عنوان البحث(Papers / Research Title)
الدكتور محمد حسين علي الصغير وآراؤه التفسيرية
الناشر \ المحرر \ الكاتب (Author / Editor / Publisher)
عامر عمران علوان الخفاجي
Citation Information
عامر,عمران,علوان,الخفاجي ,الدكتور محمد حسين علي الصغير وآراؤه التفسيرية , Time 5/24/2011 9:49:41 AM : كلية العلوم الاسلامية
وصف الابستركت (Abstract)
الدكتور محمد حسين علي الصغير وآراؤه التفسيرية
الوصف الكامل (Full Abstract)
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى أهل بيته الطيبين وصحبه المنتجبين إلى يوم الدين.أما بعد.... فان القران الكريم هو الكلام الإلهي الموحى به إلى رسوله الأكرم (ص) وهو الكتاب الذي يحوي بين دفئيه كل ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم, وهو الدستور الخالد في كل زمان ومكان لمن يريد عيش السعداء, لهذا فقد عكف المسلمون وعبر قرون على قراءته وترتيله والتبحر في معانيه. وكان الرسول الأكرم (ص) يكشف ويوضح ما أجمل وما أبهم من آياته المباركة, وهو مكان أساس التفسير في نشأته الأولى ولقد اعتنى العلماء الأوائل بتفسير القران كلٌ بحسب توجهاته وميوله الفقهية والأصولية والكلامية... وتنوعت نتيجة لذلك مناهج المفسرين واختلفت آراؤهم تبعا لطريقة تناول المفسر, فأن كان لغوياً فأنه يفسر القران من الناحية اللغوية, وان كان مثكلماً فأنه يشرح العقائد الإلهية ونحو ذلك من ألوان التفسير, وعلى خطى الأوائل من المفسرين سار المتأخرون منهم في تفسير القران, ويتناول هذا البحث محاولة تفسيرية قام بها العلامة الأستاذ الدكتور محمد حسين علي الصغير في كتابه "المبادئ العامة لتفسير القران الكريم –بين النظرية والتطبيق" ولقد توافرت أمام الباحث مبررات عدة دفعته إلى اختيار هذا الموضوع حيث الروح المعتدلة والنظرة المتزنة فهو أمين في عرضه لآراء الفرق الأخرى والمذاهب الإسلامية, ويمتاز بالموضوعية في نقد الآراء ولا يعني هذا انسلاخه من مذهبه الأمامي, لان المذهب شي وما ينطوي عليه التعصب شي آخر, فالدكتور الصغير إلى جانب اهتمامه بإبراز وجهة نظره الأمامية في جملة من المسائل فأنه لم يستهجن آراء الفرق الأخرى, ومنها رغبة الباحث في توثيق هذه المحاولة التفسيرية للدكتور الصغير وربطها بالمنحى التطويري لمناهج التفسير عبر مراحله العديدة. تناولت الدراسة في التمهيد حياة المؤلف ثم تقسيم البحث إلى الفقرات الآتية.• مقدمات التفسير.• آداب التفسير.• مصادر التفسير.• تعدد المناهج.• التفسير التسلسلي الموضوعي.• التفسير التسلسلي التفصيلي .
