أثر تعليم القرآن الكريم وتحفيظه على شخصية الطفل
د. عماد حسين عبيد المرشدي/علم النفس التربوي
يقول الله تعالى : ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً)) صدق الله العلي العظيم سورة الإسراء الاية:9
لا شكّ أنّ عملية قراءة القرآن الكريم وتحفيظه للطفل منذ نعومة اظفاره هي عملية إيمانيّة تربويّة تحقق للطفل ايجابيات كثِيرة وسنذكر اهمّ هذه الايجابيات لها وكما يأتي:
1- ان عملية تعليم القران وتحفيظه سواء عن طريق الحلقات في دور العبادة او في البيت تهيّئ للطفل الناشئ القدوة الحسنة ، والتوجيه السليم ، والتربية الإيمانيّة وما أحوج الطفل أن يرى أخلاق القرآن وآدابه تتجسّد فيمن يتلقّون عنهم القرآن ، ليأخذ عنهم العلم والعمل معا .
2-ان حلقات تحفيظ القرآن الكريم تهيّئ للطفل الناشئ الاقران الصالحين الذين يبْحث عنهم الآباء والأمّهات ، وقد لا يجدونهم في كثير من الأوساط الاجتمَاعيّة ، وإنّ كثيراً من الآباء والأمّهات يتحيرون في كيفية الاختيار لأبنائهم وبناتهم هؤلاء الاقران ولكنّها بحمد الله تعالى متوفّرة في أجواء حلقات القرآن الكريم على أحسن صورة بإذن الله تعالى.
3-ان حلقات تحفيظ القرآن الكريم تهيّئ للطفل الناشئ المعرفة السليمة بأحكَام دين الله تعالى ، فلا تتسرّب إليه المفاهيم والأفكار المنحرفة عن دين الله عزّ وجلّ .
4-ان حلقات تحفيظ القرآن الكريم هي الوعاء التربويّ السليم لغرس قيم الإسلام ومبادئه وآدابه ، فحفظ القرآن الكريم والتربية على أخلاق القرآن وآدابه صنوان ، لا ينفكّ أحدهما عن صاحبه ، فأيّ والد أو والدة لا يريد أن يرى في سلوك أولاده البرّ به وحسن المعاملة ، والابتعاد عن عقوق الوالدين وما أكثر ما نسمع الشكاوى المريرة من الآباء والأمّهات عن عقوق أولادهم ، وإساءاتهم التي قد تبلغ حدّ الضرب والإهانة ، مع أنّهم يحسنون إليهم كلّ الإحسان ، ثمّ لم يرَوا منهم إلاّ الإساءة والعُقُوق ،وعندما ينتبهون بدقّة إلى أسباب ذلك يرون : إهمال التربية القويمة منذ الصغر من جهة ، وترك الأولاد إلى اقران السوء يعيثون بهم فساداً وإفساداً من جهة أخرى.
5-ان تردد الطفل الناشئ إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم وانتظامه فيها تكون من أهمّ ألاسباب لتفتّح مداركه العقليّةِ ، ونموّه المعرفيّ المبكّر ، وظهور طاقاته الإبداعيّة ، وتفوّقه الدراسيّ على أقرانه ، وهذا أمر ملاحظ مشهود ، بخلاف ما يظنّه خطأ بعض الآباء والأمّهات ، فيمنعون أبناءهم وبناتِهم عن الالتزام بحلقات تعليم القرآن الكريم ،فهو كتاب هداية معجز ، وهو منزّل بلسان عربيّ مبين ، وفيه من العلوم والمعارف الدينيّة ، والأخلاقيّة ، والاجتماعيّة ، والحضاريّة ما لا يعرف لكتاب غيره ، فمن أراد النموّ اللغويّ المبكّر، والذوق اللغويّ السليم فدونه كتاب الله تعالى ، ومن أراد العلوم والمعارف ، والثقافات والآداب على اختلاف أنواعها ، وتعدّد مناحيها واتّجاهاتها فدونه كتاب الله ، ومن أراد أن يتّصل أوّلاً وآخراً بسبب من عناية الله تعالى وثيق ، وباب لا يغلق من أبواب العطاء والتوفيق ، فليصل سببه وسبب من يلوذ به ، ويريد له الخير من أبنائه وبناته بكتاب الله تعالى . ألم يقل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : { خيرُكُم مَن تَعلّمَ القُرآنَ وعلّمَه }. ولا ينبغي أن تفهم هذه الخيريّة على نحو واحد من أنحائها ، فتكون قاصرة على جانب الأجر والمثوبة ، معزولة عن الخيريّة في الجوانب الأخرى التي منها مصالح الدنيا ومطالبها . ومثل ذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أهلُ القُرآنِ هُم أهلُ اللهِ وَخَاصّتُهُ ( ولكنّ ذلك رهن بتلقّي القرآن الكريم للفهم والعمل ، والحرص على التأدّب بآدابه والالتزام بهديه في كلّ شأن.
6-ان حلقات تحفيظ القرآن الكريم تربّي الطفل الناشئ على الجدّ وعلوّ الهمّة ، وتعوّده على تنظيم حياته وحفظ أوقاته ، وتربّي فيه الشعور بالمسئوليّة ، والقدرة المبكّرة على تحمّلها ، فلا عجب أن كان شباب القرآن رجالاً مكتملين ، وهم في أعمار الزهور ، وفتياناً ناضجين وهم أبناء بضع سنين .
الحمد لله رب العالمين