عنوان البحث(Papers / Research Title)
توجيه القراءات القرآنية عند ابن إدريس الحلي (ت598هـ)
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
رياض رحيم ثعبان المنصوري
Citation Information
رياض,رحيم,ثعبان,المنصوري ,توجيه القراءات القرآنية عند ابن إدريس الحلي (ت598هـ) , Time 21/07/2019 15:24:12 : كلية العلوم الاسلامية
وصف الابستركت (Abstract)
يبين البحث جانبا مهمة من جوانب توجيه القراءات القرآنية عند ابن إدريس الحلي
الوصف الكامل (Full Abstract)
توجيه القراءات القرآنية عند ابن إدريس الحلي (ت598هـ) Directing Quranic readings When Ibn Idris al-Hali (d. 598 e)
م.د علي سعيد جاسم مديرية تربية بابل M.D. Ali Saeed Jasim Teach Minstery of Babylon
م.د رياض رحيم ثعبان كلية الدراسات القرآنية جامعة بابل M.D. Reyadh Raheem Thuban Al-Mansoori College of The Studies of Quran/ University of Babylon ? خلاصة البحث لا يخفى على القارئ ما للقراءات القرآنية من أهمية كبيرة وأثر عظيم في الدراسات اللغوية، لكونها أحد مصادر السماع الرئيسة، وقد اهتم العلماء بها وأولوها عنايتهم، ومن مظاهر الاهتمام العناية بتوجيه هذه القراءات، ومن العلماء الذين وجّهوا القراءات القرآنية ابن إدريس الحلي هذا العالم النحرير الذي سبر أغوار العربية وخاض في غمارها، وقد جمعنا توجيهات هذا العالم من مظانها وعرضناها في هذا البحث بصورة مسائل متتابعة، ذكرنا في كل مسألة منها توجيه ابن إدريس، وعقدنا الموازنة بين توجيهه وتوجيهات من سبقه من العلماء؛ لغرض الوقوف على مقدار الشبه والاختلاف والأثر والتأثر. ثم أشرنا إلى توجيهات العلماء الذين جاؤوا بعده ممن كانت توجيهاتهم قريبة من توجيهه. وتبيّن أن تطبيقات ابن إدريس العملية للتوجيه تشهد له بالبراعة وطول الباع، فهو يذكر أصوب التوجيهات ويعضدها بحجج مقنعة، وقد أفاد في قسم منها ممن سبقه، إلا أنّه انماز برقي العرض وجمال السرد، ديدنه التيسير على من قرأ. وقد أجاد أيما إجادة في عرض آراء من سبقه، ولم يكتف بالعرض بل ناقش تلك الآراء، وضعّف ما يدخله الوهن منها، وأيّد ما يستحق التأييد، وشفع مناقشته بأدلة مفحمة وحجج متينة.
Search Summary It is clear to the reader what the Quranic readings of great importance and great wealth in the linguistic studies, because it is one of the sources of the main hearing, and was concerned with the first and the first attention, and the attention to care to guide these readings, and scientists who directed readings Ibn Idris al-Hali this liberal world We have collected the guidance of this world from its manifestations and presented it in this research in the form of sequential questions. We mentioned in every issue the guidance of Ibn Idris, and we held the balance between his guidance and the guidance of his predecessors, in order to determine the amount of similarity, difference, Affected. We then refer to the guidance of the scientists who came after him who were guided close to directing It turns out that the applications of Ibn Idris the process of guidance testify to him brilliance and length of the sale, he mentions the most correct directions and equipped with convincing arguments, has reported in some of the previous ones, but it is Emmaz Barqi offer and the beauty of his narrative, Didanh facilitation of those who read. He has been proficient in presenting the opinions of his predecessors. He has not only offered but discussed these views, and the weakness of his weakness, supported what is worthy of support, and combined his discussion with compelling evidence and solid arguments. المقدمة بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، مُنَّزِلِ القرآنِ الكريمِ على صدرِ الصادقِ الأمينِ، وباعثِ نبيِّ الرحمةِ محمّدٍ خاتمِ الرسلِ والنبيين، صلى اللهُ عليه وعلى آله أجمعين، ورضوانُ اللهِ تعالى على مُتَّبِعِهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. إنّ القرآن الكريم ليسَ كتاباً يُتعبّدُ بتلاوتِهِ فحسب، بل هو دستور للحياة بكل تفاصيلِها، ولا شكَّ في أنّ اختلافَ قراءاتِهِ وأداءِ كلماتِهِ له أهميةٌ كبيرةٌ اكتسبَها من أهميةِ النصِّ، ولا سيما أنّ هذا الاختلافَ في الألفاظِ والأصواتِ والحركاتِ مرتبط ارتباطًا شديدًا بطريقة أداء هذا النص وطريقة نطقه -وإنْ كان القرآن الكريم والقراءات القرآنية حقيقتان متغايرتان- هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى تمثّلُ القراءاتُ نصًّا عربياً قديماً، وتتوقفُ على حجيتِها وتواترِها فصاحةُ ما وردَ فيها من ألفاظٍ وتراكيبَ وأصواتٍ، فإذا ثبتتْ صحةُ القراءةِ وحجيتُها ثبتتْ تبعاً لذلك فصاحتُها وسلامتُها اللغوية؛ ممّا يجعلنا قادرين على القياس عليها ومحاكاتها في استعمالاتنا اللغوية الفصيحة. وإذا ثبت أنها خاضعة للاجتهاد والخطأ والصواب لم يمكن الاطمئنان إلى فصاحتها. والباعث إلى الخوض في غمار هذا الموضوع توجيهات ابن إدريس للقراءات القرآنية، ووقفاته العميقة المتأنية عندها، فضلًا عن شخصية ابن إدريس الحلي (ت 598 هـ)، وهو محمد بن منصور بن إدريس العجلي الحلي، كان شيخ الفقهاء بالحلة، متقنا في العلوم، كثير التصانيف( ). وقد اقتضت طبيعة البحث أن يُرتب بصورة مسائل متتابعة، ذكرنا في كل مسألة منها توجيه ابن إدريس، وعقدنا الموازنة بين توجيه ابن إدريس وتوجيهات من سبقه ومن جاء بعده؛ للوقوف على مقدار الشبه والاختلاف. وختمنا بحثنا هذا بمجموعة من النتائج، من شأنها أن تسلط الضوء على ما ضمّه البحث، وما توصلنا إليه. وذكرنا بعدها أهم المصادر والمراجع التي رجعنا إليها مما ورد ذكره في هوامش الكتاب.
توجيه القراءات القرآنية مفهوم التوجيه التوجيه لغةً: توجيه الشيء جعله على جهة فيستقيم، والأصل في الوجه المقابلة، قال ابن فارس (ت 395 هـ): (( الواو والجيم والهاء : أصلٌ واحد يدلّ على مقابلةٍ لشيء ... ووجَّهتُ الشيء : جعلته على جهةٍ))( )، ووَجَّهَ الأمر: جعل له تدبيرًا من جهة أخرى إذا لم يستقم على جهته( ). فهو تقليب الأمر حتى يستقيم له وجه حسن، ((وأصل هذا في الحجر يوضع في البناء فلا يستقيم، فيُقلَبُ على وجه آخر فيستقيم)) ( )، وهذا ما يحدث مع القراءة ورواية الشعر، فالموجه يقلّب النص الذي أمامه حتى يستقيم. التوجيه اصطلاحا التّوجيه بوصفه مصطلحاً من مصطلحات علم القراءات لم نجد له ذكراً عند متقدمي العلماء ومتأخريهم، على الرّغم مِن ?ستعمالهم للفظ التّوجيه والوجه، وما شاكلهما، وعند الاطّلاع على ?ستعمالات القدماء لألفاظ التوجيه يتّضح أنْ ?ستعمالهم لها لا يبتعد كثيراً عن الدّلالة المعجميّة والقرآنيّة، ويبدو للباحثين أنّ توجيه القراءة القرآنيّة يُراد به بيان أنّ القراءة لها وجه في العربيّة يوافق ضوابط اللغة، فيُقال على سبيل التّمثيل: توجيه القراءة كذا وكذا، أو وجهها كذا وكذا؛ لإثبات موافقتها لسنن العرب في كلامها، وعدم خروجها عن أحكام اللغة العربية. وإنْ لم يستقم التوجيه من جهة يصار إليه من جهة أخرى ( ).
توجيه القراءات القرآنية عند علماء الحلة بعد البحث والتفتيش وجدت أنّ علماء الحلة لم يبيّنوا معنى التوجيه عموماً أو معنى أحد أقسام التوجيه اللغوي بَيدَ أننا نجد بين ثنايا كتبهم توجيهات لقراءات عدة أجادوا فيها التطبيق على الرغم من إهمالهم الجانب النظري للتوجيه، فالتطبيقات العملية للتوجيه مبثوثة في كتبهم في مواضع كثيرة تشهد على براعتهم، وطول باعهم، ودقة عنايتهم، ولطف صنعتهم( ). وقد وجّه علماء الحلة القراءات القرآنية في مواضع عدة، ومن أبرزهم وأسبقهم ابن إدريس الحلي الذي سنتناول توجيهاته في هذا البحث. توجيهات ابن إدريس الحلي (ت 598 هـ) وجّه ابن إدريس القراءات القرآنية في مواضع عدّة، أفصحت عن علم جمّ واطلاع واسع على علوم العربية، ومن توجيهاته: 1. في قوله تعالى: ?فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء? [سورة البقرة / 31] اختلف القراء في قراءة (أَنبِئُونِي) ( )، قال ابن إدريس: ((أكثر القراء بهمز، ورُوي عن الأعمش ترك الهمزة فيه، وهي لغة قريش)) ( )، وأحال ترك الهمزة فيها إلى لهجة قريش، وأراد بهذا أن يثبت صحة القراءة إذ إنها جرت على وفق لهجة فصيحة من لهجات العرب، والقراءة منسوبة أيضا إلى أبي جعفر( ). فالاختلاف حاصل بين الهمز والتسهيل، كما اختلفت اللهجات، فمنهم من أجرى على الهمزة أحكام التخفيف؛ للاقتصاد في الجهد المبذول عند نطقها؛ ((لأنها نبرة في الصدر تخرج باجتهاد، وهي أبعد الحروف مخرجاً، فثقل عليهم ذلك؛ لأنه كالتهوّع))( )، وبسبب صعوبة النطق بالهمزة وثقلها ((مالت كل اللهجات السامية إلى التخلص منها في النطق))( )، وانتقل التخلص من الهمز من اللغة السامية إلى عدد من اللهجات العربية ولا سيما الحضرية( )، فنجد أهل الحجاز وأهل المدينة والأنصار يميلون إلى التخلص من الهمز فضلاً عن القبائل (غاضرة، وهذيل، وقريش، وكنانة، وسعد بن بكر)، في حين مالت إلى الهمز القبائل (تميم، وتيم الرباب، وغني، وعكل، وأسد، وعقيل، وقيس، وبنو سلامة من أسد)( ). ويرى الدكتور إبراهيم أنيس أن اللغة العربية النموذجية جاءت بالهمز( ). نلاحظ في كلمة (أنبِئُوني) أن الهمزة مضمومة مسبوقة بكسرة، وتقتضي قواعد تخفيف الهمز أن يكون تخفيف مثل هذه الهمزة بجعلها همزة بين بين( ). ولكن سرعان ما نتفاجأ عندما نجد أن الأعمش حذف الهمزة بدلاً من أن يجعلها همزة بين بين، ويبدو أن مرد هذا إلى وقوع الواو بعدها، والواو صوت ثقيل، واجتماع الواو مع ما يشبه الواو –أعني الهمزة التي بين الهمزة والواو- يزيد الثقل، فكأنه بمنزلة اجتماع صوتي واو. 2. في قوله تعالى: ?لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً? [سورة البقرة / 236] اختلف القراء في قراءة (تَمَسُّوهُنَّ)( )، قال ابنُ إدريس: ((ومَن قرأ (تَمَسُّوهُنَّ) بلا ألف؛ فلقوله تعالى: ? وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ? [سورة مريم / 20]، فإنّه جاء على (فَعَل)، وكذلك قوله: ?لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ? [سورة الرحمن/ 56 ، 74]، ومَن قرأ (تماسوهنّ) بألف، فلأن (فاعَلَ)، و(فَعَلَ) قد يُراد بكل واحد منهما ما يُراد بالآخر، نحو: طارقت النعل، وعاقبتُ اللص، ولا يلزم على ذلك في آية الظهارة مِن قبل أن يتماسا؛ لأنّ المماسة محرمة في الظهار على كلّ واحد من الزوجين للآخر، فلذلك لم يجز إلاّ قبل أن يتماسا))( ). فهو يرى أن المراد بالقراءتين معنى واحد، وأن فاعَلَ وفَعَلَ، أي (ماسَّ) و(مسّ) دلالتهما ههنا واحدة على خلاف دلالة ماسّ في آية الظهار، ففيها يُراد امتناع المماسة من الطرفين (الزوج والزوجة). وهي التفاتة دقيقة غرضها التفريق بين الصيغتين الصرفيتين (فَعَلَ) ، و(فاعَلَ). ولتوجيه ابن إدريس أصل عند الفراء (ت 207 هـ)، إذ قال: ((تماسوهن وتمسوهن واحد، وهو الجماع، المماسة والمس))( )، فهو يذهب إلى اتحاد المعنى. وفي حقيقة الأمر أن زيادة المبنى تؤدي –غالبًا- إلى زيادة المعنى، واختلاف المعاني هنا غير موجب اختلافًا في الحكم، فإذا قيل له: مسست زوجتي، يعني هذا أنّ الممسوسة قد لاقى من بدنها بدن الماس، مثل ما لاقاه بدن الماس من بدنها. فكل واحد منهما ماس للآخر، وممسوس منه( )، فالحكم واحد وإن اختلفت تفصيلاته. وللسمرقندي (ت 373 هـ) إيضاح لطيف لهذه المسألة، إذ يقول: ((قرأ حمزة والكسائي (تَمَاسُّوهُنَّ) بالألف من المفاعلة، وهو فعل بين اثنين، وقرأ الباقون بغير ألف، لأن الفعل للرجال خاصة))( )، وعند التأمل في النصوص القرآنية التي وردت فيها اللفظتان نجد ما يعضد قوله، فالمس ورد حيثما أُريد أن يكون من جهة الرجال فقط، والمماسة وردت حيثما أُريد لها أن تكون من الطرفين، أي إفادة المشاركة، أي تشاركا في رغبة الجماع والمبادرة إليها. فهي على نحو: (قَتَلَ)، و(قاتَلَ). وقد وردت المماسة في موضعين فقط، وذلك في قوله تعالى: ?وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ? [سورة المجادلة3]، وقوله تعالى: ?فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً? [سورة المجادلة/ 4]. وصفوة القول أنّ توجيه ابن إدريس له أصل عند علماء سبقوه، إذ ورد عند الفراء، والطبري (ت 310 هـ)، والسمرقندي (ت 373 هـ)، والثعلبي (ت 427 هـ)، وابن عطية (ت 542 هـ). ونحا هذا المنحى في توجيه القراءتين عدد من المتأخرين، منهم: الفخر الرازي (ت606هـ): وأبو البقاء العكبري (ت 616 هـ)، والقرطبي (ت 671 هـ)، وأبو حيان الأندلسي (ت 745 هـ)، والسمين الحلبي (ت 756 هـ)( ). 3. في قوله تعالى: ?لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ? [سورة المائدة/ 89] اختلف القراء في قراءة (عَقَّدتُّمُ)، قال ابن إدريس: ((قرأ (عاقدتم) بالألف ابن عامر، و(عَقَدتُّمُ) بلا ألف مع تخفيف القاف حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم، الباقون بالتشديد. قال الحسين بن علي المغربي?: في التشديد فائدة، وهو أنّه إذا كرّر اليمين على محلوف واحد، فإذا حنث لم يلزمه إلاّ كفارة واحدة، وفي ذلك خلاف بين الفقهاء، والذي ذكره قوي. ومَن قرأ بالتخفيف جاز أن يريد الكثير من الفعل والقليل، إلاّ أنّ فعّل يختص بالكثير، كما أنّ الركبة تختص بالحال التي يكون عليها الركوب. فأمّا قراءة ابن عامر فتحتمل أمرين: أحدهما أن يكون (عاقدتم) يُراد به (عقّدتم) كما أنّ عافاه الله، وعاقبت اللص، وطارقت النعل بمنزلة فعلت))( )، فهو يستحسن التشديد؛ لأنّ (فعّل) يختصّ بالكثير، والتخفيف جاز فيه الكثير والقليل. والقراءة بالتخفيف عند غيره أولى القراءتين بالصواب في ذلك؛ وذلك أنّ العرب لا تكاد تستعمل (فعَّلت) في الكلام، إلا فيما يكون فيه تردُّدٌ مرة بعد مرةٍ، مثل قولهم: شدَّدت على فلان في كذا، إذا كُرِّر عليه الشدّة مرة بعد أخرى. فإذا أرادوا الخبر عن فعلِ مرّة واحدةٍ قيل: شَدَدت عليه، بالتخفيف( ). ولتوجيه ابن إدريس أصل عند غيره، وإنْ اختلفت عباراتهم( ).
