عنوان البحث(Papers / Research Title)
أثر معاني القرآن للفرَّاء في الكشاف للزمخشريّ -دراسة في المستوى الصوتي
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
سعدون احمد علي الرباكي
Citation Information
سعدون,احمد,علي,الرباكي ,أثر معاني القرآن للفرَّاء في الكشاف للزمخشريّ -دراسة في المستوى الصوتي , Time 29/03/2017 18:20:14 : كلية التربية للعلوم الانسانية
وصف الابستركت (Abstract)
ينحصر الأثر الصوتي في دراسة الصوت اللغوي داخل البنية
الوصف الكامل (Full Abstract)
أثر معاني القرآن للفرَّاء في الكشَّاف للزمخشريّ – دراسة في المستوى الصوتي توطئة: ينحصر الأثر الصوتي لمعاني الفرَاء في الكشاف للزمخشري في دراسة الصوت اللغوي داخل البنية ، أي دراسة التشكيل الصوتي من دون أن يتأثر أو يتغير المعنى ، وهو ما يسميه علماء الصوت المحدثون بـ ( علم وظائف الأصوات)، ويرجع السبب في ذلك إلى ارتباط التشكيل الصوتي بالقراءات القرآنية التي هي محط عناية الفرًاء واهتمامه . وكان من أبرز تلك الآثار الصوتية الإبدال والقلب والهمز والتسهيل والإتباع والإدغام والإعلال ويمكننا أن نتلمس ذلك بوضوح من الأمثلة الآتية : 1ـ الإبدال : في قوله تعالى ( فإنً لمْ تَفْعَلوا ولَنْ تَفْعَلوا ) ( من سورة البقرة : 24 ) ، ذكر الزّمخشريّ : أنَّ " لن " عند الفراء أصلها " لا " ، أبدلت ألفها نونا . ويبدو لي أن تفسير الإبدال في هذا الموضع مرتبط بالمعنى ، إذ إن " لا " تفيد نفي المستقبل ، و " لن " تفيد نفي المستقبل أيضاً ، فهما أختان ، غير أن " لن " تفيد نفي المستقبل بنوع من التوكيد والتشديد ، ولأن سياق الآية يتطلب مثل هذا التوكيد والتشديد جاءت "لن" مؤدية ذلك المعنى . أما من الناحية الصوتية فلا مسوغ لهذا الإبدال ، إذ لا علاقة في المخرج أو الصفة بين الألف والنون ، ولهذا يمكن القول إن هذا النوع من الإبدال يدخل في باب الاشتقاق الأكبر ، إذ لم يشترط علماء اللغة فيه وجود التناسب في المخارج بين الأحرف المختلفة بل توسعوا في هذا الاشتقاق ومفهومه ليشمل إبدال حرف من آخر مطلقا ، وافقه في المخرج أو لم يوافقه بشرط حصول التناسب المعنوي بين اللفظين . 2 ـ الهمز والتسهيل : أ ـ في قوله تعالى( قُلْ لوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَليْكُمْ وَلا أدْراكُم بهِ)( يونس 16) ، وجّه الفراء قراءة الحسن "ولا أدرأتكم به" بالهمز ، فقال : (( وقد ذكر عن الحسن أنه قال "ولا أدرأتكم به" فإن يكن فيها لغة سوى دريت و أدريت فلعل الحسن ذهب إليها ، وأما أن تصلح من دريت أو أدريت فلا ؛ لأن الياء والواو إذا انفتح ما قبلهما وسكنتا و صحتا ولم تنقلبا إلى ألف، مثل قضيت و دعوت . ولعل الحسن ذهب إلى طبيعته و فصاحته فهمزها ، لأنها تضارع درأت الحدّ وشبهه. وربما غلطت العرب في الحرف إذا ضارعه آخر من الهمز فيهمزون غير المهموز ، سمعت امرأة من طيّئ تقول : رثأت زوجي بأبيات ، ويقولون : لبأت بالحج وحلأت السويق فيغلطون ، لأن حلأت قد يقال في دفع العطاش من الإبل ، ولبأت ذهب إلى اللبا الذي يؤكل ، ورثأت زوجي ذهبت الى رثيئة اللبن ، وذلك إذا حلبت الحليب على الرائب )). وانتفع الزمخشري بما ذكره الفرَّاء في تخريج قراءة الحسن " ولا أدرأتكم به " بالهمز ، فقال : (( " ولا أدراكم به " ولا أعلمكم به على لساني ، وقرأ الحسن : " و لا أدرأتكم به " على لغة من يقول : أعطاته و أرضاته ، في معنى : أعطيته و أرضيته ، وتعضده قراءة ابن عباس : " ولا أنذرتكم به " ، ورواه الفراء : " ولا أدرأتكم به " بالهمز ، وفيه وجهان ، أحدهما : أن تقلب الألف همزة ، كما قيل : لبأت بالحج ، و رثأت الميت وحلأت السويق ، وذلك لأن الألف و الهمزة من واد واحد ، ألا ترى أن الألف إذا مستها الحركة انقلبت همزة ، والثاني : أن يكون من درأته إذا دفعته ، و أدرأته ، إذا جعلته دارئا ، والمعنى : ولا جعلتكم بتلاوته خصماء تدرؤونني بالجدال وتكذبونني)) . يتضح من ما تقدم أن ما عدّه الفرَّاء غلطا في همز الحرف غير المهموز للمشابهة – وهو ما يطلق عليه ( الحمل على التوهم ) - قد اعتدّ به الزمخشري في تسويغ قراءة الحسن المذكورة آنفا ، وصرَّح بنسبته إلى الفرَّاء . ب - في قوله تعالى : ( أفتَرَى عَلى اللهِ كَذِبا أم بهِ جنَّة بَل الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالآخرة فِي العَذابِ والضّلال البعِيدِ ) ( سبأ : 8 ) علل الفرَّاء اختفاء الهمزة من " أفترى " عند اجتماعها مع همزة الاستفهام بأنها خفيفة زائدة تذهب في اتصال الكلام ، فقال : (( هذه الألف استفهام ، فهي مقطوعة في القطع والوصل ، لأنها ألف الاستفهام ذهبت الألف التي بعدها ، لأنها خفيفة زائدة تذهب في اتصال الكلام ... ولا يجوز أن تكسر الألف هاهنا لأن الاستفهام يذهب ، فإن قلت : هلا إذا اجتمعت ألفان طولت كما قال تعالى : " الذاكرين " " الآن " ؟ ، قلت : إنما طوّلت الألف في " الآن " وشبهه لأن ألفها كانت مفتوحة ، فلو أذهبتها لم تجد بين الاستفهام والخبر فرقا ، فجعل تطويل الألف فرقا بين الاستفهام والخبر ، وقوله تعالى " أفترى " كانت ألفها مكسورة وألف الاستفهام مفتوحة فافترقا ، ولم يحتاجا إلى تطويل الألف )) . انتفع الزمخشري برأي الفراء المذكور آنفا فقال في توجيه سقوط همزة الوصل من " أفترى " عند اجتماعها وهمزة الاستفهام في الآية نفسها : (( فإن قلت : لم أسقطت الهمزة في قوله " أفترى " دون قوله تعالى " السحر " ، وكلتاهما همزة وصل ؟ قلت : القياس الطرح ، ولكن أمرا اضطرهم إلى ترك إسقاطها في أمر " السحر " وهو خوف التباس الاستفهام بالخبر، لكون همزة الوصل مفتوحة كهمزة الاستفهام )) . يبدو جليا ائتثار الزمخشري أبا زكريا الفراء في التوجيه فضلا عن اعتماده أسلوب المناضرة المتخيلة الذي انتهجه الفراء نفسه بقوله فإنْ قُلْتَ : قُلْتُ . 3 – القلب : في قوله تعالى ( إلا مَنْ هُوَ صَال الجَحيمْ ) ( الصافات : 163 ) ، أجاز الفرَّاء في قراءة الحسن " صالُ " بالرفع ، أن تكون لغة مقلوبة ، أو أن تكون " صالوا" جمعا ، فقال : (( وقرأ الحسن "إلا من هو صالُ الجحيم " رفع اللام فيما ذكروا ، فان كان أراد واحدا فليس بجائز ؛ لأنك لا تقول هذا قاضٌ و لا رامٌ ؛ وان يكن عرف فيها لغة مقلوبة مثل : عاث و عثا فهو صواب . قالت العرب : جُرُفٌ هارٌ و هارٍ ، وهو شاكُ السلاح و شاكي السلاح ... وقد يكون أن نجعل " صالوا " جمعا ، كما تقول : من الرجال من هو أخوتك ، تذهب بـ ( هو ) إلى الاسم المجهول ، وتخرج فعله على الجمع )) . وائتثر الزمخشري أبا زكريا الفراء فيما ذهب إليه من تخريج قراءة الحسن برفع " صالُ " و زاد هو وجها آخر ، فقال : (( في قراءة الحسن ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكون جمعا وسقوط واوه لالتقاء الساكنين هي و لام التعريف . والثاني : أن يكون أصله " صائل " على القلب ثم يقال " صالوا " في " صائل " كقولهم شاكِ في شائك . الثالث : أن تحذف لام " صال " تخفيفا ويجري الإعراب على عينه )) . 4 – الإتباع : في قوله تعالى( فاتَخذْتُمُوهُمْ سِخْريًّا حَتَى أنْسَوْكمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ) ( المؤمنون : 110 ) ، ذكر الفرَّاء ما ورد في " سخريا " من القراءات ، وذهب إلى أن ما كان من السخرة فهو مرفوع ، أي "سُخرياَ " بضم السين ، وما كان من الهُزُؤ فهو مكسور ، أي " سِخريَا " بكسر السين ، فقال : (( وقولهم : سِخريا و " سُخريا " ؛ وقد قرئ بهما جميعا . والضم أجود ، قال الذين كسروا ما كان من السخرة فهو مرفوع ، وما كان من الهُزُؤ فهو مكسور . وقال الكسائي : سمعت العرب تقول : بحْرٌ لُجّيّ ولِجّيّ ، ودُرّيّ ودِرّيّ منسوب إلى الدّر ، والكُرسيّ والكِرسيّ ، وهو كثير )) . وانتفع الزمخشري بما أورده الفراء في توجيه الآية نفسها ، فقال : (( " السُخري" بالضم والكسر ـ مصدر سخر كالسخر ، إلا أنّ في ياء النسب زيادة قوة في الفعل ، كما قيل الخصوصية في الخصوص . وعن الكسائي والفرَّاء : أنَّ المكسور من الهُزؤ ، والمضموم من السخرة والعبودية )) . 5ـ الإدغام : في قوله تعالى (لكنَّا هُوَ اللهُ ربِّي وَ لا أشْرِكُ بربِّيْ أحَداً ) ( الكهف : 38) , ذكر الفرَّاء أنَّ معنى " لكنّا " هو " لكن أنا " ، و قد حذفت الهمزة من " أنا " لكثرة الاستعمال ، فأدغمت النون من " لكنّ " مع النون من " أنا " ، و احتج له من كلام العرب الفصحاء ، فقال : (( معناه : لكن أنا هو الله ربِّي ، ترك همزة الألف من " أنا " وكثر بها الكلام ، فأدغمت النون من " أنا " مع النون من " لكن " .... و أنشدني أبو ثروان : وترمينَني بالطرفِ أي أنتَ مذنبٌ وتقلينَني لكن إياكِ لا أقلي يريد : لكن أنا إياك لا أقلي ، فترك الهمز فصار كحرف الواحد )) . واقتفى الزمخشري أثر الفرَّاء توجيها واحتجاجا ، فقال في تفسير الآية نفسها : (( أصله لكن أنا ، فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على نون " لكن " فتلاقت النونان فكان الإدغام . ونحوه قول القائل : وترمينني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكن إياك لا أقلي أي : لكن أنا لا أقليك )) . يتضح من تفسير الزمخشري ومن استشهاده بالشعر على حصول الإدغام بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على النون ، أنه اقتفى أثر الفراء في تعليل هذه الظاهرة الصوتية والاحتجاج عليها . 6 ـ الإعلال : أ ـ الإعلال بالقلب : في قوله تعالى : ( قُلْ أُحِيَ إليَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ منَ الجنَّ فقالوا إنَا سَمِعْنَا قُرآنا عجبا ) ( الجن : 1) ، بعد أن ذكر الفرَّاء إجماع القُرَّاء على " أوحي " بالواو ، خرّج قراءة جوّية الأسدي " أحي " بغير واو ، على أنه من باب الإعلال بالقلب ، واحتج له من القرآن الكريم ، فقال : (( القُرَّاء مجتمعون على " أوحي " وقرأها جوية الأسدي : ( قل أُحي إلي ) من أوحيت ، فهمز الواو لأنها انضمَّت ، كما قال ( تعالى ) : وإذا الرُّسُلُ أَقّتَتْ )) . وائتثر الزمخشري أبا زكريا الفراء في توجيه قراءة جوية الأسدي " أحي " والاحتجاج لها ، فقال : (( قرئ : " أحي " ، وأصله وُحِي ، يُقال : أوحي إليه ، ووحي إليه ، فقلبت الواو همزة ، كما قال : أَعَدَ وأزَنَ ، " وإذا الرسل أقِّتت" وهو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة )) . ب ـ الإعلال بالحذف : في قوله تعالى ( والليل إذ يسْر ) ( الفجر / 4 ) ، وجَّه الفرَّاء حذف الياء من "يسري " بأنه حذف روعي فيه سبق الياء المحذوفة بالكسرة التي نابت عنها ، فضلا عن مشاكلة رؤوس الآيات ، فقال : (( وقد قرأ القرَّاء " يسري" بإثبات الياء ، و " يسر " بحذفها ، وحذفها أحب إليَّ لمشاكلتها رؤوس الآيات ، ولأن العرب قد تحذف الياء ، وتكتفي بكسر ما قبلها منها )) . وانتفع الزمخشريّ بتوجيه الفرَّاء المذكور آنفا ، فقال في توجيه الآية نفسها : (( وياء " يسري " تحذف في الدرج اكتفاء عنها بالكسرة ، وأما في الوقف فتحذف مع الكسر )) . يتضح فيما تقدم سير الزمخشري في ركاب أبي زكريا الفرَّاء وإفادته منه في المواضع التي مرَّ ذكرها ، وإن دلّ ذلك على شيء فإنما يدلّ على عظم قدر كتاب الفرّاء (معاني القرآن) من جهة ، وعلو شأن الفرَّاء من جهة أخرى ، إذ كان فيه متذوقا أساليب التعبير ، مستكشفا أسرارها ، محيطا بلغات العرب ، فتعقَّـبه الزمخشري موردًا آراءه الصوتية بالنص أو المعنى ، مصرِّحا بنسبتها إليه أو غير مصرِّح .
المصادر والمراجع القرآن الكريم 1 ـ إتحاف فضلاء البشر في قراءات الأربعة عشر ، للشيخ شهاب الدين أحمد ابن محمد الدمياطي البنَّاء ( ت 1117 هـ ) ، تحقيق الشيخ أنس مهرة ، دار الكتب العلمية ،ط3 2006 م ، بيروت – لبنان . 2 – الأصوات اللغوية ، للدكتور إبراهيم أنيس ، مكتبة الأنجلو المصرية ، ط 4 1971م . 3 – البحر المحيط ، لأبي حيان محمد بن يوسف النحوي الأندلسي ( ت 745 هـ ) ، دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان ط 2 1990 م . 4 – تاج العروس من جواهر القاموس ، للسيد محمد مرتضى الحسيني الزَّبيدي ( ت 1205 هـ ) ، تحقيق مجموعة من الباحثين المعاصرين ، ط الكويت . 5 – الخصائص ، لأبي الفتح عثمان بن جني ( ت 392 هـ ) ، تحقيق محمد علي النجار ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1990 م . 6 – دراسات في فقه اللغة ، للدكتور صبحي الصالح ، دار العلم للملايين ، ط 3 بيروت 1968م. 7 – شذى العرف في فن الصرف ، للشيخ أحمد الحملاوي ، ط16، بيروت 1965 م . 8 – شرح الشافية ، لرضي الاستر ابادي ، تحقيق نور محمد وصاحبيه ، بيروت 1975 م. 9 – الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري ( ت 538 هـ ) ، دار الكتاب العربي 1947 م . 10 – اللهجات العربية في التراث ، للدكتور أحمد علم الدين الجندي ، الهيأة المصرية العامة 1965 م . 11 – المبدع في التصريف ، لأبي حيان محمد بن يوسف النحوي الأندلسي ، تحقيق وشرح وتعليق الدكتور عبد الحميد السيد طلب ، مكتبة دار العروبة ، الكويت 1980 م. 12 – معاني القرآن، ، لأبي زكريا يحيى بن زياد الفرَّاء ( ت 207 هـ ) ، تحقيق أحمد يوسف نجاتي و آخرين ، عالم الكتب ، بيروت 1983 م . 13 – همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ، لأبي بكر جلال الدين السيوطي ( ت911 هـ ) ، تحقيق وشرح الدكتور عبد العال سالم مكرم ، دار البحوث العلمية ، الكويت . 14 – الوجيز في فقه اللغة ، للدكتورمحمد الأنطاكي ، مكتبة الشهباء للطباعة و النشر والتوزيع 1969 م .
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|