عنوان البحث(Papers / Research Title)
الأبعاد التربوية لمواجهة العولمة في المسرح المدرسي
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
سحر فاضل عبد الامير على الخطيب
Citation Information
سحر,فاضل,عبد,الامير,على,الخطيب ,الأبعاد التربوية لمواجهة العولمة في المسرح المدرسي , Time 20/03/2019 21:31:05 : كلية الفنون الجميلة
وصف الابستركت (Abstract)
غايات واهداف ومقاصد ويسعى كل منها ان يتبنى مرجعيات
الوصف الكامل (Full Abstract)
الأبعاد التربوية لمواجهة العولمة في المسرح المدرسي المرس المساعد سحر فاضل عبد الامير الخطيب العراق-جامعة بابل-كلية الفنون الجميلة 2017
ملخص البحث: تصدت الباحثة لدراستها الحالية التي تضمنت الواجهة بين مفهومين يحمل كل منها غايات واهداف ومقاصد ويسعى كل منها ان يتبنى مرجعيات وممارسات يمكن من خلالها ايصال مضمونها التربوي والثقافي والاجتماعي . حيث ان فنون المسرح الموجهة للطفولة تحمل بين طياتها غايات تسهم في تربية الانسان على قيم الاسلام الحنيف الرشيدة ليكون نافعاً في مجتمعه بينما العولمة التي يسميها البعض العالمية تحاول القفز علة كل تلك المنطلقات لغرض فرض هيمنتها للاستفادة اقتصادياً , حتى على حساب الغاء هوية وحضارة المجتمعات غير الفنية . تكونت دراسة الباحثة من فصول اربعة حيث اهتم الاول منا بتحديد مشكلة البحث المتمثلة بالتساؤل الاَتي : ماهي الابعاد التربوية لمواجهة العولمة في مسرح الطفل . وقد ضم الفصل ايضاً اهمية البحث والحاجة الى دراسته الى جانب حدودها الموضوعية والمكانية والزمانية . بينما ضم الفصل الثاني مباحث الاطار النظري المتكون من مبحثين ركز الاول منها بدراسة الاسس التربوية للمسرح المدرسي في حين احتوى المبحث الثاني الاهتمام بدراسة التطور الزمني للعولمة. وجاء الفصل الثالث (إجراءات البحث) شمالاً لمجتمع الدراسة والعينة والتي كانت معتمدة في ذلك استفتاء آراء السادة المختصين في مجال الطفولة والتربية والمسرح المدرسي من كتاب ومخرجين من مديرية النشاط المدرسي والتابعة لمديرية التربية، واعتمدت الباحثة اختيار المجتمع والعينة الدراسة وفق مسوغات بحثية ملائمة، وضم فصل كذلك تحديد المنهجية التي اعتمدها البحث في تحليل الاستجابات لافراد المجتمع والعينة، أما الفصل الرابع الذي تكون من نتائج الدراسة التي توافقت مع عنوانها وهدفها ثم تحددت فقرات التوصيات والمقترحات ذات العلاقة بخصوص الدراسة التي ختمت بقائمة المصادر والمراجع.
الكلمات المفتاحية: الأبعاد التربوية,العولمة, مسرح الطفل.
Summary: The researcher addressed her current study, which includes the interface between two concepts, each of which has goals, goals and objectives, and each seeks to adopt references and practices through which to convey their educational, cultural and social content. As the arts of theater aimed at children have goals that contribute to the education of the human values of Islam to be useful in the good society, while globalization, which some international calls trying to jump all these grounds for the purpose of imposing his hegemony to benefit economically, even at the expense of the abolition of the identity and civilization of non-technical communities . The study of the researcher consisted of four chapters. The first of us was concerned with identifying the problem of research, which consists of the following question: What are the educational dimensions to face globalization in the child theater? The chapter also included the importance of research and the need to study it along with its objective, spatial and temporal boundaries. While the second chapter included the theoretical framework, which consists of two sections, the first of which focused on studying the educational foundations of the school theater, while the second topic dealt with the study of the temporal evolution of globalization. The third chapter (research procedures) north of the study society and sample, which was adopted in the referendum of the competent specialists in the field of childhood and education and the school theater from the book and directors of the Directorate of school activity and the Directorate of Education, and adopted the researcher selection of society and sample study according to appropriate research justification, Also, the methodology adopted by the research in analyzing the responses to the members of the society and the sample was determined. The fourth chapter, which is one of the results of the study which coincided with its title and objective, and then the paragraphs of the recommendations and related proposals regarding the study that ended with the list Sources and references.
Keywords: Educational Dimensions, Globalization, Child Theater. ? الفصل الأول الإطار المنهجي اولاً : مشكلة البحث : يذهب بعض المفكرين من ان العولمة والعالمية هي شيء واحد في حين يرى البعض الاَخر ومنهم الباحثة ان هناك خلافاً ما بين الاثنين فالعالمية المتمثلة بالمجتمعات العربية الاسلامية والاحتكاك بثقافات العالم المتعددة مع الاحتفاظ بخصوصية الامة وفكرها وثقافتها دون فقدان هويتها الذاتية في حين ان العولمة تحاول دائماً طمس للهوية . وبالرغم من ان العولمة ربما تساعد في صناعة المزيد من الثروة في البلدان النامية ولكنها لا تساعد على سد الفجوة بين البلدان الفقيرة والغنية . وبالرغم من انتشارها عن طريق الاقتصاد والتنافس الدولي وطرق الحياة الغربية وانتشار التكنلوجيا الحديثة الا انها ظلت حبيسة الاقليمية "(1-ص) كما تسبب ذلك في زيادة الانتاج للسلع والخدمات التي تدر لهم الارباح بالاموال الطائلة دون المجتمعات الفقيرة التي تقابلها . وبما ان فنون المسرح ومنها المسرح الموجه للطفولة تحمل بين مضامينها واهدافها ابعاداً تربوية تقود الى السلوك القويم والرفعة والاخلاق الفاضلة وهي سلوكيات يمكن ان تواجه بها العولمة عندما يتم تأسيس صياغات للتعالم بجدية العالم والتكنلوجيا الحديثة والمتمثلة بالعولمة (دراسة الباحثة) الى جانب اعادة النظر في اعداد عروض مسرحية في مجتمعنا العراقي تهدف الى تأصيل الملامح الحضارية والثقافية لمجتمعنا اعلربي والاسلامي . وهذا بلا شك يتطلب خلق وسائل وطرق متمردة لتجاوزها لم يكن لنفسها والاستعداد الفاعل لمواجهة العولمة وسلبياتها التي اضطرت بتلك المجتمعات , ولكي تحمي هذه المجتمعات من الغوض في اَتوية الاقتصاد والعولمة . من خلال ضرورة خلق اعلام ثقافي (مسرحي) يبني الطفل العراقي والعربي والاسلامي ليكون قادراً على مواجهتها وحماية مجتمعاتها والحفاظ على هويتها عندما تكون المواجهة والتحديات فاعلة . وهذا ما دفع بالباحثة في التصدي لدراستها الحالية . التي تجددت مشكلتها بالتساؤل الاَتي : 1- هل هناك ابعاداً تربوية لمواجهة العولمة في مسرح الطفل .
ثانيا: أهمية البحث والحاجة أليه تأتي أهمية دراسة الباحثة من كونها: 1- رصيداً معرفياً جديداً في مجال الآثار السلبية للعولمة على المجتمع وأفراده. 2- يشكل نقطة انطلاق لدراسات رائده تبحث عن الجوانب السلبية التي تؤسسها العولمة على البنية الاجتماعية بكافة تفاصيلها وجوانبها المختلفة. 3- تسلط الدراسة الضوء على محاولة مواجهة العولمة في مجالات الفنون المسرحية المتمثل بمسرح الطفل لما يحمله من مضامين تربوية ومراجع اخلاقية. 4- تخدم الدراسة المؤسسات الفنية ذات الشأن باعادة النظر فيما تقدم من نصوص مسرحية تسهم في الحفاظ على هويتنا وحضارتنا. ثالثاً: هدف البحث هدفت دراسة الباحثة: (تعرف القيم التربوية لمواجهة العولمة في مسرح الطفل).
رابعاً: حدود البحث أ- الموضوعية: العناصر والآليات التي تعتمدها العولمة. ب- المكانية: جمهورية العراق, محافظة بابل, مديرية النشاط المدرسي. ج- الزمانية: 2016-2017.
خامساً: تحديد المصطلحات أولاً: الأبعاد التربوية (إجرائياً) هي القيم الأخلاقية التي تحقق السلوك السوي عندما ينتهج الإنسان سلوكاً رائعاً تجاه نفسه والآخرين والقيام بأعمال تعزى على الأخلاق الفاضلة والقيم السائدة التي تكون لصالح البشرية. ثانياً: المسرح المدرسي (إصطلاحاً) 1- هو فرقة او مسرح من الهواة تشرف عليه المدرسة او مؤسسة تربوية هدفها التسلية للطلبة – وتثقيفهم وتدريبهم على فنون المسرح بأنفسهم وقد تتعدى اهداف الترويح والتسلية الى اَبائهم ومعارفهم. "(1-ص248) 2- أما يودين فقد عرف المسرح المدرسي بأنه نموذج أدبي فني يحدث تأثيراً تربوياً في المتلقي معتمداً على العناصر المتمثلة بالحبكة الدرامية والشخصيات والحوار إلى جانب التقنيات المساعدة المتمثلة بالأزياء والمؤثرات الضوئية والموسيقية. (2-ص439)2 3- المسرح المدرسي (إجرائياً) فناً أدائياً يسهم في تقديم مجموعة من الأفكار والمواقف والأحداث التي تسهم في بناء الإنسان ونشر التعلم والثقافات ذات المضمون التربوي والمعرفي.
رابعاً : العولمة : غزو ثقافي اجتماعي اقتصادي وسياسي يستهدف الدين والقيم والفضائل والهوية ... كل ذلك يعملون له بأسم العولمة وحقوق الانسان "(ص221)
الفصل الثاني الاطار النظري المبحث الأول: الأسس التربوية للمسرح المدرسي يعد المسرح المدرسي جزءاً من التربية فأن التجربة المسرحية تجعل التلميذ أكثر أحساساً بأفكار الآخرين وشعورهم والعواطف التي في داخلهم لأن المادة التي يمثلها ويعدها هي الإنسان بكل ماله من وجهات نظر مختلفة وأعمال وسلوكيات وما يفكر به ويصبوا الى تحقيقه وهذا بدوره يساعد على النمو والتقدم المستمر في استيعاب الصراع ومظاهره "ومن أجل خلق هذا الإنسان أصبح من الضروري على المدرسة الاستفادة من التربية المسرحية وفنون العرض لأنها تؤثر في الإنسان وأحاسيسه وجميع أجزاء جسمه وما يقع ضمن التمثيل بمعناه الواسع" (10-ص11) فأصبح المسرح حالياً يحتل موقعاً هاماً في المدرسة العصرية أي في الدول المتقدمة ويختلف توظيف العمل باختلاف الهدف من استغلاله ففي مرحلة ما قبل المدرسة أو في المراحل الأولى من العملية التعليمية يتحول المسرح إلى وسيلة تعليمية تربوية أكثر من غاية أدبية أو فنية. لذا يعد المسرح المدرسي اداة تربوية وتعليمية باعتباره مكون من مكونات وحدة التربية الفنية والاتفتاح التكنولوجي الى جانب كونه "مجموع النشاطات المسرحية بالمدارس التي تقدم فيها أعمالاً مسرحية لجمهور التلاميذ تتضمن إشباع الهوايات وتنمية الثقافة وتطوير قدراتهم الإبداعية ورفع مستوى التذوق الفني لديهم" (15-ص281). وأبرز الأهداف التي يحققها المسرح المدرسي هي: 1- أهداف فنية: من خلال تنمية الوعي المسرحي والكشف عن التلاميذ الوهوبين وتنمية مواهبهم المسرحية. 2- أهداف تعليمية: يدرب الطالب على النطق السليم الواضح وينمي ثروته اللغوية ويزيد تعلقه بالفصحى كما تتجلى اهميته في خدمة المناهج الدراسية عن طريق مسرحه بعض الموضوعات الدراسية واعتبارها جزء من نشاط المسرح المدرسي. 3- أهداف تربوية: يعمل على دعم القيم الروحية والوطنية بين التلاميذ وتنمية المفاهيم الأساسية والقيم الأخلاقية والدينية والوطنية. أما على مستوى الفوائد التي يقدمها المسرح المدرسي فهي تأتي على شكل مستويات متعددة منها: أ- المستوى النفسي: يعالج المسرح المدرسي بعض الامراض النفسية بما يضيفه من مرح وسرور على الممثل والمتفرج اذ يعمل على خفض التوتر النفسي وتخفيف الانفعالات المكبوتة وذلك عندما يندمج الممثل او المتفرج في الاجواء التمثيلية ويعالج عند بعض التلاميذ الانطواء والتردد والخجل."(1) ب- المستوى الاقتصادي: أن العمل المسرحي يرسخ في نفوس الطلاب شعوراً يدعوهم الى عدم الاسراف والتبذير والاستفادة من قطع الاثاث القديم وهذا كله يعطي درساً للتلاميذ في الاقتصاد والمحافظة على الممتلكات والاشياء واستخدامها في الوقت المناسب. ج- المستوى التعاوني: العمل المسرحي بحد ذاته هو عمل جماعي تعاوني يتطلب المشاركة والدعم لمختلف أنواع الفنون. فيكون التعاون بين التلاميذ كل حسب رغبته وهوايته مثلاً على الإضاءة. وقطع الديكور وقص القماش للأزياء وغيرها مما يحفزهم للانتباه إلى أهمية التعاون والنظام في الحياة الاجتماعية مع الناس مستقبلاً" (3-ص16).
الدور التربوي للمسرح المدرسي: تعد تربية الأفراد إلى مستوى رفيع من التكيف والتذوق والقدرة على التغيير, ولابد ان ينعكس ذلك ويترك أثراً على مستوى تقدم المجتمع وطرائق تفكيره وعيشة وتتضح أهمية التربية بشكل عام في تكوين الإنسان المنتج ويتميز دورها في تحديد حجم وتوعية المتطلبات البشرية المؤهلة والقادرة على استيعاب ضرورات الحياة بمهامها والتزاماتها مع إرساء أسس القيم الاخلاقية والسلوكية والفكرية والعلمية. واهتمت الاتجاهات الحديثة بالتربية على العناية بالتلميذ ودراسة نفسيته وميوله وخلق الرغبة لديه في العمل كي يشعر بالحاجة إليه وتنمية قواه الفطرية ويعلمهم بطريقة الخبرة الفردية والشخصية لتجديد مهاراتهم وميولهم وقواهم العقلية ونموهم الاجتماعي والنفسي والبدني. ولا يخفى لما للمسرح المدرسي من أهمية فمن خلاله نستطيع أن نعيد تشكيل العادات والأخلاق والسلوك الجيد والقضاء على الهوة بين التحولات الاجتماعية على صعيد القوانين وبين التطبيق اليومي الحياتي. "أذن نحن نستطيع عن طريق العروض المسرحية خلق التوازن النفسي وإعطاء الفرص للتلاميذ في التعبير عن كثير من الموضوعات التي تفكك الحياة من حولهم" (12-ص45)، "فأصبح للمسرح المدرسي مقاصد تربوية وغايات تعليمية أو وظيفية يسعى إلى طرحها وتقديمها للتلاميذ من خلال ما يقدمه من مسرحيات يكتبها المختصون بالشأن التربوي, وتقسم إلى فئتين رئيسيتين" (4-ص15): الأولى مسرحيات تربوية: تهدف إلى بث القيم الأخلاقية المعنية بنفوس التلاميذ وإثراء العملية العلمية ومساعدتهم على معايشة الظروف والأحداث في ظل التطورات وتنمي المشاعر الأخلاقية تجاه الإنسانية كما تساهم في الأعداد الثقافي والعلمي للتلاميذ فضلاً عن غرس العادات والتقاليد وتطوير الأحكام الأخلاقية لديهم. الثانية مسرحيات تعليمية: تختلف في وظيفتها عن التربوية إذ تؤكد في غاياتها على الوظيفة التعليمية فهي تقدم المواد العلمية للتلاميذ في قالب مسرحي درامي مبسط توضح الأحداث التاريخية والعلوم وغيرها والمساعدة على فهمها الى جانب عدها وسيلة ومنهاج للمادة العلمية لتحقق استفادة كبيرة في طريقة بناءه وفي تعديل السلوك الخاطئ إلى آخر مرغوب به من خلال الأحداث المسرحية، كما تعمق اهتمام التلاميذ وتزيد من ممارستهم في اكتساب المعلومات عن المكان والزمان والحدث وإسهامها في إشراك التلاميذ في حل المشكلات عقلياً ووجدانياً وتنمية قدراتهم على التخيل والتعبير عن الرأي واستغلال الفراغ والابتعاد عن المواضيع السلبية التي يلجأ لها التلاميذ في وقت فراغهم. وازاء ذلك يمكن القول ان توظيف المسرح المدرسي داخل المدرسة "اصبح أحد العوامل الرئيسية في تحقيق العديد من الاهداف التربوية خاصة والنفسية عامة" كما ان الكثير من المفاهيم الاساسية والقيم الاخلاقية والدينية والوطنية تتحقق للتلاميذ من خلال المسرح المدرسي بكل حلقاته ومثيراته ومكوناته" (13-ص107). وبهذا الخصوص تضيف الباحثة ان أي شكل من الاشكال التي يتصف المسرح فإنه يحمل بين طياته اهدافاً معينة فالمسرح المدرسي يهدف الى تنمية ثقافة التلميذ وتبسيط المادة العلمية وتحويلها الى "خبرات ذات معنى يمكن تذوقها فضلاً عن اضافة جو من المرح والسرور ومعالجة بعض الاضطرابات النفسية والعيوب مثل عيوب النطق وأمراض الكلام". (11-ص96).
المبحث الثاني: التطور الزمني للعولمة تعتبر العولمة هي نتاج تسلسل زمني حصل خلاله تطور تكنولوجيوتقني وبشري ادى الى عدم استمرار الانغلاق البشري والتمحور الذاتي للحضارات فأدى الى هذا الانفتاح الذي احدث العولمة فقد ساهم التطور التكنلوجي بشكل كبير في احداث تحولات فقد الابتكار العملي والتكنلوجي بكل معطياته يغطي متطلبات الانسان ما ظمر منها وما اعلن . اما الجذور الاولى للعولمة ففي رأي بعض الباحثين تعود "الىعصر الدولة الرومانية التي سيطرت على معظم العالم القديم انذاك ،ثم امتدت الى القرن التاسع عشر والذي شهد تطورات كبرى في مجال الاتصالات ،حيث تم اختراع اللاسلكي والتلغراف والطائرات مما ساعد على الاتصال السريع والترابط بين مراكز العالم" بينما يرى البعض الاخر من الباحثين انها ظاهرة حديثة النشوء ولكن عند البحث في هذه الظاهرة نجد انها شكل جديد من أشكال التملك والسيادة القديمين فمنذ ان عرف الانسان النار ثم الرعي ثم الزراعة التي نقلته من الحياة البربرية الى حياة الاستقرار وهو يسعى للسيطرة على الطبيعة وعلى الادنى منه اقتصاديا من اجل مصالحه الخاصة وتطورت هذه الحالة مع تطور الصناعة والتجارة وركوب البحر وأكتشاف المعادن والبخار والالات (كل هذه مقومات طبيعية وفرت للانسان سبل السيادة التي تدرجت من فتوحات عسكرية الى هيمنة سياسية ثم أقتصادية) فهي بالاساس حدث اقتصادي مدروس بعناية فائقة، ويبدو كمخطط دائري تدعمه السياسة بشكل كبير بدأ مع بداية الشركات عابرة القارات الشركات اللاقومية التي تسعى وراء مصالحها الشخصية غير منتمية الى قومية معينة وقد وقفت وراءها ما يسمى بمؤسسات العولمة (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ،منظمة التجارة العالمية الجات، حلف شمال الاطلسي(ناتو)، فهي الحكومة الخفية التي تقود العالم نحو العولمة) فهي بذلك قوة ذات مصالح أقتصادية تدعمها قوى سياسية من أجل مصالحها الخاصة ايضا وهي بذلك ذات انماط سياسية وأقتصادية لها ابعاد مجتمعية وثقافية. وعند النظر الى العولمة نرى انها (ليست جديدة على الفكر والتاريخ البشريين، اذ ارتبطت دوما بحركات التغيير الجذرية بالعالم فعلى المستوى الجغرافي يقترن بالاكتشافات الجغرافية الكبرى وعلى مستوى التقدم الصناعي والتقني بداية من البخار ومرورا بالطائرة والتلفون والتلغراف وحتى الشبكة العنكبوتية (النت) والوسائل السمعية والبصرية الجديدة عابرة القارات) فهي كتسلسل منطقي ناتج عن تطور طبيعي للمجتمعات البشرية نرى جذورها على المستوى الفكري والثقافي والفني نراه في عصر الحداثة وما بعد الحداثة، فما جاءت به الحداثة هو تمركز الانسان بدلا من الالهة فقد اصبح الانسان هو مركز الكون لانه كائن عاقل قادر على تغيير مصيره وفي عالم الحداثة " لا يوجد شكل مفهوم أذ يفقد الانسان مايميزه كأنسان ويتساوى الرجل مع الشئ ،بل تتحرر الاشياء من الانسان وتسيطر عليه" ، اي أصبحت المادة أهم من الانسانوهذا بدوره أدى الى انعكاسات بعيدة المدى ذات اثر مستمر في الفن فقد أحدثت تغير كبير في الانماط والسلوك ففي القرن العشرين "استخدم مصطلح الحداثة ليغطي مجموعة من الحركات التي جاءت لتحطيم الواقعية أو الرومانسية وكان ديدانها التجريد" وان حركات مثل الانطباعية ومابعد الانطباعية والتعبيرية والتكعيبية والمستقبلية والرمزية والتصويرية والدوامية والدادائية والسريالية جائت مرافقة للحداثة. التي ثارت على كل ماهو تقليدي ومقيد فقد أعدها البعض ضرورة ألحت من اجل التطوير الادبي والفني والمجتمعي . وعلى المستوى العام فالحداثة تعتبر ثورة على الدين الذي طغى في عصر التنوير ففي اطار الحداثة اصبح التدين موضوعا شخصيا لا يحق له ان يكون مركز ثقل في المجتمع وحل محله الاهتمام بذاتية الانسان او مايسمى بالانسنة والاهتمام بالعلم والمعرفة وأبعاد الافكار الميتافيزقية ،وكلما ازداد التقدم بالعلم أبعد الحداثويون والمعاصرون الدين عن الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وقد أثرت هذه الثقافة حتى في مجتمعاتنا فقد تنكر العلمانيون للدين متأثرين تأثرا تلميذيا للشاب العربي بالعلمانية الفرنسية والروسية دفع بهم الى نبذ التقاليد والشعائر والطقوس الدينية ،غير مدركين " ان اوربا لم تصل الى ماهي عليه اليوم الا بعد قرون من الابداعات الفكرية التي لم تترك ذرة واحدة من التراث الديني الا وتطرقت اليها " وحتى الان الدول الاوربية تستمد من تراثها بل انها توجهت الى دراسة التراث العربي و الدين الاسلامي والاديان الاخرى. بينما يتخلى العرب عن تراثهم لصالح التراث العالمي متناسين ان أوربا وأمريكا تستمد حداثتها من تراثها الذي يعمم علينا بعد ان أقتنعنا بتقنين تراثنا وحضارتنا الغنية بالموضوعات الملهمة ووضعها في صندوق التراث والفلكلور . ثم بعد الأستمرار في التقدم التاريخي و ما صاحبه من التقدم التكنلوجي الذي أوصلنا الى مابعد الحداثة التي صاحبت او كانت السبب في(تراجع جوهر الانسان لصالح شئ غير انساني (الالة – الدولة – السوق – القوة ) او شئ احادي البعد (الجسد – الجنس "اللذة" ) فالمنظومة التحديثية بدأت بأعلان الانسان وأنتهت بالقضاء عليه ) حتى جاءت العولمة (Globalization) كحدث عالمي شغلت حيزا كبيرا في طرح المفكرين والكتاب الا انها ليست "أيديولوجيا أو مذهبا سياسيا أو أقتصاديا بقدر ماهي تعبيرعن أوضاع العالم المعاصر من تطورات بيئية وأقتصادية ومالية " كما يرى بعض الباحثين والمفكرين في هذا المجال أن العولمة مكونة من ثلاثة موجات تمتد بتيارات ذات معطيات فكرية أجتماعية ودينية وثقافية تشمل مختلف نواحي الحياة اليومية. ومجمل القول: أن العولمة جاءت بكل طاقاتها لا تتوقف ولا يحد تقدمها شيء وتحمل في طياتها مشكلات الاختراق والتفكك والانحلال, وأبرز مايهمنا هو الوعي لهذا الغزو والتجربة بعد أن تسيد العالم وسيطر عليه مما يجعلنا متاهبيين لمعرفة كيف ستغير العولمة الحياة الاجتماعية وكيف تهمش البنى الاجتماعية وتستحوذ على الثقافة وتخترقها بما تحمله من مغريات تجعلها تقع فريسة أحلامها ومطامعها. ولا يخفى على أحد إن التأثر سيكون كبيراً وأن النظم الاجتماعية ستكون بمواجهة قوية مع هذه القوة الهائلة وما تمتلكه العولمة من أبعاد وستخلف نموذجاً حضارياً كونياً جديداً عاكساً آثاره المختلفة على سير حياة الإنسان وخياراته المتعددة (14-ص96). وستذكر الباحثة بعض السلبيات الناجمة عن بعض آليات العولمة على البناء الاجتماعي بمؤسساته المختلفة والأساسية وهي (الأسرية, التربوية, الاقتصادية) وما يمكن أن تؤدي إليه من تحولات كبيرة في البناء الهيكلي والوظيفي لهذه الممارسات. أولاً: البنية الأسرية: تعتبر الأسرة اللبنة الاولى في كيان المجتمع وهي الاساس المتين الذي يقوم عليه هذا الكيان فباصلاح الاساس يصلح البنيان . لذا تعتبر أهم المصانع الاجتماعية التي تنتج مختلف القيم التي تقوم بتلقينها لأفرادها من خلال التنشئة الأسرية بوصفها الآداب العامة الواجب أتباعها والسير عليها فضلاً عن كونها المكان الذي يعود إليه الأفراد ليستريحوا ويشعروا بالأمان والطمأنينة باعتبارها بيئة آمنة وملاذ آمن. أن التحولات الاجتماعية العديدة والعميقة التي شهدتها المجتمعات في ظل العولمة ادت الى تغييرات بنيوية في مكانة ووظائف الاب والام وفي علاقات السلطة بينهما من جهة ومع علاقة الابناء من جهة ثانية فالضغوط الاقتصادية والمهنية والسعي وراء النجاح مادياً كان او اجتماعياً يؤديان الى حالات التغيب المتكرر عن الاسرة والحياة الزوجية هذه الوضعية لم تطل الرجل بل طالت الكثير من النساء العاملات مما ادى الى فتور الروابط والعلاقات الاسرية وصولاً الى الفراق ان هذا التفكك يتمثل بفقدان الاسرة المتزايد لقدراتها على الاستمرار كمرجعية قيمية واخلاقية للناشئة, "وذلك بسبب نشوء مصادر جديدة ومتنوعة لإنتاج القيم, متمثلة بمجموع المعلوماتية الكاسح كآلية جديدة تحاول أحلال أسسها الجديدة محل ما هو موجود ومألوف". (5-ص313). تتحذ تأثيرات العولمة في مجال التنشأة الاسرية والاجتماعية صيغاً عديدة منها حدوث تحول في اهداف ووضعية الضبط التي تقوم به الاسرة بحيث تتحول الاسرة عن تحقيق الحفاظ على نفسها وتماسكها ككيان مستقل نسبياً وبالتالي دورها كفاعل اساسي في اعادة انتاج النظام الابوي بكل مواصفاته نحو تحقيق هدف جديد هو الحفاظ على البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي انجزته جزئياً سيادة العولمة وتتجلى في تحول هدف عمليات التنشأة من الحفاظ على قيم جماعية تقليدية مثل التضامن والتضحية الى الحفاظ على قيم المؤسسات الحديثة والبديلة للتنشئة الاجتماعية. ثانياً: البنية التربوية : كلما ارتقى الإنسان في سلم الحضارة زادت وتوسعت حاجته إلى التربية التي باتت حقاً من حقوق الإنسان لكونها عملية أساسية وجوهرية في تقدم الشعوب ونهضة الامم وأصبحت تمثل مدخلاً إلى التنمية الشاملة ودرع واقياً ضد الاكتساح الثقافي الذي تنذر به العولمة. ان اَثار العولمة بدأ يظهر من خلال اختيار الدول المتقدمة لبعض الصناعات الثقافية التي تمثل غزواً ثقافياً وفكرياً وتربوياً ينتشر كالنار في الهشيم وخاصة بين الاطفال والشباب والمتمثل بالافلام والادوات الموسيقية والاشرطة والاسطوانات واجهزة الفيديو والعاب الاطفال وغيرها من مبتكرات الثقافة الاجنبية التي كثيراً ما ترتكز على الشهوات واثارة العنف والغرائز."(1-ص512) وتعد المدرسة الأسرة الثانية للفرد تمارس الوظائف التربوية ذاتها وتستأنف عمل الأسرة وبسبب دخول الكومبيوتر ووفرة المعلوماتية أصبح بالإمكان صياغة بيئة تربوية تعليمية جديدة تتجاوز النظام التقليدي للعلم والمعرفة وربما ستحل محله فالتقييمات التربوية أصبحت تعتمد الكومبيوتر وتنوعت بشكل تطور بين استخدام أشرطة CD السمعية والمرئية والانترنيت والفضائيات لكن ذلك رغم ايجابياته يفرز لنا السلبيات التي تتمثل بفقدان التمثيل الضمني للمعرفة حيث أن وجود المعلم ضرورة أمام المتعلم بجعله يتلقى العديد من الرسائل من خلال تعابير الوجه ولغة الجسد والوصف والإشارة والكفايات التعليمية وغيرها من رسائل التخاطب والتفاهم غير الصريحة والتي لا يستطيع الكومبيوتر تمثيلها بالشكل الطبيعي، ومما يؤدي إلى ضمور الكثير من المهارات من ضمنها المهارات الاساسية في القراءة والكتابة ويجعل تفكير الطالب ميكانيكياً وعليه فأن المدرسة أو الجامعة ليست مكان لتلقي العلم فقط وإنما تقوم بمهمة أعطاء التربية التي لا تستطيع أي من هذه الآليات أعطائها فهي مكملة لدور الأسرة.
ثالثاً: البنية الاقتصادية:
تقوم العولمة الاقتصادية باضعاف سيطرة الدولة بكسر الحدود وانخفاض التوظيف ووظائف العمالة الماهرة وتخفيض الاجور كما وتعمل على تدمير البضاعة المحلية . كما وأخذت العولمة الإعلامية تعمل على دعم وإسناد العولمة الاقتصادية لنشر النزعات الاستهلاكية مستغلة ما وفرته لها ثورة المعلومات وتكنولوجيتها المختلفة وأن تعمم ثقافة الاستهلاك هي أحدى آليات الهيمنة والسيطرة المفروضة على الشعوب، فالمجتمعات التقليدية أصبحت تعاني من تحديات جمة تقف أمام أبناءها وتحطم قدرات وقابليات الإنسان وتحوله إلى مستهلك غير منتج ينتظر ما يجود به الغرب ومراكز العلم من سلع جاهزة الصنع مما يشكل لديه قيم الاتكالية والتطلع المستمر لاقتناء السلع الاستهلاكية وهذا ما يجعل موت الفكر الإبداعي وتوقفه أمر محتوم ويصبح طاعة عمياء لما تطرحه وسائل الثورة التكنلوجية. ومما زاد من تفاقم الاستهلاك هو العلامة بين الأعلام والثقافة والذي تطرحه شيئاً من التكنلوجية حيث تجمع مابين كونها وسيطاً أعلامياً وناقلة للثقافة من مراكز أنتاجها إلى المستهلك .
بعض الآثار السلبية للعولمة على حياة الفرد تتنوع الآثار السلبية للعولمة التي تستهدف النسيج الثقافي بتنوع أدواتها واختلاف أهدافها لكنها تسير في أطار واحد وهو تأسيس بناء حضاري زائف يعتمد المظاهر والقشور وإفراغ الجوهر الحقيقي للإنسان روحاً وعقلاً وأخلاقاً ولتجعله كيان يعاني فجوة في التراث وصعوبة في لم الشتات والمحافظة على الشخصية من التسطيح والاغتراب وأبرز هذه السلبيات: أ- الفساد الأخلاقي: تقوم العولمة على تكريس النزعة الانانية لدى الفرد وتعميق مفهوم الحرية الشخصية في العلاقات الاجتماعية وفي علاقة الرجل في المرأة وهذا بدوه يؤدي الى التساهل مع الميول والرغبات الجنسية , وتمرد الانسان على النظم والاحكام الشرعية التي تنظم وتضبط علاقة الرجل بالمرأة وهذا بدوره يؤدي الى انتشار الاباحية والرذائل والتحلل الخلقي وخدش الحياء والكرامة والفطرة الانسانية فانتشر الجنس كالوباء عبر شبكات الانترنت الامر الذي يمثل خطورة كبيرة على جميع الأعمار, "أقحم الصغار في الأمور الجنسية قبل أوان نضجهم مستغلاً غريزة المراهقين بحب الاستطلاع الجنسي لديهم. أو حتى للكبار باجترار مراهقتهم وأوقعهم في فخ النزاعات النفسية".(18-411). أيضاً هناك ما يسمى بجرائم الانترنت والتي أصبحت من الجرائم العابرة للحدود من خلال إمكانية اتصال أي طرف في العالم بطرف آخر غير صورة التقنية وبدأت ممارسة الابتزاز والتطفل وسرقة الأسرار, وأصبحت وسيلة لترويج المخدرات. ب- الترويج للعنف: ان وسائل الاتصال والمعلوماتية في ظل العولمة تزيد من وتيرة استخدام العنف في سلوكيات اطفالنا وشبابنا والادمان على مشاهدة افلام العنف والجنس وغيرها مما دفع بالعديد من افراد هذا المجتمع الى مستنقع الانحراف فضلاً عن احتوائها على معايير جديدة كالصراع بين الخير والشر ووقوع الخير في مطبات الشر ان مشاهدة تلك البرامج تؤثر سلباً عليهم اذ أن استمرارية مشاهدة الأطفال للعنف لابد وأن يترك آثار تختزن لدى الأطفال وتنمي لديهم المشاعر العدوانية وليس الأطفال فحسب وإنما تشمل جميع الأعمار ولكلا الجنسين وقد يكتسب البعض أنماطاً مماثلة للسلوك العدواني أو تقليد بعض تلك الأنماط. ت- البعد الحضاري: تدعوا العولمة الى صراع الحضارات والذي يدعو للتعصب للحضارة الغربية ومحاربة ما عداها ولا سيما الحضارة الاسلامية وتخويف الاوربيين منها ونجد ان الغرب لا يسعى لنشر قيمه الاجتماعية فحسب بل انه يفرضها عبر المؤتمرات الدولية "(1-ص204-205) ونجد ان الكثير من الأفراد بهرتهم الحضارة الغربية فآمنوا بها وبقيمها وخضعوا لها وهذا الاجتهاد بدأ يتسارع باتجاه الثورة المعلوماتية حيث أن تكنولوجيا الصورة الحديثة تخلق لديهم حالة من الاجتهاد والاستلاب لدى المشاهد "وهي دون شك تحمل الكثير من المضامين الاجتماعية والثقافية التي تعمل عملها في سلوك الأفراد والجماعات"(5-ص354)، وذلك ما يطمح لتحقيقه صناع التقنيات الحديثة في الغرب فحالات الاجتهاد وتقليد المشاهير تترافق مع حالات الخذلان والنظر بازدراء إلى كل ما هو شرقي أو مسلم. والحقيقة أن هذا الاجتهاد بمخرجات هذه الشبكة هو جزء شعوره بأن هذه التقنية غريبة فيزداد إعجابه بها. ث- البعد الديني: تهدف العولمة الى اشاعة ثقافة التطبيع في المجتمعات الاسلامية بان يمحو المسلمون ذاكرتهم ويلغوا تاريخهم في ترديد اشاعة ثقافة الجنس مفتح الابواب بطريقة غير شرعية ولا رسمية واشاعة ثقافة الزنا حتى لا تجعل امام النس متسع من الوقت للتعبد واقامة الشعائر الدينية وأصبحت معتقداتنا الدينية وإسلامنا عرضة للتهديد بما جاءت به آليات العولمة فالقنوات الفضائية التي لعبت دوراً كبيراً في أضعاف وتهميش المعتقدات الدينية وتشويه صورة المسلم في بعض برامجها وإظهاره من مرتادي الملاهي والجريمة والفساد والعنف والإرهاب دون إظهار التراث العربي الإسلامي، وهذا التهميش للمعتقدات سيجعلنا بلا خصوصية ثقافية ومجتمع لا يقوى على بناء حضارة تصد هجمه العولمة الغربية الى جانب انها تسلبنا هويتنا الحضارية والتراثية. حينما نتعرض لدور المسرح وتحديات العولمة المتمثلة بالثورة التكنولوجية والمعلوماتية فأن أول ما يتبادر إلى الذهن هو أن الفن إنساني يتوجه إلى الإنسانية والمسرح على وجه التحديد هو فن الاستجابة لما يحيط بالمجتمع من تحولات أو ثورات وهو ردة فعل لما يحدث في المجتمع. ومن الطبيعي أن يتأثر المسرح بجملة التغيرات التي شهدتها الساحة العالمية والعملية في جميع النواحي (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية) وبما انه أحد وسائل الاتصال الجماهيري لابد أن يطرح عملاً فنياً أبداعياً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يجري في الساحة من تحولات الى جانب امكانية استخدام آليات الثورة المعلوماتية في عملية المواجهة مع تحدياتها لإثبات هويتنا الثقافية. وإزاء ذلك يمكن القول ان الفنون المسرحية بوجه عام والمسرح المدرسي بوجه خاص هو وسيلة التواصل مع الاطفال ومحتوى تواصله ذو أهمية بالغة، فمن خلال هذا التواصل يتحدد ارتقاء الطفل ومستوى النقاش والتجدي العقلي في عدة قضايا، وهذا ما يصل الباحثة الى استنتاج بسيط يتعلق بالمسرح المدرسي الذي نجده يمس الطفل في عالمه المدرسي من خلال برامجه الدراسية.
الفصل الثالث إجراءات البحث أولاً: مجتمع البحث: استشارت الباحثة عدد من ذوي الاختصاص في مديرية النشاط المدرسي في المديرية العامة لتربية محافظة بابل شعبة النشاطات المسرحية من كتاب نصوص مسرحية ومخرجين وممثلين وكان عددهم (15) خمسة عشر مختص. ثانياً: عينة البحث: تضمنت عينة البحث المختصين في قسم النشاط المدرسي بطريقة الحصر الشامل وثم احتساب المجتمع بأكمله كعينة لدراسة الباحثة. ثالثاً: اداة البحث: أعتمدت الباحثة أداة الاستبيان للحصول من خلاله على مؤشرات ذات علاقة بموضوعة البحث الحالي وهي من وجهة نظر ذوي المختصاص بالمسرح المدرسي لبيان مدى دور المسرح في مواجهة المخاطر الاجتماعية التي تسببها العولمة وقد تمت الاستعانة ببعض الأدوات البحثية كالملاحظة والمقابلات الشخصية والأدبيات والدراسات بهذا الخصوص وتحددت الاستمارة بثمانية محاور هي (المسرح المدرسي, البنية الأسرية, البنية التربوية, البنية الاقتصادية, الفساد الأخلاقي, النزوع للعنف, البعد الحضاري والبعد الديني). رابعاً: إسلوب البحث: اعتمدت الباحثة اسلوب الوصف (بطريقة التحليل) لاستخراج النتائج. خامساً: اجراءات التطبيق : تم توزيع استمارة الاستبيان المفتوح على العينة و ثم تفريغ الإجابات مع فقرات الاستمارة لاستخراج الجوانب الايجابية, ثم اصبحت الاستمارة بصيغتها النهائية وعرضت فيما بعد على عدد من الخبراء المختصين لبيان صدق وثبات الاداة لتكن صالحة لقياس الظاهرة التي وضعت من اجلها.
الفصل الرابع نتائج الدراسة اولاً : النتائج: 1- محور المسرح المدرسي: أجمع المختصين أن المسرح المدرسي يقوم بإجراءات التقييم بشكل متكرر لتقييم الأعمال المقدمة ومدى ملائمتها وأتفق جميعهم على وجود تعليمات تحدد تطور العمل وتواكب التطورات المعاصرة إلى جانب اتفاقهم على وضع خطة لمواجهة تحديات العولمة وتقييم المخاطر الناتجة عنها. 2- محور البنية الأسرية: أتفق المختصين عل أن المسرح المدرسي يساهم بصورة فاعلة في توضيح مدى تأثير العولمة واَلياتها المتمثلة بالاستخدام الغير صحيح لآليات الثورة المعلوماتية بإصابة الأسرة بالتفكك وجعل الفرد يعاني من الاغتراب عن ذاته وعن أفراد أسرته, فضلاً عن أن المشاهدة المفرطة للبرامج التكنولوجية تجعل الطفل يتصرف على أمور لا تتناسب وعمره إلى جانب أضعاف الألفة والارتباط بالأسرة, مما يؤدي إلى التقليل وأحياناً انعدام فرص التفاعل الاجتماعي, وهذا ما يؤكد وجهة نظر الباحثة التي مفادها ان الثورة المعلوماتية عند استخدامها بصورة غير مناسبة تؤثر سلباً على فاعلية التنشئة الاجتماعية وتشغل الفرد عن أموره الشخصية والأسرية. 3- محور البنية التربوية والتعليمية: وأجمع المختصين حول أمكانية المسرح المدرسي بتعريف التلاميذ على الآثار السلبية للعولمة في تقليص فرص التنافس بينهم وإلغاء الإبداع وفرص التفاعل وانعدام روح المناقشة في وأن الاستخدام المفرط للحاسوب يساهم في ضمور فعل القراءة والكتابة والمهارات الحسابية وأكد المختصون أن المسرح المدرسي يؤكد على أهمية الكتاب المنهجي وتفضيله على أشرطة (CD) المنشورة بشكل كبير. 4- محور البنية الاقتصادية: أجمع المختصون على أن المسرح المدرسي يساهم وبشكل فاعل على تعريف التلاميذ على أن الاطلاع الغير المناسب لتقنيات العولمة والمتمثلة بالثورة التكنولوجية يساهم في الترويج للمنتجات الغربية والذي بدوره يساهم في ركود المنتجات المحلية وتقليل فرص الادخار من خلال الاستهلاك الغير ضروري للعديد من المواد عديمة الفائدة. 5- محور الفساد الأخلاقي: أجمع المختصين وباتفاق عالي حول أمكانية المسرح المدرسي بتوضيح الاستخدام الغير مناسب والخاطئ لاَليات العولمة يؤدي إلى انتشار الفساد الأخلاقي ويساهم في نشر الانحرافات الأخلاقية بين صفوف أفراد المجتمع مثل (الغش-التزوير-الاستغلال) وترويج الصور والأوضاع غير المقبولة أجتماعياً. وأن المسرح المدرسي أسهم في تقديم العبر حول أمكانية أن ما يشاهده الفرد من أمور غير أخلاقية عبر تقنيات الثورة المعلوماتية تضربه وبأفراد أسرته ويؤثر في البنية الأسرية والاجتماعية على حد سواء. 6- محور الترويج للعنف. يساهم المسرح المدرسي بشكل كبير في إيصال فكرة للتلاميذ حول إمكانية نقل العنف إلى محيط الأسرة والأصدقاء عن طريق تلك الآليات التقنية للعولمة والتي باتت محملة بشكل كبير ومكثف بأفلام العنف والجريمة والتي تنعكس سبباً على حياة الأفراد من خلال التعود على استخدام بعض المصطلحات والألفاظ وأتفق المختصين بالإجماع على ان مشاهد العنف تؤدي إلى تغيير سلوك الأفراد نحو العنف. 7- محور البعد الحضاري أن الانبهار بالغرب وحضارته والذي تتبناه بعض آليات العولمة يعمق الإحساس لدى الفرد بالفرق بين الغرب والعرب والعمل على أضعاف الهوية والأصالة لديهم واتفقوا على مساهمة المسرح المدرسي في توضيح مدى مساهمة العولمة من خلال تقنياتها بتعميق هذه الحالة وضرورة التوعية لها. 8- محور البعد الديني: أجمع المختصين بضرورة التوعية من خلال المسرح المدرسي على أن الاستخدام المفرط لتقنيات العولمة والمتمثلة بالثورة المعلوماتية ونشر الثقافة الغربية يؤدي إلى تقصير في تأدية الفروض الدينية وأضعاف المعتقدات الإسلامية والتشكيك بالقيم والمعتقدات لدى البعض فضلاً عن تنمية الجانب الطائفي وتعزيزه.
