لقد كان بعض العاملين في حقل التربية والتعليم ينظرون إلى العملية التربوية بمنظار أُحادي الجانب ضيق الأفق فهم يجزؤون العمل التربوي إلى أجزاء تكاد أن تكون منفصلة بعضها عن البعض وينظرون إلى هذه الاجزاء أحياناً وكأنها أهداف قائمة بذاتها يسعون إلى تحقيقها فهذهِ طرق تدريس وتلك مناهج وأخرى وسائل تعليمية. إن هذه النظرة التجزئية لمكونات العملية التربوية لا يمكنها ان تُسهم في خلق مؤسسات تربوية فاعلة قادرة على تحقيق أهدافها بشكل سليم ومؤثر. ولهذا لابد من إعتماد فلسفة تربوية تعتمد النظرة الكلية ذات الاتجاه التكاملي في التعامل مع الفعالية التربوية داخل القاعة الدراسية، لان مكونات الفعالية التربوية تعتمد كل واحد منها على الآخر وتكملها، فلا يمكن لمحور من محاور العملية التربوية لوحدهِ أن يحقق الهدف الذي أُنشأت من أجله المؤسسة التعليمية ( الجامعة او المدرسة)، فالفلسفة الاجتماعية ( الفلسفة العامة للدولة) لابد ان تنسجم مع الفلسفة التربوية، والمنهج لابد أن يأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الفلسفة التربوية وابعادها. ولكي تكون المناهج الدراسية مؤثرة وفعالة لابد من وجود علاقـــــــــــــة حيــــــــــــــــــــــــــــــة ( ديناميكية) بينها وبين طرق التدريس، وطرق التدريس لابد لها أن تأخذ بنظر الاعتبار حاجات الطلبة وامكاناتهم العقلية والمعرفية والظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية المحيطة بهم لكي نتمكن من تحقيق الاهداف التربوية المُراد انجازها. من هذا المنطلق أنطلق العلامة تركي خباز عيسى البيرماني، احد الشخصيات العلمية البابلية العراقية العربية ليساهم مساهمة فعالة في تطوير العملية التربوية والمناهج التربوية. فقد كانت لآرائه وكتاباتهِ صدى واسع وكبير في تطوير المناهج التعليمية التربوية. ومازال العديد من الاساتذة والباحثين يتخذون من شخصيتهِ العلمية والتربوية أنموذجاً لهم في التدريس، فقد كان لهم الاستاذ والمربي في الوقت ذاته. وفي هذا البحث سنلقي الضوء على تركي البيرماني( عالماً ومُربياً) العلامة العراقي البابلي الحلي، وسنستعرض حياتهِ، واهم انجازاته العلمية والعملية ودوره في تطوير العملية التربوية والمناهج التعليمية. لذا فإن هذا البحث يحاول ان يسلط الضوء على هذا الاستاذ والمربي والعالم المبدع ويعطيه مكانتهِ الحقيقية والمرموقة بين علماء العراق بشكل خاص والعلماء العرب بشكل عام. تثميناً لجهودهِ المبذولة.