4. في قوله تعالى: ?وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ? [سورة الأنعام / 105] اختلف القراء في قراءة (دَرَسْتَ )، قال ابن إدريس: ((قرأ ابن كثير، وأبو عمرو (دارست) بألف وفتح التاء، الباقون بلا ألف (دَرَسْتَ) بفتح التاء. أصل الدرس استمرار التلاوة. قال أبو علي النحوي: مَن قرأ (دارست) معناه دارست أهل الكتاب وذاكرتهم))( ). فمن قرأ (دَرَسْتَ) قصد استمرار التلاوة، ومَن قرأ (دارستَ) قصد المذاكرة ومدارسة أهل الكتاب. ويبدو أنه أفاد من قول الفراء: ((وقرأ بعضهم (دارست) يريدُ: جادلت اليهود وجادلوك. وكذلك قَالَ ابن عباس. وقرأها مُجَاهد (دارَسْت) وفسَّرها: قرأت على اليهود وقرءوا عليك. وقد قرئت (دُرِسَتْ) أي: قُرِئت وتليت. وقرءوا (دَرُسَتْ) وقرءوا (دَرَسَتْ) يريد: تقادمت، أي هَذَا الَّذِي يتلوه علينا شىء قد تطاول ومرّبنا))( )، فدارست بمعنى ذاكرت أهل الكتاب ودارستهم( )، وهو يحملمعنى المشاركة، و(دَرَسْتَ) أي: قرأتَ الكتب( ). قال الزجاج (ت 311 هـ): ((وقوله: ?وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ?. فيها خمسة أوجه، فالقراءَة (دَرَسْتَ). بفتح الدال وفتح التاءِ ومعناه: وليقولوا قرأت كتُبَ أهل الكتاب، وتُقرأ أيضاً (دَارَسْتَ)، أي ذاكرت أهل الكتاب. وقال بعضهم: (وليقولوا دَرَسَتْ) أي هذه الأخبارَ التي تَتْلُوهَا عَلَينَا قديمة قد دَرَسَتْ، أي قد مضت وامَّحَتْ))( )، وعلى هذا غير واحد من العلماء( ). وزاد عليهم النحاس أنّ ((مَن قرأ (دَرَسَتْ) فأحسن ما قيل فيه: إنّ المعنى ولئلا يقولوا: انقطعت وامّحت، ... وأحسن ما قيل في (دارستَ): إنّ معناه: دارستنا، فيكون معناه كمعنى (دَرَسْتَ) ))( )، فعنده (دَرَسْتَ) و(دارسْتَ) بمعنى واحد. ويبدو أنّ ابن إدريس قد اطلع على آراء العلماء ممن سبقه، فهو لم يبتعد كثيرًا عما ذكروه، فأكثر التوجيهات ورودًا تذكر أنَّ (دَرَسْتَ) بمعنى قرأتَ، و(دارستَ) بمعنى المذاكرة، أو المجادلة. وإذا ما تتبعنا آراء من جاء بعد ابن إدريس فسنجد أنّ هذا الوجه الذي ذكره قد ورد عند عدد من العلماء الذين جاؤوا بعده، ومنهم: العكبري ( )، والقرطبي ( )، والبيضاوي (ت 685 هـ) ( )، والسمين الحلبي ( ). 5. في آية الوضوء قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ? [سورة المائدة / 6] اختلف القراء في قراءة (أرجلَكم)( )، قال ابن إدريس: ((وقوله: ?وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ? عطف على الرؤوس، فمَن قرأ بالجر ذهب إلى أنّه يجب مسحهما كما وجب مسح الرأس، ومن نصبهما ذهب إلى أنه معطوف على موضع الرؤوس؛ لأن موضعهما نصب؛ لوقوع المسح عليها، وإنّما جرّ الرؤوس لدخول الباء الموجبة للتبعيض على ما بيّناه، والقراءتان جميعاً تفيدان المسح على ما نذهب إليه))( )، فالقراءتان تدلان على معنى المسح عنده بالعطف على الرأس في كلتا القراءتين، مرة على اللفظ، ومرة على المحل. وقال في موضع آخر: ((فأمّا مَن قال: الرجلان ممسوحتان ويُراد بالمسح الغسل، فقول يبطل بما بيّناه من أن المسح غير الغسل ... وقال آخرون: أراد المسح في الحقيقة، ومن قال: القراءة بالجر يقتضي المسح، غير أنّه المسح على الخُفين، فقوله باطل؛ لأن الخف لا يُسمى رجلاً في لغة ولا شرع، والله تعالى أمر بإيقاع الفرض على ما يُسمى رجلاً على الحقيقة. وأمّا القراءة بالنصب، فقد بيّنا أنها معطوفة على موضع الرؤوس؛ لأنّ موضعها النصب، والحكم فيها المسح، والعطف على الموضع جائز؛ لأنهم يقولون لست بقائم ولا قاعداً ... وعطف الأرجل على الأيدي لا يجوز؛ لأن الكلام متى حصل فيه عاملان قريب وبعيد لا يجوز إعمال البعيد دون القريب مع صحة حمله عليه. لا يجوز أن يقول القائل: ضربتُ زيداً وعمراً، وأكرمتُ خالداً وبكراً. يريد بنصب بكر العطف على زيد وعمرو المضروبين؛ لأنّ ذلك خروج عن فصاحة الكلام ودخول في معنى اللغز))( )، وهو هنا أوصد الباب بإحكام أمام من ذهب إلى أنّ المراد بالمسح الغسل( )، فقوله باطل، وكذلك من ذهب إلى مسح الخف بدلا من مسح الرجل. وقراءة النصب عنده مقبولة من جهة أن العطف على الموضع جائز. فالأمر عنده من باب العطف على الموضع، وهو ما انفرد به، وأثر العقيدة واضح في هذا التوجيه. أمّا العلماء الذين سبقوه فقد تباينت آراؤهم، إذ ذهب الفراء إلى أنّ الغسل سنة( )، وذهب أبو عبيدة إلى أن لفظ (الأرجل) نُصب عطفًا على الأيدي( ). ووافقه الزجاج( ). وذهب الطبري إلى أنّ المسح بمعنى الغسل( ). أمّا عطف الأرجل على الأيدي( ) فهو غير جائز مع صحة عطفها على الرؤوس لفظًا أو موضعًا، وهو في ذلك كله يوظّف قواعد اللغة في إبطال زعم المعاندين. أمّا توجيه قراءة الجر على أنها من العطف من طريق المجاورة( ) فقد ردّه ابن إدريس من قبل أنّ الإعراب بالمجاورة لم يرد في القرآن الكريم، وإنما ورد في ضرورات الشعر ولهجات العرب. ويُزاد على ما تقدم أنّ الإعراب بالمجاورة لا يكون مع حرف عطف، وفي الآية حرف العطف الذي يوجب أن يكون حكم المعطوف حكم المعطوف عليه، وما ذكروه في المجاورة من مثل: جحرُ ضَبٍّ خربٍ، ليس فيه حرف العطف، ثم إن الإعراب بالمجاورة إنما يجوز مع ارتفاع اللبس. أمّا مع حصول اللبس فلا يجوز( ). ممّا سبق يتضح أنّ ابن إدريس أفاد من توجيهات مَن سبقه، واعتمد في توجيه القراءة على قواعد اللغة، وردّ آراء من تعصب للغسل واعترض على المسح، فحججهم كلها قد دخلها الوهن والضعف، فردّها ابن إدريس بأدلة بيّنة مفحمة. ونجد هذا الوجه الذي ذ كره ابن إدريس عند عدد ممّن تلاه من العلماء، إذ ذكره عدد منهم، وعلى رأسهم الفخر الرازي( )، أبو حيان الأندلسي( )، والمقداد السيوري( )، الآلوسي( ). 6. في قوله تعالى: ?يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ? بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ? لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ? وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ? وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ? وَحُورٌ عِينٌ?? [سورة الواقعة / 17 – 22] اختلف القراء في قراءة (وَحُورٌ عِينٌ)( )، قال ابن إدريس: ((فأمّا قوله: ?وَحُورٌ عِينٌ? في قراءة من جرهما فليس بمجرور على المجاورة، بل يحتمل أمرين: أحدهما: أن يكونَ عطفاً على قوله: ?يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ? بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ?? [سورة الواقعة / 17 – 18] إلى قوله: ?وَحُورٌ عِينٌ? عطف على أكواب، وقولهم: إنّه لا يُطاف إلاّ بالكأس غير مسلّم، بل لا يمتنع أن يطاف بالحور العين كما يُطاف بالكأس، وقد ذُكر في جملة ما يُطاف به الفاكهة واللحم. والثاني: أنّه لما قال: ?أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ? فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ?? [سورة الواقعة / 11 – 12] عطف بحور عين على جنات النعيم، فكأنه قال: هم في جنات النعيم وفي مقاربة أو معاشرة حور عين)) ( ) ، فذكر توجيهين لقراءة الجر: أحدهما: العطف على (أكواب) أي بمعنى، يطوف الولدان المخلدون بأكواب وبحور عين، وذهب إلى أن الطواف بالحور مما لا يمتنع. فكأني به أراد أن يرد على من لجأ إلى التأويل هربا من جعل (الحور) مما يُطاف به, لما ?ستقر في أذهانهم من قبح هذا المعنى في الحياة الدنيا. فحملوا الجنة محمل الدّنيا, وظنّوه قبيحاً في الجنة أيضاً, بَيدَ أنّ أحكام الآخرة تختلف عن أحكام الدّنيا, ولعل أدلّ دليل على ?ختلاف أحكام الدّنيا عن أحكام الآخرة, قبح طوفان الولدان بالخمر في الحياة الدّنيا بين المؤمنين, في حين جعله الله ممّا يُثاب به في الجنة, وهو بمثابة الجائزة لهم؛ لتركهم للخمر في الحياة الدّنيا, والله أعلم . والآخر: العطف على جنات، وكأن المعنى المراد: في جنات النعيم، وفي حور عين. وهذا الوجه فيه نظر، من جهتين: الأولى: طول الفصل بين التابع والمتبوع , إذ إن المتبوع ( جنات ) في آية (12), والتابع ( حور ) في آية ( 22 ), وتفصل بينهما تسع آيات, وهذا فيه بُعدٌ، ويفكك أواصر كلام قد ارتبط بعضه ببعض. والثانية : لا يستغني هذا الوجه عن التأويل، إذ لولا التأويل لكان معناه صيرورة (السّابقين) منهن, فأنت عندما تقول: دخلتْ زينب في نساء المدينة, فالمعنى: أنّها صارت واحدة منهنّ, وهذا لا يصح مع جماعة الذكور, ولو جاء في غير القرآن: السّابقون يدخلون على حور عين لجاز؛ لأن معنى (على) غير معنى (في), فيصحّ دخولهم على حور عين, ولا يصح دخولهم فيهنّ، إلاّ إذا حُمِل على التـّأويل . والله أعلم بالصّواب . أمّا العلماء الّذين سبقوا ابن إدريس فقد ?ختلفوا في توجيه قراءة الخفض, إذ قال الفرّاء: ((والخفض على أنْ تـتبع آخر الكلام بأوّله, وإنْ لم يحسن في آخره ما حسن في أوّله, أنشد بعض العرب( ): إذا مَا الغاَنـِيَات بَرَزْنَ يَـوْماً وَزَجَجْـنَ الحَـوَاجبَ وَالعُيُـونَا فالعين لا تزجج إنّما تُكحّل, فردّها على الحواجب؛ لأنّ المعنى يُعرف)) ( )، فجعل (حور) معطوفة على (أكواب), وذهب إلى أنّ الحور لا يصحّ الطّوفان بهنّ كما يصحّ مع الأكواب, غير أنّ (حور) عُطفتْ على الأكواب؛ لوضوح المعنى المراد, فهذا الموضع ممّا لا لبس فيه, ولهذا الوجه ما يقويه, ويعضده من أشعار العرب كأمثال البيت الّذي ?ستشهد به الفرّاء, إذ عطف الشّاعر العيون على الحواجب, مع أنّ العيون لا تزجج, وساغ هذا العطف لوضوح المعنى, إذ يهتدي القارئ الفطن بيسر إلى أنّ المقصود, وكحلن العيون, لا زججنهن. وذكر هذا الوجه بعد الفرّاء عدد من العلماء( ). وقال الطبري: ((اختلف القرّاء في قراءة قوله: (وَحُورٌ عِينٌ) فقرأته عامة قراء الكوفة وبعض المدنيين (وحُورٍ عِينٍ) بالخفض إتباعا لإعرابها إعراب ما قبلها من الفاكهة واللحم، وإن كان ذلك مما لا يُطاف به، ولكن لما كان معروفا معناه المراد أتبع الآخر الأوّل في الإعراب، كما قال بعض الشعراء. إذَا ما الغانِياتُ بَرَزْنَ يَوْما وَزَجَّجْن الْحَوَاجِبَ والعُيُونا فالعيون تكَحَّل. ولا تزجَّج إلا الحواجب، فردّها في الإعراب على الحواجب، لمعرفة السامع معنى ذلك))( ). وقال الزّجّاج : قُرئ بالخفض؛ ((لأنّ معنى )يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ( ينعمون بهذا , وكذلك ينعمون بلحم طير, وكذلك ينعمون بحور عين))( ) ، ويبدو أن الزجاج قد جعل معنى الفعل (يطوفون) بمعنى ينعمون هربًا من إقرار الطواف بالحور، وقريب منه ما ذكره النحاس إذ قال: ((والخفض جائز على أن يُحمل على المعنى؛ لأنّ المعنى ينعمون بهذه الأشياء وينعمون بحور عين، وهذا جائز في العربية كثير)) ( ). ثم ردف حديثه بأربعة من أبيات الشعر العربي تعضد ما ذهب إليه( ). وتابعهما عدد من العلماء( ). وذهب ?