عنوان البحث(Papers / Research Title)
ابن هانئ الأندلسي شاعر التشيع
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
عيسى سلمان درويش المعموري
Citation Information
عيسى,سلمان,درويش,المعموري ,ابن هانئ الأندلسي شاعر التشيع , Time 13/07/2019 06:19:45 : كلية العلوم الاسلامية
وصف الابستركت (Abstract)
ابن هانئ الأندلسي شاعر التشيع
الوصف الكامل (Full Abstract)
ابن هانئ الأندلسي ولد محمد بن هانئ الأندلسي سنة هـ / 938 – 973 محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي، أبو القاسم يتصل نسبه بالمهلب بن أبي صفرة.أشعر المغاربة على الإطلاق وهو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق، وكانا متعاصرين. ولد بإشبيلية وحظي عند صاحبها، واتهمه أهلها بمذهب الفلاسفة وفي شعره نزعة إسماعيلية بارزة، فأساؤا القول في ملكهم بسببه، فأشار عليه بالغيبة، فرحل إلى أفريقيا والجزائر.ثم اتصل بالمعز العبيدي (معدّ) ابن إسماعيل وأقام عنده في المنصورية بقرب القيروان، ولما رحل المعز إلى مصر عاد ابن هانئ إلى إشبيلية فقتل غيله لما وصل إلى (برقة). وله في المعز المذكور غرر المدائح ونخب الشعر، يستمد ابن هانئ رؤيته من مجموعة من المبادئ التي يرى فيها ما يمكن أن يحقق طموحه الشخصي ، مع ما يتمتع به من مقومات أدبيه تبدو في أحوالها كافة مسايرةً لما يمكن أن يبزّ مكانته 0 فمع ما يتمتع به ممدوحه من مؤهلات سياسية ودنية وأدبية ، كان مغدقاً في عطائه لهذا الشاعر الذي مثل العقيدة الفاطمية في شعره خير تمثيل ، وكأنه أشبع بمبادئها , فقد غلبت هذه العقيدة طموح الشاعر فما كان جلََ سعيه إلاّ من أجل الانتصار لها , ورأى في شخصيه المعز ما يمكن أنْ يجعل من تلك العقيدة ماثلة أمامه ، وكأنه يكشف في همزيته التي يقول في بعض منها: هو علة الدنيا ومن خلقت له من شعلةِ القبس التي عُرضت على من معدن التقديس وهو سلالة من حيث يقتبس النهار المبصرُ ليست سماء الله ما ترونّها نزلت ملائكة السماء بنصرهِ ولعــــلة ما كانت الأشياءُ موسى وقد حـــارت بــه الظلماءُ من جوهر الملكوت وهو ضياءُ وتشق عن مكنونها الأنباءُ لكنّ أرضاً تحتويه سماءُ وأطاعهُ الإصباح والإمساءُ
هذه هي الرؤية التي يراها في ممدوحه ، والتي تكشف عن انحيازهِ بقلبه وعقلهِ وولائه لتلك العقيدة التي يرى أصحابها أن الإمام والخليفة الشرعي ، هو سبب كلّ وجود ، وأنه الأكمل جسماً ، وروحاً ، وكأنه يبلغ صفات النبي?صلى الله عليه وآله وسلم ? ويبدو أنّ ابن هانيء مصرُّ على رؤيته تلك لأنه يرى أن المعزّ إمام وابن إمام الإمام هو ابن النبي وان الإمامة (( كالنبوة لطف من الله تعالى ، وللإمام ما للنبي من الولاية العامة على الناس 000)) ولاشكّ في أن ما تراه الشيعة في آل البيت يرتقي إلى مستوى روحي عظيم يجعل منهم مثابة تلتقي عندها ، كلّ القيم العليا التي يحاول أن يتمثلها الإنسان 0 ومن دون شكّ ، إنّ ابن هانيء على ما يبدو ، ليس جديداً على هذا المذهب ، فقد ((كان من ثمرات دعاية الفاطميين { 000} قضى فترة من فترات شبابه في الأندلس ثمّ طرد منها حين عرف اتجاهه الفاطمي)) لذلك كانت فكرة الإمامة وأهمية الإمام الصورة الأكثر اهميّة في نظر ابن هانيء ، نظراً للخصائص التي تقوم على أساسها تلك الشخصّية 0 لقد مدح ابن هانيء المعزّ في قصائد عديدة ، أظهر فيها بجلاء أثر العقيدة الفاطميّة ، وأطلق الصفات التي تنحو في أحيان منحىً غير طبيعي ، فهو يرى أنّ ممدوحه: إمام رأيت الدين مرتبطاً به أرى مدحه كالمدح لله أنه ويارازقاً من كفّه نشأ الحيا
فطاعته فوزٌ وعصيانه خُسرُ قنوت وتسبيح يحطّ به الوزرُ و إلاّ فمن أسرارها نبع البحرُ
فالإمام صنو الإيمان أو يكاد يكون هو الإيمان نفسه ، فإذا ما كان الإنسان مطيعاً بالإيمان فهو فائز لا محالة ، لذلك كان من الواجب على ابن هانئ أن يجعل طاعتِهَ للإمام كالطاعةِ لله وأن طاعة الله مرتبطة بطاعة الإمام ، لأنّ الإمام كما يراه ، هو سبب الحياة ، ومنبع كلّ شئ حيّ 0 ويتضح لنا أنّ هذا اللون من المديح ناتج عن الملاءمة بين النوازع الذاتيةّ وبين الخارج المتمثل بالممدوح وما يؤمن به ، ومع إشارتها إلى بعض المعتقدات التي يؤمن بها الشيعة في الإمامة وتفضيل أهل البيت فإنها تنحو في أحيان كثيرة منحىًِ باطنياً في النظر إلى الأمور ، ولا تتقيد بالشكليات 0 وعلى العموم فإنَّ الفكرة التي ينفذ منها ابن هانيء إلى هذا النوع من المديح ، إنما ترتبط أساساً بقرابة المعزّّ من النبي أو ليس هو المقول فيه : وعلّمت من مكنون علم الله ما لله منك سريرة لوأُعلِنتْ لو كان أعطى الخلق ماأوتيته لولا حجاب دون علمك حاجز لو لم تكن سبب النجاة لأهلها لو لم تعرفْنا بذاتِ نفوسِنا
لم يؤت جبريلاً وميكائيلا أحيا بذكره قاتلٌ مقتولا لم يخلق التشبيه والتمثيلا وجدوا إلى علم الغيوب سبيلا لم يغن إيمان العباد فتيلا كانت لدينا عالماً مجهولاً
فعلم الإمام كما يقول ابن هانيء هو علم ربّاني ، لأنّ الأئمة ? عليهم السلام ? هم ورثة علم الرسول ?صلى الله عليه وآله وسلم ?، وبما أنَّ علم الرسول رباني ، فعلمهم كذلك. يتحدد مستوى الأداء الشعري لهذه الأبيات مع ما تحمله من قيم مطلقة ، وُصف بها المعزُّ بأنها تنحو منحىً تخيلياً بني في بعض أركانه على أسس عقدتّه ، استلهمها الشاعر من أصول العقيدة الإسماعلية ، ووظفها توظيفاً ذا قيم فنيةَّ ، جعلت من الممدوح يبلغ الصفات الإلهيّة ، اذا تحد فيها الخيال مع الواقعية والعاطفة مع الموضوع ، عاكساً جوهر تلك العقيدة ، بصورة تبدو مبالغاً فيها وكأن الشاعر قد استغنى عن كلّ شي لأنه بين يدي المعز، حيث جسد المعنوي في صورةٍ معتمدةٍ على التضاد باستعماله لو ثلاث مرات وهي أداة شرط يتوقف تحقق جزائها على لقد أثبت أشياء معنويةًّ لكنها ظهرت كقيمة معتمدة على التجريد ، فنقل المعنوي إلى شيء معنوي آخر ، قد ارتبط بواقع ماديّ نشاهد حركته ونلحظ سعيه 0 ((فالمعزّ)) علمه إلهي و ((المعزّ)) سبب النجاة من العذاب و((المعزّ)) سبب المعرفة بالنفس لأنه إمام ، والإمام (( إلهي الذات سرمدي الحياة ، ولو لم يتأنس بالحدود والصفات لما كان للخلق إلى معرفتِهِ وصول ، فهو شمس فلك الدين ، وآية الله في السموات والأرض ، و به صلاح العالم بأسرهِ 00)) ثمّ أنَّ هناك من الدلائل التي تستند إليها العقيدة الفاطميّة أنها ترى في الإمام سبيل الخلاص من عذاب الآخرة 0 ويقول فيه أيضاً : يفديك شهر صيامنا وقيامنا فيه تنـزّل كلّ وحيٍّ منْزَلٍ فتطول فيه أكفّ آلِ محمد مازلت تقضي فرضه وأمامهُ لا تسألن عن الزمان فإنّهُ ثمّ الشهور له بذاك فداء فلأَ هل بيت الوحي فيه ثناءُ وتغلُّ فيه عن الندى الطلقاء ووراءه لك نائل و حباءُ في راحتيك يدور كيف تشاءُ
الخصوصيّة التي يمنحها الشاعر لممدوحه هنا تعبر عن حقائق يسترسل فيها وكأنها محطات تستوقف الأداء الشعري ينهل منها ، لتكون عبارة عن عوامل متضافرة تحدد خصائص الممدوح من جهة ومن جهة أخرى تعبر عن نزعات وجدانية تؤثر في وجدان الممدوح ، وتحرك الحقائق الإنسانية التي كانت عبارة عن تراكمات لها سياق ماديّ حقق حضوره في شخصيّة الممدوح 0 فالرؤية هنا تنطلق من مجموعة من الخصائص التي يتصف بها آلُ بيت النبوة ? عليهم السلام ? لتحقق حضورها في شخصيَّة الممدوح ، أو قد تنطلق منه في الوقت نفسِهِ لتعبرّ عن ذلك الحضور الذهني الممتدًّ في سياق الحدث التاريخي الذي ينبي عن صفاتهم ويقول : هذا الشفيع لأُمّة يأتي بِها هذا أمين الله بين عباده ِهذا الأغر الأزهر المتألق المـ فعليَهِ من سيما النبي دلالةٌ ورث المقيم بيثربٍ فالمنبر ال وجد ودهُ لجدودها الشفعاءُ وبلاده إن عُدّت الأمناءُ تدفق المتبلجُ الوضاءُ وعليه من نورِ الإله ضياءُ أعلى له والترعة العلياءُ
لا يتعامل الشاعر مع ممدوحهِ على أساس أنه حاكم فقط وإنما هناك ثوابت ذاتيّة تطرح نفسها في ساحة التجربة المديحيّة ، يشترك فيها الممدوح والمادح ، حملّت الشاعر أن ينهج منهجاً عقدياً في وصف ممدوحهِ فإطلاقه لصفة (الشفيع) و(أمين الله) ، وتشبيههُ بالنبي الأعظم ? صلى الله عليه وآله وسلم ? في البيتِ الثالث خلق مساحة أخرى من التطلع لا يريد الشاعرُ من خلالها أن يتباهى بممدوحه على سبيل الذاتيّة المحضة وإنّما حرصاً على تنمية الروح الجماعيّة مستمداً رؤيته تلك من مجموعة من الخصائص التي امتاز بها المعزّ فهو ورث النبي في الشبهِ ، و الخلافة ، والشفاعة ، لذلك فإنّ تكرار اسم الإشارة ((هذا)) أربع مرّات أنّما يعكس مدى اهتمام الشاعر بإبراز صفاتِ ممدوحه ، وتعزيز تلك الصفات في ذهن المتلقي ليرسم صورة معكوسةً عن الصورة التي تسيطر على أعماقه ، فكأنّ التكرار (( أحد الأضواء اللاشعورية التي يسلطها الشعر على أعماق الشاعر فيضيؤُها بحيث نطلع عليه)) ويرى ابن هانيء أن المعز (وارث الأرض ) عن النبّي وعن علي المرتضى وأنهم انمازوا من غيرهم على وفق اعتبارات خصهم بها الله سبحانه وتعالى فقد نال آدمُ بهم العفو من ربّ العزّة عندما عصى : لآدم من سرّكم موضعٌ بهِ استوجب العفوَ لما عصى
إذ يستنبط ابن هانيء فكرة هذا البيت من الحديث المنقول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ? فعن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، قال : سُئِل النبي ? صلى الله عليه وآله وسلم ? عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربّه فتاب عليه ، قال سأله ((بحقّ محمدًّ وعليًّ و فاطمة والحسن والحسين إلاّما تبتَ عليّ)) ، فتاب عليه 0 وله في صفة الخيل: وصـواهـل لا الـهـضـب يوم مـغــارهـــا هضـب ولا الـبـيد الــحـــزون حـــزون عرفـت بـسـاعة سـبـقـهـا، لا أنـــهـــا علـقـت بـهـا يوم الـــرهـــان عـــيون
وله أيضا: والله لولا أن يسفهني الـهـوى ويقول بعض القائلين تصابـى
لكسرت دملجها بضيق عناقـه ورشفت من فيها البرود رضابا
وفي هذا دلالة على علو درجته وحسن طريقته. وديوانه كبير، ولولا ما فيه من الغلو في المدح والإفراط المفضي إلى الكفر لكان من احسن الدواوين، وليس في المغاربة من هو في طبقته :لا من متقدميهم ولا من متأخريهم، بل هو أشعرهم على الإطلاق، وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة، وكانا متعاصرين، وإن كان في المتنبي مع أبي تمام من الاختلاف ما فيه. وقال ابن خلّكان عند ذكره ديوانه :« وليس في المغاربة من هو في طبقته لا من متقدّميهم ولا من متأخريهم بل هو أشعرهم على الإطلاق ، وهو عندهم كالمتنبي عند المشارقة وكانا متعاصرين ... ولولا ما فيه ( أي ديوانه ) من الغلوّ في المدح والإفراط المفضي إلى الكفر ، لكان ديوانه من أحسن الدواوين » .كان ابن هاني معجباً بالمتنبي ، ولكنه أنكر عليه النبوّة ، وكان مثله « يفرط في المغالاة حتى يجاوز الحقائق المعقولة في الدنيا » وهو مثله يتغزّل بالبدويات الحسان ، غزلاً ضعيف العاطفة . ولا تظهر في شعره إلا عاطفته الدينية ، وخصوصاً الشيعية الإمامية ، فهي تحتدم في مدحه حتى ليتضاءل عمل العقل معها ، فإذا هو يغالي مغالاة مستنكرة ، فيحمله اعتقاده بالحلولية على أن يجعل المعزّ « إلهاً » ويسوقه غلوّه إلى أن يجعل شسع نعل أبي الفـرج الشيباني « عدنان وما ولدت » .وكان ابن هاني يُعنى باللفظ أكثر من عنايته بالمعنى ، فيعتمد الألفاظ الكثيرة الجلبة والقعقعة وهذا ما جعل أبا العلاء المعرّي يقول حين سمع شعره : « وما أشبهه إلا برحى تطحن فروناً لأجل القعقعة في ألفاظه » يزعم بذلك ، على حدّ قول ابن خلكان : أن لا طائل تحت تلك الألفاظ .ويرى ابن خلكان : « أنّ أبا العلاء لم ينصف الشاعر بهذا المقال الذي حمله عليه تعصّبه للمتنبي » غير أنه قبّح شعره لما فيه من الكفر وفساد العقيدة . وليس في هذا التقبيح ما يضير الشاعر لأن الفنّ الجميل لا يقاس على صحة العقائد وصلاح الشعر ، فلا يمسّ الكفر وفساد العقيدة جوهر الشعر بشيء . وقد اختلف المؤرخون والأدباء فيه ، فمنهم من أنكروا عليه الاختراع والتوليد إلا فيما ندر ، كابن رشيق ، ومنهم من مدحوا شعره وأبدوا إعجابهم ببدائعه وبما اخترع وولّد ، ولا ينعون عليه « إلا كفره وتجرّده من الدين » كالفتح بن خاقان فقد قال فيه : « علق خطير : وروض أدب نضير ، غاص في طلب الغريب ، حتى أخرج درّه المكنون ، وبهرج بافتنانه فيه كلّ الفنون ، وله نظم تتمنى الثريا أن تتوّج به وتقلّد ، ويودّ البدر أن يكتب فيه ما اخترع وولّد » .وعلى أن ابن هاني أندلسي ، لا نرى له شيئاً يذكر في وصف الطبيعة الذي هو من خصائص الشعر الأندلسي . وكان كالمتنبي في الاحتفال بالحكمة وضرب الأمثال ، ولكنه لم يجاره ، وجاءت حكمة ساذجة ، قائمة في أكثرها على شكوى الدهر وذكر الموت والتحذير من الدنيا الغرور . ولم يكن له يد في وصف المعارك كأبي الطيّب وإنما أجاد في وصف السفن ، وتأثير وقع نيرانها في العدو .ومن خصائص شعر ابن هانئ: 1-قوته البيانية والتعبيرية التي خدم بشعره فيها الخلفاء الفاطميين بنشر فتوحاتهم وإشاعة محامدهم خدمة بليغة، وذلك لكونه قابضاً على عنان الكلام يصرفه حيث يريد. 2-معاني شعره سهلة خالصة من التعقيد، غير غامضة بحيث تتمثلها النفس بسرعة، ويتلقاها الذهن بأدنى تأمل، وهذه الخاصة في قصائده جميعها. والتعقيد الذي صبغ شعره إنما ناجم عن إكثاره من الغريب في الألفاظ الحواشي منها. 3-جزالة شعره، وقوة أسره، وحسن سبكه. 4-خلو شعره من التكلف وبعده عن الاستعارات البعيدة والتشبيهات غير المأنوسة شأن شعراء الجاهلية. 5-تعلق كلام شعره بإشاعة الدين، ولأجل هذا في أكثر أبياته هناك الكثير من الاقتباس (من الآيات القرآنية(.
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|