معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


الظواهر الاسلوبية


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
مثنى عبد الرسول مغير الشكري

Citation Information


مثنى,عبد,الرسول,مغير,الشكري ,الظواهر الاسلوبية , Time 6/19/2011 8:15:29 AM : كلية العلوم الاسلامية

وصف الابستركت (Abstract)


الظواهر الاسلوبية

الوصف الكامل (Full Abstract)


 
 
  
الظواهر الأسلوبية في شعر حمّادي بن نوح الحلي
إعداد
أ.م.د عدوية عبد الجبار كريم
م.د مثنى عبد الرسول مغير

   لاتسمى القصيدة الشعرية قصيدة،الأبعد تنظيمها،ووضع تلك الأفكار العائمة في صياغة شعرية متوقفة على إبداع الشاعر،وقدرته المميزة،وتلك الصياغة تدعى أيضاً بـ"الصياغة الأسلوبية"التي عن طريقها نستطيع الكشف عن التناسق،والترتيب الحاصلين في أبيات القصيدة،إلا إن الشيء الذي يجب ذكره،هو أن الأسلوب المتبع في نص ما،وهو الذي يشمل التجربة الأدبية بكل أبعادها،وخصائصها لايمكن أن يكون مادة ثابتة على الدوام في نص آخر،وإنما هو قابل للتغير بحسب ذاتية المرسل.
 
  
  
وفي هذا البحث نتوخى الكشف عن الظواهر الأسلوبية البارزة في شعر ابن نوح الحلي والتي وجداناها تتنوع عنده بتنوع تجاربه، ومنها :-  أولاً:النداء:
    وهو من الأساليب الطلبية وسيلة مهمة من الوسائل البلاغية والنحوية التي لها وقعها الخاص في النصوص الشعرية،من حيث إضفاء الحيوية والحركية على المعاني،ويسهم هذا الأسلوب في بناء القصيدة ويعين مراحلها أو يفصل فيها موضوعا عن موضوع،التي هي بمثابة مفتاح جديد لموضوع جديد،حيث  تفيد هذه المسافة الزمنية بين نداء وأخر داخل إطار القصيدة نفسها في  إعطاء فرصة لتحليل وعرض الفكرة التي يريدها الشاعر،ومن ثم الانتقال إلى الفكرة الجديدة.
والمقصود بالنداء رفع الصوت ومده لغرض تنبيه(المخاطب ليصغي إلى ما يجيء بعده من الكلام المنادى له) ، ويأتي هذا الأسلوب لفظا ،أي لفظة ينادي،وبحروفه المخصوصة له،(لغرض طلب إقبال المدعو على الداعي )  ، ولا يكون الغرض منه في(مألوف العادة إلا التماساً لحاجة ،وهو من اجل ذلك لايصدر إلا عن محتاج إلى عون،أو راغب في صريخ،ويعني ذلك أن الشخصية الشعرية محتاجة) .
والنداء في أصله هو ان يتوجه به صاحبه"المنادي"إلى منادى عاقل يفهمه ويصغي إليه،وإذا ماخرج عن هذا المنظور فانه يندرج تحت ما يسميه سعيد الغانمي"التفات التشخيص"الذي(يتحقق بنداء الأشياء غير العاقلة) .
 ويعد هذا الأسلوب من الأساليب المهمة التي تسهم في تشكيل الخطاب الشعري، وتحقق ذلك نجده في شعر حُمّادي بن نوح الحلي سواء أكان الخطاب بالنداء لفظاً أو بالحروف أو بحذفها.
ومن استعمالات النداء لفظاً قوله :        يا قلبُ شأنكَ والهـوان بـبابلٍ          عن صورةِ الخُلاّنِ لا تتـرمَّلِ
 فاستخدم الشاعر حرف النداء الياء،افادت التصاق الشاعر باحبائه وعدم قدرته على الابتعاد عنهم من خلال ندائه للقلب مجازاً،رغم أن هذا الحرف يأتي لنداء البعيد ،وقد ينادى بها القريب،وذلك لان الصوت بها يأخذ مساحة واسعة،وهذا ما لمسناه في نداء القلب بهذا الحرف.
 وتبوءت الياء الصدارة في شعره،لاهميتها مع المنادي لكونها أكثر حرية في نداء القريب والبعيد،وبدلالة توقعية واضحة تمنح المنادي بعدا جماليا من خلال التلاعب في نداء القريب بالبعيد وبالعكس،إما بقية الأدوات أو الأحرف قد وردت في مواضع متفرقة،وبدلالات مختلفة تتفق،ومعنى السياق العام الذي يوجهه النص الشعري.
 كما وجدنا أن النداء يحضر في مطالع القصائد،لغرض لفت انتباه المتلقي أيضاً،مثال ذلك قوله :
                                      أحمى بابلٍ سُقـيتَ الغَـماما                   وتضوّعتَ في نـسيمِ الخُزامـى
 
وقوله :                     يا دهرُ شأنكَ والخلافُ فما الحِجا                   متوّفرٌ والبـغيُ فيكَ مُـوفّرُ
ولمّا كانت غاية النداء تنبيه لمخاطب إلى ما سيأتي بعده من الكلام،لذلك قد يحذف حرف النداء بقصد الانتهاء،والتفرغ إلى المقصود من الكلام،لغرض لفت انتباه المتلقي، مثال ذلك قوله :
                                         أميةُ لا عداك عار وغـىً                سمتِ به عدل الدّين بالأطرِ
 في حين قد شمل النداء مساحة بنائية أوسع،فتشمل أكثر من بيت شعري،مثال ذلك مثنيا على أحد ممدوحيه :
                                   أ أبيُّ ما يومي بِبُعدِكَ مُشـرِقٌ           وظلامُ ليـلي في دُنُوِّكَ مُنـجلي
                                 أ أبا الرِّضـا النّائي عَلَيَّ كمالُهُ             وقرارُهُ في الفِكرِ لم يتحـولِ
 إن إلصاق الهمزة بالمنادي أفادت إلصاق الشاعر بفكرته،وبمن يحب،وعدم قدرته الفكاك عنه،وخصوصية موضوعه.
 وبتجاوز الدائرة الأحصائية من حيث تتبع هذا الأسلوب،ورد النداء مخاطبا العاقل وغيره،كما يأتي:_
 أ-نداء العاقل :
 في هذا النوع من النداء يتوجه المنادي بندائه إلى منادى يعي ما يريد المنادي منه،من ذلك نداؤه لآل البيت بقوله :
                                     فياصـفوةَ اللهِ من خـلقهِ             ومَن لشفاعـتهم مرجـعي
 فالنداء جاء ليحرك أفق الإحساس بتلقيها،وكأن هناك ضرورة في الالتفات فيبدو أن السامع معنى بها"الصفوة"فالنداء لم يأتي لعامة الناس،إنما لفئة مخصوصة دون سواهم،فهو محدد لفئة مخصوصة من دون غيرها،وغر مقيد بزمان معين.
 ومن ندائه أيضا في هذا الصدد مناديا يزيد بن معاوية"لعنه الله" :
                                    بولاءِ آلِ مـحمدٍ عـلِقتْ               بكَ يا رهينَ الموبـقاتِ يدُ
 فنرى إن هذا النداء راجع إلى البعد النفسي بخطاب المنادى_يزيد_بـ"رهين الموبقات" رغبة منه في أن يكون هذا المنادى بعيداً عن المنادي،لصفاته السيئة التي لازمته في كل خطوة يخطوها.
 وقد جاء نداء العاقل عند الشاعر معتمدا على التعبير المباشر لعرض مناقب المنادى ، وفضائله،كما في قوله مادحاً :
                                أ أبا الرِّضـا النّائي عَلَيَّ كمالُهُ             وقرارُهُ في الفِكرِ لم يتحـولِ
 
ب_نداء غير العاقل :
 في هذا النوع يتوجه الخطاب إلى غير العاقل من الجمادات أو الأصوات،فيحولها إلى ذوات عاقلة تعي ما تريد،وغاية النداء هذه , بمعنى آخر خروج عملية النداء من نمطها الاعتيادي،لتدخل نمطاً آخر،ومدى جديدا، وهذا الأمر مألوف في النص القرآني والشعر العربي القديم والحديث،فكثيرا ما كانوا يقفون ويستوقفون على مخاطبة الأشياء الخارجية من بيئتهم الطبيعية،خروجا على النمطية الصارمة،والمنطقية الجامدة إلى مخاطبة المحسوسات (مخاطبة أشياء وموضوعات لاتسمع ولاتجيب،ولكنهم يخاطبونها،وينظرون منها أن تفهم خطابهم،وهذا يعني أنهم يحولون هذه الموضوعات غير العاقلة إلى ذوات عاقلة فيؤنسونها بقوة  الألتفات ) .
  وهذه الذوات التي يخاطبها الشاعر،هي ذوات شعرية منبجسة من الشعر نفسه،وليست شيئا خارجاً عن أسراره ، ومع ذلك(فان وجود المنادى يبقى وجودا افتراضيا-اولنقل التفاتيا-أسيرا للشعر) ، فمن ذلك قوله يصف إقدام شجاعة أصحاب الإمام الحسين"عليه السلام" :
                                        وَسلوا حِفـاظاً بأسيـافهـم                      عَزائمُ بالبيـضِ لَـمْ تُـطبَـع
                                      فمالوا بطودِ الظَّلالِ الشَّـديدِ                     وَنادى الظُّبا ياجبالُ اخضعي
 
فتبدو القيمة التركيبية في هذا النداء متكافئة،ومتواشجة ـ بين الظبا،والجبال في الارتفاع،والعظمةـ لرسم دلالة البيت.
 فالمنادى غير عاقل"الظبا"ينادي طالبا على وجه الالزام الجبال-وهي غير عاقل أيضاً- بالخضوع والرضوخ لها ، لكونها سيوف الحق بوجه الظلم ، فهي منتصرة ، وعالية لايضاهيها إلاّمايعادلها في العظمة،فجاء النداء إلى الجبال لثباتها على الأرض ، وعظمتها،كذلك أصحاب الإمام بسيوفهم كانوا ثابتين لايتحركون .
 ومن صور نداء غير العاقل أيضاً قوله يصف خروج الإمام الحسين "عليه السلام"،وأهله وأصحابه من مكة :
                          يا دهرُ شأنكَ والخلافُ فما الحِجا               متوّفرٌ والبـغيُ فيكَ مُـوفّرُ
                            مُنِعَ ابن فاطمةٍ مـناسكَ حَـجّهِ                 ويزيدُ يؤمنهُ الشرابُ المُسْكرُ
                         يا حجرَ إسماعيل جاوزكَ الهُدى                 مُذ بانَ عن غَدِكَ الحسينُ الأطهرُ
                       أ صفاءَ زمزمِ لا صفوتَ لشـاربٍ                  وحشا الهُدى بلـظّى الظّما تتـفطْرُ
                        أثلاثةَ التشريـقِ من وادي مـنى                   لا تـمَّ في واديـكِ حـجٌ أكـبرُ
 
ينبثق هذا النص من قصيدة مكونة من أربعة عشر بيتً مؤطرة بوشاح الحزن ، والألم تجاه الإمام الحسين وأهله مما يحتم تشكيل بعد مكاني ، يحاول الشاعر الدخول من خلاله ، ولهذا يخاطب الدهر وهو غير عاقل ، ويرى فيه البغي ، والضلال،ثم يستثمر مناسك الحج ليبث فيها الروح ، فيجعلها دالاً إنسانيا في تحقيق هدفه المنشود ، فقد اكتسب كل من حجر إسماعيل ، وبئر زمزم،وثلاثة التشريق دفقا حيويا شعريا بوصفه معادلا حقيقيا للذات العاقلة ، حتى يحقق الشاعر في النهاية بعدا دلاليا اشمل ، له أثره في نفس المتلقي .
 ومن صوره التي يحاول أن يجعلها ابن نوح مؤثرة قوله :
                         حالٌ لها يألمُ الظّلومُ شـجىً                          يا أرضُ زولي ويا سما بيدي
                          حالٌ لها يألمُ الظّلومُ شـجىً                         يا أرضُ زولي ويا سما بيدي
 
فليس بالضرورة أن يكون الخروج على المكونات الاعتيادية للخطاب إلى مكونات أخرى غير متدرجة أساسا في العملية الخطابية يؤدي حتما إلى خلق مكونات جديدة مكثفة قد تولد الشعرية وهذا ما لمسناه في النص لإثبات صحت زعمنا،فرغم الخطاب الندائي إلى غير العاقل ،"ياادمعي ، ياارض ، ياسما "لكن لم تكن الصورة مؤثرة وفاعلة ، ذلك لان خطاب العيون وندائها جاء أمرا إلزاميا ، وليس طوعا لاظهار فداحة الأمر ، أي أدمعت بناء على إلزام أمر لها،وليس تلقاء لعظمة الموقف وأثره , وما محاولته إشراك الأرض والسماء بخطابه لها ليعطي بعدا آخر له مدى ابعد ، جاء من دون فائدة ، فضاق البعد المكاني وضاق دوره في التأثير على المتلقي  ،وتلاشى ، ولم يحقق شيئا كان الشاعر يطمح إليه ويرجوه , وفي ضوء ما تقدم وجدنا أن جمل النداء-بنوعيها العاقل وغير العاقل - قد اتخذت مبدأ التوازي في حضورها مشكلة ملمحا أسلوبيا لها , وكثيرا ما تجاوز أسلوب النداء مقتضى الظاهر إلى توليد دلالات أو متغيرات جديدة يحددها السياق ، ومنها كما وردت في نصوص الشاعر : 
الحزن ، والأختصاص ، والتعجب والتشوق ، كما يأتي :
- الحزن :
 كقوله :         وثاكِلةٍ صرختْ حـولهُ                  فنادَتكَ عن كبـدٍ مـوجَعِ
             تناديك تحت مهاوي السّيـوف               بآخرِ صوتٍ فـلم تسـمعِ
 فقد وجد ابن نوح استخدام اللفظة "الندائية" اكثر تعبيرا ، وتأثيرا ، لو كان قد استخدم احد الحروف المعروفة "للنداء" ، ذلك لان جسامة الموقف تطلب من الشاعر ان ينادي لفظا لاحرفا .
 -الاختصاص:
 هو اصدار حكم على معنى التخصص،والتأكيد ، فالشاعر يخص الذي يثني عليه ، ومثال ذلك قوله :
                          يابـن ْ النبـي إن فـاتـني نصـ                          رُكَ في الكفِّ لم يفُتني كَلاما
                              يابن طـه إليـك لؤلؤُ نـظمٍ                           فاقَ في سمطهِ اللّئالئ نظامـا 
 فعمل الشاعر بوساطة النداء الى خص من يريد ان يعظمه بندائه ، وبيان شأنه من دون غيره في توجيه الخطاب له وبنفس الوقت حاملا هذا النوع من النداء صفة التأكيد أيضاً .
 ونلمس هذا أيضا في قوله مادحاً :
                                 بك يا أبا الحسن الأغـرِّ تلألأت                سُدفُ الغوائلِ في أشـعِّ لموعِ
 -الدعاء :  نحو قوله :
                             يا عريضَ الأمنِ لاخابَ أمرُؤٌ                     طابَ وُدّاً إنْ يَضِق ذرعاً دَعاكا
                              بكَ يا حيرةَ البـصائرِ ضـلّتْ                        فِكـرٌ مِنـكَ حـاولـتْ إدراكـا
                              يا بديعَ الحِجا يُصرّفُ فيـهِ                          ناميَ الرُّشد مِن تـوقّد ذاكـا
  فيحاول الشاعر في هذه النداءات ان يقرب البعيد رغم مكانته العالية او البعيدة،وهذا يعود الى قرب المنادى من نفسه.
 -الاستغاثة : وهي طلب العون والمساعدة على وجه السرعة،ومنها قوله :
                         صَرختْ وأسـتارُ النـبوةِ فـوقها                           فكَأنّها صَرخَتْ بزي حواسِرِ
                        أبتاهُ هـذا جـسمُ سِبْطكَ بالعـرى                          وجبينهُ في الرَمحِ بُلغةُ شاهِر
                          يا جدُّ جـرَّعَكَ العـدوُّ فـوادحـاً                           خرُسَتْ بأيسَرِها فصاحتُ ذاكرِ
                          يا جدُّ إن تُـدرِك بـناتكَ تـلقهـا                           فُنيتْ أعزتها بشفرةِ جائـرِ
  فنلمس في هذا الننداء المتكرر قد  اعطى بعدا مؤثرا في النفس لما يمتلك من ايحاء الأسى والأستغاثة المشبوبة بالحزن.
 -  التعجب :  نحو قوله :
                       يا للهُدى ولآلِ المصـطفى مُنـعـتْ                       ريّ الفرات وتغشى الحرب مُضطرما
                       يا للهدايةِ رأسُ السـبطِ يحـسمهُ                        شركُ الضّلالِ بسيفِ الحقدِ فانحسما
   وقوله :
                      أ اللهُ رأسُ ابـن النّـبيّ يـحـزّهُ                             ويشهدُ الإسـلامُ بالسّـيفِ كـافِرُ
   فنلاحظ ا النداء هنا حرك أفق الاحساس بتلقيها،وكأن هناك ضرورة في الالتفات اليها فيبدو السامع انّه مُعنى به.
 - التشويق :  نحو قوله
                      يا قلبُ شأنكَ والهـوان بـبابلٍ                            عن صورةِ الخُلاّنِ لا تتـرمَّلِ
 وقوله :
                    أ أبا محـمد والـسعادة أقـبلـتْ                                ولها إزائـكَ جـولةٌ وزحـامُ
وقوله :
                    يا أخلاّيَ لَستُ فيما زعمـتمْ                                    زادَني الشوقُ لـوعةً وَغـراما 
   إن الصاق حرف النداء بالمنادي أفاد الشاعر بفكرته او بمن يود او يحب،وعدم قدرته على الابتعاد عنه.
 فمن خلال هذا العرض يكون النداء قد شكل مساحة كبيرة في نصوص ابن نوح ، والسبب لخصوصيته التي تشرك الأخر بندائه ليكون شريكا فاعلا مع المنادى ، وجاء كذلك ليتوافق من اطلاق الزفرات والحسرات او التماهي وحالة الشاعر الحزينة لبعض النصوص التي ورد فيها هذا الأسلوب.
 ثانياً : الاستفهام :  ويعد من اساليب الطلب النحوية التي تخرج عن حيدة الاخبار الى السؤال ، بفضل دخول الأداة عليه ، كي يحرك دلالات معينة في بنى النص التركيبية ، وهو اسلوب واحد منهما ( يطلب المتكلم من السامع ان يعلمه بما لم يكن معلوما من قبل) ليتضح له ، ويستبان الخبر ، أي ان الجملة الاستفهامية هي الجملة التي لها علاقة بالاسئلة بمقتضى صيغتها ووظيفتها .
 ويتم هذا الأسلوب بطرائق ، منها ان تكون الأداة مذكورة صراحة او ان تكون غير مذكورة يستدل عليها عن طريق سياق النص ، وقد يتم بالافعال مثل"اسأل،سأل"او انه يأتي بنغمة صوتية تندرج في مضماره (وكل من هذه العناصر يؤدي معناه،ويقع في موقعه اصالة وليس نيابة عن غيره ، فهو في موقعه أصل) .
وعلى من مجيء الأدوات لإفادة التحويل من سياق الأخبار الى الطلب ، باسلوب مباشر ، وغير مباشر ، تكون عملية التنوع في استخدام الأدوات في ضمن النص ما دالة على تنوع المواقف الشعورية التي تعتري الشاعر.
وباديء ذي بدء نقول : إن مقاربات اسلوب الأستفهام في شعر ابن نوح تهدينا الى مجريات تنظيمه في سياقات خاصة ، وبعد تفحص النماذج التي ورد فيها هذا الأسلوب ، وجدنا ان استفهامات ابن نوح جاءت واضحة الأداة ،  وباختلافها" أ ، من ، أين ، كم ، كيف ، متى ، هل " ، وهذا يقودنا الى القول : ان سياق النص  في شعره قد تأطر ، وابتعد عن الأداة غير المذكورة ، او الأستفهام غير المباشر ، مما يدل على انه لايتخفى وراء ستر الايهام عن طريق باب مغلق ، وانما دائم الطلب وبصيغة معلومة .
وقد جاءت الهمزة متصدرة من بين الأدوات الأستفهامية التي استخدمها ابن نوح ، ويعزى رجحان ذلك،كون الهمزة يطلب بها التصديق ترة ، والتصور تارة اخرى،اما بقية الأدوات فلا يطلب منها الا التصور فقط .
 ومن أمثلة ورود الهمزة،قوله يصف مشهد قتتل الرضيع بين يدي الإمام الحسين"عليه السلام":
                                   فمُرضعةٌ نحرتْ طـفلها                         من القوسِ نافذة المُترعِ
                                  تلاقي السّما بدما نحـرهِ                         أفي اللهِ هانَ دمُ الرّضـعِ
  فجاءت الجملة الأستفهامية في عجز البيت الثاني ممتلكة فاعلية شعرية بتمثلها قمة هرم الدلالة في النص ، والبؤر الرئيسة التي تجتمع حولها هذه الدلالة ، وذلك باعطائها النتيجة النهائية على المشهد المؤثر هذا.
  وقوله أيضاً يصف الإمام الحسين في أرض الطف ، وينظر ابناءه ، واصحابه صرعى على الثرى :
                                تـواتـرتْ البَلـوى عـليه كـأنّهُ                     لكلِّ جهولٍ في هُدى الرّشـدِ واتـِرُ
                            أ يندبُ صرعى أم يصونُ خـفائراً                   وأوثقُ حـزمٍ أن تُصـانّ الخـفائِرُ
 إن لجوء الشاعر الى الأستفهام جاء متلائما للتعبير  عن جسامة الحدث الذي وقع في الطف ، وملائما للتعبير على الحيرة من تنوع المصائب .
 إن قاريء ديوان ابن نوح يجد الكثير من النصوص ورد فيها اسلوب الأستفهام ، بل بلغ ان بدأ بعض استهلالات قصائدة  بهذا الأسلوب ، منها قوله في هلال شهر محرم :
                              أهِـلالٌ أم حـسامٌ صـارمٌ                            في شبا شفرتهِ صكَّ السّماءا
 ومن صور وروده في شعره أن يبدأ الشاعر شطر البيت الأول باستفهام ، وشطره الثاني باستفهام أيضاً ، وربما استخدمه أكثر من مرتين في البيت نفسه ، ويعزى الأمر الى ان الاستفهام ( يمتلك قدرة طيبة على ادخال المتلقي في صميم الصورة ) ، ومنه قوله مخاطبا الإمام الحسين "عليه السلام" :
                               فيا ظامياً شكـرتْ فيـضهُ                         ظواميَ ثرى الخصبِ الممرعِ
                                أجـدّكَ هل لذَّ حرُّ الغـليلِ                         فرِحتَ متى يضطرم تجزعِ
 وفضلا عن ذلك فان الصيغ الأستفهامية الواردة في النصوص ، قد خرجت من مواضعات السياق الأخباري الطلبي من حيث انتظار الإجابة عن سؤاله الى معانٍ مجازية لدلالة بينية مقصودة يوحي بها سسياق الكلام ، لان الشاعر عموما لايطلب فهماً او استخبارا عن تجربته الخاصة ، فهو العالم بكلياتها ، او جزئياتها ، واذا ما استفهم فليس جهلا بامر او او مستهزأ ، فضلا عما يضفيه هذا الأستعمال المجازي ،على الكلام من حيوية تزيد الاقناع والتأثير به ، ولإثارة السامع ، وجذب لانتباهه ، ومن اشراكه في التفكير ليصل بنفسه الى الجواب من دون ان يمل عليه ، ولعل من المعاني لتي خرج اليها الأستفهام في شعره ، وبحسب صدارته :
 - التعجب : ومنه قوله واصفا رأس الإمام الحسين باطراف الرماح
                          عجبتُ لكوكبٍ كَستْ الدّياجي                     أشعَّـةُ نـورهِ بَـرقاً لمـوحـا 
                           بدى قمراً فكيف جرى خطيباً                  وأيـقنهُ الـورى وجهـاً صَبِيـحا
 وقوله ايضا :
                       بأبي أنجـماً  سَقَطـنَ انتـثارا                       صَيَّر الطعْنُ بُرجَهُنَّ الرّغاما
                       يالَـكَ اللهُ أيُّ خَـطْبٍ جـسيمٍ                        جَلَلٍ هَوَّن الخُطُوب الجِسـاما
 فخرج الأستفهام هنا مجققا انزياحا عن وظيفته الأصلية بالتحول من غرضها التقليدي المعروف "الأستفهام" الى غرض آخر ، مايوجد تبديلا في صيغ الأستفهام مولدا الفاعلية الشعرية للنص .
 - الإنكار :  ومنه قوله :
                      أيُعَلّى رأسُ سِبْطِ المُصطفى                        فَوْقَ رُمْحٍ وترى الدّينَ قَشـيبا
  وقوله :
                    ابرأس سـبط محمدٍ عَبِثَ الشّقـا                      وزعِـمتَ أنّكَ للرَّشادِ دعـامُ
 فخرج الأستفهام عن اطار الوظيفة الأصلية  له متحولا من البحث عن الإجابة الى استنكار الأمر بصيغة استفهامية يفهم أنها تحولت الى الأستنكار من خلال الجملة التي تلت هذا الأستفهام،وهي جملة اخبارية يقينية.
 - النفي :  ومنه قوله :
                   يا هلالَ الكربِ واصلتَ الكُروبا                      بالكروبِ اخفقْ حياً أو متْ غُروبا
                        أ نُـجلّيـكَ هـلالاً سـاطـعاً                        وبكَ ابنُ المصطفى مـاتَ غريـبا
 وقوله أيضا :
                 أيسحرني عن غايةِ الشّرفِ الهوى                  ويقمُرني عـن مركزِ الفخرِ قـامرُ
  يبدو ان عامل الدلالة في الجملة الأستفهامية في النصوص حوّل التركيب اللغوي الى مهمة تأدية دور النفي-من خلال انحراف الأستفهام عن وظيفته الحقيقية-من خلال قابلية النص على التأويل بهذا الإتجاه.
 - التعظيم :  ومن قوله يصف شجاعة أنصار الإمام الحسين"عليهم السلام"
                        مصاليتُ عـزمٍ مـتى أقدمتْ                      على الموتِ مرتـعِداً يـفزعِ
                         بِمُعتركٍ فيـه وِتـرُ الكُماة                      متى التَهَبَتْ قُضْبُـهُمْ يشْـفَعِ
 فتحول الأستفهام عن وظيفته الأستفهامية الحقيقية الى وظيفة أخرى مجازية هو تبيان عظمة اصحاب الإمام ، فجاء الأستفهام هنا محاولاً ان يبعد النص عن الوصفية المباشرة الفاقدة للقيمة التعبيرية.
 - التسوية:  ومنها
                            أهِـلالٌ أم حـسامٌ صـارمٌ                     في شبا شفرتهِ صكَّ السّمائا
 - التحسر والتوجع :  ومنه قوله في الإمام الحسين"عليه السلام"
                      فـمن لصـريعِ المـوبقاتِ يقـيمهُ                  إذا غـالهُ في كـفةِ الـغدرِ غـادرُ
                   ومن لسما العلـياءِ يـرفعُ سـمكها                  ودارتْ بقـطبِ الكائـناتِ الدّوائـرُ
  فنرى الاستفهام في النص قد انحرف عن وجهته الحقيقية الى وجهة جديدة في ضوء الاستفهام،مانحا النص التحرك في المساحة الشعرية،من خلال التوسل بالأساليب البلاغية في النص حتى يحمل النص الوسيلة البلاغية.
 ثالثا : الأمر :
 يتمتع كل نص أدبي بنظام فني خاص تبعا للمؤشر الأسلوبي المكون له،فيهيمن في سياقه بنسبة ورود عالية ، ليجعله يتميز عن نظائره في المستوى ، والموقف .
وأسلوب الأمر من الأساليب التي ألفها الشعراء ، فاستعانوا به في تعبيراتهم الشعرية ، لكونه يعدُّ من السمات الأسلوبية في النص الأدبي ، لما يحققه من صيغة جمالية في الفضاء النصي .
 ومن بين المؤشرات الأسلوبية التي شكلت في سياقات ابن نوح بصمة تركيبية مميزة اسلوب الأمر،الذي ينبثق ملمحا بارزاً يستدعي الوقوف عليه.
 والأمر هو طلب الفعل على وجه الإستعلاء،وله صيغ عديدة،وهي"إفعلْ،وليفعل"وصيغة المصدر،واسماء الأفعال،وصيغ الخبر ، وفعل الأمر لايكتفي بنفسه،وانما يتطلب فعلا آخر أو جملة تكون جزاؤه ، وجوابه،فقد عدَّ من الاساليب المهمة التي تسهم في بناء البيت ، لذلك فان ابن نوح قد علق بعضها على بعض كيما يتكامل البناء ، ويتم المعتى،مثال ذلك مناجاته لله سبحانه وتعالى :
               أُكسني العفوَ فقـد بُورِكَ لي                           باشتمالي عفُوكَ النامّي كِسـائا
               وأنـلنـي منـناً لم يُجِـزِِْها                           لَكَ كُلُّ الدَّهرِ من شُكرِ جَزائا
  يتضح لنا الأنتقال الأسلوبي بهيمنة الصيغ الفعلية بلازمة الأمر"إكسني،أنلني"لتحريك دلالات النص،لان الفعل(يمنح الخطاب حركية ،والاسم يمنحه ثبوتا)،وعن طريق حركية الأفعال هذه يعبر النص عن دائرته الدلالية التي جاءت لطلب تحقيق مالايستطيع تحقيقه الشاعر في العفو،والرضا لله سبحانه وتعالى.
 وقد يتصدر اسلوب الأمر في البيت الواحد بالعطف،كقوله :
                    إذا جُـزت مـتقِدَ الحـرّتيـنِ                          وشُمتَ سنا يثربٍ فاخشعِ
                 وقبّلِ ثرى روضـةِ المصطفى                        وصلِّ وسلمْ ولِجْ واصدعِ
 إن مجيء الأمر بكثافة مستمرة،وانتشاره على سطح النص بشكل موار=ز عن طريق عنصر الوصل"الواو"-الذي لم يقطع التركيب-للوقوف على دلالته،بل استمر ليستقر في النهاية بالعودة من جديد الى محور النص ليحقق بُعدا آخر للنص،وذلك بتكثيف دلالته النصية في حيز المفردات المعجمية،بابعاد دلالية مختلفة.
 وكثمل لنداء أيضا نراه يبدأ نصوصه بصيغة اسلوب الأمر،كقوله :
                   بنجدٍ فانتشقْ رَنداً وشيـحا                          وطارح فيه غِرّيداً صَدوحا
                  وَعَرِّض في شمائلِ آل ليلا                            بقافيةٍ قَد أتّسَعـتْ مَديـحا
 وكيرا ما خرج الشعر عن دلالته الأصلية الى دلالات أخرى،وكان للدعاء ،والتحسر ،والتشويق دوراناً أكثر من غيرها في ديوان الشعر،وسنتعرض لها بحسب تواترها .
 - الدعاء :
 وهو طلب على سبيل التضرع،ويكون من الأدنى الى الأعلى[54]،وأكثر ما يجيء هذا المعنى الذي يخرج اليه الأمر عن معناه الحقيقي في  الاهياته،ومنه قوله :
                                 أُكسني العفوَ فقـد بُورِكَ لي               باشتمالي عفُوكَ النامّي كِسـائا
                                 وأنـلنـي منـناً لم يُجِـزِِْها              لَكَ كُلُّ الدَّهرِ من شُكرِ جَزائا
 فلا يخفى ان كل فعل امر ورد،انما جاء على طريقة الطلب والتوسل بالدعاء،ومنه قوله :
                                    فقُمْ يا محمدُ وآرنُ العـزيزَ               يقادُ إلـى إمـرةِ الاضـرعِ
 فجاء الطلب واضحا بصيغة قم المتعلقة بنداء النبي الأكرم التي شكلت ولادة فقرة او جملة طلبية بـ"النداء"وجميعها قد عملت على توضيح المعنى المراد بالدعاء،وهو الطلب.
 - التأدب :  ومنه قوله :
                          يا ساحـباً حلل الغوايـةِ ما                    حلـل الغـوايةِ أدرُعٌ جـددُ 
                         خفّضْ عليكَ فرُبّ وادعـةٍ                    فُصمتْ ببعضِ طروقها الزّردُ
                           أعـرْ المـفنّدَ رأيَ عاتيـةٍ                    أودى بـها الخـيلاءُ والـفندُ
                          وأذلْ دموعكَ نادِماً ضَرعاً                   فلـربّ عـاتٍ صـدّهُ الفـندُ
 ففعل الأمر المتصدر الأبيات"خفض،اعر،أذل"منها قد لحقها الجواب او الجزاء فبنى الشعر جوابه،من خلال تصدر الفاء في "فرب،فلرب"اظهارا للدعاء المتضمن لبنية النص.
 - التحقير :  ومنه قوله :
                         نضا اللهُ سيفَ الهُـدى آنفاً                        فيا أنفَ رأس الضلال أطلعِ
                           فعارِضْ ببأسكَ ماتشـتهي                         وقـدِّمْ لـمنعكَ ما تـدّعي
 فنلمس الجانب الأنفعالي والشعوري من خلال افعال الأمر المتوزعة في النص"اطلع،عارض"نقدم"التي خرجت عن دلالتها الحقيقية كونها طلب أمر الى قرينة أخرى مجازية حملت تصور انفعال الشاعر الداعي الى النيل من الأخر.
 -التشويق : كقوله :
 بنجدٍ فانتشقْ رَنداً وشيـحا
وطارح فيه غِرّيداً صَدوحا
 وَعَرِّض في شمائلِ آل ليلا
 بقافيةٍ قَد أتّسَعـتْ مَديـحا
 فعملت افعال الأمر"انتشق،طارح،عرّض"على تنبير المعنى في ذهن المتلقي لما يحدثه من تكثيف نصي أفضى الى التشويق من خلال استذكار ديار المحبين.
 رابعا-النفي :
 لئن كانت أساليب الطلب قد شكلت ظاهرة تركيبية مميزة في شعر ابن نوح الحلّي،فقد توزعت اساليب النفي،وأدواتها في شعره أيضاً،فتنوعت تبعا لذلك بنية الجملة الشعرية في ادائه،فأثرت شعره في طرائق الوصول الى المعنى فـ(النفي إنما على حسب الايجاب لأنه اكذاب له فينفي ان يكون على وفق لفظة لافرق بينهما الا إن احدهما نفي والآخر ايجاب،وحرف النفي ستة"ما،ولا،ولما،ولم،ولن،ان)[60]وكذلك هو(هو باب من ابواب المعنى يهدف به المتكلم الى اخراج حكم في تركيب لغوي مثبت الى ضده،وتحويل معنى ذهني فيه الإيجاب ،والقبول لى حكم يخالفه الى نقيضه)[61]،ومما لاشك فيه ان وسيلة لوصول الى المعنى ينبغي لها ان تتلاءم وموقف الشاعر لنفسي،فالشعر يحتاج الى التطابق،والتناسق الشديدين بين التعبيرالفني ،والتجربة الشورية التي يصدر عنها الشاعر،ليتم تحقيق مستوى التواصل مع المتلقي ،فضلا عنا يوفره من جمال من خلال التنويع في الصياغة،وبشيء من هذا الذي يؤديه النفي نجده عنده،ومثال ذلك قوله :
 في مصرعِ ابن محمدٍ خفقتْ
 شُهُب الحِمى وتمزقَ الجَلِدُ
حشدتْ عليـه ألوفـهمْ فـأتى
يفني القبـائلَ وهو منفرِدُ
 في جحـفلٍ من نفسـهِ شَرِقٌ
 بالسّيفِ لا يُحصى لهُ عددُ
مِن معـشرٍ لم يُخـلفوا أبـداً
لله ما عَهـدوا وما وعَـدوا
 فقد عبر الشاعر من خلال لوحته التي تنبض بالعاطفة المؤثرة عن جانب من مصاب الإمام الحسين عليه السلام،فقد وصفه وحيدا وهو يواجه جيشا عرمرما وليس له من الأنصار إلا افرادا قلائل الى جانب ثبات هذه القلة وصمودها واستبسالها،فاتكأ بذلك على أدوات النفي"لا،لم،ما"وقد أحدث نغمة خفية من الحزن يستطيع القاريء تلمسها،في اظهار الأنفعال لان هذه الألفاظ التي سبقت بالنفي تتشكل في البنية الشعرية من خلال تجربة الشاعر التي يظهر فيها الجانب الشعوري،والانفعالي.
 ومن الصيغ التي تكررت في شعره"ماوالفعل الماضي"كما في قوله :
 لَـو عقِلَ المتـرفـونَ ما نَقِمُوا
ما نقـموا صَبْوةً بـها سَقْمُوا
ما نقـموا غيـر حجّةٍ خَلـعوا
لذّاتـها وازدهـاهـمُ البـشمُ 
 ومن الصيغ الأخرى بـ"لا"دخولها على الجملة الفعلية،وتارة على الجملة الأسمية لدلالة المضي في الأمر ةالأستمرار،من ذلك قوله :
لا سقى اللهُ روضةَ الشّـامِ وَبْلاً
ورمى الشّام في أشدِّ الوبـالِ
وقوله في المدح لخواصه
وفاضتْ أياديهم على المحلِ فارتدى
ربيعُ أيـاديـهم ولا الغـيثُ ماطِرُ
 فيلاحظ القاريء في شعره كثرة واضحة لهذا الأسلوب ،وبالاعتماد على حروفة المختلفة .
 خامساً - الشرط :
 أسلوب يعتمد على العلاقة السببية بين شيئين ارتبط حصول أحدهما بوقوع الآخر على هذا النحو في(تعليق تحقق أمر على تحقق أمر أخر،وعبارة الشرط،والجواب جميعا تؤلفان جملة واحدة تسمى جملة الشرط) ،واذا كان الأمر على هذا لنحو مع الشرط،فان ابن نوح قد تمكّن من تفجير هذه العلاقة،وما فيها من سعة لتوكيد المعاني للاعراب عن افكاره.
 وكان ابن نوح عارفا بدلالات وقوع الأفعال بازمنتها المختافة في الجملة الشرطية،
فاعانه ذلك على توظيف هذا النوع التركيبي في بناء جملته الشعرية،وبناء قصيدته.
إن هذه المرفة الدقيقة بالشرط،ودلالاته،وهذا الأففتتان في استعماله لمسناه في قصائده منها مثلا قوله :
إذا جُـزت مـتقِدَ الحـرّتيـنِ
وشُمتَ سنا يثربٍ فاخشعِ
فجاءت جملة الشرط في هذا النص ضمن مفهوم الشرط في مجيء جملة الشرط،وثم جوابها تالياً،لكنها جاءت مؤكدة الى ما يسعى اليه الشاعر او مايريده،اظهارا لقداسة
 المدينة المنورة،ومكانتها في الاسلام كما بين لنا المثال السابق.
ومن المناسب الاشارة الى اننا لن نلمس عند الشاعر كسرا لحدود الشرط في تقدم الجواب على الشرط تحقيقا للشعرية،اذا ما افترضنا كسر الحدود تحقيقا للشعرية في النص.
وبملاحظة اسلوب الشرط من خلال نماذج عشوائية من تلك في شعره من الأدوات هي"اذا،إن،مَن"مثال ذلك واصفا يزيد بن معاوية"لعنه الله"بقوله :
تـولّعَ جـهرُ العبـشمي بكـفرهِ
وإن كتمَ الجاني مخـازيهِ يـجهر
وسبّ أمير المؤمنـين ورهـطهِ
فإن صدّهُ القرآنَ بالمـقتِ يكـفر 
 إن أسلوب الشرط المتمثل بشطري البيتين قد شكل ركنا النص،مؤكدا حقيقة عرض او تبان موقف يزيد بازاء المتمسك بالله،ومظهرا موقفه بهذا الصدد،فاظهر الشاعر هذا الأمر من التعبير من خلال البناء التركيبي الذي يشكله اسلوب الشرط وجوابه.
 وقد شرع الشاعر في الشرط اسلوبا للمناجاة ،نحو قوله :
لِعزَّتكَ الجـبّارُ يسـجدُ راغِـمـا
وأدنى نَداكَ الغيثُ يَخلدُ ساجِمـا
فَمَن خَرَّ طوعاً أدرَكَ البعثَ راضِيا
ومَن خَرَّ كُرهاً أدركَ البعثَ ناقِما
إن المتلقي يلحظ من خلال التكرار للجملة الشرطية بذات الصيغة التركيبية الدلالة الصوتية بصورة بارزة اذ صنفت مناخات صوتية جمالية عبر مايتوفر من لتكرار للشرط،وهذا الأمر من شأنه ان يدخل في تقوية تحقق لشعرية في هذا لنص على الرغم من اتكاء الجملة على اللفظ القرآني.
 وهذا يكشف لنا ان ابن نوح اعتمد اسلوب الشرط في اغلب نصوصه استييفاء للفكرة وطريقة العرض،والتأثير في المتلقي.
ويتضح مما سبق جملة من الظواهر الأسلوبية –في شعر ابن نوح-شكلت علامات متميزة في سياق التركيب اللغوي في شعره من خلال جمالية اللغة التي تتكيء في احد جوانبها على عناصر تركيبية اسلوبية ،منها انشائية،وأخرى فضلا عن النفي،والشرط.  

تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث