عنوان البحث(Papers / Research Title)
دواعي التقديم والتأخير في القرآن الكريم
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
سعدون احمد علي الرباكي
Citation Information
سعدون,احمد,علي,الرباكي ,دواعي التقديم والتأخير في القرآن الكريم , Time 07/10/2017 17:14:31 : كلية التربية للعلوم الانسانية
وصف الابستركت (Abstract)
ثمة دواع اقتضت أن يقدم ما حقه التأخير منها التقديم للعناية والاهتمام والاختصاص والقصر ..
الوصف الكامل (Full Abstract)
دواعي التقديم والتأخير وسياقاتهما في القرآن الكريم مقدمة: أ.د سعدون أحمد علي الرَّبعيّ لاشك في أنَّ لسياقات التقديم والـتأخير أثرًا مهما في تفسير النصوص وتبيين معانيها، إذ إنَّ تقديم الألفاظ بعضها على بعض مرتبط بمراعاة مقتضى الحال وسياق القول، فما كانت به العناية أكبر والدلالة أظهر له الأولوية في التقديم. ويمثل أسلوب القرآن الكريم في التقديم والتأخير الذروة في وضع الألفاظ والتراكيب الوضعَ الذي يقتضيه السياق وتستدعيه الدلالة وتطلبه المناسبة في نظرة متناسقة ومتكاملة وشاملة في القرآن الكريم كله. يُعنى هذا البحث بالكشف - بنظرة فاحصة ودقيقة وشاملة - عن دواعي التقديم ومواطنه وسياقاته في القرآن الكريم التي لا تخرج عن التقديم للفضيلة والرتبة و التقديم للأليق بالسياق و التقديم للعناية والاختصاص والتقديم بحسب الكثرة والقلة و التقديم بحسب الأولوية والمناسبة وغير ذلك من السياقات التي انتظمها أسلوب القرآن الكريم وتجلت صورها في تقديم المغفرة على الرحمة والعكس، وتقديم المهاجرين على الأنصار، وتقديم الطائفين على العاكفين، وتقديم الإناث على الذكور والعكس، وتقديم السماء على الأرض والعكس، وتقديم الإنس على الجنّ والعكس، وتقديم الضرّ على النفع والعكس، وتقديم السمع على البصر والعكس، وغيرها من السياقات التي جاءت لدواعٍ مختلفة بحسب ما يقتضيه القول وسياق التعبير.
التمهيد : أسلوب التقديم والتأخير في العربية التقديم والتأخير أسلوب عربي جيءَ به دلالةً على الـتمكن فـي الفـصاحة واالملَكة في الكلام، وله في القلب أحسن موقع وأعذب مذاق ، وهو (( باب كثيـر المحاسن جم الفوائدِ، واسع التصرف، بعيد الغاية، لا يزال يفتَرُّ لـك عـن بديعـةٍ، ويُفضي بك إلى لطيفةٍ(( ، وقد عدَّه ابن جني (ت392هـ) (من شجاعة العربيـة ( فضلاً عن ذكره لأنواع أُخَر منها الحذف والحمل على المعنى. وعلى الرغم من أهميته، وعلو شأنه نجد هذا الأسلوب مفــرقًا مبثوثًا بين الأبواب النحوية وكتب المعاني؛ فحدود معظـم النحـويين لا تتعـدى صنعتهم في بيـان أحكامه من وجوب وجواز، وعرض لمسائله الخـلافية، وبيـان لعلله النحوية وأنمـاطه التركيبية، وأهل المعاني انصب اهتمامهم على الأسباب والأغراض التـي خـرج إليها ووظفها في مطابقته لمقتضى الحال؛ فأضحى هذا الأسلوب مفرقًا بين النحـو والمعنى، ويقـول ابن جني فـي حـدِّهِ: (( هو انتحاء سمت كـلامِ العـرب في تصرفـه من إعراب وغيـره؛ كالتثنيـة، والجمع، والتحقير، والتكسير، والإضافة، والـنسب، والتركيب، وغير ذلك؛ ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة، فينطقَ بها وإن لم يكـن منهم، وإنْ شـذَّ بعضهن عنها رُدَّ به إليهـا(( ، وذهب السكـاكي (ت626هـ) إلى أن((علم النحو هو أن تنحو معرفة كيفية التركيب فيما بين الكلم؛ لتأدية أصل المعنى مطلقًا بمقـاييس مستنبطة من استقراء كـلام العرب، وقـوانين مبنية عليها )( . والتقديم: هو تبادل مقصود في مواقع الكلمات في التركيب الواحد لداعٍ بلاغي يستدعي دقة التعبير وجمال التصوير مراعاة لما يقتضيه السِّياق ؛ لأن سياق النص وطبيعة العبارة لايمكن أَن يفهمها المتلقي إلاّ إِذا تقدم ما يشعر بها ويدلّ عليها ، وإذا (( تغير النظام فلا بد من أن يتغير المعنى )) ، إذ إنَّ السياق اقتضى التقديم والتأخير، وأثره واضح في كيفية نظم الكلام مراعاة لتلك المعاني فلا يصح أن نكتفي بقولهم إِنّ ما قدّم هنا هو ( للعناية والاهتمام أو الاختصاص) بالمقدم من دون أن نعرف داعيَ هذا الاهتمام نحو قول سيبويه (ت180 هـ) في كتابه: (( كأنَّهم يقدّمون الذي بيانُه أهمُّ لهم، وَهم ببيانه أعنى، وإِن كانا جميعًا يُهِمّانهم وَيعنيانهم )) . والدرس النحوي لا يقتصر على البحث عن صـواب التركيـب وخطئـه، وإنَّما يتلمس ذلك طريقًا إلى استكناه الدلالة النحوية للتركيب والتماس مواطن الحسن والجمال فيه؛ فالقواعـد النحوية ما هي إلا وسائل للوصول إلى الغايات وهذه الغايـات هي المعـاني. فمن هنا مسَّت الحاجة إلى دراسة النحو العربـي علـى أسـاس المعنى، وذلك بإعادة علـم المعـاني إلـى رحم الدرس النحوي، وهذا ما دعا إليـه بعـض المحـدثين ؛ وقـد استحـسن الدكتور تمام حسان (( أن يكون علم المعاني قمة الدراسات النحوية أو فلسفتها)) فبهذه الطريقة - وحدها - يكون للنحو مضمون ويتجاوز الضعف الذي أصـابه بفصله عن معناه ومحتواه؛ فهناك معانٍ وأغـراضٌ يقـصدها المـتكلم تستدعي تقديم لفظٍ على آخر؛ لأن السياق يقتضيه والدلالة تستدعيه، نحو قول الفرزدق : بنُونَا بنُو أبنائِنَا وبناتُنَا بنُوهنَّ أبناء الرجالِ الأباعدِ فالمراد الإخبار عن المبتدأ المؤخَّر (بنُو أبنائِنا) بالخبر المقـدم (بنُــونَا (، والذي أجاز التأخير وجود القرينة المعنوية بأن بني أبنائنا ينزلون بمنزلة أبنائنا . غير أن هنالك ما يدعو الى التقديم والتأخير لغرض بلاغي ، كأن يكون ( التقديم للاختصاص ) : ويشمل تقديم ( الخبر على المبتدأ ) كقوله تعالى: ((واقتربَ الوعدُ الحقُّ فإذا هي شاخصةٌ أبصارُ الذين كفروا)) ، فهذا التقديم يفيد اختصاص الأبصار بالشخوص دون غيرها، كأنه قال: فإذا هم شاخصون . ومثله تقديم (المفعول به على فعله) كقوله تعالى:(( إياك نعبدُ * وإياك نستعينُ )) ، والمعنى: لا نعبد أحدًا غيرك ولا نستعين بسواك، فنخصك بالعبادة ونخصك بالاستعانة. ويتقدم ( الجار والمجرور ) كقوله تعالى : ((إليه يُرَدُّ عِلمُ الساعةِ )) ، فتقديم الجار والمجرور يفيد تأكيد الاختصاص، إذ إنَّ علم الساعة من اختصاص الله وحده لا يعلمه أحد غيره . وثمة أنواع كثيرة من التقديم لا ترجع الى الاختصاص وإِنّما ترجع إلى دواعي يحددها الغرض الذي يساق من أجله الكلام ، فهي على نمط آخر مما يطلبه السياق ويقتضيه وتنبري له الدلالة وتستدعيه، فثمة مواطن تستدعي تقديم هذه اللفظة أو تلك مراعاة لمقتضى الحال وسياق المقال ، والاتساق العام في التعبير على أكمل وجه وأبهى صورة ، فلا نفرة ولا ضيق في اختلاف النظم.
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|