حياته :
هو محمد حسين علي الصغير ولد في النجف الاشرف عام 1940م في الحنانة والتحق بالحوزة عام 1952 م وقد أكمل دراسته العلمية بالبحث الخارج على يد السيد أبو القاسم الخوئي (قدس) وحصل على جائزة الرئيس المصري جمال عبد الناصر للدراسات العليا عام 1969 م حيث أكمل دراسته العليا في جامعة بغداد والقاهرة و درهام البريطانية وحصل عل شهادة الدكتوراه في الأدب العربي بدرجة الامتياز والشرف عام 1979 م.حصل على مرتبة الأستاذية عام 1988 م وقد أسس الدراسات العليا في جامعة الكوفة عام 1988 م.حصل على مرتبة الأستاذ الأول عام 1993 م وعلى مرتبة الأستاذ الأول المتمرس عام 2001 ماشرف وناقش أكثر من مائتي وخمسين رسالة ماجستير ودكتوراه في الدراسات القرآنية واللغوية والبلاغية والنقدية والأسلوبية.وهو من الأسر العلمية العريقة التي اشتهرت وكان لها باع طويل في المجالات العلمية المختلفة إذ يعد علما من أعلام الشريعة الغراء ومنارا من أنوار الفضيلة السمحاء , وكانت أوقاته كلها معمورة بالتوجه إلى الله وعبادته وبالتدريس والتصنيف ثارة ولخدمة الناس وقضاء حاجاتهم ثارة أخرى.ومن مصنفاته , المبادئ العامة لتفسير القران, تاريخ القران, مجاز القران, نظرات معاصره في القران الكريم, المستشرقون والدراسات القرآنية, الصوت اللغوي في القران, تطور البحث الدلالي, دراسة تطبيقية في القران الكريم, أصول البيان العربي في ضوء القران الكريم, ونحوها.وقبل أن أخوض في الكلام عن آراءه في المبادئ العامة لتفسير القران لابد أن أسوق ما جاء في مقدمة هذا الكتاب "ومهمة هذه الدراسة مهمة أكاديمية تعنى بالوصول إلى حقيقة التفسير وعمليته اليوم في ضوء البحث الموضوعي, ليمكن من خلالها التعرف على أهمية التفسير وآدابه, ومصادره ومناهجه, ومراحله وهوامشه, فهي دراسة استقرار واستيعاب. وتاريخ وعريض, وتحليل ورأي, وهذه خطوط لابد منها في رصد حياة التفسير, ما كانت عليه, وما وصلت إليه, وما ستكون فيه " .آراءه التفسيرية :-ثم وضح منهجه فقال "وكان ما أثبتناه من آراء, وما رجحناها من وجوه, ما ناقشناه من اجتهادات, وما عرضناه من تفسير موضوعي وتسلسلي ,وما اقترحناه من أساليب, يتواكب مع مذهبنا في التجديد والتطوير لعملية التفسير, ويتماشى مع ضرورة التخصص في مفردات وموضوعات التفسير .يمكن تقسيم البحث إلى الفقرات الآتية:-• مقدمات التفسير.• آداب التفسير.• مصادر التفسير.• تعدد المناهج.• التفسير التسلسلي الموضوعي.• التفسير التسلسلي التفصيلي .مقدمات التفسير :-
لابد لقراء القران ومفسريه من معرفة ماهية القران ومكوناته وقيمته حتى يكونوا في عداد العرفين به والمتصبرين بحقائقه والآخرين من فيض مناهله, لذا جاءت المقدمات التفسيرية لتبين لنا ذلك, ومن روائع المقدمات التفسيرية ما خطته أنامل الدكتور الصغير والتي احتوت على التعريف بالتفسير في اللغة والاطلاع ومن ثم بيان الفرق بين التفسير والتأويل وأهمية التفسير وأقسامه.أكد الدكتور على ان المعنى الاصطلاحي يلتقي بالمعنى اللغوي حيث ان الحصيلة واحدة, وهو إرادة الكشف والبيان عن مراد الله سبحانه وتعالى من قوله في كتابه الكريم وعند مقارنته التفسير بالتأويل يعرض أراء العلماء ويذهب إلى إن التفسير هو ما ورد من تعليل الظواهر, وكشف الألفاظ, ماثورا عن المعصوم عليه السلام بحيث يطمئن بصحته, ويحقق دلالة لفظ القران على المعنى المراد, فان لم يؤثر به شي عن المعصوم عليه السلام, فما دلت عليه اللغة وأيدته موافقات الشرع الشريف.