ايطاليا والإطار الزمني للنهضة
رواد النهضة
يدخل تحديد الإطار الزمني لعصر النهضة والبلدان التي شملتها مظاهر النهوض الجديد مع تعين مداها وآثارها ضمن القضايا المعقدة التي يدور حولها نقاش علمي مفيد. لم تخضع بالطبع جميع نتاجات القرنيين الخامس عشر والسادس عشر الإبداعية لقيم واتجاهات النهضة فإلى جانب أفكارها استمرت ثقافة العصر الوسيط. ثم ان مظاهر النهضة لم تقتصر على بلد دون آخر كما لم يجر تطورها ومن ثم ذبولها بوتيرة واحدة وعلى نمط واحد , فقد اختلفت هذه الأمور حسب البلدان والظروف. ولكن يوجد نوع من الإجماع العام على أن اعتبار ايطاليا مهدا للنهضة والحركة الإنسانية . وقدت أدت مجموعة عوامل محددة متفاعلة فيما بينها إلى ظهور أفكار النهضة في ايطاليا قبل غيرها فقد ازدهرت هذه البلاد في أواخر العصور الوسطى بسرعة مدهشة. فمنذ القرن الحادي عشر غدت اقتصاديتها تعتمد بشكل متزايد على التجارة الخارجية فارتفعت طاقة سفنها في حوض البحر الأبيض الذي وجدت بضائقة النادرة من توابل وحرير ومصوغات ذهبية وفضية سوقا رائجة لها في كل الأقطار الأوربية تقريبا جني منها الطليان بالذات أرباحاً طائلة جعلت من كل واحد منهم أغنى من السابق. فلم ينته القرن الثالث عشر حتى أصبحت ايطاليا تحتل مكانة الصدارة في مختلف مجالات حياة القارة الاقتصادية والاجتماعية وتقدمت مدنها على غيرها بسرعة. ازدهرت جنوا وفلورنسا ومدن ايطالية أخرى بنفس المستوى بل أن الأخيرة فاقت البندقية في مجالات اقتصادية عديدة .