معلومات البحث الكاملة في مستودع بيانات الجامعة

عنوان البحث(Papers / Research Title)


الأوضاع الاقتصادية للمرأة العربية قبيل الإسلام


الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)

 
قيس حاتم هاني الجنابي

Citation Information


قيس,حاتم,هاني,الجنابي ,الأوضاع الاقتصادية للمرأة العربية قبيل الإسلام , Time 6/2/2011 9:36:47 PM : كلية التربية الاساسية

وصف الابستركت (Abstract)


أثر المرأة في الاقتصاد العربي القديم ودورها في مختلف ميادين الاقتصاد ومزاولتها لأنواع مختلفة من الأعمال

الوصف الكامل (Full Abstract)


الأوضاع الاقتصادية للمرأة العربية قبيل الإسلام 
 
يحاول الكثير من الكتاب أن يرسموا صورة سوداوية لحالة المرأة العربية قبل الإسلام، فهم يشيرون إلى صور لمعاملة المرأة عند العرب قبل الإسلام، ومنها أن العرب في تلك المدة لم يكونوا يورثون المرأة، لأنهم لم يروا للمرأة حقاً في الميراث، بل جعلوها تورَّث مع ما يورَّث، أي أن الولد يمكن أن يرث عن أبيه نساءه، بل ويمكنه أن يتزوجهن، ويقولون أن العربي لا ينظر إلى زوجته إلا على أنها خادمة في بيت زوجها تنجب له الأولاد، كما لم يكن لها حرية اختيار الزوج، وأحيانا يذهب الزوج بزوجته إلى رجل عرف بالشجاعة والمروءة ليجامعها فتحمل منه، وكان هذا يعرف بنكاح الاستبضاع، بل أن بعض الرجال كانوا يقامرون على زوجاتهم، وللزوج حرية مطلقة في طلاق زوجته، أي له أن يطلقها ثم يرجعها ثم يطلقها وهكذا، فضلاً عن ظاهرة وأد البنات.
 
إننا لا ننكر صحة بعض ما ورد منها آنفاً ولكن هؤلاء الكتاب يأخذون ما جرى من حالات فردية في وسط شبه جزيرة العرب ويستشهدون بها ويعممونها على كل الجنس العربي، وهذا غير صحيح إطلاقاً، فضلاً عن أن هؤلاء الكتاب أنفسهم يشيرون إلى العربي بالكثير من الصفات الحميدة التي كان يتمتع بها قبل الإسلام، ولعل في مقدمتها غيرة الرجل العربي على نساءه، وتوفيره الحماية اللازمة للمرأة، بل أنه كان يثأر إذا ما امتهنت كرامة امرأته، أما الأمثلة التي ساقها هؤلاء الكتاب دليلاً على انحطاط مكانة المرأة العربية فهي حالات فردية تركزت في وسط شبه جزيرة العرب وعند أسر فقيرة في بعض القبائل، وبرزت بين العرب الكثير من النساء اللواتي تميزن بشتى المجالات السياسية والاقتصادية، بل أن بعضهن وصل إلى مرتبة الملوكية كبلقيس وزنوبيا، ونحاول في هذا البحث إبراز أثر المرأة العربية في الجوانب الاقتصادية كالتجارة والزراعة والرعي وغيرها، مركزين على وسط شبه جزيرة العرب على اعتبار أن الكتاب الذين حاولوا أن يحطوا من مكانة المرأة العربية قبل الإسلام استشهدوا بأمثلة من هذه المنطقة.
 
كانت المرأة العربية قبل الإسلام تحظى بمكانة اجتماعية مرموقة، إذ كان الشعراء يفتتحون قصائدهم بوصف محاسن المرأة في لبسها وحليها وطيوبها، كما داعبوا عواطفها المتجلية بجمال النفس وحلو المحامد، وكان للمرأة العربية في تلك الحقبة حرّية اختيار الزوج، مع ضرورة الإشارة إلى أن هذا الامتياز كان مقصوراً على طبقة الأحرار ومشروطاً بحضور الوالد، كما أن الزوجة كانت تترك زوجها إذا ما أساء معاملتها، وكُنَّ بعض النسوة المخلصات اللواتي تميزن بالشجاعة يستشفعنَ لأزواجهُنَّ إذا وقعوا في الأسر في محاولة منهنَّ لإعادة الحرية لأزواجهن، بل أن كثيراً ما رافقت النساء أزواجهن في غزواتهم، فكنّ يشجعَنَّهم بأناشيدهن، ويندبن من يقتل منهم، وتشير المصادر التأريخية أيضاً إلى أن أكثر ما كان يبغض المرأة العربية قبول عشيرتها للدية.
 
وتسجل المصادر التأريخية حضور ثقافي متميز للمرأة العربية، ولعل من أبرز تلك النساء الخنساء (تماضر بنت عمرو بن الشريد) وما قالته في سوق عكاظ من أشعار نافست بها كبار الشعراء العرب، فكانت ممن حضر مجلس النابغة الذبياني الذي كان يقام في سوق عكاظ، وهذا المجلس من أهم مجالس الشعر إذ ينشد فيه شعراء العرب أفضل ما لديهم من قصائد، ويجري فيه تحكيم لاختيار أفضل القصائد، فأنشد حسان بن ثابت والأعشى والخنساء، وشهد النابغة الذبياني بالتفوق لخنساء وعدها أفضل من انشد شعراً في مجلسه بعد الأعشى، إذ أنشدته رثاء لأخيها صخر بقولها:-
 
                                                 وان صخراً لمولانا وسيدنا          وان صخراً إذا نشتو لنحار
                                                 وان صخراً لتأتم الهداة به           كأنه علم في رأســه نار
                                                 لم تره جارة يمشي بساحتها         لريبة حين يخلي بيته الجار
 
فقال لها النابغة: ((يا خنيس والله لولا أن أبا بصير [يقصد الأعشى] أنشدني آنفا لقلت: إني لم أسمع مثل شعرك وما بها ذات مثانة أشعر منك)).
إن أهم مصادر ثروات النساء جاءت عن طريق الصداق والميراث، في حين هناك نساء عَمَلَنَ في التجارة وامتلكن ثروات ضخمة جلبتها لهن أعمالهن التجارية، وتجدر الإشارة إلى ضرورة التمييز بين المهر والصداق، لأن المهر يدفع إلى الأب أما الصداق فهو الذي كان يدفع إلى المرأة، وقد وحَّدَ الإسلام بينهما، ونلاحظ أيضاً أن بعض النساء كانت تمتلك العصمة بيدها أي أن أمر الطلاق بيدها، لذا نجد أن أموال الصداق شكلت في مثل هذه الحالات عند بعض النسوة رأسمالاً اغتنت به، وورثت بعض النساء أموال أزواجهن، وهذا ما تشير إليه بعض النصوص التأريخية، فمثلاً تذكر النصوص التأريخية أن ضباعة بنت عامر بن قرط ورثت عن زوجها هوذة بن علي الحنفي مالاً كثيراً رجعت به إلى قومها، وهناك إشارات واضحة إلى ميراث المرأة لأبيها أيضاً كابنتي عامر بن الظرب العدواني اللتان ورثتا أباهما بعد وفاته.
 
والكثير من نساء العرب جاءت أموالهن من خلال مزاولتهن لمختلف أنواع العمل، فضلاً عن الهبات والعطايا التي يمنحها الآباء لبناتهم أو الأزواج لزوجاتهم، ولعل خير مثال على ذلك ما منحه حاتم الطائي لابنته سفانة، إذ أعطاها مجموعة من الإبل بين الحين والآخر، وكانت سفانة تهبها للناس لجودها.
 
 
وقبل الخوض في تفاصيلالحياة الاقتصادية وأثر المرأة العربية فيها في التأريخ القديم لا بد من الإشارة إلى أن الاقتصاد العربي القديم (قبل الإسلام) كان يتألف من أنماط اقتصادية متنوعة تبعاً للظروف المتغيرة التي أملتها طبيعة الظروف البيئية والجغرافية المتباينة والمتنوعة، لما لهذه العوامل الجغرافية والبيئية من أثر بالغ في النشاط الاقتصادي، إذ إن البيئة تعد من أهم العوامل المؤثرة في النشاط الإنساني وتوجهاته وتطوراته الاقتصادية، وأن الاختلاف في البيئة الطبيعية تقتضي اختلافاً في أحوال السكان ونشاطهم الاقتصادي إيجاباً أو سلباً، مما يسهل فهم المتغيرات الاقتصادية في المنطقة وأثرها على النمو الحضاري.
 
ونحاول أن نعطي صورة موجزة عن الأوضاع البيئية والجغرافية لمنطقة الدراسة التي تتركز في شبه جزيرة العرب كونها مركز العرب قبل الإسلام، وتلقي دراسة الأوضاع البيئية للمنطقة الضوء على الأسباب التي أدت إلى التنوع الاقتصادي سواء كان زراعي أم تجاري أم صناعي، فتوافر الأرض الخصبة والمياه الوفيرة يؤدي إلى توجه السكان إلى الزراعة مبدئياً، في حين إن الجدب والجفاف يدفعهم إلى ممارسة مهنة أخرى تتمثل في الرعي أو التجارة، ووقوع المدن على طرق المواصلات يشجعهم على ممارسة العمل التجاري.
 
ثراء المرأة العربية قبل الإسلام:-
كان للمرأة العربية في التأريخ القديم مكانة جيدة ومأثرة في الاقتصاد العربي قبل الإسلام، وتشير الروايات إلى مدى ثراء بعض النسوة العرب إذ جاء فيها: ((فخرج هاشم في عير لقريش فيها تجارات وكان طريقهم على المدينة فنزلوا بسوق النبط فصادفوا سوقاً تقوم بها في السنة يحشدون لها فباعوا واشتروا ونظروا إلى امرأة على موضع مشرف من السوق فرأى امرأة تأمر بما يشترى ويباع لها فرأى امرأة حازمة جلدة مع جمال فسأل هاشم عنها أأيم هي أم ذات زوج فقيل له أيم كانت تحت أحيحة بن الجلاح فولدت له عمراً ومعبداً ثم فارقها وكانت لا تنكح الرجال لشرفها في قومها حتى يشترطوا لها أن أمرها بيدها فإذا كرهت رجلاً فارقته وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار فخطبها هاشم فعرفت شرفه ونسبه فزوجته نفسها))، وهذه الرواية لا تشير إلى مدى ثراء هذه المرأة حسب وإنما تشير وبوضوح إلى أن المرأة العربية قبل الإسلام كان لها رأي في اختيار زوجها، وأنها كانت ذات نفوذ كبير في قومها، بل أنها اشترط على أن تكون العصمة بيدها لا بيد الزوج كما هو متعارف عليه.
 
 
وهناك إشارات إلى ثراء المرأة العربية لعل في مقدمتها ما ذكرته المصادر التأريخية إلى تقديم نتيلة بنت جناب بن كليب زوجة عبد المطلب مائة من الإبل لمن يأتيها بابنها الذي ضاع منها في موسم الحج، ونذرت أن تكسوا الكعبة ثياباً إذا وجدته، وبالفعل وجده رجل من جذام فوفت بنذرها، وكانت أول امرأة تكسوا الكعبة ثياباً، وهذه إشارة واضحة إلى مدى ثراء ومكانة المرأة العربية قبل الإسلام، بل أن هذا النص يشير وبوضوح إلى أن كلمة المرأة العربية في تلك الحقبة كانت مسموعة ومأثرة ولها ثقلها في المجتمع العربي.
 
وأشارت المصادر العربية إلى أن نساء عربيات أخريات كُنَّ ثريات أيضاً شاركن في التجارة من خلال اشتراكهن في تمويل القوافل التجارية، وهذا ما يشير إليه النصوص التأريخية التي ذكرت حادثة اعتراض المسلمين لقافلة قريش القادمة بقيادة أبي سفيان بن حرب في سنة 2 هـ، تلك الحادثة التي كانت سبباً في معركة بدر، وذكر ما نصه: ((لم يكن قرشي ولا قرشية له نش فصاعداً إلا وقد بعث به في تلك القافلة))، وتشير نصوص أخرى إلى مدى ثراء بعض النساء المكيات كتلك النصوص التي ذكرت أن أكثر من واحدة من المكيات كن مستعدات لدفع مائة من الإبل لمن يأتيها بالرسول محمد (ص) وأبي بكر الصديق (رض)، وكان ذلك في أثناء هجرتهما إلى المدينة المنورة، وهذه الكمية من الإبل تعد كبيرة في تلك المدة لاسيما وأن اللواتي عرضنها كن من النساء.
 
وهناك إشارات أخرى إلى غنى المرأة العربية وامتلاكها للقرار الشخصي، إذ ورد أيضاً أن عبد الله بن عبد المطلب أبو النبي محمد (ص) مر بامرأة ذات علم وفراسة، فرأت في وجهه نوراً، فدعته إلى أن يستبضع منها وتعطيه مائة من الإبل، فلم يوافق على طلبها، والمرأة هي كاظمة بنت مر، وكانت متهودة قد قرأت الكتب، وقيل هي أخت ورقة بن نوفل.
 
وكانت سلافة بنت سعد بن الشهيد من أثرياء قريش أيضاً إذ ورد أنها نذرت مائة ناقة لمن يأتيها برأس عاصم بن ثابت الأنصاري (ص) لأنه كان قد قتل اثنين من أبنائها (الحارث ومسافع) في معركة بدر الكبرى سنة 2هـ.
ويذكر (الطبري) رواية تشير إلى مدى ثراء المكيات، إذ يقول: ((أن رسول الله (ص) حين أقبل بالأسارى فرقهم في أصحابه وقال استوصوا بالأسارى خيرا قال وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى قال فقال أبو عزيز مر بى أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني فقال شد يديك به فان أمه ذات متاع لعلها أن تفتديه منك))، وهكذا نجد أن من غير المستبعد اشتراك المرأة العربية لاسيما المكيات برفد التجارة بالأموال بغية تحقيق الربح.
 
 
المصـــــــــــــادر
 
1.  النميري، عمرو ابن شبة (ت 262هـ/876م)، تاريخ المدينة المنورة، تحقيق: فهيم محمد شلتوت، دار الفكر، قم، 1410هـ.
2.    ابن طيفور، أبي الفضل بن أبي طاهر (ت 380هـ/990م)، بلاغات النساء، مكتبة بصيرتي، قم، (د.ت).
3.    ابن هشام، محمد بن عبد الملك، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وآخران، القاهرة، 1955م.
4.    احمد محمد الحوفي، المرأة في الشعر الجاهلي، مكتبة ومطبعة نهضة مصر للطباعة والنشر، القاهرة، 1954م.
5.    ابن سعد، محمد(ت 230هـ/845م)، الطبقات الكبرى، دار صادر، بيروت، (د.ت).
6.  البلاذري، أبو الحسن احمد بن يحيى (ت 279هـ/892م)، انساب الأشراف، تحقيق: محمد حميد الله، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بالاشتراك مع دار المعارف بمصر، القاهرة، (د.ت).
7.  الحموي، شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله (ت626هـ/1229م)، معجم البلدان، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (1979م).
8.  الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر (ت 255هـ/869م)، المحاسن والأضداد، تحقيق: فوزي عطوي، بيروت، (1969م).
9.  الابشيهي، محمد بن احمد شهاب الدين احمد (ت580هـ/1184م)، المستطرف من كل فن مستظرف، مطبعة حجازي، ط2، القاهرة، 1953م.
10. عبد العزيز الدوري، مقدمة في تاريخ صدر الإسلام، مطبعة المعارف، بغداد (1949م).
11. غوستاف لوبون، حضارة العرب، ترجمة:عادل محمد زعيتر، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، 1946م.
12. محمود طه أبو العلا، جغرافية شبه الجزيرة العربية - دراسة في الجغرافية الإقليمية، القاهرة، 1956م.
13. الهمداني، الحسن بن أحمد بن إبراهيم (ت350-360هـ/961-971م)،صفة جزيرة العرب، تحقيق: محمد بن علي الأكوع، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1989م.
14. الآلوسي، محمود شكري، بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب، دار الكتاب العربي، ط3، القاهرة، 1342هـ.

تحميل الملف المرفق Download Attached File

تحميل الملف من سيرفر شبكة جامعة بابل (Paper Link on Network Server) repository publications

البحث في الموقع

Authors, Titles, Abstracts

Full Text




خيارات العرض والخدمات


وصلات مرتبطة بهذا البحث