معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


نسك ومشتقاتها في القرآن الكريم دراسة دلالية


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
رياض حمود حاتم المالكي

Citation Information


رياض,حمود,حاتم,المالكي ,نسك ومشتقاتها في القرآن الكريم دراسة دلالية , Time 6/19/2011 8:26:11 AM : كلية العلوم الاسلامية

وصف الابستركت (Abstract)


دلالات المناسك ‘ ناسكوه ‘منسكا ومقارنة بعض دلالاتها في العصر الجاهلي

الوصف الكامل (Full Abstract)

 نسك ومشتقاتـهافي الـقــرآن الكـريــمدراسة دلالية   الباحث ريـاض حمـود حاتـم المالـكي   بسم الله الرحمن الرحيم  المقدمة       الحمد لله الذي له صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وهو رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين ، من الأولين والآخرين ، وعلى آله الهداة المنتجبين ، وبعد،  فإن القرآن الكريم كان _ ولا يزال  _ المعينَ الأعظم الذي لا ينضُب من مدِّ الدارسين بالعلوم والأدب واللغة ، فمهما ألّف المؤلفون من كتب وصنّفوا من تصانيف وكتبوا من بحوث ودراسات فلن يستطيعوا إيفاءه حقه من البحث والدراسة .  أما هذا البحث الموسوم ب ( نسك ومشتقاتها في القرآن الكريم / دراسة دلالية ) فإنَّ من بين أسباب اختياره موضوعا للبحث هو ارتباطَ هذه اللفظة _  نسك ـ بمفاهيم وأحكام إسلامية فقهية ، كونها على اتصال مباشر بشعيرة مهمة من شعائر الله  تعالى في ركن من أركام الإسلام  وهو الحجّ ، فضلا عن ارتباطها _ من قريب أو بعيد_ بالأركان الأخرى ، من مثل الصوم والزكاة وغيرهما .  وتذليلا للصعوبات التي واجهت البحث ، فقد كان ضروريا أن يُعتمد في ذلك على مجموعة مهمة من كتب تفسير القرآن الكريم ومعجمات العربية ، ومنها تفسير تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ، والطبري و الطبرسي وكتاب العين والجمهرة والتهذيب، وغيرها من الكتب المهمة .     وقد جاء هذا البحث مقسما على مقدمة ومبحثين وخاتمة .أما المقدمة فقد أوجزت فيها الصعوبات التي واجهت البحث ، بعد أن كشفت عن بعض من أسباب اختيار موضوع البحث ،  وذكرت أهدافه .وتناولت في المبحث الأول أوجها عدة من  دلالات هذه المشتقات من معجمات العربية.  وأما المبحث الثاني فقد تناول دلالات هذه المشتقات في القرآن الكريم ، مرتبة بحسب تسلسلها في سور المصحف الشريف.فكانت المشتقات هي : (مَناسِكَنا) و( نُسُك) و(مَناسِكَكُم)، وقد وردت هذه الألفاظ في سورة البقرة : الآيات :( 128 ، 196 ، 200 ) على التوالي وجاءت لفظة (نُسُكِي) في سورة الأنعام : الآية : ( 162 ) ، كما جاءت لفظتا (مَنْسَكَا) و(نَاسِكُوْهُ) في سورة الحجّ : الآيتين :( 34 ، 67 ) على التوالي.  وتأتي الخاتمة لتعطي خلاصة سريعة لهذا البحث ، وفيها ابرز نتائجه ، فضلا عن مجموعة مقترحات قد يكون من شأنها فتحُ آفاق على دراسة الألفاظ القرآنية.