ليوناردو دافنشي ( المقالة ال ا ربعة)
أ رى في في المنهج الأرسطي مذهبا يقوم على التجارب الحسية لا على الأفكار
المجردة التي كان يؤمن بها أتباع أفلاطون الجدد في عصر النهضة ويرونها
الأساس لكل شيء وهي التي بنوا عليها نظرية (الجمال المثالي) .
عكف على ق ا رءة أشعار (دانتي) و(بت ا ررك) وألمح الى ذلك فيما خلف لنا من
مذك ا رت ضمت إليه الكثير من معرفته بعلوم شتى كعلم الأخلاق والجبر والحساب
والهندسة والطب والج ا رحة والز ا رعة والموسيقى والرحلات ومنها ما يختص بالأس ا رر
كدلالة خطوط الكف ودلالة أشكال الأحجار الكريمة .
أما بالنسبة للآداب الكلاسيكية لم يكن يعنى من بينها إلا بما هو حسي لينفذ الى
الحقائق المادية فأنكب على ق ا رءة (أوفيد) متأث ا ر بحكمته وتأملاته وشغل بما وصف
به (فرجيل) للدروع وأكثر ما كان يشده( بيلينبوس الأكبر) بكتابه عن التأريخ
الطبيعي.
ورغم كل ماتمتع به من مواهب سابقة لم يلق حظا بين معاصريه في فن التصوير
فقد كان (لورينزو مديتشي) حاكم فلورنسا التي على أرضها نشأ ليوناردو ينظر إليه
بوصفه موسيقيا ومخترع آلات وعاهل ميلانو ( لودوفيكو) ينظر إليه مهندسا
معماريا والبابا ( ليو العاشر) عهد إليه بأستصلاح الأ ا رضي في مستقعات جنوب
روما وهو أول من فكر في توصيل نهر (الأرنو) بقناة تخرج من مدينة (بي ا ز) و?اقامة
السدود وتحويل مجرى النهر لأستغلاله في إستصلاح الأ ا رضي .
تقشف بالمال وزهد فيه وأحتقره وبلغ من زهده أن قبل كمية من الأخشاب كأجر له
نظير قيامه بنقش ساعة كبيرة في دير القديس (دوناتو) ... كان يقول :(كل ماتنفقه
على نفسك ملك لك وكل ما تجمعه ولاينفعك في حياتك ملك لغيرك على الرغم منك)
إن فكر ليوناردو المشتت بين فنه وأبحاثه ومخترعاته وسعيه لتحقيق الكمال كان
سببا في عدم أتمامه الكثير من الأعمال التي يبدؤها وكانت عبقريته سببا في أنه لم
يذق طعم ال ا رحة والأستق ا رر في حياته فظل يتنقل بين ميلانو والبندقية وفلورنسا
وروما وأخي ا ر الى فرنسا بعد أن عرض عليه ملكها (ف ا رنسوا الأول) م ا رفقته وخصص
له قص ا ر لأقامته مع تلاميذه ومعاشا سنويا وظل يعمل الى أصيبت يده اليمنى بالشلل
ثم مات ودفن في مقبرة مؤقتة في ( 3/مايو/ 1519 ) ونقل جثمانه الى دير
(سان فيونتينو) في 10 /أغسطس سنة 1519 .... لقد مضى المبدع ( ليوناردو) دون
أن يخلف و ا رئه مدرسة في (فلورنسا) ولم نجد له وارثا نقل عنه أو تعلم منه ولو أن
الحظ أتيح لفلورنسا لتتبع خطاه لكتب لها أن تبلغ درجة من العظمة أعلى من الرفعة
التي بلغتها فلا نرى له من أثر بين الفنانين إلا آثا ا ر تكاد تكون غير ملحوظة .
..... وللحديث بقية ...