معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


العرب… والليبرالية الجديدة


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
عبد الكريم كامل عبد الكاظم ابو هات

Citation Information


عبد,الكريم,كامل,عبد,الكاظم,ابو,هات ,العرب… والليبرالية الجديدة , Time 6/28/2011 8:31:05 PM : كلية الادارة والاقتصاد

وصف الابستركت (Abstract)


اتجاه فكري ونظري جاء استجابة لتطورات الوضع في الاقتصاد الرأسمالي العالمي في أعقاب التحول التاريخي في السياسات الاقتصادية التي طبقت في الدول الاقتصادية المتقدمة خلال فترة ما بين الحربين

الوصف الكامل (Full Abstract)

  العرب… والليبرالية الجديدة

 اللبرالية الجديدة اتجاه فكري ونظري جاء استجابة لتطورات الوضع في الاقتصاد الرأسمالي العالمي في أعقاب التحول التاريخي في السياسات الاقتصادية التي طبقت في الدول الاقتصادية المتقدمة  خلال فترة ما بين الحربين ، فقد أدى تطور الوضع الاقتصادي إلى إثارة الشكوك حول ما قدمه الاقتصادي كينز Keynesمن تصورات ومعالجات ، وكانت أزمة النفط والطاقة في 1973—1979 من الدواعي الأساسية التي استوجبت تحولاً في مستويات التفكير والتنظير الاقتصادي على خلفية عدم تمكن  حكومات تلك الدول من السيطرة على عجز الموازنات والتحكم في معدلات التضخم ومن ثم الإبقاء على سعر صرف العملات عند مستوياتها السائدة . في مثل هذه  الظروف دخلت اللبرالية الجديدة عقيدة  رسمية للسياسيين وللعديد من المفكرين والباحثين المتخصصين في الاقتصاد ،ومثلت نجاحاً كبيراً لأفكار ونظريات الاقتصادي الأمريكي  ملتون فريد مان Friedman.M والاقتصادي  فون هايك Von Hayek التي وجدت في المجال النقدي تفسيراً لازمة النظام الرأسمالي .
وتبنت حكومات الدول الصناعية النزعة الفكرية والنظرية الجديدة وصارت منهجاً لعملها ومساعيها للتخفيف ،على الأقل إن لم يكن التخلص نهائياً من الأزمة وتبعاتها . في هذا الاطار مثلت مفاهيم التحرير LiberalizionوالحريةFreedom والخصخصةPrivatization  المفاهيم الإستراتيجية في السياسات الاقتصادية الأوربية والأمريكية ولتصبح اللبرالية أيديولوجية تعهد الدولة  بفرضها(1) ،في عالم اخذ يتجه نحو المزيد من العمليات التكاملية والاندماجية ،فحولت اللبرالية الجديدة إلى منطق لعصر الاقتصاد المعولم ، واتساقاً مع المنطق الاقتصادي الجديد ،تبنت الدول مضامين اللبرالية الجديدة وسارعت في ترجمتها عملياً بوسائط السياسات النقدية والمالية ،وكأنها أرادت ان تداوي جراح مرحلة التنمية الفاشلة ،غير إننا لا نستطيع الجزم في تحديد طبيعة المبررات التي دفعت بهذا الاتجاه ،فهل هي سياسة أم أيديولوجية أم اقتصادية،أو إنها نزعات سلوكية  مصدرها تلقف الأفكار التي يرسمها  ويصوغها الآخرون كما هي بعد إن تعطل الإبداع وشاع الاتباع اوقد يكون خليطاً  متنافراً من هذه او تلك من التبريرات لا تبين ما في  اعماق السياسيين من أسرار .. !و على أية حال لنرقب ما حصل في الاقتصادات العربية في ظل اللبرالية الاقتصادية الجديدة .
المنظور اللبرالي الجديد وتحت  خيمة الإصلاح الاقتصادي والتثبيت الهيكلي يقول لنا أن الانتقال نحو اقتصاد السوق (عرض وطلب وسعر) وثقافته ، سيؤدي إلى النمو الاقتصادي والاستقرار المجتمعي وتأدية الاقتصاد لوظائفه على نحو فائق بنتائجه وفي مختلف القطاعات الاجتماعية بفعل آلية التساقط وقد وجد المنظور اللبرالي تطبيقات جدية له في مختلف الاقتصادات العربية وبدرجات متباينة من الرغبة والحماس تجلت في.
 1-التحرير كانت عملية تحرير أسواق النقد والمال والأسعار في مقدمة الخيارات التي وجدت فيها مضامين المشروع اللبرالي تطبيقاتها العملية. فقد تبنت برامج التصحيح الاقتصادي والتثبيت تدابير عديدة 0 وفي هذا المجال يلاحظ، إعطاء دور اكبر للسوق وتدعيم المنافسة والتوسع في السيولة المحلية لتحقيق استقرار الأسعار من خلال ضبط معدلات التوسع والاعتماد بدرجة اكبر على الأدوات غير المباشرة، فضلا" عن تحرير أسعار الفائدة وتعزيز قدرات الأجهزة المصرفية لتعبئة فائض الادخار المحلي وتعزيز المنافسة بين المصارف وتنويع الخدمات التي تقدمها للمتعاملين معها وبخاصة رجال الإعمال والمؤسسات الأجنبية، واعادة هيكلية إدارة المؤسسات المصرفية قصد الوصول إلى الأسواق المالية العالمية عبر إصدار سندات الدين ووثائق الإيداع وإيصالات الإبداع الدولية لتحسين البيئة الاستثمارية أمام المستثمرين الاجانب.  كما لجأت بعض الدول العربية إلى سياسة مالية لخفض العجز الكلي من خلال ضبط الأنفاق الحكومي بجانبيه الجاري والاستثماري وزيادة الإيرادات الضريبية وتنويع مصادرها باستثناء ما يمكن إن يطول رؤوس الأموال الأجنبية من ضرائب، حيث جرى تقديم تسهيلات ضريبية كان الغرض منها تسهيل انسياب رؤوس الأموال الأجنبية إلى الداخل.فضلا" عن سلسلة من الإجراءات المؤدية إلى إنهاء دور المراقبة السعرية التي تفرضها مؤسسات الدولة الرقابية على الأسواق والأسعار على الرغم من محدودية وتواضع الدور الحكومي في هذا الشأن0 لقد كان المفترض من الناحية النظرية على الأقل، إن تؤدي عمليات((التحرير)) إلى معالجة مشكلة التضخم في الاقتصادات العربية من خلال السياسات النقدية والمالية وان تؤدي فعلا" إلى الاستقرار السعري0و لاجل ذلك بادرت السياسات العربية المتبعة إلى تقليل القيود على الصرف لأغراض معاملات الحساب الجاري من خلال الالتزام بتحويل العملات لاغراض المعاملات الجارية مما يعني قابلية تحويل العملات   بالنسبة لرؤوس الأموال الأجنبية العائدة للمستثمرين الأجانب أو الموطنين المقيمين في الخارج ،والمبادرة بتنفيذ سياسة تطبيق تحويل العملة المحلية  ليس فقط لاغراض المعاملات الجارية ،وانما أيضاً لأغراض معاملات راس المال . فإلى ماذا أدت سياسات التحرير في إطار الإصلاح الاقتصادي؟إن كل البيانات المثبتة في التقارير السنوية لصندوق النقد العربي من مطلع الألفية الثالثة(2) تقودنا إلى الاستنتاج بأن ما تضمنة التطبيق العملي من إجراءات وتدابير ذات طابع إصلاحي لم تحقق ما كان ينبغي له إن يتحقق ،الشيء الذي يضع علامات استفهام عديدة على متبنيات برامج الإصلاح الاقتصادي التي أنجزت لحد الآن0 إذ ليس بالضرورة إن يؤدي تخفيض الإنفاق العام والموازنات الانكماشية إلى نمو الاقتصاد، بل قد يقود إلى الركود والكساد في الأسواق مما ينعكس على تراجع معدلات الاستثمار، من ثم الإنتاج والى تزايد العاطلين عن العمل، كما إن خفض إيرادات الموازنة يقلل من قدرة الدولة على الأنفاق ويسهم في رفع معدلات البطالة في دول لا يمكن إن تدعي إنها بلا بطالة وبلا متعطلين أو بلا طاقات إنتاجية فائضة.
وان سياسة إزالة القيود الكمية والتعريفية وكل ما من شأنه إعاقة حركة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى الداخل، تؤدي إلى رفع معدلات انسيابها، فليس صحيحا" إن فتح الأسواق يكفي لحفز الاستثمار الأجنبي للمساهمة في إنماء الاقتصاد عموما"، فمنطق الاستثمار الأجنبي واحد ولم يتغير وليس من المحتمل إن تغيره تدابير من مثل تلك التدابير التي اعتمدت، فهو يبحث عن أقصى الأرباح في بيئة سياسية واجتماعية يصوغ ملامحها هو بالذات ويخضع عملياته لمتطلبات ستراتيجية العالمية، فالمضاربات في أسواق المال والأسهم والسندات0والنشاطات الأخرى الأكثر أهمية في تكوين أقصى الأرباح تمثل جوهر ومضمون ما يبحث عنه، أما الاستثمار المباشر (المنتج) فقليل منه يمارس وفي أضيق الحدود في عالم مضطرب تسوده أوضاع عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.وأيا" كانت النتائج المترتبة على التدابير المتصلة بتحسين البيئة الاستثمارية المطلوبة لتدفق الاستثمارات الأجنبية، وأياً كانت المبالغ التي تدفقت، وهي متواضعة اصلا"، والأغلب فيها تدفقات خاصة واستثمارات الحافظة ومن نوع الاستثمارات غير المنتجة بالدرجة الأساس، نقول أيا" كان مستوى التحسن في هذا المجال، فينبغي إدراك إن التوجه نحو الاستثمار الأجنبي من الوجهة الاقتصادية البحتة يتطلب اتخاذ تدابير واقعية تؤمن عدم تعرض الاقتصاد  الى مصادر جديدة من الصدمات الخارجية اوتوسيع أثار الصدمات المحلية وارتفاع العجز في الحساب الجاري وتصاعد معدلات التضخم ، وتضخيم أثار التقلبات في الأسواق المالية العالمية على الأسواق المحلية وزيادة تقلبات أسعار الأسهم المحلية، إضافة الى ما قد ينتج من أثار من جراء التحول السريع والكبير في اتجاه هذه التدفقات نتيجة التحول في النظرة الدولية بجدارة ائتمان الاقتصاد المعين 0(3)
 2-الانفتاح التجاري يعتبر تحرير المبادلات التجارية  مطلبا"" أساسيا" من مطالب اللبرالية الجديدة الذي يتعين على مختلف الدول الآخذ به بغية تسهيل دخولها ميدان العلاقات الاقتصادية العالمية، ويمثل إلغاء الحماية التجارية وفتح الأسواق وحرية انتقال السلع والأموال وإزالة القيود الكمية والتعريفية وسيلة المنظمات العالمية المتحكمة في نظام المبادلات الدولية، للتأكد من أهلية أية دولة على النفاذ إلى الأسواق العالمية، على الأقل من باب الميزة النسبية الريكاردوية في أية حال وفرض0وعلى هذا الطريق سارت العديد من الدول العربية سواء كان ذلك من خلال الانظمام إلى منظمة التجارة العالمية  WTO أم كان من خلال متابعة اجتماعات ومؤتمرات الجات (GATT ) .في الجانب العملي، فأن قبول أي دولة في الـ (  (WTO يرتبط بجميع عناصر اتفاقية جولة أورغواي الموقعة في نيسان 1994 في مراكش التي ركزت على تحسين الوظائف التقليدية لاتفاقية الـ(  (GATT وبالتالي قيامها بخفض حواجز التعريفة الجمركية والحواجز الأخرى بنسبة الثلث، على ان يتم  تنفيذ ما اتفق عليه وافقت عليه الدول المتوقعة على مراحل تنتهي على وجه التقريب عند عام 2005،مقابل تعهد الدول المتقدمة على مساعدة الدول المحررة لتبادلاتها التجارية  الدولية فيما يتصل بفرص تحسين أداءها الاقتصادي وفي جانب أخر فان مبدأ حماية  الدول المتقدمة بصيغة  Non-Tariff Barriers) Ntb) أو القيود غير التعريفية ، ورفع التعريفة قد يستمر حتى بعد التاريخ  النهائي المعلن عنه في عام 2005 وحتى بعد زوال NTB ورفع التعريفة فأن قوانين منع الإغراق وشرط الحماية قد يتم استخدامها بشكل عشوائي اكثر مما هو عليه الحال ألان مما يعني تحديد درجة انفتاح الأسواق أمام السلع العربية خصوصاً فيما يتعلق بالمنتجات التي تجد القدرة من خلالها على دخول الأسواق العالمية ، في حين إن مبدأ الشفافية Transparency يعتبر الأداة الوحيدة لحماية المنتج الوطني عن طريق التعريفة الجمركية دون غيرها من تدابير الحماية مثل تحديد كميات التصدير أو الاستيراد ومنح الدعم للصادرات، أي انه بموجب هذا المبدأ تمثل الوسائل السعرية (الرسوم الجمركية) وليست الوسائل الكمية(  NTB) هي الوسيلة الوحيدة للحماية0ومعنى ذلك إن الدولة التي تنظم ألـ ( WTO) مطالبة بمراعاة شروط ومطالب وآلية عمل النظام التجاري العالمي الذي بدأت ملامحه الرئيسية بالتبلور في ظل اهتمام الدول الصناعية المتقدمة بما تقضي به ستراتيجية منظمة التجارة العالمية من قواعد وآليات0وواقع الحال إن استخدام التجارة كمدخل قد تجاوزته الأحداث في ضوء النتائج التي تمخضت عنها تجربة عقود التنمية العربية الثلاثة على وجه الخصوص ، وان آلية عمل النظام التجاري العالمي ستعيد إلى الواجهة مرة ثانية الاهتمام بهذا المدخل وهذه مفارقة نحسب إن خطرها قائم إذا فهمنا إن نسبة التجارة العربية في إجمالي التجارة العالمية ما زالت متواضعة بالقدر الذي يكفي لترجيح التأثيرات السلبية لنظام المبادلات  التجارية المحتمل وعلى الرغم مما يشاع من إن تحرير التبادل سيزيد من حجم الدخل القومي فحتى الدراسات  التي نشرتها الأمانة العامة للجات برهنت على إن إزالة الحواجز الجمركية وخفض الدعم المقدم للسلع الزراعية وخاصة الغذائية سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها في الدول المنتجة مما سيولد مشكلات إضافية للدول العربية باعتبارها إن عددا" كبيرا" منها ما زال مستوردا" صافيا" للسلع الغذائية0فضلا" عما يحدثه من عجز في الموازين التجارية وزيادة نسب العجز في ميزان المدفوعات (4) 0والأمر لا يتوقف عند هذا، بل إن القطاع الصناعي العربي لن يكون افضل وضعا"، فقد تخضع صناعات الألبسة والنسيج التي تمثل نسبة جيدة في إجمالي صادرات الدول العربية إلى ضغوط ((العولمة)) التجارية لان تطبيق عناصر الاتفاقية الخاصة بالمنسوجات والألبسة وإلغاء التعريفة وحصص التصدير سيقضي على المزايا النسبية التي تتمتع بها بعض هذه الدول ويضعف قدرتها على المنافسة الدولية خاصة وان نظام اتفاقية أورغواي أخضعها لنفس القواعد التي تطبق على السلع الأخرى، فضلا" عن إن ألـ( (WTO قد أهملت النفط من سريان أحكامها مما يجعل القدرة التفاوضية للعرب في المجال التجاري محدودة جدا"، كما إن تحرير التجارة لن يؤدي في مجال صناعة البتروكيمياويات العربية إلى دخولها الأسواق العالمية بيسر وسهولة، حتى وان تم فعلا" خفض التعريفة على المنتجات البتروكيمياوية بنسبة 40% وما يمثله ذلك من فائدة للاقتصاد العربي، لان من المتوقع إن تبادر الدول المستوردة إلى وضع القيود والعقبات بوجه المنتجات البتروكيمياوية العربية، خاصة وان بوادر توجه دول الغرب الصناعي نحو تقليص استخدام الأسمدة من خلال وضع القيود عليها واستبدالها بأساليب بيولوجية قد أعلنت ووضعت معايير استخدامها بشكل يضعف القدرة التنافسية العربية، ولن تعوض الفوائد المنتظرة من صادرات الحديد والصلب ومعدات التصوير وبعض الصناعات الغذائية لبعض الدول العربية من الخسائر المنتظرة للدول الاخرى0أما فيما يتعلق بصناعة الخدمات وتتضمن الخدمات المالية والمواصلات السلكية واللاسلكية والاستشارات والمعلوماتية والبناء والتشييد والسياحة والنقل00 الخ، فأن الدول العربية تعتبر مستوردة صافية لها بالوقت الذي تمثل فيه الخدمات في الاقتصادات المتقدمة قطاعا" وتجارة مصدرا" رئيسيا" من مصادر تحقق الدخل الكلي فيها، وان تحرير تجارة الخدمات وما تفرضه المؤسسات المالية والنقدية الدولية واتفاقية أورغواي من شروط تقضي بمعاملة مورديها الأجانب بشكل مماثل لمعاملة الاشخاص والشركات الوطنية سيؤدي بلا شك إلى منافسة غير متكافئة ويزيد الوضع تعقيدا" كون موازين المدفوعات العربية تعاني من عجوزات ملموسة في بند الخدمات 0 إن التكتلات الاقتصادية العالمية تعتبر المحور الأساسي في تجارة الخدمات وتستطيع بما تمتلكه من قدرات مالية ومادية وتكنولوجية من التفرد في الساحة العالمية وممارسة سياساتها وضغوطها العملية، وليس أدل على ذلك من إن الشركات المتعدية الجنسيات والكتل الاقتصادية والحكومات في البلدان المتقدمة تعتبر الجهة المحتكرة للخدمات ذات الطابع الفكري مدعومة بقواعد اتفاقية حماية الملكية الفكرية، وتتمكن من فرض شروط التعامل الدولي في مجال انتقال الأفكار والتكنولوجيا على نحو لا يتيح المجال أمام الدول المختلفة من تجاوز معضلة الحصول على براءات الاختراع والتراخيص وسائر أنواع التكنولوجيات الأخرى، ومن يريد إن يحصل عليها إن يدفع اكثر، وان يقدم تسهيلات وإعفاءات وامتيازات خاصة للدول المانحة وهي بلا شك مطالب قد لا تقوى عليها الدولة مما يضيع فرصة بناء صناعة خدماتية متطورة .
  3-الخصخصة في طائفة من الدول العربية تسارعت عمليات تحويل الملكيات الحكومية إلى القطاع الخاص، مؤشرة انحسار دور الدولة كنتيجة مباشرة لتطبيقات النظرية اللبرالية الجديدة والانسياق وراء الافتراضات القائلة بأن خفض مستويات التدخل الحكومي يؤدي إلى تحقيق قدر اكبر من العقلانية  Rationalism والفاعلية Efficiency الاقتصادية، إذ لا يرى اللبرالية الجديدة في الدولة سوى مؤسسة من المؤسسات التي تعني بالدرجة الأساسية بصنع السياسات الاقتصادية فقط، لذلك عليها الانسحاب وترك الحرية للمؤسسات والمشاركين الفاعلين ليؤدوا أدوارهم بالشكل الذي يضع المجتمع على أعتاب النمو0وقد عبرت (الخصخصة) عن هذا المنطق وتجسدت عمليات التحويل بتصاعد معدلات بيع وحدات القطاع العام إلى رؤوس الأموال المحلية والأجنبية وفي إلغاء الدعم الذي كان مقررا" لبعض سلع الاستهلاك الشعبي الأساسية  وفي نطاق سلسلة من الأفعال المتصلة بالأسعار وبأسواق النقد والمال.
 ويبدو إن هدف المؤسسات الدولية النقدية والمالية الداعمة لتطبيقات العولمة من تسريع عمليات الخصخصة، على الأقل الهدف الظاهري هو تمكين الاقتصادات من معالجة  مشكلتي التضخم والمديونية الخارجية من خلال ضغط الأنفاق الحكومي للقضاء على عجز الموازنات وتجميد الاجور، وايضا" عبر تحقيق فائض تجاري يسمح بالوفاء بالديون ومستحقاتها الأخرى خاصة بعد إن سادت القناعة لدى مؤسسات التمويل الدولية إن مسالة الديون الخارجية أصبحت عصية على الحل0وفي هذا الصدد تكفي معاينة لبعض ما ألت أليه عمليات الخصخصة من نتائج في بعض الدول العربية لبيان ما إذا كان المتوخى من عملياتالخصخصة قد تحقق أم لا.
فأولا":- ليس من المفترض حتى على المستوى النظري المجرد إن تؤدي الخصخصة إلى رفع الكفاءة الاقتصادية وتحقيق العقلانية المفترضة، فالملكية ليست في حد ذاتها دافعا" للكفاءة والعقلانية بل الكفاءة الإدارية ومستويات الطاقة المستخدمة ونمط اختيار المنتجات قد تكون ذات تأثيرات اكثر أهمية على الكفاءة من نمط الملكية فضلا" عن إن الربط بين الملكية والكفاءة لربما يكون معقولا" لو اختصر على المشروعات والمؤسسات الفردية حيث يندمج فيها نمطي الملكية والإدارة ، أما في ظل مشروعات ضخمة تنشر فروعها في مناطق مختلفة، فليس من المحتمل ان تفهم المبررات  المنطقية لقبول مفرط بالخصخصة0 ومن اللافت للنظر إن عمليات التحويل والخصخصة في الدول العربية وجدت تعبيراتها الحرجة في تدهور معدلات الاستثمار في القطاعات الإنتاجية وازدياد حدة التفاوت في توزيع الدخل وازدياد ارتباط تطور القطاعات المالية بالأنشطة غير الإنتاجية وانتشار عمليات المضاربة والاقتصاد الطفيلي لتحقيق أعلى عائد في المدى القصير مما كرس، الاستقطابات الطبقية واضعاف موقع الطبقة الوسطى، بعد تحول الاستثمار المالي إلى شكل من أشكال المضاربة الواسعة .
 وثانيا:- إن السياسات الحكومية في المجال الاقتصادي لم تستند إلى معايير اقتصادية ولم يكن هناك تطابقا" بين السياسة والاقتصاد، بل إن تحصين الأنظمة لاوضاع هيمنتها السياسية كان المرشد الرئيسي للسياسات الحكومية، وقد ترتب على هذا إن اضطلعت الدولة العربية بمهمة إنجاز التحول الرأسمالي والابتعاد عن المركزية والتحكم فأضحت الوظيفة التاريخية للدولة محددة من وجهة نظر عمليات التطور التاريخي نفسه، بإنجاز وخلق قواعد علاقات الإنتاج الرأسمالي  دون أحداث تحولات تفضي إلى علاقات إنتاجية مغايرة، لذلك نعتقد إن سياسة الخصخصة طالت مؤسسة اجتماعية(الدولة) هي لم تكن بحاجة إلى خصخصة فهي في الأصل ((مخصخصة)) إن جاز التعبير .
وثالثا":- ان مؤشرات التدهور في الوضع الاقتصادي العربي المقترنة بغياب الدولة والسياسات الاقتصادية المطبقة واضحة بما فيه الكفاية: فمن الوجهة التاريخية نهضت الدولة بعيد الاستقلال، بالمهمات الأساسية ذات المضمون الاجتماعي والتي تلقى تأييدا" شعبيا" وحظيت بالأولوية في نطاق السياسة التي رسمت، غير إن ما آل أليه الحال، كان مغايرا" لما كان مأمولا" فالتركيز بالدخل والثروات على المستويين الوطني والإقليمي يؤشر انقسام حاد الى دول غنية واخرى فقيرة، والى طبقات أغنى وأخرى أفقر وتغيب متعمد للطبقة الوسطى، والى معدلات عالية للتضخم في ظل خفض الدعم والإعانات المقدمة للطبقات المتضررة منه، وارتفاع في معدلات البطالة في أوساط القوى العاملة، ونسبة للامية عالية مقارنة بمثيلاتها في دول أخرى كما لم تلحظ تعديلات جوهرية في مكونات الناتج المحلى الإجمالي العربي تضعف من فرص تعرضه للتقلبات في الأسواق العالمية، فما زالت التجارة العربية تتمتع بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي مع هيمنة النفط والغاز في البنية السلعية للتجارة العربية، ناهيك عن إن غياب الدولة يفقد الاقتصاد العربي فرصة خلق المنظومة العلمية والتكنولوجية والبحثية، بفعل انخفاض ما يخصص لهذه الجوانب من استثمارات لايجد فيها القطاع الخاص ظالته.ولا يمكن التخلص من الديون الخارجية نظرا" لحساسية الموازين التجارية العربية لمتغيرات السوق الرأسمالية العالمية، فإذا كانت السياسات الحكومية غير العقلانية في فترة سابقة مسؤولة عن هذه المشكلة بفعل سلوكياتها الانفاقية، فأن القطاع الخاص أيضا" وعبر برامجة وسياساته لن يجد في تفاقم هذه المشكلة وما ستؤدي أليه من تعقيد مشكلة خاصة به بل هي اكبر مما يفكر به ويحاول إن يتصرف في ضوءه.
  و بأزاء ما تقدم وأيا" كانت الانجازات التي حصلت، والتراجعات التي انطوت عليها تطبيقات اللبرالية الجديدة في بعض الدول العربية فأننا لا نغالي عندما نؤكد إن ما جرى وما تم من برامج وسياسات لا يرقى إلى مستوى ما كان يمكن إن يعول علية حتى من وجهة نظر مؤسسات(العولمة) الاقتصادية وخاصة الـ  IMF وال  IBRD فضلا" عن وجهة نظر أوسع القطاعات المجتمعية 0 وحسبنا أن نشير هنا إلى أن عدم وضوح التطبيقات وبرامج العمل إنما يثير في حقيقة الأمر واقعة إن السياسات الاقتصادية افتقدت المضمون الاجتماعي واعتمدت بشكل اكبر على النواحي الفنية في تأكيد حالات الإنجاز والتقدم الذي حصل على مستوى بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي، ذلك إن عدم إدراك ماهية الأهداف المطلوب تحقيقها وذات المساس بمصالح الجمهور، وما هو المطلوب هيكلته ويحتاج فعلا" إلى إعادة هيكلة وغياب المعايير المثالية لتبرير الإصلاحات، جعل من التطبيقات اللبرالية الجديدة شكلا" من أشكال التعبير عن إرادة وخطط ومناهج المؤسسات المالية والنقدية القابضة على ناصية القرار الاقتصادي العالمي، اكثر منه خطوة تعبر عن الضرورات التي تفرضها حركة التطور الاقتصادي، بل وتتفق تماما" مع متبنيات الاقتصاد السياسي الجديد، ونوايا السياسيين والبيروقراطيين الذين يصنعون القرار وتخطيهم(( للمصالح العامة)) لاجل تحقيق مصالحهم الذاتية(6)،فالسياسات الاقتصادية التي صممت في إطار التكيف مع ظواهر ((الاقتصاد المعولم)) لم تكن تحت تأثير الضرورات الموضوعية، بل انسياقا" وراء تدفق التيار العارم للعولمة الاقتصادية واستجابة ((مرتبكة)) لآليات عمل الاقتصاد العالمي .

   المصادر والهوامش
1-هانس بيتر مارتن، هاوالد شرمان، فخ العولمة، الاعتداء على الديمقراطية والرفاهية، 1998، ترجمة د0 عدنان عباس علي، مراجعة وتقديم د0 رمزي زكي، عالم المعرفة، الكويت، ص 202 02-ينظر ( التقرير الاقتصادي العربي الموحد)0 للسنوات 2002 – 2003 .3-التقرير الاقتصادي العربي الموحد 1998 . 4-د0 حمدي الصوالحي، آثار اتفاقية الـ(جات) على الواردات الغذائية العربية، بحث مقدم الى المؤتمر العلمي الاول للجمعية العربية للعلوم الاقتصادية والاجتماعية والزراعية، بيروت 1994، ص42 .5- حال الامة، المؤتمر القومي العربي التاسع 1997 ص102 .6-Anne Krugr, Government Failures in Development, Journal of Economic Prospective, Vol. 4, Summer 1990                                             

تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث