عصر النهضة بين الحسي والعقلي

اتخذ الفنان في عصر النهضة من الواقع نقطة انطلاق لرؤية الجميل الذي تحرر تدريجيا من الدين , بحيث أصبحت الرؤية الجمالية للفن هي رؤية انتقاديه من خلال وضوح صورة وبهاء الطبيعة وجمالها إذ بدأ ينتقي المفردات في صياغة مثالية حسية للجميل , فقد أعرب عن تحرر ذهني وحساسية تشكيلية لم تبتعد عن الذوق الشخصي , لهذا أصبح الفنان قانعاً وواثقاً بقدراته في خلق الشكل الجميل المتناسق والمتألق والملي بالحيوية والحركة والمحمل بالطاقة البشرية التعبيرية والذي بدت إمامه الموضوعات الدينية المناسبة مقبولة لعرض تقنية الفنان اللونية التي تتم عن دراسة ومعرفة بقوانين الطبيعة والعالم . حيث ابتعد فنان عصر النهضة عن الإشكال الحرفية والثقل الساذج عندما تمحور الجميل لديه في الشكل الجوهري للإنسان والطبيعة كموضوعات مفضلة قدم من خلالها الفنان صورة محسنة للواقع مليئة بالسمو والجلال والجمال .
وكان الاقتراب الجميل من شخصية الفنان والرغبات الدنيوية الارستقراطيين والبرجوازيين أن تشبع مظاهره واتجاهاته وقوالبه الشكلية بتشعب اتجاهات الفنانين بالتصعيد الذي حصل في المنافسة والابتكار والتزلف واختلاف الأساليب المحلية , أتاح فرصة للفنان لرؤية والإحساس بالجميل المنطلق خبرته وتجربته في الحياة ونظريته العميقة التي تتغير وتنتقي الموضوع المثالي الذي يجمع أجزائه وحدة وتوازن هرموني , فالجميل في عصر النهضة يدرك مباشرة.أن التغير الظاهري لفن النهضة لم يكن تغيرا مطلقا فقد ارتبط هذا التغير بتراث سابق اتخذه الفنان حجة للتمحور من قيود الفن البيزنطي , فالعودة التي حصلت في الشكل الإغريقي والروماني لم تكن محاكاة بقدر ما كانت عودة للروح اليونانية في نظراتها للإنسان. أما التباينات التي حصلت في الرؤية الجمالية بين الفنانين فكانت بدافع الحركة الدينامية الباطنية لروح الفنان الثائر على التزمت وسوء استخدام الدين وتهميش الإنسان.فالدين والطبيعة ليست من الغير أنها تصرف فهم الإنسان وخياله.