صلاحيات المحافظين وفق دستور العراق لعام 2005 وقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم ( 21 ) لسنة 2008
الدكتور علي هادي حميدي الشكراوي
جامعة بابل – كلية القانون
المقدمة :
أكدت المادة ( 116 ) من الدستور العراقي لعام 2005 على إن النظام الاتحادي في العراق ، يتكون مما يأتي :
أ- العاصمة
.
ب -أقاليم اتحادية ( حالياً فقط إقليم كردستان م 117 )
.
ج- محافظات
.
د- إدارات محلية (*) .
وتتكون المحافظة مما يأتي :
أ - الأقضية .
ب - النواحي .
ج - القرى.
ويعتبر المحافظ بمثابة الرئيس التنفيذي في المحافظة ( م 122-ثالثاً) . و في سبيل أن يؤدي مهامه بصورة أفضل ، لابد له وأن يتمتع بصلاحيات إدارية و مالية و رقابية وغيرها .
ومن الضروري القول إن الواقع العملي يشير إلى المحافظ في أدائه لتلك الصلاحيات ، ربما يواجه العديد من الإشكاليات أو التحديات التي ينبغي إيجاد الحلول أو البدائل الناجعة لمواجهتها بصورة مؤسساتية .
وعليه ، تكمن أهمية هذا الموضوع مما يأتي :
1- معرفة صلاحيات المحافظين ، خاصة وإن العراق يخوض تجربة حقيقية في هذه الممارسة الإدارية – السياسية .
2- ملاحظة مدى كون صلاحيات المحافظين متوافقة مع الدستور النافذ للدولة ، ومع قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم ( 21 ) لسنة 2008 ، وبيان مدى كفايتها .
3- بيان أهم التحديات والمشكلات التي يواجهها المحافظ في ممارسته لصلاحيته في أداء واجبه . ومن ثم إيجاد الحلول اللازمة أو الوسائل الناجعة لتجاوزها .
وتتحدد إشكالية هذا الموضوع في إن صلاحيات المحافظين تختلف من ناحية القوة والتأثير من نظام دستوري لآخر ، فضلاً عن خضوعها لتأثيرات العوامل المساعدة أو المعيقة لممارستها على أرض الواقع .
ويفترض بحث هذا الموضوع ، إن صلاحيات المحافظين تكون أوسع نطاقاً في الدول الاتحادية الفيدرالية مما هو الحال في الدول الموحدة ، خاصة عندما يتكامل تطبيقات كل من اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية الإقليمية .
وتعتبر الإدارة اللامركزية الإقليمية أسلوب يتم فيه توزيع الاختصاصات الإدارية ، على أساس تخويل وحدات أو هيئات إقليمية سلطة صنع واتخاذ القرارات الإدارية اللازمة المُلبِّية لحاجاتها ، والمحققة لمصالحها ، مع الأخذ بنظر الاعتبار رقابة الحكومة المركزية ، الذي يتعين ألاّ يتخطى استقلال تلك الوحدات أو الهيئات الإقليمية الإداري والمالي .
وبالمحصلة العملية يؤدي تطبيق الإدارة اللامركزية الإقليمية إلى تولي الوحدات الإقليمية إدارة شؤونها بقدر كبير من الاستقلال عن الحكومة المركزية .
ولابد من القول ، إن توزيع الاختصاصات الإدارية يكون ضمن إطار الوظيفة الإدارية للدولة ، والاختصاصات غير الإدارية ( السياسية أو وظيفة الحكم ) في الدول الاتحادية بين الوحدات المكونة للإتحاد يكون وفقاً للدستور الاتحادي ، وبالتالي تكون أكثر رسوخاً كونها صعبة التعديل أو الإلغاء ، وذلك على العكس من التخويل الممنوح للوحدات الإقليمية في حالة الدول البسيطة .
ويتم في ظل اللامركزية الإقليمية الاعتراف بالشخصية المعنوية العامة لجزء من إقليم الدولة كالمحافظة ، بما يترتب على ذلك من استقلال في قيام برعاية المصالح المحلية التي يعترف بها المشرع لهذه المحافظة عن طريق إدارة مرافقه المحلية التي يحددها القانون في بيانه لاختصاصات الهيئات المحلية ومن أمثلتها مرافق المياه والكهرباء والمواصلات . وتدار هذه المرافق عادة عن طريق مجالس منتخبة من مواطنيها .
وتضطلع الهيئات اللامركزية الإقليمية المحلية بإدارة جميع المرافق المحلية التي تخص بإدارتها طبقا للقانون ، وهي مرافق متنوعة وغير متجانسة ، لأنها تشمل جميع الخدمات التي تقدم لسكان المحافظة من خدمات : صحية وتعليمية ومواصلات وكهرباء ومياه وغيرها من المصالح والمرافق التي تتبع حاجات ضرورية وهامة لسكان المحافظة و وحداتها الإدارية.
إضافة لما تقدم ، فإن اللامركزية الإدارية تسعى إلى تحقيق المصالح العامة ، حالها حال الحكومة الاتحادية ، ومن ثم فإن تحقيق الانسجام العملي يكون ضروريا بين الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية ، إبتداءاً من عملية توزيع وتخويل الاختصاصات فيما بينهما وحتى تنفيذها .
ويتطلب الأمر على امتداد مراحل تلك العملية تخصيص مالي كافي ، إضافة إلى الدعم الحكومي اللازم لجميع الهيئات أو السلطات اللامركزية الإدارية .
إن ذلك التخصيص المالي ، وذلك الدعم الحكومي يمَّكن السلطات اللامركزية من أداء وظائفها المختلفة من خلال الإنفاق المخطط والهادف إلى تحقيق تقدم في كافة المجالات المحلية .
وعلى هذا الأساس سنبحث في صلاحيات المحافظين وفق دستور العراق لعام 2005 مع قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم ( 21 ) لسنة 2008 .
وقد قسم بحث موضوع صلاحيات المحافظين ، كما يأتي :
المقدمة
المبحث الأول - الصلاحيات الإدارية
المبحث الثاني – الصلاحيات المالية
المبحث الثالث – الصلاحيات الرقابية
المبحث الرابع – الصلاحيات المتعلقة بالحكم المحلي
الخاتمة
(*) –جاء متن المادة ( 125 ) من الدستور على مضمون ليس له علاقة بالإدارة المحلية ، وإنما تعلق بالحقوق القومية والثقافية للأقليات .