وختاما، تظل الغاية الأسمى من وراء هذا البحث نيل رضا الخالق ـ عز وجل ـ وتسديد خطا الباحثين عن العلم الذي فيه رضاه، انه سميع مجيب الدعاء ، والحمد لله ربّ العالمين.  المبحث الأولدلالات مشتقات ( نَسَكَ ) في معجمات العربية: للاحاطة بمشتقات (نَسَكَ) ودلالاتها ، نوردها اعتمادا على مجموعة من معجمات العربية ، بحسب الترتيب الاتي: 1ـ (نَسَكَ ، نَسُكَ) : قال النَّضر : نَسَكَ الرجل إلى طريقة جميلة أي داوم عليها ، ويَنْسِكُونَ البيت : يأتونه. ونَسَكْتُ الشيء غسلته بالماء وطهرته ، فهو مَنْسُوكٌ (قال) وسمعته من بعض أهل العلم وانشد :ولا تُنْبِتُ المَرْعَى سِبَاخُ عُرَاعِر   ولو نُسِكَتْ بالماءِ ستةَ أشْهُرِ .وقد نَسَكَ وتَنَسَّكَ ، أي : تعبّدَ ، ونَسُكَ بالضم نَسَاكَةً ، أي : صار نَاسِكَا. ونَسَكَ للهِ يَنْسُكُ : ذبح لوجهه نُسْكَا ومَنْسَكَا ، ونُسِكَت الأرض : طُيّبت وبُغِرَت. وقد نَسَكَ ، كنَصَرَ وكَرُمَ وتَنَسَّكَ نَسْكَا، ونَسَكَ الثوب أو غيره غسله بالماء وطهره، والسبخة : طيّبها ، والى طريقة جميلة : داوم عليها . وقد نَسَك لله تعالى كنَصَرَ وكَرُمَ، الضمُّ عن اللحياني، وتَنَسَّكَ أي : تعبّدَ نَسَكا مثلثة وبضمتين .و(نَسَكَ) نَسْكَا : تَعبَّدَ ، وأيضا ذبح نَسيكَتَهُ يتقرب بها إلى الله ـ تعالى ـ والثوب نَسْكَا غسله و(نَسُكَ) نَسَاكَة صار نَاسِكَا .2ـ (نَاسِكٌ ، نَاسِكَةٌ ، مَنْسُوكَةٌ ، نُسّاكٌ) : قيل للمتعبد : نَاسِكٌ ، لأنه خلّص نفسه وصفّاها من دنس الآثام ، كالسبيكة المُخلّصة من الخبث .ورجل نَاسِكٌ ، والجمعُ نُسّاكٌ ، ورجل نَاسِكٌ وذو نُسُك : عابد ، وهو من النُّسَاكِ : العباد ، وارض مَنْسُوكةٌ : مسمَّدةٌ ، وارض نَاسِكَةٌ : خضراء حديثة المطر ، وعشب نَاسِك : شديد الخضرة .3ـ (نَسِيْكٌ ، نَسِيْكَةٌ ، نَسَائِكُ) :وقوله تعالى : ((أو نُسُك) يعني : أو دم ، واسم تلك الذبيحة : نَسِيكَة .والنَسِيكَة: شاة كانوا يذبحونها في المُحرّم في أول الإسلام ثم نسخ ذلك بالأضاحي، قال الشاعر :  وذَا النُّصُبَ المَنْصوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ            ولا تَعبُدِ الشَّيطانَ واللهَ فَاعبُدَاثعلب عن ابن الإعرابي : قال : النُّسُكُ : سبائك الفضة ، وكل سبيكة منها : نَسِيْكة .والنَّسيكةُ : الذبيحة ، ,الجمع نُسُكٌ ونَسَائك والنُّسْكُ ، النَّسِيْكَةُ : الذبيحة ، وقيل : النُّسْكُ : الدَّمُ ، والنَّسِيكَةُ : الذبيحة ، .... ، والنَّسِيْكُ : الذهب والنَّسِيْكُ : الفضة ، عن ثعلب ، والنَّسيكَةُ : القطعةُ الغليظةُ منه . وهذه نَسِيْكَةُ فلان: لذبيحته ونَسَائِكُهُ ، ومِنَى مَنْسَكُ الحاجّ .والنَّسِيكَةُ كسفينة : الذبِّحْ ُبالكسر والجمع: نُسُكٌ ونَسَائِكُ . 4ـ (مَنْسَكٌ ، مَنْسِكٌ ، منَاَسِكُ) :المَنْسِكُ : الموضع الذي فيه النَّسَائِكُ ، والمَنْسَكُ : النَّسْكُ نفسه .وقال أبو إسحاق : قرئ : ((لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكَا)) ومَنْسِكَا ، قال : والمَنْسَكُ في هذا الموضع يدل على معنى النحر كأنه قال : جعلنا لكل امة أن تتقرب بأن تذبح الذبائح لله . قال : وقال بعضهم : المَنْسَكُ : الموضع الذي تذبح فيه. فمن قال : مَنْسِكٌ فمعناه مكانُ نُسْكٍ مثل مجلس : مكان جلوس ، ومن قال : مَنْسَكٌ فمعناه المصدر نحو النُّسُكِ والنُّسُوْك ، ... ، قال الفراء : المَنْسِكُ في كلام العرب : الموضع المعتاد الذي يعتاده ، يقال : إن لفلان مَنْسَكَا يعتاده في خير كان أو غيره ، وبه سميت المَنَاسِكُ .والمَنْسِكُ والمَنْسَكُ : الموضع الذي تذبح فيه النَّسَائِكُ ، ويعدّى فيقال : نَسَكَ المَنْسَكَ ونَسَكَ فيه .والمَنْسِكُ كمَجْلِسٍ ومَقْعَدٍ : شِرْعَةُ النَّسْكِ وقرئ بهما قوله ـ تعالى ـ ((جَعَلْنَا مَنْسَكَا هُم نَاسِكُوه)) قرأ الكوفيون غير عاصم مَنْسِكَا بكسر السين والباقون بفتحها، وقوله ـ تعالى ـ ((وَأَرِنَا مَناَسِكَنَا)) أي : عرّفنا متعبداتنا .5ـ (نُسُكٌ ، نُسْكٌ ، نُسُوْكٌ ، نُسَكٌ) :النُّسْكُ : العبادة ، ... ، والنُّسْكُ : الذبيحة : تقول : من فعل كذا فعليه نُسْكٌ ، أي : دم يهريقه .والنُّسُكُ : أصله ذبائح وكانت تذبح في الجاهلية . قال الشاعر :كَمَنْصِبِ العِتْرِ دَمَّى رَأْسَهُ النُّسْكُ... ، والنُّسْكُ في الإسلام اختلفوا فيه ، فقال قوم : هو نَسْكُ الحجِّ ، وقال آخرون : هو الزهد في الدنيا من قولهم : رجل نَاسِكٌ .النُّسُكُ : سبائك الفضة ، وكل سبيكة منها نَسِيكَةٌ ... ، فمن قال : مَنْسِكٌ فمعناه مكان نُسُك مثل مجلس مكان الجلوس . ومن قال : مَنْسَكٌ فمعناه المصدر نحو النُّسُكِ والنُّسُوك .والنُّسَكُ ، بضمِّ النون وفتح السين : طائر , (و) النُّسْكُ والنُّسُكُ : العبادة والطاعة ، وكل ما تقرب به إلى الله ـ تعالى ـ وقيل لثعلب : هل يسمى الصوم نُسُكَا ؟ فقال : كل حق لله ـ عز وجل ـ يسمى نُسُكا .نَسْكٌ ، مثلثة ، وبضمتين العبادة، وكل حق لله ـ تعالى ـ وقد نَسَكَ كنَصَرَ وكَرُمَ وتَنَسَّكَ نَسْكَا، مثلثة ، وبضمتين ، ونَسْكَةَ ومَنْسَكَا ونَسَاكَةً ، والنُّسْكُ بالضم ، وبضمتين، وكسفينة الذبيحة ، أو النُّسْكُ الدم ، النسيكة : الذبح وكمجلس ومقعد شِرْعَةُ النَّسْكِ و ((وَأَرِنَا مَناَسِكَنَا)) متعبداتنا ، ونَفْسُ النُّسُكِ ، وموضع تذبح فيه النَّسِيْكَةُ ، .... ، وأرضٌ نَاسِكَةٌ: خضراء حديثة المطر ، وكأمير : الذهب والفضة ، وكسفينة القطعة الغليظة منه ، وكَصُرَدٍ : طائر ، وفرس مَنْسُوْكَةٌ : ملساء جرداء ، وهي ارض دُمِنَتْ بالأبعار ، والنَّسْكُ : المكان المألوف ، كالمَنْسَكِ كمَقْعَد .المبحث الثانيمشتقات ( نَسَكَ ) في القرآن الكريم :وردت في القرآن الكريم ست ألفاظ من مشتقات (نَسَكَ) وهي :(نَاسِكُوه) و (نُسُكٍ) و (نُسُكِي) و (مَنْسَكَا) و (مَنَاسِكَكُم) و (مَنَاسِكَنا) علما أن (نُسُكٍ) و (نُسُكِي) لفظتان من مشتق واحد، وقد أضيفت الثانية منهما إلى ضمير المتكلم (الياء)، كما أن (مَنَاسِكَكُم) و (مَنَاسِكَنا) لفظتان من مشتق واحد الأولى مضافة إلى ضمير المخاطبين (كم) والثانية مضافة إلى ضمير المتكليمن (نا).ولابد من وقفة على تفسير الآيات التي وردت فيها هذه الألفاظ ، معتمدين في ذلك على كتب تفسير ومنها (تنوير المقباس من تفسير ابن عباس) وغيره.وستورَد هذه الآيات مرتبة بحسب تسلسلها في المصحف الشريف ، والآيات هي:1ـ (مَنَاسِكَنا) :وردت هذه اللفظة مرتين ، في الأولى مضافة إلى الضمير (نا) والثانية مضافة إلى الضمير (كم) وقد وردت اللفظة الأولى في قوله تعالى : (( وَأَرِنَا مَناَسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إنَّكَ أَنْتَ التَّوّابُ الرَّحِيْمُ)) .عن ابن عباس (رض) أنه قال : ((وَأَرِنَا مَناَسِكَنَا)) عَلِّمْنَا سنن حجِّنا .وقال الطبري: وأما المَنَاسِكُ فإنها جمع (مَنْسَكٍ) وهو الموضع الذي يُنْسَكُ لله فيه، ويُتقرَّبُ إليه فيه بما يرضيه من عمل صالح، إما بذبح ذبيحة له، وإما بصلاة أو طواف أو سعي وغير ذلك من الأعمال الصالحة، ولذلك قيل لمشاعر الحج مناسِكَهُ، لأنها إمارات وعلامات يعتادها الناس، ويترددون إليها.وأصل المَنْسَكِ في كلام العرب: الموضع المعتاد الذي يعتاده الرجل، ويألفه ـ يقال : لفلان مَنْسَكٌ، وذلك إذا كان له موضع يعتاده لخير أو شرّ ، ولذلك سُميت المَنَاسِكُ مَنَاسِكَ، لأنها تُعتادُ ويُتردّدُ إليها بالحج والعُمرة، وبالأعمال التي يُتقرب بها إلى الله . وقد قيل: إن معنى النَّسْك عبادة الله ، وان الناسك إنما سُمّي ناسِكَا لعبادةِ ربه .وقال الطبرسي: ((وَأَرِنَا مَناَسِكَنَا)) أي: عرِّفْنَا هذه المواضع التي تتعلق النُّسُكُ بها لنفعله عندها، ونقضي عباداتنا فيها على حدّ ما يقتضيه توفيقنا عليها، قال قتادة: فأراهما الله مَنَاسِكَهُما: الطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة ، والإفاضة من عرفات ، ومن جَمْعِ ورَمْي الحجارة حتى أكمل بها الدين. وقال عطاء ومجاهد: معنى (مناسِكَنا) مذابِحنا، والأول أقوى .أما اللفظة الثانية فهي (مَنَاسِكَكُم) وسوف يرد ذكرها في موضعها تجنبا مخالفة تسلسل الآيات ضمن القرآن الكريم .2-(نُسُكٍ) :ذكرت هذه اللفظة مرتين في القرآن الكريم في الأولى نكرة (نُسُكٍ) في سورة البقرة والثانية معرفة بإضافتها إلى الضمير ياء المتكلم (نُسُكي) في سورة البقرة والتي سنذكرها في موضعها.أما الآية الأولى ففي قوله تعالى )) :  فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَاْمٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ )) ، فعن ابن عباس (رض) أنه قال : ((أَوْ نُسُكٍ)) شاة يبعث بها إلى محله .وقال الطبري : ومعنى النُّسُك الذبح لله في لغة العرب يقال:  نَسَكَ فلان لله نسيكة ، بمعنى : ذبح لله ذبيحة يَنْسُكُها نَسكا ، كما قال : النُّسْك: أن يذبح شاة .وقال الطبرسي: فعليه فدية ، أي : بدل وجزاء يقوم مقام ذلك من صيام أو صدقة أو نُسُك، المروي عن أئمتنا أن الصيام ثلاثة أيام ، والصدقة على ستة مساكين ، وروي على عشرة مساكين ، والنُّسُكُ شاة وهو مخير فيها .3ـ ( مَنَاِسَكَكُم) : وردت هذه اللفظة في سورة البقرة في قوله تعالى : (( فَإذَاْ قَضَيْتُمْ مَنَاِسكَكُمْ فَاذْكُرُوا الله)) .عن ابن عباس (رض) انه قال:((فَإذَاْ قَضَيْتُمْ مَنَاِسكَكُمْ)) فإذا فرغتم من سنن حجِّكم .وقال الطبري: فإذا فرغتم من حجِّكم فذبحتم نسائككم ((فَاذْكُرُوا الله)) يقال منه: نَسَكَ الرجل يَنْسِكُ نُسْكَا ونُسُكًا ونَسيكَةً ، إذا ذبح نُسْكَهُ، والمَنْسِكُ اسم مثل المشرق والمغرب ، فأما النَّسْكُ في الدين فإنه يقال منه : ما كان الرجل ناسكا ، ولقد نَسَكَ ، ونَسُكَ نُسْكًا ونُسُكًا ونَسَاَكًة [أي : تَنَسَّكَ] ، وبمثل الذي قلنا في معنى المناسك في هذا الموضع ، قال مجاهد : ((فَإذَاْ قَضَيْتُمْ مَنَاِسكَكُمْ)) قال : اهراقة الدماء . وقال الطبرسي: معناه : فإذا أديتم مناسِكَكُم ، وقيل : إذا فرغتم من مَناسِكَكُم ، والمَنَاسِكُ : جمع المَنْسِكِ ، والمَنْسِكُ يجوز أن يكون موضع النَّسْكِ ، ويجوز أن يكون مصدرا ، فإذا كان موضعا ، فالمعنى : فإذا قضيتم ما وجب عليكم إيقاعه في متعبداتكم ، وان كان بمعنى المصدر ، فإنما جمع لأنه يشتمل على أفعال وأذكار ، فجاز جمعه كالأصوات ، أي : فإذا قضيتم أفعال الحجِّ فاذكروا الله .4ـ (نُسُكِي) : قال تعالى : (( قُلْ إنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمْحَيايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) .عن ابن عباس انه قال : (قُلْ) يا محمد (إنَّ صَلاَتِي) الصلوات الخمس (وَنُسُكِي) ديني وحجتي وذبيحتي وعبادتي .وقال الطبري: ذكر من قال النُّسُكُ في هذا الموضع الذبح:عن مجاهد : ((إنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي)) قال النُّسُكُ : الذبائح في الحج والعمرة ، و ((صَلاَتِي وَنُسُكِي)) قال : صلاتي وذبيحتي .وقال الطبرسي: ((وَنُسُكِي)) أي : ذبيحتي للحجِّ والعمرة، عن سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والسدي ، وقيل : نسكي : ديني، عن الحسن.وقيل : عبادتي عن الجبائي والزجاج، وإنما ضم الصلاة إلى اصل الواجبات من التوحيد والعدل ، لان فيها التعظيم لله وعند التكبير ، وفيها تلاوة القرآن الذي يدعو إلى كل بر، وفيها الركوع والسجود، وفيها الخضوع لله تعالى والتسبيح الذي هو التنزيه له.5ـ (مَنْسَكًا) : وردت هذه اللفظة في سورة الحج مرتين ، الأولى في قوله ـ تعالى ـ : (( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكَا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ))  ، والثانية سيرد ذكرها في موضعها.عن ابن عباس انه قال : ((جَعَلْنَا مَنْسَكَا)) مذبحا لهم ، لحجِّهم وعُمرتهم .وقال الطبري: يقول تعالى ذكره : ((وَلِكُلِّ أُمَّةٍ)) ، ولكل جماعة سلف فيكم من أهل الإيمان بالله ، أيها الناس جعلنا ذبحا يهريقون دمه.عن مجاهد ((وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكَا)) قال : اهراق الدماء .وقال الطبرسي : أي : لكل جماعة مؤمنة من الذين سلفوا جعلنا عبادة في الذبح ، عن مجاهد ، وقيل : قربانا أحل لهم ذبحه ، وقيل : متعبدا وموضع نُسْكٍ يقصده الناس، وقيل : منهاجا وشريعة (عن الحسن) . 6ـ ( نَاسِكُوْهُ) : جاءت في قوله ـ تعالى ـ : ((لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكَا هُم نَاسِكُوهُ))  عن ابن عباس انه قال : ((جَعَلْنَا مَنْسَكَا)) مذبحا ويقال معبدا، ((هُم نَاسِكُوهُ)) ذابحوه على دينهم .وقال الطبري: فقال بعضهم : عني به : عيدهم الذي يعتادونه، وقال آخرون : عني به ذبح يذبحونه ودم يهريقونه، ذكر عن مجاهد ، في قوله : ((لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكَا هُم نَاسِكُوهُ)) قال : اهراق دماء الهَدْي .  وقال الطبري : أي شريعة هم عاملون بها عن (ابن عباس) ، وقيل : مكانا يألفونه وموضعا يعتادونه لعبادة الله ، ومَنَاسِكُ الحجِّ من هذا ، لأنها مواضع العبادات فيه ، فهي متعبدات الحج، وقيل : موضع قربان أي متعبد في إراقة الدماء (عن مجاهد وقتادة) .الخاتمة    مما لا يخفى أن الكثير من الألفاظ القرآنية كان لها السبق في الاستعمال الدلالي ، إذ لم تكن قد استعملت في الجاهلية ، أو أنها استعملت في غير دلالتها القرآنية ، ويدخل ذلك ضمن تطور اللغة العربية وأثر القرآن الكريم في ذلك .  فان (نسك ) ومشتقاتها يمكن أن تكون قد وردت في كلام العرب في الجاهلية ، بحسب ما رواه ابن دريد مستشهدا بقول الشاعر الجاهلي : كمنصب العتر دمى رأسه النسك . لكن دلالتها قد اختلفت في الإسلام ، إذ جاءت لتعطي دلالات كثيرة منها الذبح والذبيحة وموضع الذبح وزمانه والعبادة والطاعة تبعا لنوع المشتق ، فضلا عن تغير المفهوم الشرعي والديني لهذه اللفظة  علما أن هذه اللفظة  استعملت لدلالة الذبح والغسل في الجاهلية ، ولم تستعمل للمعاني الأخرى ، مثلما أيدت ذلك معجمات العربية.ويبدو مما تقدم أنَّ القرآن الكريم يحوي ألفاظا كثيرة ، تحتاج إلى الدراسة وتتبع تطورها الدلالي تاريخيا ، وتأثرها بالمفاهيم الإسلامية التي جاء بها القرآن الكريم ، وقد نخرج بنتيجة هي أن هذه الألفاظ تقسم على قسمين : احدهما : الألفاظ المستعملة في الجاهلية التي جاء القرآن ليغير من دلالتها ، والآخر : الألفاظ التي ولدت في محراب القرآن ولم يسبق في استعمالها ، وقد برع العلماء واللغويون القدامى في تخريج المادة اللغوية دلاليا ، لتكون مصنفاتهم في علوم القرآن والتفسير والحديث والمعجم عونا للدارسين في تذليل صعوبات البحث والتحقيق ، فكانت (نسك) ومشتقاتها تتقلّب بين هذه المصنفات ، لتعطي دلالات مختلفة ، تاركة إرثا لغويا كبيرا نابعا عن عقول جبارة جسدت الفطنة والذكاء والقدرة على الاستنتاج.    وفي الختام ، أسأل الله _ تعالى _ أن يوفق أهل العلم لخدمة لغة القرآن الكريم ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .المصادر والمراجع1-  القرآن الكريم .2-  أساس البلاغة ـ أبو القاسم محمود بن احمد الزمخشري (ت 637 هـ) دار صادر ـ بيروت . 1399 هـ ـ 1979 م.3-   تاج العروس . محب الدين أبو الفيض الزبيدي (1205 هـ ) تحقيق عبد الستار أحمد ، مطبعة الكويت ، 1985 هـ.4-   تاج اللغة وصحاح العربية . أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري ( ت 400 هـ ) ، المكتبة الشاملة . قرص مضغوط.5-   تنوير المقباس من تفسير ابن عباس . مجد الدين الفيروز آبادي دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان 1423 هـ ـ 2002 م.6-   تهذيب اللغة . أبو منصور محمد بن احمد الأزهري ( ت 370 هـ ) المكتبة الشاملة ، قرص مضغوط.7-   جامع البيان عن تأويل آي القرآن . ابن جرير الطبري . ضبط وتعليق محمود شاكر . دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ لبنان ط 1، 2001 م.8- جمهرة اللغة . أبو بكر بن محمد بن دريد الأزدي ( ت 321 هـ ) تحقيق رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين 1987 م.9- العين . الخليل بن احمد الفراهيدي ( ت 175 هـ ) دار النشر ، دار مكتبة الهلال ، تحقيق : د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي.10- القاموس المحيط . محمد بن يعقوب الفيروز آبادي (ت 817 هـ) المطبعة المصرية ، 1353 هـ.11-  كتاب الأفعال . الجزء الثالث . ابن القطاع (ت 515 هـ) . ط1، مطبعة دائرة المعارف العثمانية بعاصمة الدولة الآصفية، 1361 هـ.12- لسان العرب . محمد بن منظور الإفريقي المصري ( ت 711 هـ ) ، ط1، دار صادر ـ بيروت ، 2000م.13- مجمع البيان في تفسير القرآن ، الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي. الجزء الأول والثاني، ط7، دار المعرفة للطباعة والنشر، قم إيران ، 1425 هـ .14- المحكم والمحيط الأعظم . أبو الحسن علي بن اسماعيل بن سيدة (ت 458 هـ ) المكتبة الشاملة ـ قرص مضغوط.15- المخصص ـ ابن سيدة المكتبة الشاملة ـ قرص مضغوط.

تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث