تمثال ديفيد
للفنان الايطالي مايكل انجيلو، 1501
(258: (عكاشة،لوحة ( 238 ) ج 1
نبذة تأريخية : في العام ( 1501 ) تم تكليف مايكل انجيلو بنحت تمثال ديفيد
(داود) لتُزَيّن به كاثد ا رئية (فلورنسا) ومن أجل هذا الغرض أحضرت له كتلة ضخمة
من الرخام للعمل عليها وتشكيلها لانجاز المهمة تزن أكثر من ستة أطنان وعندما
أكتمل التمثال قرّرت لجنة من الأعيان وكبار الفنانين وضعه في الميدان الرئيسي
للمدينة وعند عرضه بادر مواطنون غاضبون برشقه بالحجارة لأنهم أ روا فيه رم ا ز
لجمهورية (فلورنسا) التي كانت خارجة على حكم (آل ميديتشي).
ومع ذلك صمد التمثال في مكانه واعتُبر على الدوام رم ا ز ايقونيا لفلورنسا الصغيرة
ولأفكارها الجمهورية، في مواجهة خصمها الأكبر عائلة (ميديتشي) ومناصري
الملكية. وفي عام( 1873 ) نقل التمثال من مكانه إلى أكاديمية (غاليري) لحمايته.
خضع للعديد من عمليات الترميم التي أثار بعضها نقاشات حادّة ما بين مؤيّد
ومعترض إن أهمية تمثال ديفيد بالنسبة لعصر النهضة هي انه كان يشكّل قطيعة
مع الت ا رث اللاهوتي المسيحي الذي كان يصوّر الإنسان باعتباره كائنا مسيّ ا ر وفاسدا
وضعيفا لا يملك من أمر نفسه شيئا، وأن عليه أن يتطلع بكليّته إلى الحياة
الأخروية التي تمثّل السعادة والحقيقة والكمال.
ولم يكن مصادفة أن الإنسان كان يصوّر في القرون الوسطى كوحش مشوّه يتطلع
إلى تحرير روحه من اسر الخطيئة الأصلية من خلال الموت الطقوسي والعنيف
وتمثال ديفيد بما ينطوي عليه من رموز ودلالات وعبَر، ويعد هذا العمل الفني
افضل تعبير عن رؤية عصر النهضة للإنسان.
فال ا رعي الشاب "ديفيد" قرّر باختياره الواعي أن يقاتل عدوّا أقوى منه لكي ينقذ قومه
من الهلاك وسلاحه في ذلك مقلاع وعصا وبضعة أحجار، واستطاع في النهاية قهر
خصمه والحاق الهزيمة به من خلال سلطة العقل وقوة الإ ا ردة والتصميم.
ويتقاطر اليوم على فلورنسا سنويا اكثر من مليوني شخص لالقاء نظرة على تمثال
الرجل العاري ذي الملامح الجميلة والتفاصيل الدقيقة والقوام الضخم ومؤخ ا ر احتفل
الإيطاليون بمرور 500 عام على إنجازه وأحيوا المناسبة بالألعاب النارية والحفلات
الموسيقية والمعارض الفنية والندوات التي تناولت كل جوانب هذه التحفة الفنية
الخالدة بالشرح والنقاش والتحليل و يجمع النقاد والمؤرّخون على اعتباره واحدا من
اعظم الأعمال النحتية على مرّ العصور.