مها ا رت التفكير الأبداعي في لوحة المونالي ا ز
مهارة الأصالة: تبرز في جوانب عدة منها :
أ. الأبتسامة الغامضة للمونالي ا ز ونظرة عينيها فأبتسامتها الأسطورية تتباين
بأختلاف نظ ا رتنا إليها فمرة ساخرة ومرة باسمة تشوبها مسحة من الحزن وفي هذا
وذاك ما يضفي على صورتها هذا الغموض الساحر الأخاذ.
ب. نظرة عينيها العسليتين اللتان تحدقان عبر جفنيها الضيقين فهي نظ ا رت ناعسة
منداة بالدموع على عكس ما كان يتجلى في عيون بورترهي ا رت القرن الخامس عشر
التي كانت تبدو متألقة البريق ...
ج. أستخدم دافنشي تقنيتين فيها هما:
الأولى تدعى (سفوماتو) : وتعني تقنية تمازج الألوان وهي وصف الشخصية بأعتماد
تحولات الألوان بين منطقة وأخرى بحيث لايشعر المشاهد بتغيير اللون مشكلا بذلك
بعدا شفافا أو تأثي ا ر مهما وتجلت هذه التقنية بوضوح في ثوب السيدة وأبتسامتها .
الأخرى تدعى (كياروسكورو) : وهي تقنية تعتمد على الأستخدام الأمثل للضوء
والظلال لتكوين الشخصية المطلوبة بدقة عالية جدا وتظهر هذه التقنية في يدي
السيدة الناعمتين حيث قام بإضافة تعديلات عبر الأضاءة والظل مستخدما تباين
الألوان لأظهار التفاصيل.
د . جسد فيها المبدع دافنتشي أنموذجا للرسم المجسم لأول مرة في تأريخ الفن و كان
يعتقد بأن التجسيم هو بمثابة الروح لفن التصوير ومن أ ا رد أن يتحقق من ذلك ماعليه
إلا أن يتطلع الى صورة المونالي ا ز .
إن التموجات الرقيقة في صفحتها ماهي إلا إنعكاسات لتجربة ذاتية حملها الفنان
والصورة و?ان بدت للوهلة الأولى بسيطة إلا أن هناك الكثير من المعاني التي تنطوي
عليها إذ كلما أمعن المشاهد النظر إليها تكشفت له عن جديد ويمكن مشاهدة ذلك
بوضوح من خلال ملاحظة الشكل الهرمي أعلاه الذي يبين التجسيم في اللوحة حيث
تقع اليدين على قاعدتي الهرم المتجاورتين بينما تشكل جوانب الأكتاف مع ال أ رس
الجانبين المتقابلين للهرم .


ه. إذا دققنا الطرف في اللوحة تكشف لنا ما فيها من غموض لأن (ليوناردو)
قد أستخدم تقنية (الضبابية) في دقة وعناية وعلمية عاليتين، إن تقاسيم الوجه
مردها الى شيئين هما : شدقا الفم وجانبا العينين وحين ترك ليوناردو متعمدا هذه
الأج ا زء مبهمة غامضة مغشاة بظلال دقيقة وكان يقصد الى تركنا في حيرة من
نظ ا رت المونالي ا ز الغير واضحة الدلالة .
ولم يكن هذا الغموض الذي قصد إليه هو وحده هذا الأثر فثمة أشياء أخرى
منها جانبا الصورة اللذان يبدوان غير متماثلين تماما وهو مايبدو واضحا في
المشهد الخلفي الخيالي فخط الأفق يسا ا ر أقل أنخفاضا من خط الأفق يمينا .
وبسبب ذلك حين نمعن النظر في الجانب الأيمن من الصورة نرى المونالي ا ز أكثر
طولا منها حين نمعن النظر في الجانب الأيسر .. نلاحظ أن تقاسيم وجهها
تتغير مع إختلاف وقفة الناظر أليه ... ويبدو عمله هذا معجزة سحرية لولا
إيماننا بأنه إبداع فني على يد فنان عرف كيف يبدأ وكيف ينتهي و?الى أي حد
يمضي .
و. مشهد العمق في الخلفية حيث يتناقص وضوح الصورة كلما إبتعدت عين
الناظر عن التفاصيل وهي تقنية لم تكن معروفة قبل هذه اللوحة وتعطي أحساسا
بالواقعية لا مثيل له ضمن ذلك الوقت فرسومات ذلك العصر كانت تعطي نفس
الوضوح لجميع محتويات اللوحة وهذه التقنية مكنته ممن دمج خلفيتين مختلفتين
تماما يستحيل الجمع بينها في الواقع .
فالخلفية على يمين السيدة تختلف في الميل والعمق وخط الأفق عن الخلفية
التي على اليسار بحيث تظهر كل واحدة منها وكأنها رسمت من ارتفاعات أفقية
مختلفة .
مهارة الأفاضة: فتتجلى في الجفنين وكأنهما خطان أفقيان ينم ماتحتهما من
حساسية مفرطة وأعصاب رهيفة تحجبها شفافية البشرة الرقيقة ومع الحواجب التي
تمت إ ا زلتها يبدو الجبين فسيحا وكانت إ ا زلة الحواجب أم ا ر شائعا بين سيدات ذلك
العصر وكان الجبين الرحب صفة من صفات الجمال وبهذا كانت المونالي ا ز
إنموذجا للذوق الطاغي المتفشي خلال القرن الخامس عشر .
ولعل مايفاجيء المشاهد رؤيته إياها ا رفعة أ رسها في إت ا زن وكان رفع ال أ رس شامخا
ومستويا يعنى علو المتحد وهي تجلس في رقة ونعومة على كرسي ذي متكئين وقد
أنسدل شعرها البني على وجهها حلقات كما أسترسل وشاح رقيق من ال أ رس على
كتفيها.
: تبرز في المنظر الخلفي الذي يختلف تماما عن الصورة وهنا قصد منه
 و رة ا 

أضفاء المزيد من الحيوية عليها وأكثر مايشد فيها أنها نابضة بالحياة فنظ ا رتها إلينا
فيها عمق المفكر الذي يطوي مكنون سره في صدره كان ليوناردو يفطن الى هذا
الأثر ويعرف كيف يعبر عنه بمثل هذه اللمسات كما كان على د ا رية تامة بلفت نظر
المشاهد الى إبداعاته التي لا نظير لها .