الأستاذ الدكتورعلي هادي حميدي الشكراوي
جامعة بابل – كلية القانون
- المقدمة :
تميزت علاقة الولايات المتحدة بالعراق الحديث منذ تأسيسه عام 1921 حتى عام 2003 بسيادة عناصر الصراع على عناصر التعاون فترات زمنية أطول ، ومن ثم لم تكن تلك العلاقة ولم تصبح جيدة إلا بعد احتلاله والانسحاب منه ( 1 ) .
ولعل من أهم عناصر الصراع ، كانت تلك التي قد تمثلت بما يأتي :
1- اختلاف رؤى ومواقف الولايات المتحدة الأمريكية و العراق من القضية الفلسطينية وكيفية حلها .
2- اختلاف أيديولوجية الدولتين ، حيث كان العراق اشتراكيا –قوميا ، و ينتمي الى المعسكر الشيوعي الاشتراكي المناهض للمعسكر الليبرالي -الرأسمالي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ( 1958-2003 ) .
3- غزو العراق لدولة الكويت عام 1990 ، ومن ثم فعاليات تحريره عام 1991 من قبل تحالف دولي قادته الولايات المتحدة الأمريكية .
4 - تأخر حل مشاكل الحدود والديون بين العراق والكويت بصورة نهائية ، ومن ثم عودة العلاقات الدولية الطبيعية فيما بينهما .
5 - احتلال الولايات المتحدة الأمريكية للعراق منذ نيسان 2003- كانون الأول 2011 ، أي لمدة ثمان سنوات .
أما أهم عناصر التعاون ، فقد تمثلت بما يأتي :
1- يعتبر العراق من الدول النفطية والطاقوية الهامة من حيث الاحتياطي والانتاج .
2 -انهيار المعسكر الاشتراكي - الشيوعي ، وتحقق القطبية الأحادية في النظام الدولي بتحول الولايات المتحدة الأمريكية الى الدولة الأعظم Super Power .
3-ضعف علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع الجمهورية الاسلامية في ايران التي تعد دولة اقليمية مؤثرة على منطقة الخليج العربي ومن ثم على المصالح الحيوية الأمريكية المختلفة .
4 -اقتراب رؤى ومواقف الدولتين من القضية الفلسطينية بعد تغيير النظام السياسي العراقي منذ عام 2003 .
5 - انسحاب قوات الولايات المتحدة الأمريكية فعليا من العراق في نهاية كانون الأول من عام 2011 وفقا لاتفاق الانسحاب ، والتركيز على اتفاق الاطار الاستراتيجي للتعاون بينهما في مختلف المجالات .
وعلى أساس ما تقدم ، سوف نستشرف مستقبل العلاقات العراقية - الأمريكية من خلال دراسة المتغيرات المؤثرة فيها ، وخصوصا المتغير الاقتصادي ، والمتغير الامني والعسكري ، والمتغير السياسي ، وكما يأتي :
أولا -المتغير الاقتصادي
ثانيا - المتغير الامني والعسكري
ثالثا - المتغير السياسي
( 1 ) – لقد تجسدت العلاقة الحسنة بين الدولتين في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية باتفاقية عام 1954 ، وحلف بغداد عام 1955 ، ومشروع أيزنهاور عام 1957 .
ثم ساءت العلاقة في فترة ما بعد انقلاب 14 تموز 1958 ، مرورا بعهد الزعيم عبد الكريم قاسم عام 1963 ، حتى قطعت العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين على إثر حرب 5 حزيران 1967 ، وساءت بصورة اكثر شدة خلال فترة حكم البعث في 17 تموز من عام 1958 ، وخاصة مع عمليات تأميم النفط العراقي ، واستخدام النفط كسلاح في حرب أكتوبر 1973 ، وابرام المعاهدة العراقية –السوفيتية في نيسان من عام 1972 ، ودعم الولايات المتحدة الامريكية المباشر وغير المباشر للثورة الكردية في شمال العراق .
ثم عادت العلاقات بين الدولتين للتحسن التدريجي بصورة غير مباشرة ومن ثم رسمية خلال فعاليات الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 ، وبعدها يقضي العراق على ذلك التحسن بغزوه للكويت 2 آب من عام 1990 ، ولتبدأ بعدها فعاليات حصار العراق وحرب تحرير الكويت 1991 و احتلال الولايات المتحدة للعراق بتاريخ 9 نيسان من عام 2003 . وبذلك عادت العلاقات بأقوى صورها بين الدولتين خلال فترة الاحتلال ، وتعززت اكثر في فترة ما بعد الاحتلال من خلال تنفيذ اتفاق الانسحاب بنهاية عام 2011 واستمرار تنفيذ اتفاق الاطار الاستراتيجي للتعاون في عهد الرئيس باراك حسين أوباما للسلطة في الولايات المتحدة .