عنوان البحث(Papers / Research Title)
مدونات سومرية
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
باقر جاسم محمد حمادي
Citation Information
باقر,جاسم,محمد,حمادي ,مدونات سومرية , Time 5/11/2011 9:09:33 AM : كلية التربية الاساسية
وصف الابستركت (Abstract)
مدونات سومرية
الوصف الكامل (Full Abstract)
تمهيد
ملاحظة: تدور هذه المدونات حول أحداث و شخصيات متخيلة في مدينة الوركاء من بلاد سومر.
المدونة (1)قال نخلة الحكيم لابنه تالا: كيف ترى الحقل؟قال تالا: لا أرى حقلا ً.قال نخلة الحكيم: فماذا ترى إذن؟قال تالا : أرى أرضا ً سمراء و ماء ً وفيرا ً.قال نخلة الحكيم: و صوامعنا فيها بقية من بذور و سواعدنا قوية؛ فكيف لا ترى الحقل إذن؟المدونة (2)قال نخلة الحكيم لابنه تالا: يا ولدي، حين ترى الكاهن يتخذ لنفسه رمزا ً هو خنزير له أنياب نمر و براثن ذئب و ذيل أفعى ، فاهجر معبده، و اهرب منه لأنه بدلا ً من أن يرعى روحك سيفسدها؛ و بدلا ً من أن يوصيك بأخيك سيجعلك تمتص دمه.لمدونة (3)قال تالا لأبيه: بالأمس حذرتني من الكاهن ، فكيف تحذرني من الأمير؟قال نخلة الحكيم: حين تراه يهتم بكمية السلاح في مدينته أكثر من اهتمامه بكمية الخبز؛ و حين تراه يكثر من القصور لنفسه و أتباعه، و من القبور لرعيته فأعلم أنه فاسد لا صلاح له.المدونة (4)سأل تالا أباه نخلة الحكيم : متى يصل الإنسان إلى الكمال؟قال نخلة الحكيم : لن يصل أبدا ً.قال تالا: فما قيمة ما يسعى إليه؟ قال نخلة الحكيم: شرفه في أن لا يتوقف في السعي إليه.المدونة (5)زار نخلة الحكيم و أبنه قبر زوجته، أم تالا، الذي يقع إلى جانب النهر. وقد وقفا إلى جانب القبر الذي أعشبت جوانبه صامتين. و حين نظر الابن إلى وجه أبيه رأى فيه حزنا ً ثم ابتسامة ثم سحابة ثم مطراً، فسأل أباه: كيف هو تذكرك لأمي؟قال نخلة الحكيم : كيف أنسى امرأة أنستني حزن لأنني يتيم في هذا الكون و سكبت النور و السرور في أعماق روحي!؟المدونة (6)قال تالا لأبيه: ما الذي يحزنك هذه الأيام يا أبي؟قال نخلة الحكيم: ما يحزنني هو أنني أرى عدد الرقم الطينية التي لم أقرأها بعد , و أرى، في الوقت نفسه، نقص ما بقي لي من أيام في هذه الدنيا، لذلك أحزن.المدونة (7) قال تالا لأبيه: ما آخر ما قرأت و تريدني أن أحفظه؟قال نخلة الحكيم : قرأت في بردية من وادي النيل الآتي:" من المحزن يا ولدي أن يصمت الذين يفهمون ، و يتكلم الذين لا يفهمون."المدونة (8)قال تالا لأبيه نخلة الحكيم: ألا ترى يا والدي ما حل بالمدينة من خراب؟قال نخلة الحكيم: بلى. و قد تنبأت به من قبل.قال تالا: لقد فسدت الأسواق وشاع الفقر.قال نخلة الحكيم: أصلح حال المعلم.قال تالا: و كثرت المظالم و ضاعت الحقوق.قال نخلة الحكيم : أصلح حال المعلم.قال تالا: و أهمل قادة الجند الاستعداد للدفاع عن المدينة و اهتموا بالسلب و النهب. قال نخلة الحكيم: أصلح حال المعلم قال تالا: لقد شاع الفساد ، و صار الكذب أمرا ً لا يخجل منه قائله ، و خان الأزواج بعضه بعضاً.قال نخلة الحكيم: أصلح حال المعلم. قال تالا: وقد انغمس الأمراء في ملذاتهم و أهملوا حال أهل المدينة.قال نخلة الحكيم : أصلح حال المعلم. قال تالا: فكيف أفعل ذلك؟قال نخلة الحكيم: أصلح حال نفسك أولا ً.المدونة (9)انتقل صديق لنخلة الحكيم من مدينة الوركاء إلى مدينة أور ؛ و قد زاره ليودعه و يطلب نصيحته. قال الصديق : لقد اشتريت بيتا في أطراف أور ، و هناك بيوت قريبة من بيتي. و قد علمت أن الأمن غير مستتب في تلك الأنحاء. فماذا أفعل لكي أضمن لنفسي و لأهلي الأمان؟قال نخلة الحكيم : لا تظلم أحدا ً، و أحسن الظن بجيرانك و أحسن إليهم .قال الصديق : و لكنني سمعت أن المرء قد يقتل دون ذنب؛ فكيف أحمي نفسي و أهل بيتي؟قال نخلة الحكيم : اشتر لنفسك سلاحا ً و لكن لا تبادر إلى استعماله دونما ضرورة. قال الصديق : أظن أن من الحكمة أن أشتري عددا ً من الأسلحة لا سلاح واحد.قال نخلة الحكيم : من يشتري سلاحا ً واحدا ً فأنه يريد الدفاع عن نفسه؛ أما من يشتري عشرة فإن له غاية أخرى. المدونة (10)قال تالا لأبيه: ماذا أعمل لكي أعيش؟قال نخلة الحكيم : و ما هي المهن التي يمكنك العمل فيها ؟قال تالا: الجندية ، أو الخدمة في المعبد، أو التجارة ، أو الفلاحة ، أو النجارة ، أو الحدادة، أو البناء. قال نخلة الحكيم : الجندية قد تكون مهنة قتال دفاعا ً عن المدينة، أو مهنة قتل و فتك دفاعا ً عن أمير ظالم. و الخدمة في المعبد و التجارة تجعلانك تعيش على كدح الآخرين دون أن تنتج شيئا ً. أما المهن الأخرى فأنها تجعلك تنتج الخير لك و لأهلك و للآخرين . فأختر منها ما تشاء. المدونة (11)قال تالا لأبيه: يا أبي ، أنوي السفر إلى دلمون. و سأبقى هناك مدة من الزمن. فهل تنصحني أن أتخذ لنفسي هناك أصحابا ً من أهل مدينتنا الوركاء، أم من أهل دلمون نفسها، أم من أهل أور؟قال نخلة الحكيم : الناس صنفان : فمنهم من هو طيب تأمن ُ له و تأنس إليه، و منهم من هو شرير لا يؤمن جانبه. قال تالا : و لكن لم تقل لي من أي المدن أتخذ أصحابا!قال نخلة الحكيم : بل قلت لك.المدونة (12)ذهب نخلة الحكيم و أبنه تالا إلى سوق مدينة الوركاء لشراء محراث جديد. و قد وقفا عند دكان النجار و دكان صانع الفخار و دكان صانع الحصران، و حين اقتربا من دكان النخاس، أسرع نخلة بالمشي حتى كأنه لم يلحظ أي شيء فيه . و قبل أن يصلا إلى دكان صانع المحاريث قال تالا لأبيه: لماذا أسرعت يا أبي ؟ فأنا لم أتمكن من مشاهدة ما يعرضه النخاس من العبيد و الجواري.قال نخلة الحكيم : لن أقول لك لو كنت أنت عبدا ً فهل ترضى بأن تقف ليتفرج عليك الناس و يساوموا النخاس لشرائك؛ و لكنني أقول إن من بين كل ما رأيته من أمور يرفضها عقلي و قلبي فأن العبودية هي أكثرها شرا ً و نذالة. المدونة (13)أخذ نخلة الحكيم يقضي وقتا طويلا في مراقبة السماء و يمعن النظر فيها صباح مساء.فسأل تالا أباه: لماذا يا أبي تقضي كل هذا الوقت ناظرا ً إلى السماء؟ هل تريد أن تصبح كاهنا ً؟قال نخلة الحكيم: كلا يا ولدي، إنما أفعل ذلك لأمر آخر.قال تالا : فما هو؟قال نخلة الحكيم : أريد أن أعرف كيف تؤثر السماء فينا.قال تالا: هكذا يتكلم الكهان يا أبي. إنهم يقولون أنهم يملكون معرفة ما تريده السماء، و أنهم يمثلون الصلة بالسماء، و أرى أن كلامك يشبه كلامهم قال نخلة الحكيم : ليس الأمر كما بدا لك يا ولدي. فالكهان يزعمون معرفة إرادة السماء و يحتكرون تلك المعرفة لأنفسهم لأنهم يريدون إخافة الناس من السماء و منعهم من التفكير . أما أنا فأريد معرفة السماء لأدرك أسباب تغير الفصول و كيف يؤثر ذلك في الزرع و في تكثير الماشية. و أريد أن أنشر ذلك بين الناس حتى يزداد حصادهم و عديد ماشيتهم. فهل يتساوى من يخيف الناس بمعرفة السماء و يزعم أنه الوسيط بينهم و بين السماء مع من يدعوهم لمعرفة السماء مباشرة حتى يفهموا متى يحرثون و متى يبذرون و متى يحصدون ؟ المدونة (14)تعرضت بلاد سومر لرياح عاتية و مطر غزير لم ينقطع لثلاثة أسابيع كما فاض الفرات حتى دمرت المياه الزرع و قتلت كثيرا من الأنعام ، و لم يبق ظاهرا ً فوق الماء سوى باسقات النخيل و بعض الأماكن المرتفعة فتجمع بعض الناجين فوق تل مرتفع و كان بينهم الأمير و الكاهن و نخلة الحكيم.قال الأمير : صوامع الغلال مبنية على مرتفع من الأرض و فيها ما يكفي الأمير و عائلته و جنده.قال الكاهن: في المعبد من المؤونة ما يكفي لمن يخدمون الآلهة.قال نخلة الحكيم مخاطبا الناس: أيها الناس، فلنجمع ما بقي من بذور و نقسمه قسمين؛ قسم نأكله و قسم نزرعه. فالأرض قد جفت و قد زادها الفيضان خصوبة و هي في شوق لاحتضان البذور. المدونة (15)قال تالا لأبيه : لقد وعيت و حفظت ما علمتني يا أبي. و سوف أعمل به.قال نخلة الحكيم : و لكن ذلك لا يكفي. قال تالا : فما الذي يكفي يا أبي؟قال نخلة الحكيم : يا ولدي , لقد علمني والدي أشياء كثيرة حفظتها عنه و لكنني لم أكتف بها؛ فقد وجدت الحياة أوسع مما علمني والدي . فتعلم أنت من الحياة و أضف إلى ما تعلمته مني.المدونة (16)قال تالا لأبيه نخلة الحكيم: أراك يا أبي أكثر ميلا ً إلى جارنا تانو من جارنا كوهال ؛ فلماذا أنت كذلك يا أبي؟ قال نخلة الحكيم: لأن تانو يخطيْ قليلا ً، و حين يخطيْ فأنه يعتذر ممن أخطأ بحقه ؛ أما كوهال فأنه يخطيُ كثيرا بحق الآخرين و لم أسمعه مرة يعتذر لأحد. المدونة (17)قال نخلة الحكيم لولده تالا: إذا أردت أن تحيا و نفسك مرتاحة و مطمئنة فأحبب زوجك و أسعدها؛ و أحبب أهلك و أبناءك؛ أحبب أهل مدينتك؛ و أحبب الناس من أهل المدن الأخرى. قال تالا مستزيدا ً: و ماذا يا أبي؟قال نخلة الحكيم : و أحذر أن تفعل مع الآخرين ما لا تود أن يفعلوه بك، و هكذا لن تحتاج إلى شراء سلاح أو لبناء سياج عال لحقـلك.سأل تالا أباه نخلة الحكيم : و لكن يا أبي، ماذا لو فعل الآخرون بي ما لا أحب أن أفعله بهم ؟قال نخلة الحكيم : فكن أقرب للسماح منك للانتقام، فإن لم ينفع ذلك فادفع عن نفسك ما يحيق بك من أذى و لا تذهب إلى أبعد من ذلك.المدونة (18)قال تالا لأبيه نخلة الحكيم : حدثني يا أبي عن أمور أخرى تفيدني في الحياة. قال نخلة الحكيم : خذ عظة مما حصل للفلاح مانو من الوركاء. قال تالا متسائلا ً: و ما حكايته يا أبي؟قال نخلة الحكيم: كان مانو فلاحا ً نشيطا ً، و لكنه كان كثير الشك بالآخرين فاعتزلهم. و كان يخشى على حقله من الطيور فأنشأ سياجا ً عاليا ً حول الحقل و جعل في كل ركن منه فزاعة حتى لا تقربه الطير. و حين ازدهر حقله لم تزره الطيور؛ و لما لم تزره الطيور التي تأكل الجراد فقد تكاثر الجراد الذي يوجد منه القليل في كل حقل حتى صار يهدد حقله و حقول الآخرين. قال تالا : و ماذا حصل بعد ذلك ، يا أبي ؟قال نخلة الحكيم : أدرك مانو خطأه ، و أسرع إلى جيرانه طالبا ً العون منهم، و رفع الفزاعات كافة، و هكذا استطاع أن ينقذ حقله و أن يصلح من شأنه مع الناس. المدونة (19)كان نخلة الحكيم يمشي في سوق الوركاء فمرَّ من أمام بائع تماثيل الآلهة و آنية الفخار . نادى البائع على نخلة الذي التفت فوجد الكاهن و النخاس عند البائع. قال البائع: لماذا يا نخلة الحكيم تمر سريعا ً أمام دكاني و لا تقف لتتحدث إلي كما يفعل هذان السيدان؟ قال نخلة الحكيم : معذرة . عمتم صباحا ً، و لكن لدي ما يشغلني .قال البائع : أنت معروف بين أهل الوركاء بالحكمة فأردنا أن نتحدث معك عسى أن نستفيد، و عسى أن تشتري شيئا من دكاني.قال نخلة الحكيم : حسنا ، هل لديك مجمرة من الفخار ؛ فالشتاء على الأبواب. قال البائع: ها هي المجمرة . و لكن ، قل لي يا نخلة الذي يصفه الناس بالحكمة ، لماذا لم تشتر يوماً تمثالا ً لأحد الآلهة لتضعه في بيتك حتى يحميك من الشر؟قال الكاهن : إنه لا يحترم الآلهة و لا يقدم لها النذور .قال النخاس : و لم أره يوما يقف عند دكتي حيث أبيع أفضل الجواري الحسان و أقوى العبيد.قال نخلة الحكيم : ما نوع التماثيل التي لديك؟قال البائع : لدي آلهة من حجر الصوان و أخرى من حجر الحلان و أخرى من الفخار.تبسم نخلة الحكيم و قال: و من صنعها ؟قال البائع متباهيا ً : إنها من صناعة أمهر النحاتين و الفخارين في أوروك و في بلاد سومر كلها. ازدادت ابتسامة نخلة الحكيم بينما كان الكاهن ينظر إليه بعين تتقد ناراً.قال نخلة الحكيم : أعطني المجمرة التي طلبتها، و خذ ثمنها. و دعني و شأني ، فلدي مشاغل لا بد من إنجازها.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) النص للدكتور مصطفى هيكل. و قد نشره في جريدة " طريق الشعب " في منتصف سبعينيات القرن الماضي.
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|