عنوان البحث(Papers / Research Title)
اعلان حالة حب
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
محمد حسين محمد حبيب الحبيب
Citation Information
محمد,حسين,محمد,حبيب,الحبيب ,اعلان حالة حب , Time 5/30/2011 8:20:19 PM : كلية الفنون الجميلة
وصف الابستركت (Abstract)
مقال في النقد التلفازي
الوصف الكامل (Full Abstract)
إعلان حالة حب
إعلان حالة التكامل الفني في الدراما العراقية
تراجيديا الدم العراقية
د. محمد حسين حبيب
لأن المخرج ( حسن حسني ) رجل مسرح أصلا هاضما لعوالم كبريات الدراما المسرحية,ولأن كاتب القصة والسيناريو والحوار ( احمد هاتف ) هو شاعر أصلا معجون بروح الشعر وتحليقاته في خيال مطلق , التقيا بصدفة قدرية مسجله بتاريخ الدم العراقي المهدور ليلجا باب الدراما التلفازية ويكشفا لنا عن التكامل الفني لهذه الدراما عبر مسلسل ( إعلان حالة حب ) إنتاج قناة الشرقية 2010م الذي عرض في شهر رمضان المبارك وحسنا فعلت القناة اولا انه وطيلة الثلاثين حلقة لم يتخلل عرض المسلسل تلك الاعلانات والدعايات التجارية التي تشوه وتسيء الى العمل اثناء بثه مما يخلخل ايقاعه ومتابعة المشاهد له متابعة موضوعية تواصلية باستثناء الحلقتين الاخيرتين اللتين تضمنتا اعلانا واحدا عن المفقودين حيث جاء الاعلان منسجما مع روح العمل ولم يؤثر كثيرا على انشداد وترقب المشاهد له .
الذي حدث في ضرورة الاعلان عن حالة الحب الذي جمع ( يسار و يارا ) هو نفسه حدث مع ( روميو و جوليت ) سابقا في مسرحية الكاتب والشاعر المسرحي الانجليزي وليم شكسبير من حيث الفكرة الرئيسة لحكاية النص اولا والذي اثرت هذه الفكرة والحكاية وتناصت مع اعمال مسرحية وسينمائية وتلفازية اخرى عربية منها واجنبية لكن براعة الكاتب الدرامي والشاعر العراقي ( احمد هاتف ) تكمن في نظرته هو لهذه الفكرة بمتنها الحكائي من وجهة جديدة حيث الانغماس بمحلية عراقية من جهة والتحليق بعالمية المشاعر الانسانية الذي تخترق الزمان والمكان من جهة اخرى فضلا عن الاعلان – لا عن الحب وحده فقط – بل عن المسكوت عنه في طبيعة العلاقات الاجتماعية والسياسية ( البرلمانية ) والمصالحية التحزبية لا الوطنية وتوظيف كل ذلك وتجسيده عبر نقاوة وصفاء حب ( يسار و يارا ) .. ولم تنته مسالة التناص الشكسبيري عند الفكرة الرئيسة في بدايتها ولكن حتى نهاية المسلسل جاءت متناصة تماما مع النهايات الشكسبيرية في تراجيديا الدم والقتل حيث يموت الابطال النبلاء قتلا ليمتلىء فضاء المسرح بدمهم الطاهر , وهكذا كانت الاحداث الاخيرة وتحديدا في الحلقتين الاخيريتين لكن لم تكن الدماء المهدورة غدرا وظلما هنا شكسبيرية بل دماء عراقية ادمت قلوبنا كمشاهدين مثلما أدمت عيوننا دما ودمعا بدا ينهمر مدرارا منذ الطلقة الاولى التي اصابت ( يسار الاب ) ثم ( يارا الام ) والآخرين وصولا الى الطلقات النارية التي حومت حول ( يسار الطفل ) ولم تصبه وكان يجب ان لا تصيبه لضرورة درامية ادركها ( احمد هاتف ) مثلما ادركناها نحن كمشاهدين لحظة كنا في متعة الالم والشد والتوتر لمتابعة مصائبنا العراقية التي تحيط بنا والتي تنتظرنا على يد امثال ( هشام و مدحت ) لكنا في النهاية سننتظر ( يسار الطفل ) يكبر لانه فعلا هو املنا مثلما نطقها عقل المسلسل الناطق فكرا والعقيم فسلجيا المتمثل بشخصية الاستاذ الجامعي ( احمد ) التي جسدها الفنان ( عادل عباس ) نجم مسرحنا العراقي السابق .
وجدت من المهم التوقف هنا عند رمزية الاسم وايحاءاته الفنية لأجد ان حروف مثل : الياء والألف والراء , متشابهة في اسمي ( يسار و يارا ) لتظهر لنا كلمة ( يار ) كأنها كلمة الدعاء التي نلجأ اليها في بلاء المصيبة وتفاقمها لكن باضافة حرف الباء لتكون ( يارب ) وكأن يسار ويارا وحبهما – حين الاعلان عنه – أصبح بحاجة الى دعائنا له ان يستمر ويحيا ويتوالد وفي الوقت نفسه ربما نحن من سيدعو الرب باسم مصيبة وموت (يسار ويارا) ان يحفظ الحياة السليمة والصحيحة التي نحلم بها ان تتحقق وتستمر وتتوالد جيلا بعد جيل . ومن نظرة اخرى ربما لم يرد الاخرين ان يجمع الحب ما بين ( اليسار / يسار ) و ( اليمين / يارا ) ليكونا حياة واحدة جديدة بعيدة عن اختلافات ابتدعتها الفضاءات الوافدة التي فرقت لتسد ..وحومت وسكنت بعيدا عن فكرة ان تعد من حيث اتت ..
امتلك الحوار الكثير من الشعر ومن الشعرية برغم كونه حوارا باللهجة المحلية لكن المؤلف استند على مرجعيته الشعرية ووظفها ليصوغ لنا تحليقات لفظية لامست الاذن والقلب بلمسة واحدة وخاصة في المنولوغات الذاتية والدايلوغات ذات المساحة الاطول لدرجة ان الشخصيات البطلة تتحدث بلغة الشعر التي يبغيها المؤلف بلا وعيه احيانا وبوعيه احيانا كثيرة . هذا بالاضافة الى تنوع الشخصيات على وفق ثقافتها ودرجة علاقتها ببطلي العمل ( يسار ويارا ) لنجد صوت العقل وصوت العاطفة وصوت الواقع تمثل ذلك في اصدقاء البطلين كلا حسب مرجعيته وبيئته الاجتماعية ومستواه الثقافي ونكران ذاته واستعداداته الاخرى في التضحية والوفاء والشجاعة .
هذه الحبكة النصية بكل خطوطها وتفرعاتها وصولا الى العقدة الرئيسة والذروة الدرامية انتبه لها المخرج ( حسن حسني ) وادرك ماهيتها وتفاعل معها بالايقاع الدرامي الذي يجب ووفر فسحة لنا من التفاعل والمتابعة عبر عاملي : الترقب والتوقع المهيمنين على فضاء التلقي والانفعال مع المادة المبثوثة بكل خطوطها المتفرعة من حبكة درامية منضبطة قبض عليها المخرج مدركا دائرة علاقاتها بانسجام هارموني متكافىء وممهدا لتلك العقدة الدرامية في ذروتها الكبرى وهي تعمل على تصعيد الازمات النفسية والاجتماعية والسياسية بل وحتى الدينية هنا التي كشفت عن الحس الايقاعي للمخرج ووعيه بملابسات واقعه العراقي وتناقضاته والوان معتقدات ناسه وتلون (انتماءاتهم) اولا , وملابسات وتناقضات المجتمع الذي يطمح ان يكون انسانيا وعادلا وسعيدا ثانيا .
تابعنا قبلا ونعرف سلفا انتماء المخرج ( حسن حسني ) لأوراق السيناريو الذي يتبناه اخراجيا ليعصر لنا مرارة الاشياء وحلوها وكان الانتماء هذه المرة ل ( اعلان حالة حب ) كسابقاتها حيث التسديد للجرح / الهدف مباشرة , ليس هذا فقط بل كان مصوبا كبيرا في اختياراته لعمالقة التمثيل العراقي وهما قطبي هذه التراجيديا التلفازية الكبيران ( سامي قفطان و جواد الشكرجي ) اضاف لنا هذا العمل عملاقا ثالثا وهو الفنان ( سنان العزاوي ) الذي انتمى لدوره كانتماء مخرجه ذاك وانتماء الكبارالاخرين لادوارهم جميعا امثال : ( ابتسام فريد و اسيا كمال و كريم محسن و طلال هادي و عادل عثمان و كريم عواد و جبار الشرقاوي ) وفرحنا كان كبيرا باداء الممثل العراقي الواعد الذي ثمثل في اداء ( ريام الجزائري و علي عبد الحميد و حسن هادي ) ولانريد ان نحصي ونعدد الاسماء حسب لكن لم نجد ممثلا في هذا المسلسل الا وكان مبدعا كبيرا فيه مدركا لادواته وواعيا لمتطلبات دوره , والجدير بالذكر هنا نسجل اعجابنا للمرة الاولى باداء الممثلة العراقية ( ميس كمر ) التي قالت لنا هنا وبجدارة انني ممثلة امتلك الادوات الخارجية والداخلية لعملي التمثيلي فشكرا لها وللمخرج في اكتشاف هذه القدرة المخبوءة لسنوات .
لقد احتضن البيت المسيحي هنا أزمة المسلمين .. لقد التجئا يسار و يارا الى بيت صديقهم المسيحي في الموصل كملاذ امن وفعلا كان ملاذا حصينا وامنا تحمل اهله الكثير من المعاناة والالم والاهانة في سبيل احتضان المشاعر الانسانية الصافية والنقية بصدق نيات اصحابها .. السؤال : هل كان هذا الاحتضان مرسوما له في الخط الفكري للعمل اصلا ؟ ام جاء نتيجة علاقاتية غير مقصودة ؟ .. في كلتا الحالتين يؤشر لنا هذا الامر ناقوسا ينذر بالخطر فلننتبه جميعا والا فاننا سنركض جميعا مثل (عادل) في ركضته الاخيرة محاولا اللحاق بالحياة لا الموت لكن بلا جدوى .
أمنا العراقية تردد وهي تنوح وتتوعد : ( كافي دم كافي .. اشسويتوا بينا ) .. واستاذنا الجامعي (عادل ) يصيح : ( كافي قتل كافي .. هذا الطفل املكم ) .. و يسار ( كان يحلم بدنيا صافية ونقيه ) ولم يجد في موته الا سعادة حيث ودعنا مبتسما ناطقا بالحب .. و يارا تصرخ بنا جميعا : ( يسار اشرف منكم ) .. فنقول نحن مستنجدين سائلين : ( ياالهي اية مرتبة من الشرف يمكن ان نصل اليها كي يحيا يسار الطفل بيننا .. بعيدا بعيدا عن امثال هشام و مدحت ؟ ) .. علامة استفهامنا كبيرة وحيرتنا اكبر بحجم كل هذا الموت وحجم كل هذا الدم , بحجم ( العراق ) قلبنا النابض في مسلسل ( إعلان حالة حب ) ..
www.mhhabeeb.com
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|