراقي الحديث ،عربية توفيق لازم ،مطبعة الأيمان ،بغداد،د.ط،1971 : 192 .
(82) الزهاوي ، مجموعة من الأدباء ، مطبعة الراعي ، النجف ،د.ط، 1937 : 69 – 70 .
(83) ينظر : حركة التطور والتجديد في الشعر العراقي الحديث :191 .
(84) ينظر : حركة التطور والتجديد في الشعر العراقي : 192 .
(85) ينظر : م.ن : 192 .
(86) ديوان جميل صدقي الزهاوي : مج1 / 78 – 79 .

(87) ينظر : علم المعاني – دراسة بلاغية ونقدية لمسائل المعاني ، د.بسيوني عبد الفتاح فيود ،مؤسسة المختار للنشر والتوزيع
،القاهرة ، ط2 ،2004 : 324 .
(88) ينظر : الزهاوي :70 .
(89) ديوان جميل صدقي الزهاوي : مج1/83 .
(90) م.ن: مج1/84 .
(91) م.ن: مج1/84 .
(92) ديوان جميل صدقي الزهاوي : مج1/85 .
(93) ينظر : بلاغة الخطاب وعلم النص : 368 .
(94) ينظر : بنية القصيدة العربية المعاصرة المتكاملة : 284 – 285 .
(95) ينظر : أثر الفكر الغربي في الشاعر جميل صدقي الزهاوي : 229 ،233 .
(96) ينظر : م.ن:264.
(97) ينظر فن الشعر ،أرسطو طاليس ،تر:عبد الرحمن بدوي ،دار الثقافة ،بيروت ،د.ط،د.ت:30 .
(98) بنية القصيدة العربية المعاصرة المتكاملة : 276 .
(99) ينظر :م.ن : 278 – 279 .
(100) ديوان جميل صدقي الزهاوي : مج1/87 .
(101) ديوان جميل صدقي الزهاوي: مج1/88 .
(102) م.ن: مج1/89 .
(103) ينظر : ديوان جميل صدقي الزهاوي : مج1/92 – 96 ،97– 100 ،100- 103، 103-107 ،109 – 112 ،113 – 115.
(104) ينظر : حركة التطور والتجديد في الشعر العراقي الحديث : 195 – 196 .
(105) حقيقة الزهاوي ،مهدي عباس ألعبيدي ،مطبعة الرشيد ،بغداد ،ط1 ،1947: 147 .
(106) اثر الفكر الغربي في الشاعر جميل صدقي الزهاوي :281 .
(107) م.ن:282 .
(108) ينظر : حركة التطور والتجديد في الشعر العراقي الحديث : 192 .
(109) ديوان الزهاوي : مج1/122.
(110) ينظر : اثر الفكر الغربي في الشاعر جميل صدقي الزهاوي :291 .
(111) ينظر : الشعر العربي الحديث في العراق من 1920 – 1958 ،د.عباس توفيق ،دار الرسالة للطباعة ،د.ط،د.ت:290.

المصادر والمراجع
1- آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي ،د.ياسين الأيوبي ،جّروس يرس ،طرابلس ،لبنان ،ط1، 1995.
2- الاتجاهات الأدبية في العالم العربي الحديث ،أنيس المقدسي ،بيروت ،ط3 ، 1963
3- أثر الفكر الغربي في الشاعر جميل صدقي الزهاوي ،د.وداد سلوم ،معهد البحوث والدراسات العربية ،بغداد ،1984 .
4- أدب المهجر بين أصالة الشرق وفكر الغرب ،نظمي عبد البديع محمد ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،د.ط،1976 .
5- الأدب وفنونه ،د.عز الدين إسماعيل ،دار الفكر العربي ،ط6، 1976.
6- الأدب وفنونه ،د.محمد مندور ،دار نهضة مصر ،الفجالة ،ط2،د.ت.
7- الأصول الدرامية في الشعر العربي ،د.جلال الخياط ،دار الحرية ،بغداد ،د.ط،1982.
8- بلاغة الخطاب وعلم النص ،د.صلاح فضل ،دار الكتاب المصري ،القاهرة ،دار الكتاب اللبناني ،بيروت ،ط1، 2004.
9- بنية القصيدة العربية المعاصرة المتكاملة ،د.خليل الموسى ،منشورات إتحاد الكتاب العرب ،دمشق ،د.ط،2003 .
10- الجداول ،إيليا أبو ماضي ،دار العلم للملايين ،بيروت ،ط2، 1960.
11- جماعة أبولو ،عبد العزيز الدسوقي ،القاهرة ،د.ط،1960 .
12- حركة التطور والتجديد في الشعر العراقي الحديث ،عربية توفيق لازم ،مطبعة
الأيمان ،بغداد ،د.ط،1971 .
13- حقيقة الزهاوي ،مهدي عباس العبيدي ،مطبعة الرشيد ،بغداد،ط1 ،1947.
14- خليل مطران ،احمد ع حجازي ،دار الآداب ،بيروت ،ط1 ،1975 .
15- خليل مطران ، عبد اللطيف شراره ،دار صادر ،بيروت ،د.ط ،1964 .
16- خليل مطران شاعر القطرين ،إيليا الحاوي ،دار الكتاب اللبناني ،بيروت ،ط1
،1978 . الجزءان الأول والثاني.
17- دير الملاك ،د.محسن أطيمش ،دار الرشيد ،العراق ،د.ط،1982 .
18- ديوان أبي نواس ،حققه وضبطه وشرحه ،احمد عبد المجيد الغزالي ،دار الكتاب
العربي ،بيروت – لبنان ،د.ط، د.ت .
19- ديوان امرئ القيس ،ضبطه وصححه الأستاذ :مصطفى عبد الشافي ،دار الكتب
العلمية ،بيروت – لبنان ،د.ط،د.ت.
20- ديوان جميل صدقي الزهاوي ،دار العودة ،بيروت ،د.ط، 1972 .المجلد الأول .
21- ديوان الحماسة ،أبو تمام ،تح :د.عبد المنعم احمد صالح ،دار الرشيد للنشر ،بغداد
،د.ط،1980 .
22- ديوان الخليل ،مطبعة دار الهلال ،مصر ،د.ط ، 1949. الجزءان الأول والرابع .
23- ديوان صفي الدين الحلي ، دار صادر ،بيروت ،د.ط، 1962 .
24- ديوان عمر بن أبي ربيعة ،دار صادر ،بيروت ،د.ط،1961 .
25- الزهاوي ،مجموعة من الأدباء ،مطبعة الراعي ،النجف ،د.ط،1937 .
26- الزهاوي وثورتة في الجحيم ، د.جميل سعيد ،مطبعة الجيلاوي ،د.ط،1968 .
27- الشعر العربي الحديث في العراق من 1920 – 1958 ،د.عباس توفيق ،دار
الرسالة للطباعة،د.ط،د.ت.
28- الشعر العربي المعاصر – قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية ،د.عز الدين
إسماعيل ،القاهرة ،د.ط، 1967 .
29- شعراء أمويون ،دراسة وتحقيق ،د.نوري حمودي القيسي ،مؤسسة الكتب
،الموصل ،د.ط،1976.
30- علم المعاني – دراسة بلاغية ونقدية لمسائل المعاني د.بسيوني عبد الفتاح فيّود
مؤسسة المختار للنشر والتوزيع ،القاهرة ،ط2 ،2004 .
31- عيار الشعر ،ابن طباطبا العلوي ،تح : عبد العزيز المانع ،الرياض ،د.ط،1985.
32 – فن الشعر أرسطو طاليس ،تر: عبد الرحمن بدوي ،دار الثقافة ،بيروت
،د.ط،د.ت.
33- محاضرات عن جميل الزهاوي ،ناصر الحاوي ،مطبعة دار الهنا ،مصر
،د.ط،1954 .
34- محاضرات عن خليل مطران ، د.محمد مندور ،مطبعة دار إلهنا ،مصر
،د.ط،1954 .
35- معالم جديدة في أدبنا المعاصر ،فاضل ثامر ،دار الحرية ،بغداد ،د.ط،1975 .
36- المعجم الوسيط ،قام بإخراجه :د.إبراهيم أنيس وآخرون ،دار المعارف ،مصر ،ط2
،1972 .
37- مقدمة في النقد الأدبي ،د.علي جواد الطاهر ،منشورات المكتبة العالمية ،بغداد
،ط2 ،1983 .
38- يحيى بن الحكم الغزال ( أمير شعراء الأندلس في القرن الثالث الهجري
وسفير أمير الأندلس لدى إمبراطور القسطنطينية وملك النورمان(770 – 864) ،
محمد صالح البنداق ،دار الآفاق الجديدة ،بيروت ،ط1 ،1979.




تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث