معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


موازنة بين تفسيري القاسمي لمحمد جمال الدين القاسمي (ت/1914م) والتفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية (ت/1979م) في آيات الأحكام


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
عامر عمران علوان الخفاجي

Citation Information


عامر,عمران,علوان,الخفاجي ,موازنة بين تفسيري القاسمي لمحمد جمال الدين القاسمي (ت/1914م) والتفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية (ت/1979م) في آيات الأحكام , Time 08/07/2019 07:58:43 : كلية العلوم الاسلامية

وصف الابستركت (Abstract)


موازنة بين تفسير القاسمي والتفسير الكاشف في آيات الأحكام

الوصف الكامل (Full Abstract)

موازنة بين تفسيري القاسمي لمحمد جمال الدين القاسمي (ت/1914م) والتفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية (ت/1979م) في آيات الأحكام
أ.د عامر عمران الخفاجي محمد مجباس حوان
جامعة بابل/ كلية العلوم الإسلامية
mohmmadmjbas@gmail.com
الخلاصة
يسعى هذا البحثُ إلى الموازنة في آيات الأحكام, بين تفسيرين لعَلَمَينْ من أعلام الأمه الإسلامية, وهما محمد جمال الدين القاسمي (1914م) صاحب التفسير الكبير المعروف بتفسير (القاسميّ) ومحمد جواد مغنية (1979م) (التفسير الكاشف), من أجل التعرف على أهم السمات البارزة للمنهج الفقهي عند كليهما إذ أحدهما إمامي المذهب, والآخر يمثّل مدرسة الصحابة, وبيان أثر ذلك في تفسيريهما, ومعرفة القيمة العلمية لهذه الموازنة في آيات الاحكام, وذلك بإبراز جوانب التفوق في عمل كل منهما, وبيان مواطن التوافق والاختلاف بينهما من خلال الموازنة بينهما في آيات الأحكام.
الكلمات المفتاحية: موازنة بين تفسيري القاسمي لمحمد جمال الدين القاسمي (ت/1914م) والتفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية (ت/1979م) في آيات الأحكام
Conclusion
This research seeks to balance the verses of the rulings, between two interpretations of the Islamic nation s flags, and the history of Muhammad Jamal al-Din al-Qasimi (1914), the author of the great interpretation known as the interpretation of al-Qasimi and Muhammad Jawad Mughniyah (1979) The most important features are Wikipedia s That s That s The That s The That s The That s Polis With The Travel.
Key words: Balance between the interpretation of al-Qasimi Muhammad Jamal al-Din al-Qasimi (v / 1914) and the interpretation of Kashif Muhammad Jawad Mughniyah (T / 1979) in the verses of judgments

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
لا جَرَم أنَّ كلامَ اللهِ تعالى وكلام رسوله ? من أصدق الكلام للدلالة على منزلة هذا الكتاب العزيز وأنه سبب السعادة والفلاح للفرد والمجتمع سعادة دنيوية وأخروية, ولعل من أعظم الأسباب التي تؤدّي إلى الانتفاع بكتاب الله تعالى وجعله منهجًا للحياة كلها هو تدبره وفهمه والإقبال عليه والعمل به وإقامة حروفه وحدوده، كما قال الإمام علي ?: (( وإن القرآن ظاهرهُ أنيقٌ, وباطنهُ عميقٌ, لا تفْنى عجائِبُهُ ولا تنقضي غرائبهُ, ولا تكشفُ الظلماتُ إلا به ))( ).
ومما لا شك فيه أنّ تفسير القرآن الكريم له منزلة عظمى وأهمية كبرى فهو من أشرف العلوم وأسماها واجلها قدرًا, لأن موضوعة كلام الله المعجز الجامع للمعاني العظيمة السامية, والموحى به إلى الرسول ? لهذا اعتنى المسلمون الأوائل بقراءته وترتيله والتبحّر في علومه, وكان الرسول ? يوضح لهم كل ما يحتاجونه من فهم لآيات الذكر الحكيم, ومن بعده بدأ الأئمة المعصومين ? ببيان ما أجمل من مفاهيمه وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم, وأن ما أثر عن الرسول ? في تفسير القرآن الكريم كان أساس التفسير في نشأته الأولى, فضلًا عن ما أفاد المسلمون من اللغة وأسباب النزول وغيرها في بيان الآيات.
وظهرت عبر القرون عشرات المؤلفات في التفسير وعنيت بإيضاح كلمات وآيات القرآن الكريم وتفسيرها, فقد كان من بين المفسّرين الذين خدموا القرآن الكريم رجلان لهما الأثر البارز في هذا العلم وهما: محمد جمال الدين القاسمي (ت1914م), ومحمد جواد مغنية (ت1979م), وهذان المفسران مختلفان في مذهبيهما الفقهي, ومشاربهما الفكرية, فكان لهذا الاختلاف أثر في اختلاف منهجيهما في التفسير فقد كان من المفيد إجراء دراسة مقارنة بينهما في آيات الأحكام, ولهذا جاء البحث بعنوان (موازنة بين تفسيري القاسميّ لمحمد جمال الدين القاسميّ (ت/1914م) والتفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية (ت/1979م) في آيات الأحكام).
ومن أهم أسباب اختيار البحث, أن الدراسات العلمية السابقة التي اهتمت بدراسة كتب التفسير, اتجهت نحو دراسة منهج كلّ مفسر على حده, وهذا في نظري ونظر البعض قد يجعل تقييم عمل المفسر ناقصًا, لأننا لا نستطيع أن نميز جوانب القوة والضعف في عمل المفسر إلا إذا وازنا بينه وبين غيره من المفسرين, لأن الأشياء إنما تتميز بأضدادها.
نظرًا لطبيعة البحث وخصوصياته فقد قسمته على مقدمة ومبحثين وخاتمة.
فقد تناولت في المبحث الأول مفهوم آيات الأحكام ومراحل التأليف فيها وجاء المبحث الثاني بعنوان موازنة بين المفسرين في آيات الأحكام.
وأختتُ البحث بأهمّ النتائج التي توصلت إليها, وأَعقبتها بقائمةٍ للمصادر والمراجع التي اعتمدتُها.
المبحث الأول
مفهوم آيات الأحكام ومراحل التأليف فيها
أولًا: مفهوم آيات الأحكام
إنَّ القرآن الكريم هو المصدر الأساس لمعرفة أحكام الشريعة الغراء, وقد اعتنى العلماء والمفسرون بصورة خاصة بآيات الأحكام, وميزوها بمصنفات مستقلة عرفت بـ(آيات الأحكام) أو (تفسير آيات الأحكام)( ). ويمكن تعريف آيات الأحكام بأنها: ((الآيات التي يمكن بصحيح النظر فيها التوصل إلى حكم شرعي عملي ))( ).
ثانياً: مراحل التأليف في آيات الأحكام
تنقسم المراحل العلمية لهذا العلم على ثلاث مراحل, هي:
المرحلة الأولى: المرحلة الذهبية: وهو العصر الممتد من القرن الثالث وحتى القرن الثاني عشر، فقد كانت بداية البداية في منتصف القرن الثالث، ثم انتشر التصنيف بعد ذلك بسبب انتشار المذاهب ومحاولةً لدعم موقف المذهب شرعياً ببيان حججه القرآنية، وغلب على هؤلاء التمكنّ العلميّ والمذهبيّ, ورغم هذه المرحلة الزمنية الطويلة إلا أن تلك الجهود كانت محدودة ومعدودة.
المرحلة الثانية: الفتور: رغم أن الأمة قد دخلت عصور التقليد قبل هذه المرحلة بقرون بيد أن الذروة كانت في هذه المرحلة، فقد اتفقَ الجميعُ على صحّة تقليد إمام من الأئمة الأربعة، وأنهم جميعا يرتشفون من الشرع فترك الناس الاستنباط وركنوا إلى التقليد فخفت نور هذا العلم وبدلًا من العكوف على مثل هذه الدراسات متماشية مع دراستهم المذهبية اقتصروا على قراءة المتون والشروح وتنافسوا فيها بعيدًا عن هدي القرآن، والتمرسّ في التعامل مع النصّ القرآنيّ والاستنباط منه, فضلًا عن ذلك زاد الأمر سوءا عندما نادى بعضهم بعدم جواز الاستنباط من القرآن والسنة وأنهما لمجرد التبرك.
المرحلة الثالثة: وهي عصرنا الحاضر والذي عادت فيه الكتابة في هذا العلم( ).
ثالثاً: عدد آيات الأحكام وخلاف العلماء فيها
المعروف أن عددَ آياتِ الأحكام, هو خمسمائة آية, إلا أن العلماء لم يتفقوا في عددها, إذ يرى بعضهم أنها تبلغ الخمسمائة( ) ومنهم الماوردي (ت/368هـ)( ). في حين يرى البعض الآخر أنها مائة وخمسون آية( ).
ويرى الزركشي ان السبب في هذا الخلاف يرجع إلى تحديد المصرح من الأحكام في القرآن الكريم, فهو قسمان:
الأول: ما يصرحّ به في الأحكام, وهو كثير كما جاء في سورة البقرة, والمائدة, والنساء, إذِ اشتملت هذه السور المباركة على الكثير من الأحكام.
الثاني: ما يؤخذ بطريقة الاستنباط, وهو على قسمين:
أحدهما: يستنبط من غير ضميمه إلى آية أخرى.
والأخر: يستنبط مع ضميمه آية أخرى( ).
رابعاً: منهجيات التناول الموضوعي عند مفسري آيات الأحكام
إنَّ منهجيات التناول الموضوعي عند مفسري آيات الأحكام تظهر على نحوين:
1- المنهجُ التسلسليّ: وهو المنهج الذي يتناول آيات الأحكام حسب تسلسلها في المصحف الشريف, فيبدأ بسورة الفاتحة وما فيها من الأحكام, ثم ينتقل إلى سورة البقرة, وهكذا حسب تسلسل السور والآيات, إذ يتناول الأسبق فالأسبق من آيات الأحكام( ).
2- المنهج المَوْضَوْعيّ: (( هو المنهج الذي يضع أحد موضوعات التشريع محورًا يجمع فيه الآيات الواردة فيه, محللاً دلالتها جميعهاً, ليتوصل إلى نظرية قرآنية متكاملة في ذلك الموضوع ))( ).



المبحث الثاني
موازنة بين المُفَسِرَينِ في آيات الأحكام
لقد عُنىِ المفسّرون بآيات الأحكام عناية كبيرة, وأَفْرَدُوا لها مجموعة كبيرة من المدونات عُرِفت فيما بعد بتفاسير آيات الأحكام, وبالتتبع لتفسير كلّ من المُفَسِرَينِ القاسميّ, ومغنية وجد الباحث جهدًا كبيرًا لا يمكن إغفاله, ومن الجحود إهماله, فصار من الواجب ذكره, وتسليط الضوء عليه من خلال ذكر نماذج من هذِه الآيات ومعرفة ما اختلفوا فيه وما توافقوا عليه.
أولاً: حكم الزواج من غير المسلمة/ قال تعالى: ژ ? ? ? ? ?? ? ? چ چ چ چ ?? ? ? ? ? ?? ? ? ڈ ڈ ژ ژ ڑڑ ک ک ک کگ گ گ گ ? ? ?? ? ? ? ? ںژ [البقرة: 221], إذ يقول القاسمي في تفسيره لهذه الآية الكريمة: إنَّ قوله تعالى: ژ? ? ? ? ? ژ, أي لا تتزوجوا الوثنيات حتى يؤمننّ بالله تعالى( ).
بعد ذلك يذكر ما قاله ابن كثير(ت774هـ): (( هذا تحريم من الله عزّ وجلّ على المؤمنين أن يتزوّجوا المشركات من عبدة الأوثان. ثم ان كان عمومُها مرادًا، وأنَّه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية، فقد خَص من ذلك نساء أهل الكتاب, بقوله: ژ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ [المائدة: 5]( ).
ثم يتطرق لقول الرازيّ(ت606هـ) فيما قاله بخصوص لفظ (المشرك), وهل يتناول هذا اللفظ الكفار من أهل الكتاب؟
يجيب قائلاً: إنَّ المشرك لا يتناول الكتابيّ, لأن آياتِ القرآنِ صريحةٌ, في التفرقة بينهما, وعطف أحدهما على الآخر, كما في قوله تعالى: ژ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ [البقرة: 105], ويرى أنَّ المشرك, هو من يتدين بالشرك, أي يكون أصل دينه الإشراك, أما الكتابي وان طرأ على دينه شرك فالشرك لم يكن في أصله وجوهره( ).
وقوله تعالى: ژ ? ? چ چ چ ژ تعليل للنهي عن مواصلتهن وترغيب في مواصلة المؤمنات, أي ولأمةٌ مؤمنةٌ مع ما بها من خساسة الرق, وقلة الخطر خيرٌ من مشركة مع ما لها من شرف الحرية, ورفعة الشأن فإن نقصان الحرية فيها مجبور بالإيمان الذي هو أجّل كمالات الإنسان, ژ چ ? ژ أي إنَّ المشركة لو أعجبكم حسنُها, ونسبها فإن نقصان الكفر لا يجبر بها, ژ ? ? ? ژ, أي لا تزوجوا الكفار من المسلمات ژ ? ? ژ ويتركوا ما هم فيه من الكفر, ژ ? ? ژ مع ما به من ذل الرِّقِّيَة ژ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ژ بداعي الرغبة فيه الدنيوية, فالعبد المؤمن أفضل من الكافر, فإنَّ ذهاب الكفاءة بالكفر غير مجبور بشيء منها, وقوله تعالى: ژ ک ژ, أي المذكورون من المشركات والمشركين ژ ک ژ من يقارنهم ويعاشرهم ژ ک ک ک ژ, أي إلى ما يؤدي إليهما من الكفر والفسوق, فإن الزوجية مَظَّنةُ الألفة والمحبة والمودّة, وكل ذلك يوجب الموافقة في المطالب والأغراض, فحقهم أن لا يوالوا ولا يصاهروا, ژ گ گ ژ أي, أنَّ الله تعالى يأمر به على ألسنة رسله ژ گ ? ? ژ, أي العمل مؤدي إليهما ژ ? ژ, أي بأمره ژ ? ? ? ? ںژ, أي أمره ونهيه للناس لكي يتعظوا وينتهوا عن تزويج الحرام, لكي يغفر الله تعالى لهم فيفوزوا بما دعوا إليه من الجنة والغفران( ). مما سبق نلحظ أنَّ القاسميّ يرى أنَّ زواج المؤمن من المشركة الكتابية لا إشكال فيه من خلال ذكره لما قاله ابن كثير, ثم يؤيد قول الرازيّ ان المشرك من كان أصل دينه الإشراك, أما الكتابيّ, فهو من طرأ على دينه تغير, فالشرك لم يكن في أصله وجوهره.
أما مغنية فيبدأ تفسيره للآية السابقة بتمهيد يفسّر فيه بعض الكلمات الواردة في الآية الكريمة, وهي:
1- النكاح: ويطلق على عقد الزواج, ويطلق أيضاً على الوطء, فنقول: فلان نكح فلانة, أي عقد عليها إن كانت خلية, ونقول نكح زوجته أي وطأها, والمفهوم من قوله تعالى: ژ ? ? ? ژ, لا يجوز للمسلم أن يتزوج من المشركة, وأما المفهوم من قوله تعالى: ژ ? ? ? ژ فلا يحق للمشرك أن يتخذ من المسلمة زوجه لهُ, وعلى هذا فإن المراد من النكاح الزواج بحقيقته وجميع ملامساته.
2- المشرك: ففيه قولان أحدهما: أن المشرك َمنْ لا يؤمن بنبوة محمد ? وعلى هذا يدخل أهل الكتاب, وهم اليهود والنصارى في عداد المشركين, والقول الآخر: أن المشرك ليس من أهل الكتاب لان القرآن الكريم لا يطلق هذا اللفظ عليهم, واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ژ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ [البقرة: 105], إذ عطف المشركين على أهل الكتاب والعطف يستدعي التعداد والتغاير, لأن الشيء لا يعطف على نفسه.
3- الأم, والعبد: إذ يطلق لفظ الأمة على المملوكة, والحرة, مثل قولنا: للحرة يا أمة الله, أي يا عبدة الله, وكذلك العبد, لأن الآدميين عبيد الله تعالى, والآدميات إماؤه( ).
واستناداً لما تقدّم يرى مغنية أنَّ محصل المعنى, أيها المسلمون لا يجوز لكم أن تتزوجوا من المشركات ما دمُن على الشرك, وتزوجوا امرأة منكم, وأن كانت دون المشركة خَلقاً وخُلقاً, ولا تزوجوا مشركاً ما دام على شركه, وزوجوا رجلاً منكم وأن كان أقل من المشرك مالاً وجاهاً, وقوله تعالى: ژ ک ژ إشارة إلى المشركين والمشركات, ژ ک ک ک ژ بيان للحكمة الموجبة لعدم الزواج أخذاً وعطاءً من أهل الشرك, والحكمة هي أن الصلة الزوجية بهم تؤدي إلى فساد العقيدة والدين أو إلى الفسق والتعاون بأحكام الله تعالى( ).
بعد ذلك يذكر حكم الزواج من الكتابية, إذ يقول: اتفق المسلمون على أنه لا يجوز للمسلم, ولا للمسلمة التزويج ممّن لا كتاب سماوي لأهل ملته, كعبدة الأوثان والشمس والنيران, وغيرها, أي ممّن لا يؤمن بشيء, وكذلك لا يجوز للمسلم أن يتزوج من المجوسية, وبالأولى أن لا تتزوج المسلمة من مجوسي, وأنَّ قيل بأن للمجوس شبهة كتاب, وقد اتفقت مذاهب السنة الأربعة على صحة الزواج من الكتابية, في حين أن الشيعة اختلفوا فيما بينهم فقال الأغلبية: لا يجوز للمسلم أن يتزوج اليهودية والنصرانية, وقال جماعة من كبار الشيعة, ومنهم الشيخ محمد حسن الجواهر, والشهيد الثاني, وغيرهم, يجوز, ويميل مغنية إلى هذا الرأي, ودليله عليه:
1- الأدلة الدالة على إباحة الزواج بوجه عام, خرج منها زواج المسلم بالمشركة, والمسلمة بالمشرك والكتابي, وبقى ما عدا ذلك مشمولاًَ مدلولاً للعمومات والإطلاقات.
2- أن قوله تعالى: ژ ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ژ [المائدة: 5], أي أحل لكم النساء المحصنات من أهل الكتب, والمراد بالمحصنات العفيفات( ). مما تقدم نرى أنَّ مغنية, يقول: بصحة زواج المسلم من الكتابية, ويذكر ما قاله المفسرون في المشرك من دون أن يرجح.
موازنة بينهما:
بعد عرض النموذجين من واقع تفسير المُفَسِرَينِ ومقابلة النصين بعضهما ببعض, نتوصل إلى ما يأتي:
1- اتفاق المُفَسِرَينِ في القول بأنه يجوز للمسلم أن يتزوج من الكتابية.
2- انفراد مغنية في ذكره لأقوال العلماء في تفسير لفظ المشرك إذ ذكر قولان, أما القاسمي فلم يذكر إلا قولاً واحداً.
3- اتفاقهما في ذكر الأدلة على صحة الزواج من الكتابية.
4- انفراد مغنية بذكره لرأي المذاهب السنيّة فيما يخصّ الزواج من الكتابية, وأيضاً تطرق إلى قول الشيعة, أما القاسميّ, فإنه قال يجوز للمسلم أن يتزوج من الكتابية.
5- اتفاق المُفَسِرَينِ بذكرهم لأقوال المفسرين من أجل توضح مراد الله تعالى.
ثانياً: حكم الوضوء وكيفيتُه/ قال تعالى: ژ ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ...ژ [المائدة: 6], إذ يقول القاسميّ, إنّّ هذه الآية فيها ثمرات, هي أحكام شرعيه, ومن منها:
أ‌- وجوب غسل الوجه: والغسل إمرار الماء على المحل حتىّ يسيل عنه, وهذا هو المحكي عن أكثر الأئمة, وبعضهم زاد مع الدلك, وحدّ الوجه من منابت شعر الرأس إلى منتهى الذقن طولاً, ومن الأذن إلى الأذن عرضاً. وهذا فيه مذاهب فيما يشمله الوجه وما لا يشمله.
ب‌- وجوب غسل اليدين: وهذا فيه أجماع بين المذاهب الإسلامية, أما المرفقان, تثنية مرفق, وهو موصل الذراع في العضد, فالجمهور على دخولهما في المغسول, وحكي عن زفر وبعض المالكية وأهل الظاهر عدم دخولهما, وسبب الخلاف في ژ ? ژ أن بعض المفسرين, قالوا إنَّها تفيد الغاية وقال بعض آخر لا تفيد الغاية( ).
بعد ذلك يذكر ما قاله الرازيّ: أن قوله تعالى: ژ ? ? ژ يقتضي تحديد الأمر, لا تحديد المأمور به, يعني أن قوله تعالى: ژ پ پ ? ? ? ژ أمر بغسل اليدين إلى المرفقين, فإيجاب الغسل محدود بهذا الحد, فبقي الواجب هو هذا القدر فقط, أما نفس الغسل فغير محدود بهذا الحدّ, لأنه ثبت بالأخبار أن تطويل الغرة سنة مؤكدة( ).
وقال القاسمي: (( أشعر أيضاً قوله تعالى: ژ ? ? ژ أن ينتهي في غسل اليدين بها, ويبتدأ بالأصابع, قال الحاكم: وقد وردت السنة بذلك, وهو الذي عليه الفقهاء , ولدلالة لفظ (إلى) لأنها للغاية. وغاية الشيء آخره. وقالت الإمامية: السنة أن يبتدئ بالمرافق. وقالوا: إن (إلى) هنا بمعنى (من) قال الحاكم هذا تقدير فاسد ))( ).
ت‌- ذهب الجمهور إلى أن تقديم اليمين على الشمال سنّة, ومن خالفها فاته الفضل وتم وضوؤه, أما والإمامية فأنهم ذهبوا إلى وجوبه, واحْتُجّ عليهم بأن الآية لا تفيد ذلك فمتى غسلهما مرتبًا أو غير مرتب فقد أمتثل الأمر.
ث‌- وجوب مسح الرأس: والمسح إمساس المحلّ الماء بحيث لا يسيل, والباء في قوله تعالى: ژ ? ژ تفيد الإلصاق, فكأنه قيل: وألصقوا المسح برؤوسكم( ). ويذكر ما جاء في الصحيحين عن ما لك بن عمر بن يحيى عن أبيه: (( أن رجلاً قال لعبد الله بن زيد – وهو جد عمرو بن يحيى- أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله ? يتوضأ, فقال عبد الله بن زيد نعم. فدعا بماء فأفرغ على يديه فغسل مرتين. ثم مضمض واستنثر ثلاثاً. ثم غسل وجهه ثلاثاً. ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين. ثم مسح رأسه بيديه. فأقبل بهما وأدبر. بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاء. ثم ردّهما إلى المكان الذي بدأ منه. ثم غسل رجليه ))( ). وهذه هي الهيأة التي استمر عليها النبي ? فأقتضى هذا أفضلية الهيئة التي كان يداوم عليها ?, وهي مسح الرأس مقبلاً ومدبراً, وإجزاء غيرها في بعض الأحوال.
ج‌- قوله تعالى: ژ ? ? ? ژ, فقرأه بالنصب ( نصب أرجلَكم ) نافع وابن عامر وحفص والكسائي ويعقوب, وبالجر الباقون, ومن هاتين القراءتين تتشعب المذاهب في طهارة الرجلين, فمَنْ قال إنَّ طهارتهما المسح, ومن قال إنّ طهارتهما الغسل, ومن مخير بينهما, ولكل مذهب حججٌ وأدلةٌ على ما ذهب إليه. ويذهب القاسمي إلى التفصيل في ذلك قائلاً:
قال الأولون: قراءة النصب ظاهرها يفيد الغسل, وقراءة الجر ظاهرها يفيد المسح, إلا أنه لما وجد ما يرجح الغسل تأولنا ما أفادته قراءة الجر في ظاهرها, وذكروا أحاديث عدّة لترجيح الغسل, ومنها, (( أن رسول الله ? غسل رجليه في وضوئه مرةً, أو مرتين, أو ثلاثاً ))( ). وقد جاء في مسند أحمد عن جابر بن عبد الله قال: (( رأى النبي ? في رِجْلِ رَجُلٍ مثل الدرهم لم يغسله, فقال: ويلٌ للأعقاب من النار ))( ), وقال ابن كثير: (( ووجه الدلالة من هذه الأحاديث ظاهرة، وذلك أنه لو كان فرض الرجلين مسحهما، أو أنه يجوز ذلك فيهما لما توَعّد على تركه, لأن المسح لا يستوعب جميع الرجل، بل يجري فيه ما يجري في مسح الخف))( ).
ثم يذكر أن هناك من المذاهب من أوجب الجمع بين المسح والغسل, فهؤلاء أخذوا بالجمع بين القراءتين, أما الإمامية فقد أوجبوا المسح فتمسّكوا بقراءة الجرّ, ثم يتطرق لقول ابن كثير, أن هناك طائفة من السلف قالوا بالمسح( ). وهناك مَنْ ذهب إلى التخيير, إذ قالوا لما جاءت بالقراءة بما يوجب الغسل وبما يوجب المسح, دل على أنه مخير( ).
وقال القاسمي: (( ولا يخفى أن ظاهر الآية صريح في أن واجبهما المسح كما قاله ابن عباس وغيره. وإيثار غسلهما في المأثور عنه ?, إنما هو للتزويد في الفرض والتوسع فيه حسب عادته ?, فإنه سنَّ في كلّ فرض سنن تدعمه وتقويه. في الصلاة والزكاة والصوم والحجّ. وكذا في الطهارات كما لا يخفى. وممّا يدلّ على أن واجبهما المسح, تشريع المسح على الخفين والجوربين. ولا سند إلا هذه الآية, فإن كلّ سنة أصلها في كتاب الله, منطوقًا, أو مفهومًا, فاعرف ذلك واحتفظ به والله الهادي ))( ). مما سبق نلحظ أنَّ القاسميّ يرى غسل الوجه في الوضوء واجب, وحد الوجه من منابت شعر الرأس إلى منتهى الذقن طولاً, ومن الأذن إلى الأذن عرضاً, ويقول بغسل اليدين من الأصابع إلى المرافق, ومسح الرأس يجب ان يكون مقبلاً ومدبراً للرأس, أما في الرجلين فقال بغسلهما, وقال أيضاً إنَّ واجبهما المسح على الخفين والجوربين.
أما مغنية فيقول: انه قوله تعالى: ژ پ پ ژ, لا خلاف فيه سوى أنَّ الشيعة قالوا: بوجوب الابتداء من الأعلى ولا يجوز النكس, في حين قالت المذاهب الاخرى بجواز الغسل كيف اتفق لكن الأفضل الابتداء من الأعلى, وقوله تعال ژ? ? ? ژ أيضاً لا خلاف فيه إلا أن الشيعة أوجبوا الابتداء بالمرفق, وأبطلوا النكس, كما أوجبوا تقديم اليد اليمنى على اليسرى, أما السنة فقد قالوا بغسلهما كيف اتفق أجل تقديم اليمنى أفضل, وكذا الابتداء من الأصابع إلى المرافق( ).
أما قوله تعالى: ژ ? ? ژ, فيذكر مغنية هنا أراء المذاهب الإسلامية في مسح الرأس, (( قال الحنابلة: يجب مسح الرأس والأذنين, ويجزي الغسل مع المسح بشرط إمرار اليد على الرأس. وقال المالكية: يجب مسح جميع الرأس دون الأذنين. وقال الحنفية: يجب مسح ربع الرأس, ويكفي إدخال الرأس في الماء أو صبه عليه. وقال الشافعية: يجب مسح الرأس ولو قل, ويكفي الغسل أول الرش. وقال الشيعة: يجب مسح جزء من مقدم الرأس ويكفي أقل ما يصدق عليه اسم المسح, ولا يجوز عليه الغسل أو الرش وعليه يكون معنى الباء الإلصاق على القولين الأولين, والتبعيض على الأقوال الأخيرة الثلاثة ))( ).
وقوله تعالى: ژ ? ? ? ژ ورد في الأرجل قراءتان: أحدهما النصب, والأخرى الخفض, فالسنة قالوا يجب غسل الأرجل لا مسحها, لأنها معطوفة على الأيدي على القراءتين, في حين أن الشيعة الإمامية قالوا يجب مسح الأرجل, لا غسلها لأنها معطوفة على الرؤوس, ولكل من الشيعة والسنة ادلة لأثبات رأيه( ). مما تقدم نرى ان مغنية يذكر اراء فيما يخص آية الوضوء.
موازنة بينهما:
بعد عرض الانموذجين من واقع تفسير المُفَسِرَينِ ومقابلة النصين بعضهما ببعض, نتوصل إلى ما يأتي:
1- اتفاق المُفَسِرَينِ بالقول بوجوب غسل الوجه.
2- اختلافهما فيما يخص اليدين فالقاسميّ يرى أن غسل اليدين يبدأ من الأصابع إلى المرافق, ويجوز غسلهما كيف اتفق سواء تقديم اليمنى على اليسرى, أو العكس, في حين أن مغنية, يقول بغسلهما من المرافق إلى الأصابع ولا يجوز النكس, ولا يجوز تقديم اليسرى على اليمنى, فتقديم اليمنى على اليسرى واجب.
3- اختلافهما في مسألة مسح الرأس فالقاسمي يقول بمسح الرأس مقبلاً ومدبراً أي أن يبتدأ بمقدم الرأس إلى القفا, ثم يرجع إلى المكان الذي بدأ منه, أما مغنية فقال بمسح جزء من مقدم الرأس, أو يكفي أقل ما يصدق عليه المسح.
4- انفراد القاسمي بقوله: إنَّ واجب الرجلين الغسل, والمسح على الخفين والجوربين, أما مغنية فذهب إلى القول بوجوب المسح.
5- اتفاق المفسرينَ في ذكرهم للقراءات التي جاءت في الأرجل.


ثالثًا: حكم الصيام/ قال تعالى: ژ ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ?? ? ? ? ? ? ?? ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑک ک ک ک گگ گ گ ? ژ [البقرة: 183 – 184], إذ يقول القاسميّ أن معنى, قوله تعالى: ژ ? ? ? ٹ ژ, أي فرض ژٹ ٹ ژ, وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس, وأنّ للصوم تأثيرًا عجيبًا في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنية, وحميتها من التخليط الجالب لها المواد الفاسدة, التي إذا استولت عليها أفسدتها, واستفراغ المواد الردية المانعة له من صحتها, فالصوم يحفظ الجوارح صحتها, ويعيد إليها ما استلبته منا أيدي الشهوات, فهو من أكبر العون على التقوى, كما في قوله تعالى: ژ ? ? ژ, وقد جاء في صحيح البخاري أن رسول الله ? قال: (( الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن أمرؤ قاتلة أو شاتمه فليقل أني صائم. مرتين, والذي نفسي بيده لخلو فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك, يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي, الصيام لي وأنا أجزي به, والحسنة بعشر أمثالها ))( ), وقوله تعالى: ژ ٹ ? ? ? ? ? ژ تأكيد للحكم, وترغيب فيه, وتطييب لأنفس المخاطبين به, فإن الشاق إذا عم سهل عمله والمماثلة إنما هي في أصل الوجوب لا في الوقت والمقدار, وفيه دليل على أن الصوم عبادة قديمة, فقد ذكر الصوم في التوراة والإنجيل فالصوم عبادة قديمة( ).
أما قوله تعالى: ژ ? ? ژ, أي كتب عليكم الصيام في أيام معدودات, ژ ? ? ? ? ژ, أي من كان مريضاً يضره الصوم, أو يعسره,
ژ ? چ چ ژ, أي فأفطر ژ چ ژ, أي عليه أن يصوم عدة أيام المرض والسفر ژچ ? ? ژ, أي غير المعدودات المذكورة, وإنما رخص الفطر في حال المرض والسفر لما فيه من المشقة.
ويمضي قائلاً: ثبت أن رسول الله ? صام في السفر وأفطر, كما خير بعض الصحابة بين الصوم والفطر, فقد قال أبي الدرداء: (( خرجنا مع النبي ? في بعض أسفاره في يوم حار, حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر, وما فينا صائم إلا ما كان من النبي ? وابن رواحة ))( ).
بعد ذلك تناول القاسميّ ما يخص المسافر, والمريض في حكم الصوم، إذ ذكر جواز الصوم للمسافر، إذا طاقه بلا ضرر, وأما إذا شقّ عليه الصوم، فلا ريب في كراهته، ويستشهد القاسميّ في ذلك بما ورد عن جابر رضي الله عنه, إذ قال: (( كان رسول الله ? في سفر، فرأى زحاماً، ورجل قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال: ليس من البر الصوم في السفر))( ). وخلاصة القول فإن القاسميّ يرى أن المريض والمسافر يباح لهما الإفطار، فإن صاما صح صومهما. وإن تضررا، كره, ويمضي في تفسيره للآية المباركة فيقول: إن الرسول محمد ? لم يكن من هديه تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحد ولا صح عنه في ذلك شيء، ويستشهد بأحاديث عدّة لتأكيد ما قاله في خصوص المسافة منها ما ذُكِرَ عن عبيد بن جبر (( ركبت مع أبي بصرة الغفاري صاحب رسول الله ? في سفينة من الفسطاط في رمضان، فلم نجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة قال: اقترب. قلت: ألست ترى البيوت؟ قال أبو بصرة: أترغب في سنة رسول الله ?؟ ))( ).
بعد ذلك يتحدث عن أقوال العلماء في الآية المباركة من ناحية الناسخ والمنسوخ فيذكر رأيين أحدهما: أن أغلب العلماء قالوا أن هذه الآية منسوخة بما بعدها, والأخر: أنها ليست منسوخة( ). مما سبق نلحظ أن القاسمي يتحدث عن الصوم فيرى جواز الصوم في السفر اذا لم يحدث ضرر, وأن الصائم اذا نوى على سفر فيجوز له ان يفطر من دون تحديد المسافة.
أما مغنية فيقول في تفسيره للآية السابقة: إنَّ الصوم من أهم العبادات, وهو واجب بضرورة الدين كوجوب الصلاة والزكاة, وقد قال الفقهاء من أنكر الصوم, فهو مرتد يجب قتله, ومن آمن بوجوبه, وتركه تهاوناً واستخفافاً عزر بما يراه الحاكم الشرعي, فإن عاد ثانية عُزر ثانية, فإن عاد قتل, وقيل يقتل في الرابعة, والصوم عباده قديمة افترضها الله تعالى على الأمم السابقة, وان قوله تعالى: ژ? ? ژ, فيه إشارة إلى الحكمة من وجوب الصوم, وهي أن يتمرن الصائم على ضبط النفس, وترك الشهوات المحرمة, والصبر عنها, فقد قال الإمام علي ?: (( لكل شيء زكاة, وزكاة الجسم الصيام ))( ), وقوله: ژ ? ?ژ, هي أيام شهر رمضان, لأن الباري عزل وجل لم يكتب علينا غيرها, ژ ? ? ? ? ? چ چ چ چ ? ?? ? ? ? ? ? ? ژ فإن الله تعالى ذكر ثلاثة مسوغات للإفطار في رمضان, هي:
1- المرض: وهو أن يكون الإنسان مريضاً, إذ أنه إذا صام زاد مرضه, لكن يخشى إذا هو صام أن يحدث له الصوم مرضاً جديداً, لكن المريض اذا أصر على الصوم مع تحقق المرض فسد صيامه , وعليه القضاء, تماماً كما لو أفطر بلا عذر.
2- قد ثبت عن طريق الشيعة والسنة أن النبي محمد ?, قال: (( ليس من البر الصوم في السفر ))( ), وقال الرازي: أن قوما من العلماء والصحابة ذهبوا إلى أنه يجب على المريض والمسافر أن يفطرا, ويصوما عدة من أيام أخر( ), ويرى مغنية مما تقدم يكون الإفطار في السفر عزيمة, لا رخصة, فالمسافر لا يجوز له أن يصوم بأي حال من الأحوال.
3- الشيخوخة: فقد جاءت الإشارة إلى هذا المسوغ في قوله تعالى: ژ ? ? ? ? ? ? ژ, فقد نزل هذا الحكم من خصوص المسن الضعيف الهرم رجلاً كان, أو امرأة, والطاقة اسم لمن كان قادراً على الشيء مع الشدة والمشقة, وهذا هو المخير بين الصوم والإفطار مع الفدية, وهي إطعام مسكين( ).
وقوله تعالى: ژ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ژ, إنَّ مَنْ زاد في الإطعام كأن يطعم أكثر من مسكين فهو خيرٌ له, وقوله: ژ ک ک ک گگ گ گ ? ژ, أي: أن الشيخ والشيخة الضعيفين الهرمين, وإن كانا مخيرين بين الإفطار والصيام إلا أن الصيام أفضل عند الله تعالى من الإفطار( ). مما تقدم نرى أن مغنية, يقول بوجوب الصوم, مع ذكره لمسوغات الإفطار.
موازنة بينهما:
بعد عرض الانموذجين من واقع تفسير المُفَسِرَينِ ومقابلة النصين بعضهما ببعض نتوصل إلى ما يأتي:
1- الاهتمام المشترك بين المدرستين مدرسة أهل البيت ? ومدرسة الصحابة (رض) في القول بأن الصيام فريضة.
2- اتفاق المُفَسِرَينِ باستشهادهما بالأحاديث الشريفة.
3- انفراد القاسميّ بقوله أن المسافر مخير بين الصوم والإفطار ويستدل على ذلك بأحاديث جاءت في صحيح البخاري وسنن الترمذي وغيرها من كتب الحديث في مدرسة الصحابة, أما مغنية فيقول أن الصائم إذا سافر يجب عليه أن يفطر, لأن صيامه يعدُّ فاسدًا.
4- اتفاق المُفَسِرَينِ بقولهما أن المريض يباح له الصوم اذا لم يزداد مرضه, فإن زاد مرضه وحدث له المشقة والضرر فصومه فاسد.
5- انفراد القاسميّ بقوله أن النبي ? لم يكن من هديه تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحد, أما مغنية لم يشير إلى المسافة التي يجب أن يفطر فيها الصائم, لكنه تميز عن القاسميّ, بقوله أن الإفطار في السفر عزيمة لا رخصة.
6- اهتمام المُفَسِرَينِ في بيان فوائد الصوم والحكمة منه.
7- انفراد مغنية بذكره لقول الفقهاء في حق من أنكر الصوم, ومن أفطر متعمداً.
رابعًا: حكم الخمس/ قال تعالى: ژ ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ژ [الأنفال: 41], إذ ذكر القاسميّ في تفسيره لهذه الآية المباركة ما قاله الفقهاء في معنى أن الغنيمة: هي ما يغنمه المسلمون من الكفار بقتال, وعلى هذا القول: لا يوجد خمس إلا إذا كان هناك قتال, وإنّ ما في قوله تعالى: ژ ? ژ بمعنى الذي, والعائد محذوف, وقيل شرطية, وقوله تعالى: ژ ? پ ژ معناه أنَّ ما غنمتموه كائناً ما كان يقع عليه أسم شيء, حتى الخيط والمخيط, فالذي أفادته الآية الكريمة أن الواجب من المغنم تخميسه, وصرف الخمس على ما ذكره الله تعالى, وقسمة الباقي على الغانمين بالعدل( ).
بعد ذلك يتطرق لقول الجمهور ان ذكر الله تعالى لقوله: ژ پ پ ژ للتعظيم, أي تعظيم الرسول ? كما في قوله تعالى: ژ ? پ پ پ پژ [التوبة: 62], أو لبيان أنه لا بد في الخمسة من إخلاصها لله تعالى, وأن المراد قسمة الخمس على المعطوفين عليه , وتمسك بعظهم بظاهر ذلك, فأوجب سهماً سادساً لله تعالى, يصرف في وجوه الخير, أو يؤخذ للكعبة.
ويمضي القاسمي في توضيحه لمراد الله تعالى من الآية الكريمةَ إذ يتحدث عن أسهم الخمس فيذكر, أن سهماً للرسول ? وقد جعله الله تعالى له, كان أمره في حياته مفروضاً إليه, فيتصرف فيه كيفما شاء ويرده إلى أمته كيفما شاء, فقد جاء في مسند أحمد: (( أن أبا الدرداء قال لعبادة بن الصامت: يا عبادة كلمات رسول الله ? في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس؟ فقال عبادة: إن رسول الله ? صلى بهم في غزوهم من المقسم. فلما سلم قام رسول الله ?, فتناول وبرة بين أنملتيه فقال: إن هذه من غنائمكم, وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس, وهو مردود عليكم, فأردوا الخيط والمِخْيَط, وأكبر من ذلك وأصغر, ولا تغلوا فأن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة, وجاهدوا الناس, في الله تبارك وتعالى, القريب والبعيد, ولا تبالوا في الله لومة لائم, وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر, وجاهدوا في سبيل الله, فإن الجهاد باب من أبواب الجنة. ينجي الله تبارك وتعالى به من الغم والهم ))( ). أما سهم الرسول ? بعد وفاته, فللعلماء فيه مذاهب, فمن قائل يكون لمَنْ يولي الأمر من بعده, ومن قائل يصرف في مصالح المسلمين, ومن قائل يصرف لقرابته ? ومن قائل بأنه مردود على بقية الأصناف, أي ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل( ).
بعد ذلك يذكر أسهم الخمس الأخرى, فقد أجمع الفقهاء على أن المراد بـ ژ ? ? ژ هم قرابة الرسول ? وقالوا أن سهم ذوي القربى يصرف إلى بني هاشم وبني المطلب فقط, أما سهم اليتامى, فقد قيل أنه يخص به فقراؤهم, وقيل يعمُّ الفقراء والأغنياء, وسهم المساكين: وهم المحتاجون الذين لا يجدون ما يسد خلتهم ويكفيهم, وسهم ابن السبيل( ). مما سبق نلحظ أن القاسميّ يذكر أقوال العلماء في معنى الغنيمة, ويتحدث عن أسهم الخمس.
أما مغنية فقد ذكر معنى الغنيمة بين السنة والشيعة, فالسنة يرون أن الغنيمة: هي ما يغنموه المسلمون من الكفار بقتال, وعلى هذا القول فإن حكم المخمس منتفٍ في حالة عدم وجود قتال, أما الشيعة فعندهم الغنيمة أعم مما يأخذه المسلمون من الكافرين بقتال, فأنها تشمل المعدن مثل الذهب والفضة, وأيضاً تشمل الكنز المدفون تحت الأرض إذا لم يعرف صاحبه, وتشمل ما يخرجه الإنسان من البحر بالغوص كاللؤلؤ, وما يفضل عن مؤنة الإنسان وعياله مما أكتسبه, وتشمل المال الذي فيه الحلال والحرام, ولم يعلم شخص الحرام, ولا مقداره, ولا صاحبه, وتشمل الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم, هذا من ناحيه معنى الغنيمة واختلاف المذاهب في معناها.
أما أسهم الخمس فكما اختلف الشيعة والسنة في معنى الغنيمة فقد اختلفوا في عدد أسهم الخمس وتقسيمها على مستحقيها: فقد قال الشيعة إن الخمس يقسم على قسمين, الأول ويقسم بدورة على أسهم: سهم لله, وسهم للرسول, وسهم لذوي القربى, وما كان لله فهو للرسول, وما كان للرسول فهو لقرابته, وولي القرابة بعد النبي هو الإمام المعصوم القائم مقام النبي ? فأن وجد أعطي له, وإذا لم يوجد فقد وجب إنفاقه في المصالح الدينية, وأهمها الدعوة إلى الإسلام, والعمل على نشره وإعزازه, أما القسم الثاني فهو أيضاً ثلاثة أسهم, هي: سهم لأيتام آل محمد ?, وسهم لمساكينهم, وسهم لأبناء السبيل منهم خاصة, لا يشاركهم أحد في ذلك, لأن الله تعالى حرم عليهم الصدقات فعوضهم عنها بالخمس( ).
أما أسهم الخمس عند السنة فقد ذكر ما قاله الرازي: إنَّ المشهور في أسهم الخمس خمسة أسهم، الأول: لرسول الله ?، والثاني: لذوي قرباه من بني هاشم وبني المطلب، من دون بني عبد شمس وبني نوفل، والثالث: لليتامى, والرابع: للمساكين, والخامس: لابن السبيل، وأما بعد وفاة الرسول ? فعند الشافعي: أنه يقسم على خمسة أسهم ، سهم لرسول الله ?، يصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين، كعدة الغزاة من الكراع والسلاح، وسهم لذوي القربى من أغنيائهم وفقرائهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي للفرق الثلاثة, وهم: اليتامى، والمساكين، وابن السبيل. إما أبو حنيفة, فقد قال: إن بعد وفاة الرسول ? سهمه ساقط بسبب موته، وكذلك سهم ذوي القربى، وإنما يعطون لفقرهم، فهو أسوة سائر الفقراء، ولا يعطى أغنياؤهم فيقسم على اليتامى والمساكين وابن السبيل في حين أن مالك قال: الأمر في الخمس مفوض إلى رأي الإمام( ). مما تقدم نرى أن مغنية يوضح معنى الغنيمة بين المذاهب الإسلامية, ثم يذكر أسهم الخمس عن المسلمين.
موازن بينهما:
بعد عرض الانموذجين من واقع تفسير المُفَسِرَينِ, ومقابلة النصين بعضهما ببعض, نتوصل إلى نتائج عدة, وهي:
1- الاهتمام المشترك بين المدرستين مدرسة أهل البيت ? ومدرسة الصحابة (رض) في مسألة الخمس.
2- اتفاق المُفَسِرَينِ في بيان معنى الغنيمة, فالقاسميّ يرى أن الغنيمة هي كل ما يأخذه المسلمون من الكفار بقتال, اما مغنية فيقول أن الغنيمة تشمل الذهب والفضة, وما يخرجه الإنسان من باطن الأرض, والمال الذي فيه الحلال والحرام ولم يعلم شخص الحرام ولا مقداره, وكذلك الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم, وكل ما يفضل عن الإنسان مؤنة وعالية مما أكتسبه.
3- انفراد مغنية في ذكره لمعنى الغنيمة عند الشيعة والسنة أما القاسمي فقد ذكر معناها عند السنة فقط.
4- اتفاقهما في ذكر أسهم الخمس, فالقاسمي ذكر خمسة أسهم, أمام مغنية فقد ذكر ستة أسهم.
5- انفراد مغنية في ذكره لأسهم الخمس عند الشيعة والسنة, أما القاسميّ, فقد ذكر أسهم الخمس عند السنة فقط.
6- اختلاف بين المدرستين في معنى ذوي القربى فالشيعة يقولون: أن ذوي القربى هم الأئمة المعصومون ?, اما الجمهور فيقولون ان ذوي القربى بني هاشم وبني المطلب.
7- تميز مغنية من خلال ذكره لمعنى ذوي القربى عند السنة والشيعة, أما القاسمي فقد ذكر معناه عند السنة.
الخاتمة وأهم نتائج البحث
1- إن آيات الأحكام هي الآيات التي يمكن بصحيح النظر فيها التوصل إلى حكم شرعي عملي.
2- إن مراحل التأليف في آيات الأحكام تنقسم على ثلاث مراحل, فالمرحلة الأولى تعرف بالمرحلة الذهبية والمرحلة الثانية تسمى بمرحلة الفتور, أما المرحلة الثالثة فهي عصرنا الحاضر.
3- اتفاق المُفَسِرَينِ في القول بجواز الزواج من الكتابية, مع ملاحظة أن مغنية يذكر رأى مذهبه, والمذاهب الأخرى ويستدل على الرأي الذي يذهب إليه بآيات من الذكر الحكيم, في حين أن القاسميّ يكتفي في أغلب المواضع بذكر رأي مذهبه فقط.
4- اتفاق المُفَسِرَينِ في القول بوجوب غسل الوجه.
5- اختلافهما فيما يخص اليدين فالقاسميّ يرى أن غسل اليدين يبدأ من الأصابع إلى المرافق, ويجوز غسلهما كيف اتفق سواء تقديم اليمنى على اليسرى أو العكس, في حين أن مغنية يقول بغسلهما من المرافق إلى الأصابع ولا يجوز النكس, ولا يجوز تقديم اليسرى على اليمنى, فتقديم اليمنى على اليسرى واجب.
6- اختلافهما في مسألة مسح الرأس فالقاسميّ, يقول بمسح الرأس مقبلًا, ومدبرًا, أي أن يبتدأ بمقدم الرأس إلى القفا ثم يرجع إلى المكان الذي بدأ منه, أما مغنية فقال ان يمسح جزء من مقدم الرأس, أو يكفي أقل ما يصدق عليه المسح, في حين ان القاسميّ انفرد بقوله ان واجب الرجلين الغسل, والمسح على الخفين والجوربين, أما مغنية فذهب إلى القول بوجوب المسح.
7- اتفاق المُفَسِرَينِ في بيان معنى الغنيمة, فالقاسميّ يرى أن الغنيمة, هي كل ما يأخذه المسلمون من الكفار بقتال, اما مغنية, فيقول إن الغنيمة تشمل الذهب والفضة, وما يخرجه الإنسان من باطن الأرض, والمال الذي فيه الحلال والحرام, ولم يعلم شخص الحرام ولا مقداره, وكذلك الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم, وكل ما يفضل عن الإنسان مؤنة وعالية مما أكتسبه, فصلًا عن ذلك أن مغنية ذكر ستة أسهم للخمس, في حين أن القاسميّ ذكر خمسة أسهم
8- انفراد القاسميّ بقوله ان المسافر مخير بين الصوم والإفطار, ويجوز له ان يفطر من دون تحديد المسافة, أما مغنية فيقول ان المسافر يفطر إذا اجتاز المسافة المحددة, وانفراد مغنية أيضاً بذكره لقول الفقهاء في شأن من ينكر الصوم.
الهوامش

تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث