معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


اللغة العربية .. هوية وتأريخ وثقافة


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
سعدون احمد علي الرباكي

Citation Information


سعدون,احمد,علي,الرباكي ,اللغة العربية .. هوية وتأريخ وثقافة , Time 07/12/2016 06:55:48 : كلية التربية للعلوم الانسانية

وصف الابستركت (Abstract)


ينبغي لنا نحن - أبناء العربية - أن نحافظ على سلامة لغتنا العربية كونها لغة القرآن ولغة أهل الجنة

الوصف الكامل (Full Abstract)

اللغة العربية هويَّة وتأريخ وثقافة
أ.د سعدون أحمد علي الرَّبَعيّ
إنّ اللغةَ ليست مجردَ وسيلةٍ للتخاطبِ والتواصلِ فحسب ،إنَّها
انتماءٌ وهُويّةٌ وثقافةٌ، ووعاءٌ تحملُ موروثَ الأمةِ العلميَّ والتأريخيَّ والأدبيَّ، وتجعلُه تراثاً حيًّا يتداولُهُ الناسُ، واللغةُ هي مَن تُقيمُ روابط َ الاتصالِ والانسجامِ بين أبناءِ الأمةِ الواحدةِ وبينَ تأريخِهم، قال الفيلسوفُ الألمانيّ فيخته : ((اللغةُ تجعلُ من الأمةِ الناطقةِ بها كلاً متراصًّا )). ومما يدُلُّ على عِظَمِ العربيةِ وعُلُوِّ كَعْبِ أهلِها في كمالِ الذوقِ وجودةِ السليقة أنَّها لغةٌ اشتقاقيةٌ تنمازُ بالسَّعَةِ والثراءِ ودقةِ التعبيرِ والايجازِ والمجازِ، وجمالِ الصوت، وبهاء الأسلوب ؛ لهذا كلِّه تبوأت لغتُنا العربيةُ مقعدًا ساميًا بين لغات الأمم. أعظِم بها من لغةٍ شرَّفَها اللهُ جلَّ وعلا لتكونَ لغةَ قرآنِه، ولغةَ أهلِ جنانِه، قال تعالى { لسانُ الذي يُلحدون إليه أعجميٌّ وهذا لسانٌ عربيٌّ مبين } [ النحل /103] ؛ فهي اللغةُ التامَّةُ الحروفِ، الكاملةُ الألفاظِ، لم ينقصْ من حروفِها شيءٌ فيَشينُها نُقصَانُه، ولم يَزدْ عليها شيءٌ فيَعيبُها زيادتُه ، فضلا عن كونها من أجملِ اللغاتِ في الوجود ، وإنَّ خزائنَ مفرداتِها في تزايدٍ غيرِ محدود، لأنَّ تنميتَها بعواملَ منها الاشتقاقُ والقياسُ ظاهرٌ ومشهود، ومن هنا جاءت تسميتُها باللغة الوَلود، وها هي تدفعُ عن نفسِها العجْزَ والجمود، إذ تقولُ على لسانِ شاعرِها المجيد حافظ إبراهيم :
وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظًا وَغايَةً وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
واللغات تحيا بالاستعمال وتعمُرُ وتدوم ، ولغتُنا العربيةُ التي استمدت خلودَها وديمومَتَها من القرآن الكريم { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[سورة الحجر:9]، عاشت وصمدت باختلافِ الظروفِ والأزمان ؛لأن الناطقين بها أخلَصُوا لها ، وحرَصُوا على تعلُّمِها وتعليمِها، وأصرُّوا على استعمالها ، والمحافظةِ عليها ، لما لها من مزايا جعلتْها قادرةً على استيعابِ الثقافاتِ والعلوم المختلفة ، بل إنّ كثيرًا من الأقوام الأعجمية التي تكلّمت باللغة العربية ، أحبَّتْها كما أحبَبْناها نحْنُ ، وأدركوا قيمتَها وانبهَرُوا بخصائصِها، فخَلبَتِ العربيةُ ألبابَهم ، واستقرَّ عشقُها في قلوبِهم ، وفاضت ألسنتُهُم تعبِّرُ عن مكنونِ تلك القلوب ، فهذه المستشرقة الألمانية زيفر هونكة تستشعرُ عظمةَ لغتِنا فتقول: (( كيف يستطيعُ الإنسانُ أن يقاومَ جمالَ هذه اللغةِ ومنطقَها السليمَ وسحرَها الفريد؟ فجيرانُ العربِ أنفُسُهُم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحرَ تلك اللغةِ، إذ اندفعَ الناسُ الذين بقُوا على دينهم في هذا التيار يتكلمون اللغةَ العربيةَ بشغفٍ، حتى إن اللغة القبطية مثلاً ماتت تماماً، بل إنَّ اللغةَ الآراميةَ لغةُ المسيح قد تخلّت إلى الأبد عن مركزها لتحتلّ مكانَها لغةُ محمدٍ)).
ومما يُزيدُنا اعتزازًا وفخرًا نحن – العراقيين - ، أنَّ علومَ اللغة العربية نشأت بالعراق يومَ كانتِ البصرةُ والكوفةُ وبغدادُ مراكزَ اشعاعٍ حضاريٍّ تمدُّ العالمَ بالعلوم والمعارف، ومنها علومُ الدين واللغة، ومن ثم انتقلت الى سائر البلدان العربية والاسلامية. وقد برزَ من العراق كبارُ علماءِ العربية وكبارُ الشعراء والأدباء منهم على سبيل التمثيلِ لا الحصر : أبو الأسود الدؤلي والفرزدقُ وأبو عمرو بنُ العلاء والخليلُ الفراهيديُّ وحمادُ بنُ سلمةَ والأخفشُ أبو الخطاب وسيبويهِ والكسائيُّ ويونسُ بنُ حبيبٍ والعباسُ بنُ الأحنفِ وأبو نواسٍ والفرَّاءُ ومسلمُ بنُ الوليدِ وأبوعثمان الجاحظُ والمبرِّدُ وأبو العباسِ ثعلبُ وابنُ المعتزِّ وأبو إسحاق الزجاج وأبو بكر بن السراج وغيرُهم كثيرٌ .
إنَّ الحفاظَ على اللغة هو حفاظٌ على الهُويَّةِ الوطنيةِ والثقافةِ والتأريخ، وتلك مهمةُ قادةِ البلدانِ ونُخَبِها ومؤسساتِها العلمية والثقافية، لذا نهيب بعماداتِ كلياتِ جامعتنا وتدريسييها وطلبَتِها أن يكونَ لهم نصيبٌ في تنمية اللغة الفصحى وتعميقِ الوعي اللغوي السليم، وذلك بإشاعة استعمالِ اللغةِ العربيةِ الفصحى في التدريسِ والحوارِ والتخاطبِ اليوميّ، والكفِّ عن استعمال اللهجةِ العاميةِ في إلقاء المحاضرات آملين شحْذَ الهِمَم لرفعِ مستوى الأداء الكلاميّ والكتابيّ الفصيحَينِ لمنتسبي جامعتنا العزيزة (جامعة بابل)؛ لأن مسؤوليةَ الحفاظِ على سلامةِ اللغةِ العربيةِ يتحملُّها الجميعُ . وندعو حكومتنا الرشيدة ومجلس نوابِّنا الاتحاديّ إلى تفعيلِ عملِ مؤسسةِ المجمعِ العلميّ العراقيّ بتشريعِ قانونِه المعطَّلِ منذ سنينَ وإعادةِ الروحِ إليه بعيدًا عن المحاصصاتِ والمناكفاتِ السياسيةِ والحزبيةِ الضيقة، وإعادةِ تأهيلِه ليستأنفَ أعمالَه ونشاطَاتِه العلميةَ والفنيةَ والإداريةَ، ليعودَ صرحًا علميًّا شامخًا نابضًا بالحياة ، وتحتضنَ قاعاتُه ودوائرُه أعمالَ لجانِه المتعددةِ في مختلف العلوم والآداب، فضلا عن عقْدِ المؤتمراتِ والندواتِ وإصدارِ الكتبِ والدورياتِ، وبما يخدُمُ مسيرةَ العلمِ والإصلاحِ في عراقِنا الحبيب .
ختاما : تدعو لجنة الحفاظ على سلامة اللغة العربية في جامعة بابل إلى تشكيل لجنة مجمعية فرعية في كل جامعة تعنى باللغة العربية يكون لها تمثيل في لجان المجمع العلمي العراقي المركزي تضم الى جانب المتخصصين بالعمل اللغوي العربي أساتذة من مختلف التخصصات العلمية والإنسانية يتوافر في أعضائها الإيمان العميق بالحفاظ على سلامة اللغة العربية الفصحى ، تأخذ على عاتقها استيعاب ما استجد من المصطلحات في المجالات العلمية والأدبية والفنية المختلفة وإيجاد بدائلها العربية بوسائل تنمية اللغة المعروفة من اشتقاق أو قياس أو ارتجال أو توليد أو تعريب أو نحت. وبهذا تكون الجامعة قد فعَّلت دورها الطليعي والريادي في بناء المجتمع والحفاظ على أسمى مقوم من مقوماته وهو اللغة العربية.





تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث