عنوان البحث(Papers / Research Title)
تدرج التحول في مناهج التخطيط لبلدان العالم نحو منهج التخطيط التنموي البيئي
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
محمد علي حسن الانباري
Citation Information
محمد,علي,حسن,الانباري ,تدرج التحول في مناهج التخطيط لبلدان العالم نحو منهج التخطيط التنموي البيئي , Time 5/31/2011 5:50:17 PM : كلية الهندسة
وصف الابستركت (Abstract)
تدرج التحول في مناهج التخطيط لبلدان العالم نحو منهج التخطيط التنموي البيئي
الوصف الكامل (Full Abstract)
تدرج التحول في مناهج التخطيط لبلدان العالم نحو منهج التخطيط التنموي البيئي
إعداد :
الأستاذ الدكتور محمـد علي الأنبا ري قسم الهندسة المعمارية/ جامعة بابل
ان مفهوم التنمية هو مفهوم متعدد الأبعاد يشمل النواحي الأقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية للمجتمع الانساني ، و ان من اهم اوجه القصور في التخطيط التقليدي للتنمية هو ضعف اهتمامه بالجانب البيئي ، لذلك فأن احد اهم التحديات الكبيرة التي تواجه هذا المجتمع هو تخطيط التنمية بحيث تسد حاجات الأنسان الأساسية بطريقة ملائمة للبيئة . فمن خلال التنمية يتفاعل الانسان مع البيئة الطبيعية و يؤثر فيها ايجابا او سلبا ، و في نفس الوقت تشكل مصادر البيئة الطبيعية من ماء و تربة و حياة نباتية و حيوانية رأس المال الطبيعي الذي تتوقف علية التنمية . و ان الأدارة الجيدة للبيئة هي ببساطة كيفية استخدام مصادر الطبيعة لسد حاجات الانسان دون تدمير للنظم البيئية التي تتوقف عليها التنمية .
و في بداية السبعينات عقدت عدة مؤتمرات ( مثل مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة و الانسان الذي عقد في ستوكهولم عام 1972 ، و ندوة كوكويوك عن انماط استخدام المصادر و البيئة و ستراتيجيات التنمية التي عقدت في المكسيك عام 1974 ، ثم مؤتمر ريودي جانيرو للبيئة و التنمية في البرازيل عام 1992 ، و ثم مؤتمر جوهانزبيرغ للتنمية المستدامة في جنوب افريقياعام 2002 وغيرها ) ساهمت كلها في توضيح العلاقة بين البيئة و التنمية و في التبديد التدريجي للمفهوم الخاطئ بأنهما متنافرتان ، و لقد كونت هذه الأفكار الأساس لنقاش واسع في منتديات اقليمية و دولية متعددة ، و لقد استخدمت تعبيرات مثل " الأنماط البديلة للتنمية " و " التنمية المتوازنة بيئيا " و " التنمية الملائمة للبيئة " و " التنمية القابلة للأستمرار " و " التنمية المضطردة " و " التنمية المستدامة " و غيرها للتعبير اساسا عن رسالة واحدة هي ان البيئة و التنمية مرتبطتان ارتباطا وثيقا ، و في الحقيقة يدعم كل منهما الأخر ، و لذلك فكما نخطط للتنمية ينبغي ان نخطط للبيئة بشكل متزامن و متوازن . ازاء ذلك ، فأن التبدل في النظرة للبيئة و التنمية تطلب تحديث مناهج التخطيط التنموي ( فلسفة و اليات) بأتجاه استيعاب الاعتبارات البيئية جنبا الى جنب الاعتبارات التنموية قطاعيا و مكانيا و بما يحقق الموازنة بين متطلبات التنمية و متطلبات حماية و تحسين البيئة.
ولقد اشارت معظم الادبيات التخطيطية لبلدان العالم وخاصة النامية منها الى ان هناك تدرج في اهتمامات التخطيط التنموي أبتدأت بالمنهج الاقتصادي للتخطيط التنموي وستراتيجياته ( النمو المتوازن والنمو غير المتوازن ) .
ان منهج التخطيط التنموي الاقتصادي ( Economic Development Planning Approach ) ادى الى ظهور تمركزات ضخمة من التنمية في مناطق محدودة من البلد تحيط بها مناطق شاسعة من الفقر والتخلف ( اي الثنائية المكانية ) .ولذلك انطلق المنهج المكاني للتخطيط التنموي ليمثل الوسيلة الاساسية لتحقيق قدر من التوازن في توزيع الفعاليات والانشطة التنموية ( الصناعة ، الزراعة ، الاسكان ، النقل ...الخ ) بين مناطق البلد ، وبالتالي تقليص التباين في مستويات التنمية سواء في الخدمات العامة او قوى الانتاج او السكان او الدخول الفردية .
لذلك فان منهج التخطيط التنموي المكاني ( Spatial Development Planning Approach ) في رسمه السياسات والخطط تعامل مع الجانب الاجتماعي اضافة للجانب الاقتصادي ، وان المكان بالنسبة له يتمثل بالموقع الجغرافي (Geographical Location ) للفعاليات والانشطة المختلفة .
الا ان التوسع الحجمي والنوعي في هذه الفعاليات والانشطة لاسباب متعددة كزيادة حجم السكان و تغيير نمط الاستهلاك و الرغبة في زيادة الارباح الاقتصادية و تغيير استعمالات الارض ادى الى افراز اثار عديدة على مكونات البيئة الطبيعية في المنطقة التي تتواجد فيها هذه الفعاليات والانشطة أذ : - استنزفت الموارد الطبيعية ( او بعضها ) خاصة غير المتجددة منها .- تلوثت المكونات الاساسية للبيئة الطبيعية ( الهواء ، المياه ، الارض )
و لقد كانت الطبيعة قادرة على امتصاص اغلب هذه الاثار من خلال آليات تكيفية طبيعية ، ولكن في القرن الاخير ، ونتيجة للتطور التقني والزيادة في عدد السكان بدأت الطبيعة تظهر اعراضاً تنبئ بفقدان ذلك التوافق . وقد نتج عن ذلك في احيان كثيرة تدهور في نوعية البيئة (Quality of Environment ) التي انعكست اثارها في تدهور نوعية الحياة(Quality of Life) فالتدهور الحاصل له طابع اخلاقي وصحي بالنسبة للانسان ,و برزت هذه المشكلة بشكل اساسي في البلدان المتطورة التي قطعت اشواطاً بعيدة في مختلف المجالات ، اما في البلدان النامية ( الاقل تطوراً ) فبدأت هذه المشكلة تأخذ دورها المؤثر في البيئة الطبيعية نتيجة للخطط التنموية التي وضعتها هذه البلدان لتقليص الفجوة التنموية بينها وبين البلدان المتطورة ، ومن هنا كان التعارض بين اهداف تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي واهداف حماية وتحسين البيئة ، لذلك ظهرت اصوات عديدة ( كانت بدايتها في مؤتمر الامم المتحدة حول البيئة الانسانية في ستوكهولم عام 1972 ) تدعو الى ايجاد نوع من التنسيق بين اهداف التنمية واهداف حماية وتحسين البيئة .
ومن هنا ظهرالمنهج البيئي للتخطيط التنموي وهو الوسيلة المهمة لتحقيق ما يسمى في الادبيات الحديثة بالتنمية المستدامة ( التي ركز عليها مؤتمر الامم المتحدة في ريودي جانيرو في البرازيل عام 1992 والذي سمي بمؤتمر قمة الارض والذي جاء تأكيداً لمؤتمر ستوكهولم ) , ان منهج التخطيط التنموي البيئي (Environmental Development Planning Approach ) يتعامل مع الجوانب البيئية فضلا عن الجوانب الاجتماعية والاقتصادية في رسم السياسات والخطط ، وان المكان بالنسبة له اكثر شمولية من مفهومه السابق ، فهو فضلا عن كونه يمثل الموقع الجغرافي للفعاليات والانشطة ، فهو يمثل الوسط (Media) الذي تحدث فيه هذه الفعاليات والانشطة ومختلف علاقاتها المتبادلة ، مما يعرضه كوسط للاثار المختلفة الناتجه من استخدامه كاستخدام الارض و المياه و الهواء و بالتالي تأثر خصائصه النوعية والتي بدورها ستؤثر على نوعية الحياة ومخاطرها في اي منطقة .ان التبدل الحاصل في المناهج التخطيطية لاغلب بلدان العالم في المرحلة الاخيرة من القرن العشرين تمثل بادخال الاعتبارات البيئية في هذه المناهج من خلال اعتماد مبدأ التوقي (Precautionary Principle ) كأساس للتعامل مع الاشكالية البيئية وذلك كون احد اسباب التخطيط هو لتجنب الاخطار ، اي التوقي من الاخطار ، فضلا عن الاسباب الاخرى ( حل المشاكل و تقليل التناقضات ...الخ ) ، حيث تصبح السياسات و الخطط التنموية اكثر توقيا و حفاظا على البيئة.
ان فهم المنهج البيئي للتخطيط التنموي يرتكز على ثلاثة مفاهيم رئيسية :المفهوم الأول :
أن التفكير يكون بشكل شمولي و التطبيق محلي . المفهوم الثاني :
في الأنظمة البيئية كل شئ مرتبط بكل شئ . المفهوم الثالث :
أن الأنظمة البيئية الطبيعية لها امكانات (سعات) محددة لتقبل المتغيرات التي تطرأ عليها دون ان يحدث التدهور .فأذا تم تجاوز هذه الأمكانات فأن أحتمالات التدهور تصبح واردة بأثارها السلبية على الأنسان حاليا و مستقبلا.
. ان هذا المنهج ينطبق على الفعاليات و الانشطة التنموية المختلفة ، فهو ينطبق على الصناعة و الزراعة و الاسكان والنقل ، كما انه ينطبق على المناطق الحضرية كما ينطبق على المناطق الريفية ، هو يأخذ بالأعتبار مدخلات التخطيط الأيكولوجية و الاجتماعية و الاقتصادية و الفنية .. فهو جوهر التنمية البيئية .
من هنا ندرك ان مشكلة التطور الاجتماعي والاقتصادي في البلدان النامية هي عملية معقدة للغاية كونها اصبحت مرهونه بحماية البيئة الطبيعية وتحسينها توقياً من المشاكل التي حدثت في البلدان الاخرى ( راجع الجدول رقم (1) ) .ان هذه البلدان ( النامية ) لازالت تمتلك : - المرونة الكبيرة (Greater Flexibility ) في الاستجابة لمفاهيم البيئة الطبيعية .- الفرصة الكبيرة (Greater Opportunity ) لأنجاز الفعل المؤثر لحماية أنظمتها الطبيعية بكلف قليلة .
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|