ثانياً: الاستنتاجات: توصل الباحثة إلى عرض مجموعة من الاستنتاجات وهي كما يأتي: 1- ضرورة وضع خطة لإدارة مخاطر تقنيات العولمة من قبل المختصين بالمسرح. 2- تكثيف الأعمال المسرحية المدرسية التي تنبه لمخاطر العولمة. 3- التطرق للآثار السلبية التي ساهمت بها العولمة. 4- التوعية من مخاطر الاستخدام المفرط لتقنيات العولمة والمتمثلة بالثورة المعلوماتية. 5- تقديم العبر والنصح والإرشاد لضرورة الألفة الأسرية والاهتمام بالبنية الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين. 6- توجيه الانتباه إلى ضرورة الاهتمام بالمهارات اللغوية والقراءة والكتابة ومهارات الحساب.
ثالثاً: التوصيات: 1- تشديد الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها لمنع مصادر أثارة العنف والفساد الأخلاقي وحجبها. 2- توثيق العلاقة بين المؤسسات التربوية وأولياء الأمور للعمل على مراقبة التلاميذ ومتابعتهم وتوجيههم الوجهة الصحيحة. 3- اهتمام الأسرة بجو الألفة والتفاهم والزيارات العائلية للتقليل من الإفراط باستخدام اَليات العولمة بشكل سلبي. 4- ضرورة أنشاء المراكز الترفيهية والتربوية لشغل أوقات الفراغ بالنسبة للتلاميذ والأفراد. 5- توجيه العاملين في مجال المسرح المدرسي على ضرورة تكثيف الجهود حول التوعية للحد من هذه الآثار السلبية.
رابعاً: المقترحات أقترح الباحثة الدراسات الآتية: 1- القيم التربوية والمعرفية لمسرح الطفل العربي. 2- الأبعاد الفكرية والإرشادية للمسرح المدرسي العراقي. 3- المرجعيات الإصلاحية ودورها في تنشئة الطفل في فنون المسرح.
قائمة المصادر 1- أحمد زكي: عبقرية الإخراج المسرحي, الهيئة المصرية العامة للكتاب, القاهرة, 1989. 2- باسل يوسف: الجوانب الثقافية عبر الحاسوب وشبكة الانترنت, دار الحكمة, بغداد, 2000. 3- ثامر مهدي: المسرح المدرسي, الموسوعة الصغيرة, بغداد, 1985. 4- حسن مرعي: المسرح الدراسي, مكتبة الهلال للطباعة والنشر, بيروت, لبنان, 2002. 5- عبد الآله بلقريز: العولمة والهوية الثقافية, مركز دراسات العصر العربية, الجزائر, 1997. 6- عبد التواب يوسف: الطفل والمسرح, مجلة الفيصل, العدد 31, 1979. 7- عماد عراك مخلف: اتجاهات الاتصال الدولي الفضائي, رسالة ماجستير (غير منشورة), جامعة بغداد, كلية الآداب, 2001. 8- الفيومي, محمد: التعريف بالحاسوب, دار خزين, الأردن, عمان, 1993. 9- القصاب, عبد الوهاب: المجتمع الناهض وتحديات المعرفة في العصر المعولم, دار الحكمة, بغداد, 2001. 10- الكبيسي, جميل أبراهيم: التربية الفنية أداة فاعلة في عملية التعلم, المركز الثقافي للطباعة والنشر, بغداد, 2013. 11- الكيلاني, نجيب: أدب الأطفال في ضوء الإسلام, مؤسسة الإسراء للنشر والتوزيع, الجزائر, 1991. 12- لطيف أحمد زكي: نظرية العمل في تدريس الفنون, دار المعارف, مصر, القاهرة, 1977. 13- محمد أنقار: قصص الأطفال في المغرب, منشورات العلوم الإنسانية, المغرب, الرباط, 1998. 14- محمد محفوظ: المثقف العربي وتحديات العولمة, المركز الثقافي العربي, لبنان, بيروت, 2001. 15- محمود وحسن إسماعيل: المرجع في أدب الأطفال, دار الفكر العربي, القاهرة, 2004. 16- م.ل, يودين: الموسوعة الفلسفية, ترجمة سمير كرم, دار الطبيعة للطباعة والنشر, بيروت, بدون تاريخ. 17- ناطق خلوص: الانترنت شبكة معلومات العامة, دار الشؤون الثقافية العامة, بغداد, 1999. 18- نبيل علي: الثقافة العربية وعصر المعلومات, سلسلة عالم المعرفة, الكويت, 2001. 19- الهيتي, هادي نعمان: الاتصال والتغير الثقافي, دار الحرية للطباعة والنشر, بغداد, 1987.
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|