عنوان البحث(Papers / Research Title)
الاعتبار في القرآن الكريم
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
عامر عمران علوان الخفاجي
Citation Information
عامر,عمران,علوان,الخفاجي ,الاعتبار في القرآن الكريم , Time 5/26/2011 3:18:30 PM : كلية العلوم الاسلامية
وصف الابستركت (Abstract)
دلالات الاعتبار في القرآن الكريم
الوصف الكامل (Full Abstract)
(( الاعتبار في القرآن الكريم ))
لقد منّ الله تعالى علينا بتعليم البيان فرفع به إنسانيتنا وأمرنا بتعبده , كما عرفنا سلوك صراطه المستقيم اعتباراً بما وهبنا من السمع والنظر والفكر وبما به علينا من تصرف غيرنا بالنعم بعد ترويض العقول لتسويغ ارتكاب الباطل سعياً إلى استعباد الإنسان للإنسان وتسخيره لإرادة حزب الشيطان بسلب اعتباره بالحق وذلك بتغليب الضلال لتعطيل قواه الفردية وليقتنع بالتقليد والتبعية ترغيبا وترهيبا فصار الإنسان الذي كرمه الله تعالى عبدا ذليلاً لهواه وشهواته وملذاته ومرقاة لغيره باختياره , لان الله تعالى لم يسلب منه حواسه ولا إرادته ولكنه رضي لنفسه المهانة فلم يعتبر لاستغنائه بغير الله من حطام الدنيا عن الافتقار الى الله تعالى فظن إن الغنى بالاكتساب لا بالكسب وبالتدليس والمكر لا بالاهتداء والاستقامة فكان ذرء النار إذ حقت عليه كلمة الحق لعدم اعتباره , لان الاعتبار في حقيقته البيان ومنه العبرة فلا عبارة بلا بيان ولا بيان بلا عبرة تفصح عنه وتظهره فقد سمي الكلام بيانا لكشفه عن المعنى المقصود إظهاره نحو (هذا بيان للناس ..) وسمي ما يشرح به المجمل والمبهم من الكلام بياناً نحو قوله (ثم إن علينا بيانه ...) فالبيان إظهار المقصود بالعبارة نطقا أو كتابة , لان ((البيان مابُين به الشيء من الدلالة وغيرها)) .
وقوله عز وجل (وانزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ...) أي بين لك فيه كل ما تحتاج اليه انت وامتك من امر الدين والبيان اظهار المقصود بأبلغ لفظ وهو من الفهم وذكاء القلب مع اللسن واصله الكشف والظهور)) واداته اللسان والخط , لانهما يظهران ما خفي (واما العبارة فهي مختصة بالكلام العابر الهواء من لسان المتكلم الى سمع السامع)) فالمتكلم معبر عما في نفسه وكذلك الكاتب واما السامع او المتلقي فهو العابر , فإذا فهم المقصود وقبله وعمل به فهو المعتبر , لان ((العابر: الناظر في الشيء والمعتبر: المستدل بالشيء على الشيء)) فليس كل سامع او قارئ معتبراً , لان الاعتبار ادراك غير المشاهد استدلالا بالمشاهد , وهو مختص بمن وعى وتدّبر بعد النظر والتأمل فاستنبط ما قبل به ليعمل بمقتضاه فذلك ((الاعتبار والعبرة بالحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد الى ما ليس بمشاهد)) فالاعتبار هو التدبر والنظر في علة ثبوت الحكم للمعروف وجعله اساساً للبناء ومنطلقا لجميع الاشباه والنظائر في الحكم لان أصله العبور والتجاوز من حال الى حال , فالحكم الاول هو المعتبر لثبوته, لان الناظر المتدبر قد تثبت من حكمه بالدليل وهو المستدل به لضم النظير , وهو ((العابر الذي ينظر في الكتاب فيعبره: أي يعتبر بعضه ببعض حتى يقع فهمه عليه, لذلك قيل عبر الرؤيا واعتبر فلان كذا, وقيل: أخذ هذا كله من العِبر وهو جانب النهر, فقيل لعابر الرؤيا عابر, لانه يتأمل من ناحيتي الرؤيا فيتفكر في اطرافها ويتدبر كل شيء منها ويمضي بفكره فيها من اول ما رأى النائم الى اخر ما رأى)) فإن الربط بين طرفي الفكرة يقتضي ايجاد أوجه الشبه وإزالة الإشكال بإطالة النظر والتأمل فجاء (اعتبر) مطاوعا للمضعف (عبّر) .
وقيل : "الاعتبار : هو النظر في الحكم الثابت إنه لأي معنى ثبت والحاق نظيره به وهذا عين القياس" . وهذا القول فيه نظر من وجالاول : إن الاعتبار يختص بالسامع او القارئ والقياس يختص بالمتكلم او المنشيء والمنتج .الثاني : ان الركن الاول في الاعتبار معروف ظاهر بالأدلة وذلك بخلاف القياس , لانهم كثيرا ما قاسوا على اصول مرفوضة , فغلب على القياس الظن في حين غلب على الاعتبار اليقين .الثالث : ان التدبر في الاعتبار يقتضي فهم الاصل للاعتبار به , ومن ثمَّ القبول , ولا يشترط ذلك في القياس .الرابع : إن الاعتبار اخص من القياس من جهة ثبات الحكم وأعم منه من جهة القدر المشترك وهو التجاوز , لان (القياس مجاوز بالحكم عن الاصل الى الفرع , والمجاوزة اعتبار لان الاعتبار معناه العبور وهو المجاوزة , تقول: جزت على فلان أي عبرت عليه والاعتبار مأمور به لقوله تعالى : (فاعتبروا...) أن المراد بالاعتبار هنا هو القياس , بل الاتعاظ وذلك بأن الاعتبار هو القدر المشترك بين القياس والاتعاظ والمشترك بينهما هو المجاوزة فان القياس مجاوزة عن الاصل الى الفرع والاتعاظ مجاوزة من حال الغير الى حال نفسه", فليس كل الحاق صوره بصورة أخرى تماثلها يعد اعتباراً بمعنى الاتعاظ , لاشتراط القبول والعمل , وذلك برد المعنى الى نظيره والاتعاظ نوع منه , لان المردود اليه معتبر أي متدبر فيه ومنظور اليه نظر معرفة وادكار وليس القياس كذلك لقيام على الظن والافتراض لقيامه لاطراد القواعد بدليل شيوع التقدير فيها .الخامس : الاعتبار مأمور به سلوكا وصناعة , لاستلزامه حصول اليقين في العمل دون الوهم او الظن , وذلك بخلاف القياس لاقتصاره على الصناعة اللفظية لاظهار المعنى في حين يعول الاعتبار على الفهم بعد التدبر والنظر لقيامه على الاستدلال لظهور الدليل , فكل اعتبار يتطلب تقديراً للمعتبر به لحصوله في الوجود وليس كل قياس اعتبارا لقيامه على اصول مرفوضة أو لا وجود لها , كما انه لا يقتضي القبول يقينا لغلبة الصناعة عليه .السادس : الغرض من الاعتبار بيان صحة الامثال والمتشابهات والافادة منها في كشف المعاني المحتجبة وتصورها للإفهام وليس الالحاق لغرض التشابه بدليل قوله تعالى : (وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون بالحق) , خلق السموات والارض بالحق ان في ذلك لآية للمؤمنين أي "بالغرض الصحيح الذي هو حق لا باطل" وهو ان تكون مساكن عباده وعبره للمعتبرين منهم ودلائل على عظمة قدرته , الا ترى الى قوله تعالى (ان في ذلك لأية للمؤمنين – ونحوه قوله تعالى "وما خلقنا السماء والارض وما بينهما باطلا .. ثم قال : ذلك ظن الذين كفروا".السابع : الاعتبار في الخطاب تنبيه للمخاطب به فصلا ووصلا واضمارا واظهارا وحذفا وذكرا ونحو ذلك , لقصد الفصل بين الصحيح والفاسد والحق والباطل والصواب والخطأ , لان المعتبر هو الكشف ولا يحصل ذلك الا بالعبارة التي لا ليس فيها , وليس بالمفردات كما غلب على القياس .الثامن : الاعتبار يظهر مواطن التعظيم والتبكيت والتوبيخ والتقريع والتعريض والاستغناء والتغليب ونحو ذلك وهي تبرز فيه لبيان الاسرار والنكت المعنوية ولولاه لبقيت محتجبة في اكمامها ولا يظهر ذلك في القياس .التاسع : الاعتبار يقتضي تعلق الكلام بموجباته وما شابهه او ناقضه , والقياس لا يقتضي ذلك .العاشر : الاعتبار يعتمد المطابقة بين كلامين لبيان مقتضاها , والقياس يعتمد الاصل والفرع للحكم بعلة المشابهة وليس لغرض الاعتبار .
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|