بن خالويه إلى وجه يـبدو قريباً لأوّل وهلة من الوجه الّذي ذكره الفرّاء إذ قال: ((والحجة لمن خفض : أنّه أشركهنَّ في الباء الدّاخلة في قوله )يَطُوفُ عَلَيْهِمْ( بكأس من معين , وبحور عين , فقطعهنّ بالواو , ولم يفرّق بين أنْ يُطاف به , وبين أنْ يطوف بنفسه))( ), فجعل الحور معطوفة على الكأس , فهما شريكان في الطّواف, غير أنّ الكأس يُطاف به, والحور تطوف بنفسها, فأُشركا في الطّواف, وغُضَّ النّظر عن الفرق بين طواف هذا وطوف ذاك, فالشّركة في الطّواف لا في طريقته ونوعه, وبهذا خالف الفرّاء في أنّه لم يجعل المعنى على تقدير فعل يلائم المعطوف, وأشرك الانباريّ بين الحور والأكواب في الطّواف من دون أنْ يشير إلى وجود فرق بين الطوافين, ويبدو من ظاهر كلامه أنّه جعل طواف الأكواب وطواف الحور على ضرب واحد( ). وقال السمرقندي: ((قرأ حمزة، والكسائي وَحُورٌ عِينٌ بالكسر عطفاً على قوله: بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ والباقون وَحُورٌ عِينٌ بالضم. ومعناها: ولهم حور عين))( ). وقال أبو علي الفارسيّ : (( ووجه الجرّ أنْ تحمله على قوله : )أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ? فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ( [ سورة الواقعة الآيتان 11 – 12 ] , والتّقدير: أولئك المقرّبون في جنات النّعيم, وفي حور عين, أي: في مقارنة حور عين, ومعاشرة حور عين, فحذفتَ المضاف))( )، فذهب أبو علي إلى أنّ ( حور عين ) معطوفة على ( جنات ) على الرّغم من طول الفصل, وقد ذكر الباحث آنفاً أنّ الدخول في حور العين لا يصحّ , ويـبدو أنّ أبا علي ?لتفتَ الى هذه المسألة؛ فقدّر مضافاً, ليكون المعنى في جنات النّعيم, وفي مقارنة حور عين, أو في معاشرة حور عين , وقريب مِن هذا الوجه ما ذكره بعده عدد من العلماء( ), منهم الزّمخشريّ , وظاهر ما ذهب إليه أنّه يجيز العطف على جنات من غير تقدير مضاف إذ قال: ((كأنّه قال: هم في جنات النّعيم , وفاكهة ولحم وحور))( ). بعد هذا العرض لآراء ابن إدريس ومن سبقه, وتوجيهاتهم لقراءة الخفض, يتّضح أنّ الوجه الأوّل من بين الوجهين اللذين ذكرهما ابن إدريس أعني: (العطف على أكواب) قريب من الوجه الّذي ذكره الفراء والزّجّاج ومَن تابعهما، وانفرد ابن إدريس بتجويز الطواف بحور عين، وكان قريباً مما ذكره بعد ابن إدريس ما ورد عند عدد مِن العلماء( ). والوجه الثاني الذي ذكره ابن إدريس، أعني: (العطف على جنات), كان قريباً إلى حدّ ما من الوجه الّذي ذكره أبو علي الفارسيّ, وهو أكثر قرباً من الوجه الّذي ذكره الزّمخشريّ، وقريب منه ما ذكره بعد ابن إدريس عدد مِن العلماء( ). نتائج البحث بعد صحبة ابن إدريس الحلي العالم المتبحر النحرير، وبعد الاطلاع على توجيهاته توصلنا إلى مجموعة من النتائج، من أهمها: 1. اتضح أن علماء الحلة –ومنهم ابن إدريس- لم يتحدثوا عن التوجيه بوصفه مصطلحًا لغويًّا، ولم يولوا الجانب النظري شطرًا من عنايتهم، ولكن مَن يقلب صفحات كتبهم يجد فيها المزيد من التوجيهات السديدة، وكان ابن إدريس سباقًا في هذا الميدان. 2. تصحُّ القراءة عنده؛ لموافقتها لسنن العرب في كلامها، فيستقيم التوجيه عنده، إذا لم تخرج القراءة عمّا جرت عليه لهجة فصيحة من لهجات العرب. 3. ظهر أنه أفاد ممن سبقه في توجيهاته في مواضع، إلا إنه انماز برقي عرضه وجمال سرده، ديدنه التيسير على من قرأ. وقد أجاد أيما إجادة في عرض آراء من سبقه، ولم يكتف بالعرض بل ناقش تلك الآراء، وضعّف ما يدخله الوهن منها، وأيّد ما يستحق التأييد، وشفع مناقشته بأدلة مفحمة وحجج متينة. 4. وصف بعض التوجيهات بالبطلان؛ لمخالفتها علمه باللغة أو عقيدته، وقد يصف التوجيه بعدم الجواز، وهو في ذلك كله ذهب معللًا.
هوامش البحث
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|