وأما التأويل فهو ما لم يكن مقطوعا به, وكان مرددا بين عدة وجوه محتملة, فيؤخذ بأقواها حجة, ابرمها دليلا, وعلى هذا, فبكون التفسير أدل على المعنى الحقيقي من التأويل, لأن التفسير لا يميل إلى الاحتمال المرجع من عدة وجوه,بينما التأويل يسيغ توجيه اللفظ الى معنى مردد بين عدة معان مختلفة يستنبط بما توافر من الأدلة, ويبدو ان التفسير ما كانت دلالته قطعية وان التأويل ما كانت دلالته ظنية ومن ثم بين أهمية التفسير بهدايته من الضلالة وتبيانه من العمى وانه يتمم بمزية الشمول والإحاطة, وقد تسلسل الدكتور الصغير في عرض ملامح خاصة وسمات متعددة يتميز بها يمكن الإشارة الى بعضها.1- انه كتاب الهي صادر عن الغيب.2- انه معجزة تحدى بها الله الأمم والشعوب والقبائل بما جاءت به من حسن النظم والتأليف , وبلاغة الفن القولي.3- ان العمل به يمتد منذ نزوله إلى يوم القيامة دون ريب او تردد, فحلال نبينا محمد (ص) حلال الى يوم القيامة, وحرامه حرام الى يوم القيامة, فليس لأحد أن يضيف له ما ليس فيه, اوي يحذف منه ما هو فيه.4- انه وان كان عربي النص, الا انه عالمي الدلالة ولا يختص بأمة دون أخرى, ولا يزامن دون الأزمان, فتعدى بذلك حدود الزمان والمكان, وتخطى المناخ التاريخي والإقليمي بحياة الإنسانية ليستوعبها كلها. 5- انه نزل بلغة يحتمل لفظها الواحد, أو أكثر ألفاظها, أكثر من معنى واشمل من تفسير, مما فتح حياة متميزة في العقلية اللغوية, اتسعت كثيرا من الاجهادات والمعارف.6- انه تميز بذائقة أسلوبية ارتفعت به عن مستوى النثر والشعر, فلا هو نثر ولا هو شعر, بل هو فن قائم بذاته سمي بالقران فهو قران وكفى.ونحو ذلك من الملامح والسمات واستوقفت الدكتور الصغير رواية عن سعيد بن جبير ان قال(( من قرا القران ولم يفسره كان كالأعمى او كالإعرابي)) .لهذا كان علم التفسير كما قال عنها الاصبهاني (( اشرف صناعة يتعاطاها الإنسان)) .وتعرض الدكتور الصغير بعد ذلك الى أقسام التفسير وعرض آراء العلماء ووافق الشيخ الطوسي في تقسيمه حيث ان معاني القران على أربعة أقسام هي 1- ما اختص به الله تعالى بالعلم فلا يجوز لأحد التدخل والتوغل فيه مثل قوله تعالى(ان الله عنده علم الساعة)(لقمان 34).2- ما كان مطابقا لمعناه, فكل من عرف اللغة التي خوطب بها عرف معناه مثل قوله تعالى( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق) (الأنعام 151 ).3- ما هو مجمل لاينبئ ظاهره عن المراد به مفصلا مثل قوله تعالى ( وأقيموا الصلاة واتوا الزكاة )(البقرة 43).4- ما كان اللفظ مشتركا بين معينين فما زاد عنها.