تندرج جماليات التشكيل البصري ضمن إطار البحث المعرفي والدلالي والفني والعلمي لعناصر وأسس التصميم عامة ، وتشكّلات البناء المفاهيمي (الفكري) خاصة بحيث يغدو الفن، قاعدة تستند عليها أطروحات الجمال الحديثة، والتي تتنافذ عبر مصادر شتى، من بينها الفكر الفلسفي (الضاغط وبقوة على مهيمنات ومرتكزات طبيعة الفن وعمليات إنتاجه)، فيما يتم تحديد الخصائص البصرية والجمالية للمدينة، إذ يلعب التعايش البصري للإنسان دوراً كبيراً في توجيه سلوكياته اليومية, يتفاعل المنجز الفني بطريقة مؤثرة مع محيطه البيئي، بما يحويه ذلك المحيط من علاقات وتداخلات مختلفة، فيمتص مفرداتها ويحللها ويقدمها بأنساق جمالية جديدة معبرة. وبذلك فهو يؤدي دوره بعدّهِ من أكثر الوسائل وأنجعها تغذية بالجانب الروحي، الذي نفتقده مع بيئتنا، وهو العمق الجمالي والفلسفي لوجودنا، فضلاً عن ذلك فأن دخوله بعلاقات جديدة مع البيئة يقدم لنا إضافات مادية وروحية تزيد من وعينا الجمالي الذوقي لها.من هنا أصبح الفن البيئي من عناصر المدينة الحديثة، بل إنه أصبح أحد وسائل الاتصال المهمة التي تحمل بداخله وظيفة أو معلومة أو رسالة. ولما كانت مدينة الحلة تاريخية تنفرد بمميزات خاصة ، أثرية ودينية وطبيعية وعمرانية، فمن الطبيعي أن تكون النصب الفنية المنفذة في شوارعها إنعكاساً منطقياً لتلك المميزات والخصائص، إضافةً إلى عنصري الجمال والإثارة، كون تلك النصب الفنية (الفن البيئي) لها وظائف منها، إبراز ثقافة وحضارة المكان والتعبير عنها واختصارها، والتكوين الجمالي المتفرد، التعبير عن المكان. وتتلخص مشكلة البحث بدراسة التشويه البصري وانعكاسه على النصب بمدية الحلة وقد مثل ذلك ايضاً الهدف من البحث.
وقد تضم الفصل الثاني دراسة جماليات التشكيل البصري والجذب البصري و أسس ومعايير ومتطلبات التشكيل البصري، وإظهار الصورة العمرانية السائدة بالمدينة، وجماليات الفن البيئي وانعكاساته على فضاء المدينة وأساسيات بناء النصب الفنية البيئية.
فيما جاء الفصل الثالث للبحث لدراسة وتحليل مجتمع البحث الذي مثل النصب المقاة في مدينة الحلة. وخلص البحث في فصله الرابع على جملة من النتائج منها عدم مناسبة أماكن بناء بعض النصب، وعدم وضوح الهدف والوظيفة من بعض النصب، التنفيذ السيئ مع قلة الصيانة لبعض النصب.
فيما أشر البحث جملة من التوصيات منها: الحد من المحاولات الفردية التي تتجه نحو مفاهيم التجميل غير الواعية للمدينة والتي تؤدي إلى التشويه البصري وعدم الانسجام مع المحيط وما حوله، وضرورة تطبيق الوسائل العلمية والفنية والإدارية والتشريعية اللازمة لمعالجة العناصر العمرانية، وإضافة اللمسات الجمالية الواعية إليها .