إصلاح مجلس الأمن بين الضرورات العملية والمحددات السياسية
الأستاذ الدكتورعلي هادي حميدي الشكراوي
جامعة بابل – كلية القانون
مقدمة :
تأسست منظمة الأمم المتحدة United Nations بتاريخ: 24/ تشرين الأول/1945 ، ضمن إطار فترة مزاج الخروج من الحرب العالمية الثانية ، ولذلك كانت أهم أهدافها هي :
1- منع نشوب حرب عالمية ثالثة
2- تحقيق السلم والأمن الدوليين من خلال إقامة نظام للأمن الجماعي
وقد عُهدَ لمجلس الأمن Security Council تلك المهام الحساسة ، فصار له خبرة سياسية ومهنية على مدى ( 62 ) عاماً ، تمكن من خلالها التعامل مع كل قضية على حدة .
وعلى هذا الأساس ، فإن عملية إصلاح مجلس الأمن يصب في هدف تعزيز السلم والأمن الدوليين ، خاصة وهو الجهاز التنفيذي الرئيس لمنظمة الأمم المتحدة المفوّض بالعمل نيابة عن أعضاءها وفق المادة ( 24-أ ) من الميثاق Charter ابتغاء السرعة والفعالية (1) .
ومن الجدير بالذكر إن عمليات الإصلاح في منظمة الأمم المتحدة لا تتعدى تعديل أو تحويل أو إلغاء هياكل إدارية قائمة أو إجراءات متبعة ، وقد تتضمن استحداث الجديد منها . وغالباً ما تمثل تلك العمليات مرحلة انتقالية من حياة هذه المنظمة الدولية العالمية ومن ثم فإن تحديد ملامح مستقبلها يتوقف على مدى انسجام مصالح وأهداف القوى الإستراتيجية الكبرى مع نسبة ومدى التغيير الذي يمكن إحداثه من خلال عمليات الإصلاح ومجالاته .
وصارت مسألة إصلاح منظمة الأمم المتحدة هدفاً رئيسياً للجمعية العامة وخاصة منذ أن أصدرت قرارها في عام 1974 والقاضي بإعادة النظر بالميثاق والبحث في السبل المؤدية إلى تعزيز دور المنظمة وجعلها أكثر فاعلية ، وإنشائها لجنة خاصة أسمتها ( اللجنة الخاصة المعنية بميثاق الأمم المتحدة وبتعزيز دور المنظمة ) .
كما تكررت الدعوة لإصلاح الأمم المتحدة من قبل أمنائها العامين عندما ضمنوا ذلك في تقاريرهم السنوية ، التي أوصت بضرورة إقامة نظام دولي جديد يستند إلى إصلاح الأمم المتحدة التي تعتبر المنظمة الدولية الأوسع تمثيلاً ونشاطاً في النظام العالمي ، وإن ذلك الإصلاح لابد وأن يطال مجلس الأمن .
- أهمية الموضوع :
تنبع أهمية الموضوع مما يأتي :
1- إن موضوع إصلاح مجلس الأمن هو من المواضيع الجديدة والهامة والمؤثرة على مستقبل كافة الدول وسياساتها الدولية .
2 -أهمية معرفة أسباب ودواعي ذلك الإصلاح ومجالاته ، ومدى الفوائد التي يمكن أن تجنيها من ذلك الدول النامية ومنها الدول العربية .
3- ضرورة فهم أهم المشاريع والمقترحات والرؤى المقدمة للإصلاح فضلاً عن معرفة المعوقات التي تقف حائلاً دون تحقيق الإصلاح المطلوب .
- إشكالية البحث :
تكمن إشكالية هذا البحث في إن : كافة مشاريع إصلاح مجلس الأمن التي تم التوصل إليها ضمن إطار الموافقة على تقارير الأمين العام للأمم المتحدة في الجمعية العامة ، تبقى مرهونة بالعامل السياسي للدول المهيمنة على عمليات صنع القرار في المجلس نفسه ، لذلك فإن الإصلاحات الإدارية يمكن أن تجد طريقها إلى التنفيذ ، على عكس الإصلاحات السياسية التي تواجه الكثير من العقبات التي ترتبط بمصالح وأهداف الدول دائمة العضوية في المجلس ( الولايات المتحدة الأمريكية ، وجمهورية الصين الشعبية ، والإتحاد الروسي ، والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية ، وجمهورية فرنسا ) خاصة وإنها تتمتع بإمتيازات كبيرة في استمرار النظام الحالي للمنظمة عموماً وللمجلس خصوصاً .
لذلك نتساءل في هذا البحث : عن مدى إمكانية الجمعية العامة في إحداث إصلاح حقيقي لمجلس الأمن وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة ؟ ، وعن مدى إمكانيتها في تفادي تأثير الدول دائمة العضوية وخاصة تلك المناهضة لعمليات الإصلاح السياسي لمجلس الأمن ؟ .
- منهجية البحث :
لقد تم اعتماد المنهج التحليلي في هذا البحث ، وذلك لتلائمه مع طبيعة موضوعه .
- هيكلية البحث :
و تم تقسيم هيكلية هذا البحث ، بالإضافة إلى هذه المقدمة ، إلى خمسة مباحث ، وخاتمة ، وكما يأتي :
- المبحث الأول : تشكيل مجلس الأمن ووظائفه
.
- المبحث الثاني : المشاكل التي واجهت عمل مجلس الأمن
.
- المبحث الثالث : أسباب إصلاح مجلس الأمن
.
- المبحث الرابع : مواقف أهم الدول من إصلاح مجلس الأمن
.
- المبحث الخامس : مشاريع إصلاح مجلس الأمن الواردة تقارير الأمين العام للأمم المتحدة
.
- الخاتمة :
وتضمنت أهم الاستنتاجات والرؤية المستقبلية لإصلاح مجلس الأمن :
(1) -أنظر : البند ( 1 ) من المادة ( 24 ) من الميثاق والتي نصت على : ’’ 1. رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به " الأمم المتحدة " سريعاً فعالاً ، يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم والأمن الدولي ويوافقون على إن هذا المجلس يعمل نائباً عنهم في قيامه بواجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات ‘‘ .
- ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية ، إدارة شؤون الإعلام ، الأمم المتحدة ،1999.