الى ان قال والحق ان تقسيم وجوه المعاني المفسرة عند السيخ الطوسي فيه كثير من الضبط والدقة . ثم أورد الدكتور الصغير آداب التفسير بعد إن قسمها إلى ثلاثة أقسام هي الآداب الموضوعية والآداب النفسية والآداب الفنية وقد تحث عن الآداب الموضوعية واستنتج ((ان الموضوعية باختصار إدراك المسؤولية الكبرى التي يضطلع بها المفسر, فلا يحيد عنها, جاعلا الله نصب عينيه, فلا ينحى بكتابه منحى استحسانيا , ولا يذهب به مذهبا ذاتيا, وإنما يكشف به مراد الله قدر المستطاع ليس غير)) . واستخلص ان مزية التفسير الموضوعي ((ان يلتقي الهدف الديني بالهدف الفني, ففي الوقت الذي نحافظ فيه على جوهر القران من التمحل , نحافظ أيضا على حقيقة اللغة من الضياع, فتتجمع من هذا وذاك قوة متجانسة تدعى القران واللغة معا, وتحولها بسياج من التحرز والحفاظ)) وعرف الآداب النفسية بأنها مجموعة الصفات والملكات التي يتنامى بها الكمال الذاتي في تهذيب النفس وصيانتها عن الزيغ والانحراف بحيث يطمئن معها إلى الجانب الروحي عند الإنسان فضلا عما يتمتع به من حيطة وحذر. ثم اتمم ما قاله واستخلص إلى صحة الاعتقاد حيث ان من خصائص القران انه أساس الاعتقاد الصالح وطريق الهداية, وكذلك إخلاص النية والتدبر والتفكر في آياته ومعانيه ويرى الدكتور الصغير ان الآداب الفنية هي مجموعة الفنون والعلوم والطاقات التي يتذرع بها المفسر لخوض لجج التفسير فهي أدواته وآلاته. ثم يؤكد الدكتور الصغير بان هذه العلوم والأدوات أول من أشار إليها أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ناقلا نصه من نهج البلاغة بقوله عليه السلام. ((وخلف فيكم ما خلقت الأنبياء في أممهم إذ لم يتركوهم هملا بغير طريق واضح, ولا عمل قائم-كتاب ربكم, مبينا حلاله وحرامه, وفرائضه وفضائله, وناسخه ومنسوخة, ورخصه وعزائمه, وخاصة وعامة, وعبره وأمثاله, ومرسله ومحدوده, ومحكمه ومتشابهه, مفسرا مجمله, ومبينا غوامضه....)) .
مصادر التفسير:-يرى الدكتور الصغير بان مصادر التفسير ثلاث هي • المصدر النقلي. • المصدر العقلي.• المصدر اللغوي.
المصدر النقلي:-
والمراد به تفسير القران الكريم بالمنقول من المأثور, سواء أكان هذا المأثور دراية قطعية متوارثة كالقران, ام رواية تتقلب بين الظن والقطع. فالادل: هو تفسير القران بالقران, وذلك عن طريق مجابهة الآيات بعضها لبعض, والثاني: تفسير القران بالرواية, واما ان تكون صادرة عن الرسول (ص) وأما مصدرها أهل البيت عليه السلام.وتفسير القران بالقران يعد من أحسن وأصح الطرق التي اعتمدها المفسرون في بيان معنى الايات وتجلية مقاصدها, والى ذلك يشير ابن كثير بقوله ((إن اصح طرق التفسير هي ان نفسر القران بالقران)).وذكر السيد أبو القاسم الخوئي (قدس) في مقدمة بيانه قوله (( وسيجد القارئ أيضا كثيرا ما استعين بالآية على فهم أختها , واسترشد القران على إدراك معاني القران, ثم اجعل الأثر المروي مرشدا الى هذه الاستفادة ))[13] ورائد هذا المنهج هو رسول الله (ص).والثاني : تفسير القران بالسنة النبوية وهي الأصل الثاني للتشريع, فهي شارحة للقران, مفصله لمجمله, مقيدة لمطلقه, مخصصة لعامه, مبينة لمبهمه. وأما روايات أهل البيت عليهم السلام فقد حفل بها التفسير , وهي لا تقل في الأهمية عن سنة النبي الأكرم (ص) وقد اجتر بذلك (ص) في حديث الثقلين.قال الدكتور الصغير(( ومما تقدم يمكن إجمال القول عن هذا المصدر بأنه مصدر له أهميته الخاصة في تفسير القران الكريم لأنه يصدر عن صاحب الرسالة واله وأصحابه, فما توافرت لدينا الأدلة على صحة سنده في طريقه الى النبي, كأن يكون متوارثا, أو مجملا عليه مثلا, وجب قبوله, وهو حجة علينا لا يجوز إغفاله,.... )).
المصدر العقلي (التفسير بالرأي ):-
وقبل ان أتحدث عن هذا المصدر لابد من إعطاء المدلول اللغوي للرأي, مرورا بالمدلول الاصطلاحي. فالراي لغة: يطلق على الاعتقاد والقياس والاجتهاد اما اصطلاحا: فهو (التفكر في مبادئ الأمور, ونظر عواقبها , وعلم ماتؤول من الخطأ والصواب). والرأي في التفسير نوعان محمود ومذموم, أما المحمود فهو الذي يكون مستندا الى علم يقي صاحبه الوقوع في الخطأ ويمكن استنباطه من خلال التفكر في فهم القران ومن خلال الاعتماد عل الاجتهاد. واما المذموم فهو القياس على غير الأصل.لقد اجمع المسلمون على عد العقل حجة في الأمور الدينية, ولم يختلفوا الا في مدى إدراكه للأحكام الشرعية. فالمعتزلة يقولون (يحسن التكليف السمعي بعد التكليف العقلي) ويرى الاشاعرة (ان العقل لا يمكنه إدراك حكم الله تعالى) ويمثل رأي الأمامية الشيخ المقيد الذي عد العقل من الطرق الموصلة الى علم الشرع واليه ذهب الشيخ الطوسي بقوله( والعقل طريق العلم, فكيف يضل الرشد من قد جعل الله إليه سبيلا) هذه هي اهم الاتجاهات في المصدر العقلي ويرى الدكتور الصغير ان ( أهل العدل من المعتزلة والأمامية لم يجمدوا على المصدر النقلي, واحتاجوا بهذا التحرر الى التجوز والتخطي, فتجاوزا القول بالمأثور والمنصوص في اللغة, الى استغلال مرونة اللغة العربية, فقاموا بتفجير لطاقتها , فتذرعوا باللغة لتأييد الحكم فيما لا دلالة عليه حقيقة, ... وحيث لا يمكن ان يكون الشرع مخالفا للعقل السليم, فقد عاد العقل بمنزلة الشرع عند المعتزلة من هذا الوجه, وهنا يأتي الشرع مؤيدا للعقل أو دالا عليه, او متوافقا معه عند الأمامية, ولهذا لجاوا الى التنظير على صحة ذلك إلى القول بالقبح والحسن العقليين) .
المصدر اللغوي:-
اعتمد الدكتور الصغير في كتابه المبادئ العامة معاني الألفاظ ومدلولاتها, حيث يقول (نعم. المصدر اللغوي يحتاجه المفسر لرفع التدافع في الألفاظ المشتركة, او المختلفة الدلالة, او الغربية مما الف به العلماء في الغريب, او مما لم يؤلف استعماله, او من جهة النقل المنقلب, وهكذا) ثم يذكر شواهد من القران العظيم نحو ما جاء في قوله تعالى( والليل إذا عسعس) (التكوير17) قبل:أقبل, وقبل: أدبر. وفي قوله تعالى(ثلاثة قروء) (البقرة 228) قبل.ان القرء مشترك بين الطهر والحيض.ويرى أستاذنا الدكتور الصغير إن ((المباحث الصوتية عند العرب قد اتخذت القران أساسا لتطلعاتها, واياته مغمارا لاستلهام نتائجها, فهي حينما تمازج بين الأصوات واللغة, وتقارب بين اللغة والفكر, فانما تتجه بطبيعتها التفكيرية لرصد تلك الأبعاد مسخرة لخدمة القران العظيم) . ثم يرى ((إن المصدر اللغوي يمثل الأصالة الفكرية التي تقوم وتبرمج المناخ التفسيري على أساس من اللغة والفن والبلاغة, وبإلغاء هذا المصدر يبقى التفسير جامدا, والفكر خاملا, وإذا حدث هذا أصبحت العملية التفسيرية لا روح فيها ولا طعم لها , ونحن للتفسير أن يتأطر بإطار الخلق والإبداع , لا ان يتسم بطابع الخمول والجمود))
تعدد المناهج:- وهذا التعدد في مناهج التفسير اخذ يلون التفسير بثقافة المفسر, فالمفسر بمستواه الفكري هو الذي يحدد نوعية تفسيره, فالذي يعنى بالجانب اللغوي من النحو والصرف والقراءات ونحوها ابتنى المنهج اللغوي والذي يخوض في بلاغة القران من تشبيه واستعارة وكناية ومجاز ووصل وفصل ابتنى المنهج البياني. وسوف أبين آراء الدكتور الصغير في كل منهج باختصار.
المنهج القراني :-
ويراد به مقابلة الآية بالآية والنص بالنص ليستدل على هذه بهذه فان قيل أي الطرق اصح في تفسير القران, فالجواب ان اصح الطرق في ذلك ان يفسر القران بالقران, فما أجمل في مكان فانه قد فسر في موضع آخر, وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر.... المنهج الأثري:- والمراد به الأثر الصحيح الوارد عن النبي (ص) وأهل بيته عليه السلام والصحابة والتابعين. ولا شك ان السنة القطعية الصدور عن النبي وأهل بيته هي عدل القران في شرح كلياته وتفصيل مجملاته , وينبغي رصد الإسرائيليات من الروايات التي نشرها أهل الكتاب .المنهج اللغوي:- وهو المنهج الذي عني بالجانب اللغوي وتمخض لاشتقاق المفردات وجذورها, فجاء مزيجا بين اللغة والنحو والصرف والقراءات وكان مضماره في الكشف والإبانة استعمالات العرب وشواهد أبياتهم . المنهج البياني:- وهو المنهج الذي تدور مباحثه حول بلاغة القران في صوره البيانية من تشبيه واستعارة وكناية وتمثيل ووصل وفصل .... ونحوها .
المنهج العلمي:-
وهو المنهج الذي يذهب الى استخراج جملة العلوم القديمة والحديثة من القران, ويرى في القران ميدانا يتسع للعلم الفلسفي والصناعي والإنساني في الطب والتشريع والجراحة والفلك والنجوم ... فيجعل القران مستوفيا بآياته لهذه الحيثيات . زمنها المنهج الصوفي والمنهج التاريخي والمنهج الموضوعي ومناهج اخرى.
التفسير التسلسلي الموضوعي :-
ويقوم على أساس دراسة موضوعات معينة تعرض لها القران الكريم في مواضع, متعددة او في موضع واحد, وذلك من اجل تحديد النظرية القرآنية بملامحها وحدودها في الموضع المعين ويرى الشهيد محمد باقر الصدر(قدس) بأن التفسير الموضوعي هو (اختيار الموضوعات القرآنية وتقسيمها موضوعا في مجال البحث والتناول, ثم تأتي بكل الآيات القرآنية التي تناولت ذلك الموضوع من اجل استنباط النظرية القرآنية الخاصة به, فهي عملية استكشاف للصورة يربط أجزائها ببعض , لاكتشاف التصور القراني الكامل عن أبعاد الموضوع الذي يتناوله البحث, فليس التفسير الموضوعي هنا جمع الآيات القرآنية وتفسيرها حول موضوع واحد, بل هو استكشاف النظرية القرآنية حول هذا الموضوع من خلال الجمع والتفسير) .قال الدكتور الصغير (وفي هذا المنهج كشف للصور المتعددة من الموضوع الذي يعرض له القران اكثر من مرة, كالحديث عن موسى وبني إسرائيل مثلا, إذ يقوم المفسر التقليدي بالحديث عنها في جزء من التفسير والعودة اليه في جزء اخر, بينما يقوم هذا المنهج بإحصائها وترتيبها, ويكشف بذلك قدرتها على استنباط حقائق الأشياء بالصور المختلفة التي حاولها القران بحسب مناسبة النزول وقرائن الأحوال) .
التفسير التسلسلي التفصيلي:-
يرى الدكتور الصغير ان هذا المنهج لا يستوعب الحديث بالتفصيل عن الأصل والفرع والهامش واللزم والمتعلقات, وهي عملية مضنية قد لا يتسع معها المفسر لاستقراء القران العظيم بعامة.وفي الحديث عن هذا النوع من التفسير تسلسل في الحديث عن سورة الفاتحة التي تمثل مظاهر الخضوع التعبدي, وقدسية العبادة, ومسالك الاستعانة الخالصة. ثم نجد في نظم هذه السورة و جمال تاليفها, وتواصف جملها وترابط فقراتها, وسمو أهدافها, وسماح مقاصدها, ما يضفي عليها طابعا خاصا متميزا, يمتد بجذوره عبر الأصول الأولى للرسالة الإسلامية .
تحميل الملف المرفق Download Attached File
|
|