تأثير المياه في العلاقات العراقية -التركية
أ.م.د. جواد كاظم البكري
بسم الله الرحمن الرحيم
" وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون "
قران كريم ، الانبياء الآية ( 30 )
المقدمـــــة :
يعتبر الماء من العناصر الاساسية للحياة . ومن المكونات الاساسية لازدهار الحضارات . وهكذا كان وما زال في حضارة بلاد ما بين النهرين ، حضارة وادي الرافدين حيث كانت مياه نهري دجلة والفرات تنساب منذ القدم من تركيا الى العراق مشكلة كل الحضارات التي نشأت بعد امتلاكها مقومات الحضارة الاخرى . ومنذ القدم ولحد الان لم يعاني البلد من اية مشكلة حيث تنساب المياه بشكل منتظم لاسيما وان بلد المنبع تركيا لم تكن بحاجة الى المياه ولم يكن لديها اية مشاريع تنموية زراعية لاستغلال مياه هذين النهرين ، الى ان ظهرت متغيرات جديدة اخرى اثرت على معادلة استهلاك المياه في تركيا فجعلتها تغير سياستها المائية ناهيك عن تدخل القوى الاجنبية الاخرى للتأثير على تركيا في هذا المجال مما ادى الى حصول ازمة مائية ادت الى التأثير على العلاقات الاقتصادية التركية ـ العراقية نتيجة لذلك .
مشكلة البحــــث : تتمثل مشكلة البحث في وجود مشكلة حقيقية نتيجة العجز المائي الذي سيشهده القطر والذي نجم نتيجة السياسات المائية المستخدمة في دولة المنبع تركيا .
هدف البحــــــث : يركز البحث على متغيرات العرض والطلب المائي في دولتي المنبع والمصب ( تركيا والعراق ) والسياسات والاحتياجات المائية لكلا البلدين من اجل التعرف على حجم المشكلة وتأثيرها على العلاقات بينهمـا .فرضية البحـــث : يستند البحث على فريضة اساسية مفادها امكانية تلافي المشكلة والازمة المائية التي حصلت وسوف تتفاقم وذلك من خلال استثمار الموارد المائية امثل استثمار ممكن والتعاون والتنسيق المستمر بين كل من العراق وتركيا .
الموارد المائية في تركيا والعراق واستخداماتها والتعاون بينهما في مجال الميـاه :
أ. الموارد المائية في العراق واستخدامها : لم تكن لفترة قصيرة منشات رئيسية على نهري دجلة والفرات للسيطرة على منابعهما العليا لذلك كانت الفيضانات تحدث اضرارا كبيرة وخاصة في السهل الرسوبي الزراعي ، وقد اكتمل انشاء عدد من السدود الكبيرة على نهر الفرات في كل من تركيا وسوريا واصبحت تصاريف النهر مسيطرة عليها من قبل دول المنبع والمرور وبسبب قيام تركيا بتوسيع مشاريع الري وانشاء السدود وخصوصا ما يدعى بمشروع جنوب شرق الاناضول ( الغاب ) والذي نجم عن تخفيض الايراد المائي الوارد الى القطر في نهري دجلة والفرات .
لقد بلغ معدل الوارد المائي السنوي وحسب معلومات دوائر الري وقبل قيام تركيا بمشروع جنوب شرق الاناضول ( الغاب ) في حدود ( 80 ) مليار م3 تشكل الموارد المائية لنهر دجلة وروافده حوالي ( 50 ) مليار م3 ويحتل الباقي ( 30 ) مليار م3 معدل الوارد السنوي لنهر الفرات . كما ان الجزء الاكبر من الموارد المائية يتحقق في فصل الربيع ونهاية شباط الى اول حزيران بالنسبة لنهر دجلة ومن آذار الى نهاية حزيران بالنسبة لنهر الفرات( ) . ولو علمنا ان الوارد المائي في نهري دجلة والفرات يمثل النسبة الكبرى من الموارد المائية في العراق يمكننا استنتاج النقص الحاصل والعجز الذي سيشهده القطر نتيجة سياسات تركيا المائية الحالية والمستقبلية . حيث قدرت بعض الدراسات الى ان ينخفض الوارد المائي الى القطر بمقدار ( 19 ) مليار م3 سنوياً( ). ومن خلال الجدول الاتي يتبين بان العراق سيعاني من عجز في الموارد المائية بمقدار ( 46ر31 ) مليار م3 / سنويا وذلك في عام 2048 ، وذلك بسبب تزايد الاحتياجات المائية المستمرة بسبب تزايد عدد السكان وازدياد استخدامات المياه من جهة ونتيجة النقص الحاصل والمتوقع من الايراد المائي القادم من تركيا من نهري دجلة والفرات . كما يبين الجدول ان نصيب الفرد العراقي من الموارد المائية سوف يتراجع من ( 2240 ) م3 سنويا في عام 1990 الى (501 ) م3 سنويا في عام 2